مشاكل الاتحاد الاوربي تدفع الناخبين نحو اليمين المتطرف

 

شبكة النبأ: اليمين المتطرف في الدول الاوربية مازال يحاول الصعود الى سدة الحكم على حساب الاحزاب اليسارية واحزاب الوسط المعتدل، مستغلا جملة من التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بالاتحاد الاوربي، وقد حاولت الاحزاب اليمينية، التي كانت بعيدة عن التأييد الجماهيري في السابق، انتهاز استياء الرأي العام الاوربي جراء تعاطي السياسيين مع الملف الاقتصادي وملف الهجرة والاتحاد بين دول اوربا، والقوانين الاخرى، لتغذية المشاعر القومية، ويبدو ان قادة وزعماء الاتحاد الاوربي شعروا بالحرج والخوف من الصعود السريع لليمين المتطرف في دول كانت تعتبر معقلا للأحزاب اليسارية والمعتدلة كفرنسا والسويد وغيرها، وهو ما ولد ازمة غير مسبوقة على مستوى الاتحاد الذي يرفضه مؤيدو هذه الاحزاب ويدعون الى عودة الدول الى سابق عهدها وفض الاتحاد الذي اضر ببلدانهم، فعلى سبيل المثال، تواجه السويد ازمة سياسية غير مسبوقة لا يتوقع ان تكون الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في اذار/مارس المقبل كافية لحلها مع استعراض القوة الذي يقوم به اليمين المتطرف مستفيدا من استياء قسم من المجتمع من سياسة الهجرة، فبفضل اقلية معطلة في البرلمان مع 49 نائبا من نواب المجلس ال349 نجح حزب "ديموقراطيو السويد" (المعارض للهجرة) في اسقاط حكومة ائتلاف اليسار (الاشتراكيون الديمقراطيون والخضر) في شهرين فقط من خلال التصويت على ميزانية المعارضة من يمين الوسط، ودفع ذلك رئيس الوزراء شتيفان لوفين الى الدعوة الى انتخابات تشريعية مبكرة في 22 اذار/مارس المقبل وذلك للمرة الاولى في السويد منذ عام 1958.

وتأتي هذه التحديات في الوقت الذي تكافح فيه الدول الاوربية لتجاوز العديد من العقبات المفصلية في تاريخ الاتحاد الاوربي والغرب، سيما وان خطر تنامي التطرف والتهديدات الارهابية زادت بشكل ملحوظ في الآونة الاخيرة، مع انظام الالاف من المقاتلين الغربيين (جلهم من دول اوربا) الى التنظيمات المتطرفة التي تقاتل في سوريا والعراق، مما شكل هاجسا امنيا تمثل بعودة هؤلاء المقاتلين الى بلدانهم وتنفيذ هجمات ارهابية داخل الاتحاد الاوربي، من جانب اخر، شكل الملف الاقتصادي، احد التحديات المهمة امام المشرعين لتجاوز المزيد من الخسائر التي عصفت بالدول الاوربية عام 2008 وسببت انهيارات واسعة اجبرت العديد من هذه البلدان على مراجعة بنيتها الاقتصادية من جديد، كما شكلت الخلافات القائمة مع روسيا حول الازمة الاوكرانية، سببا اخر في تعثر الاتحاد، بعد ان اثيرت مسائل الطاقة والعقوبات المتبادلة بين الطرفين، الامر الذي ولد ردود افعال غاضبة دفعت بشرائح واسعة من الاوربيين الى اللجوء نحو اليمين المتطرف، الذي طرح خيارات اكثر جرأة في معالجة الازمات الاوربية.

السباق نحو الإليزيه

فقد أعاد ناخبو الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا انتخاب زعيمتهم مارين لوبان بنسبة مئة في المئة من الأصوات، وأعيد انتخاب مارين لوبان في نهاية تصويت بالمراسلة أعلنت نتائجه خلال مؤتمر للحزب اليميني الفرنسي المتطرف، ولم تميز مارين لوبان في هجومها خلال الخطاب الذي ألقته أمام مؤتمر حزبها في ليون (وسط-شرق) بين نيكولا ساركوزي الذي عاد إلى الساحة السياسية مع انتخابه هو الآخر رئيسا لحزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" والرئيس الاشتراكي الحالي فرانسوا هولاند، وقالت لوبان التي أظهرت الاستطلاعات تصدرها الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في حال أجريت قريبا "السيد ساركوزي وهولاند، لقد أخفقتما في كل شيء"، وأكدت أن حزبها هو الوحيد الملتزم بمبدأ "حكم الشعب من قبل الشعب وللشعب" مقابل "المشروع المجنون للاتحاد الأوروبي وإيدولوجية العولمة".

وخلافا لمارين لوبان لم يحظ ساركوزي بنفس نسبة التأييد التي حصلت عليها رئيسة الجمعية الوطنية، وفاز ساركوزي (59 عاما) بغالبية 64,5 في المئة من أصوات أعضاء حزبه، وهذه النتيجة لساركوزي مريحة لكنها أدنى مما كان يريد أنصاره وتعتبر ضعيفة لرجل ترأس فرنسا ولم يكن يريد من رئاسة الحزب المحافظ سوى منصة للوصول إلى رئاسة الجمهورية، وسيكون على الرئيس السابق "أن يتعايش مع معارضين تجمعوا خلف برونو لومير (45 عاما) منافسه الرئيسي بطل "تجدد" الحزب كما كشفت صحيفة "جورنال دو ديمانش"، أما منافسه الأكبر رئيس الوزراء السابق آلان جوبيه في الانتخابات التمهيدية المقبلة، فقد وعد الرئيس الجديد لحزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" بمساعدته لكن بشروط، وقال "أنا مستعد لمساعدته ضمن النهج الذي أعلنته، تجمع واسع لليمين والوسط".

وقد جعل جوبيه، وزير الخارجية السابق ورئيس بلدية بوردو (جنوب-غرب) من نفسه بطل التقارب بين اليمين الجمهوري والوسط فيما حاول ساركوزي خلال حملته منافسة اليمين المتطرف في انتقاد مواضيع الهجرة والأمن والدفاع عن "الهوية الفرنسية" أو حتى انتقاد المؤسسات الأوروبية، وبحسب استطلاع للرأي نشرته "جورنال دو ديمانش" فإن مناصري اليمين يعتبرون جوبيه أكثر جدية وقادرا أكثر على جمع اليمين والوسط، لكن في المقابل يعتبرون أن ساركوزي أقوى للفوز بالرئاسة وأكثر شجاعة ودينامية وقادر أكثر على إخراج البلاد من الأزمة، وتبقى نسبة الرفض للجبهة الوطنية عالية على مستوى الفرنسيين ككل حيث قال 63% منهم أنهم لا يؤيدون لوبان بحسب استطلاع أجري مؤخرا، إلا أن مارين لوبان نجحت في تغيير الأحكام المسبقة تجاه الحزب الذي أسسه والدها مع الاحتفاظ بالمبادئ الأساسية مثل معارضة أوروبا والهجرة ما أدى إلى حصولها على تأييد ثلث الفرنسيين. بحسب فرانس برس.

وقالت أمام مناصريها "الشعب ينتظرنا يجب أن نثبت له تصميمنا وقدرتنا على تغيير المصير لكن بدون التسبب بأية اضطرابات وبدون تهديد توازن أمتنا"، وتبدأ مارين لوبان (46 عاما) التي لم تواجه منافسا معلنا، ولاية ثانية رئيسة للحزب الذي أسسه في 1972 والدها جان-ماري لوبان الذي يبلغ السادسة والثمانين من العمر، وتقول الجبهة الوطنية التي تمنحها استطلاعات الرأي 30% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية في 2017، إن عدد أعضائها يبلغ 83 ألف منتسب، وأن أكثر من 22 ألفا شاركوا في التصويت، ووجدت 17 بطاقة لاغية، وحضر مؤتمر حزب "الجبهة الوطنية" عدة ممثلين عن أحزاب يمينية متشددة أوروبية ومسؤول من حزب روسيا الموحدة الحاكم حيث ندد بالعقوبات التي تخضع لها موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية.

دعوات يمينية متطرفة

فيما افتتح حزب الجبهة الوطنية الفرنسي اليميني المتطرف مؤتمره العام في مدينة ليون (وسط شرق فرنسا) بحضور سبعة احزاب اوروبية يمينية متطرفة ومسؤول حزب روسيا الموحدة الموالي للكرملين اندري ايساييف، وركز الخطباء في كلماتهم في المؤتمر على ادانة سياسة الاتحاد الاوروبي حيال روسيا وقضيتي الهجرة واليورو، ولم تنجح زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن حتى الآن في تشكيل كتلة في البرلمان الاوروبي، بعدما وعدت بتحقيق ذلك قبل نهاية السنة، وهي تحتاج لنواب من سبع دول لتشكيل مجموعة، وقالت لوبن ان "اوروبا التي نراها تمتد من المحيط الاطلسي الى الاورال وليس من واشنطن الى بروكسل"، وكان حزبها الذي يبدي تعاطفا مع مواقف روسيا حصل في ايلول/سبتمبر الماضي على قرض بقيمة تسعة ملايين يورو من مصرف روسي.

من جهته، قال غيرت فيلدرز زعيم الحزب من اجل الحرية الهولندي المعادي للاسلام انه يأمل في ان يرى لوبن "الرئيسة المقبلة لفرنسا"، واضاف "نحن مثلكم لا نريد ان يأتي اجانب الى بلدنا ليقولوا لنا انهم اسياد على ارضنا، نحن نقول اطردوا المجرمين الجهاديين والمهاجرين السريين"، اما زعيم حزب الحرية في النمسا هاينز كريستيان شتراشي فقد عبر عن قلقه من "التهديدات التي تواجهها قارتنا القديمة"، موضحا ان "الجيوش العربية نهبت في 725 ليون في تقدمها واليوم البعض مندفعون في سوريا"، وحضر المؤتمر ايضا ماتيو سالفيني زعيم حزب رابطة الشمال الايطالي الاستقلالي وكرازيمير كاراكاشانوف زعيم حزب الحركة الوطنية البلغارية القومية المتشددة وفيليب كليز نائب رئيس حزب المصلحة الفلمنكية (فلامز بيلانغ) في بلجيكا وياري يانيتشيك من الحزب التشيكي المحافظ (او كي سترانا). بحسب فرانس برس.

وتظاهر حوالى خمسة آلاف شخص حسب المنظمين و3500 شخص حسب الشرطة في ليون ضد انعقاد المؤتمر في المدينة، بدعوة من منظمات مناهضة للعنصرية واحزاب يسارية ونقابات، لكن التظاهرة انتهت بسرعة بعد ظهور بين مئتي و300 رجل ملثمين هاجموا محلات تجارية مما ادى تدخل الشرطة، وقد تضرر حوالى 12 محلا بينها ثلاثة مصارف، واوقف 14 شخصا بينهم المانيان وسويسريان في تدبير وقائي قبل التظاهرة، وقال مسؤول في الامن العام ان احد عشر شرطيا اصيبوا بجروح طفيفة في صدامات مع الملثمين، واضاف ان قوات حفظ النظام استخدمت خراطيم المياه للتصدي لرشقها بالحجارة، وختم مؤتمر الجبهة الوطنية بخطاب لمارين لوبن، وتشير استطلاعات الرأي حاليا الى تقدم الحزب اليميني المتطرف الفرنسي للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2017، على اليسار الذي تضرر بالنتائج السيئة لسياسة فرنسوا هولاند وعلى اليمين الذي يشهد معركة بين قادته.

التسامح السويدي على المحك

الى ذلك شهدت السويد بدورها صعود اليمين المتطرف الذي كشف تقدمه التاريخي في الانتخابات عدائية متنامية لسياسة الهجرة السخية التي تنتهجها البلاد، فبعد النتيجة التاريخية التي حققها ديمقراطيو السويد الذين جعلوا من محاربة الهجرة الموضوع الرئيسي في معركتهم الانتخابية، قال مدير مؤسسة ارينا للبحوث والدراسات الاجتماعية هكان بنغتسون "ان السويد ترزح تحت الصدمة اليوم"، وفي بلد يتفاخر بتقاليد ضيافة عريقة كسر ديمقراطيو السويد التوافق ونال 12,9% من الاصوات في الانتخابات التشريعية ليصبح بذلك الحزب الثالث في البرلمان حيث لم يتمثلوا منذ خمس سنوات، واعتبر بنغتسون "انه امر يثير البلبلة بعض الشيء"، مضيفا "ان الشعب بمجمله يميل اكثر فاكثر للمجتمع المتعدد الثقافات لكن من جهة اخرى فان ديمقراطيي السويد يتقدمون".

وهذه السنة تتوقع المملكة التي يقدر تعدادها السكاني ب9,7 ملايين نسمة، وصول ما لا يقل عن 80 الف لاجئ اضافي هاربين من مناطق مثل سوريا والصومال، وهو تدفق غير مسبوق منذ النزاع اليوغوسلافي في تسعينات القرن الماضي، وكلفته لم تعد موضوعا محرما في بلد يسعى الى امتصاص العجز العام فيما بات معدل البطالة يتمحور حول 8%، وللمرة الاولى اصبحت الهجرة موضوع حملة وقد ضاعف الديمقراطيون نتيجتهم قياسا الى الاقتراع السابق في 2010، واعتبرت مادلين فيليبياك وهي نادلة في العشرين من عمرها تم التقاؤها في الامسية الانتخابية لحزب ديموقراطي السويد "هناك الكثير من اللاجئين، وليس لدينا الوسائل لذلك"، وعبر النائب المحلي بوسط السويد مارتن هيارتنفالك من جهته عن قلقه من اغلاق مركزين للمتقاعدين في منطقته لجعلهما مركزين لاستقبال المهاجرين. بحسب فرانس برس.

وبحسب بنغستون فان ديمقراطيي السويد جذبوا اصواتا من اوساط الطبقة العمالية والمسنين والعاطلين عن العمل وفي المناطق التي تقلصت فيها الانشطة الصناعية، وصعودهم يأتي صدى للنجاح المتنامي الذي حققه اليمين المتطرف او اليمين الشعبوي في القارة العجوز على خلفية الازمة الاقتصادية والبطالة والاستياء ازاء العولمة والهجرة، ودليل على تناميهم النتيجة التي حققوها في الانتخابات الاوروبية في فرنسا وبريطانيا والدانمارك في ايار/مايو، واشار ادرياس جوهانسون هينو الباحث في جامعة غوتبورغ الى "ان ذلك اخذ وقتا اطول في السويد، وقال "ان النظام السياسي السويدي احادي البعد الى حد كبير" مع انقسام بين يمين ويسار، و"من الصعب كسب اصوات بالنسبة للاحزاب الشعبوية والمناهضة للنظام"، مضيفا "فضلا عن ذلك فان ديمقراطيي السويد كانوا متطرفين جدا في التسعينيات، واحتاجوا لوقت كي يغيروا جوهرهم وصورتهم ويأملون بذلك كسب مزيد من الناخبين".

وسعى زعيمهم الشاب جيمي اكسون الى اخراج ديمقراطيي السويد من عزلتهم، فطرح نفسه "سيد اللعبة" في وجه الاحزاب التقليدية، واكد استعداده للعمل معهم على اساس متكافئ، لكن رئيس الوزراء المقبل الاشتراكي الديمقراطي ستيفان لوفن رفض الدعوة على الفور كما فعل قبله رئيس الوزراء المنتهية ولايته فريدريك رايفيلت (وسط يمين)، وفي البلدان الاسكندنافية المجاورة اكتسبت الاحزاب الشعبوية المناهضة لسياسة الهجرة احتراما ما زال يفتقر اليه ديمقراطيو السويد، لانهم صقلوا خطابهم قبلهم، ففي الدنمارك استندت حكومة الاقلية لليمين الوسط المناهضة للهجرة الى دعم حزب الشعب الدنماركي (شعبوي) خلال عشر سنوات حتى العام 2011، وفي النروج يشارك حزب التقدم (شعبوي) منذ تشرين الاول/اكتوبر 2013 في الائتلاف الحاكم، وقد اعلن اكيسون انه لن يتم التسامح ابدا مع العنصرية لدى ديمقراطيي السويد فقط في 2012، لكن عشرة مرشحين اضطروا للانسحاب بعد ان كشفت صحيفة معلومات تنسب اليهم تصريحات معادية للاجانب على الانترنت، وقال رئيس الكتلة البرلمانية بيورن سودر "ان ذلك يمثل اقل من 1% من مرشحينا" و"قد ابعدناهم لانهم غير مرحب بهم عندنا"، وحتى وان رفضوا شعار "اليمين المتطرف" وآثروا التعريف عن انفسهم باسم "الحزب الاشتراكي المحافظ والقومي" فان النظرة الى ديمقراطي السويد تبقى سلبية، وكانت الصفحة الاولى للصحيفة الشعبية اكسبرسن سوداء مع كلمات مقتضبة "صوت 781120 سويديا ل"ديمقرطيي السويد المتمثلين بشعارهم بشكل زهرة زرقاء وصفراء.

وأعلن زعيم "حزب العمال الاجتماعي الديموقراطي السويدي" ستيفان لوفين أنه "مستعد لاستطلاع امكانيات تشكيل حكومة" بعد فوز اليسار في الانتخابات، متعهدا في الوقت نفسه بعدم التعاون مطلقا مع اليمين المتطرف الذي حل في المركز الثالث، وأكد لوفين أمام حشد من أنصار حزبه في ستوكهولم أنه يمد يده إلى "أحزاب ديموقراطية أخرى" ترغب في التعاون معه في البرلمان، ولكنه لن يتفاوض مطلقا مع حزب "ديموقراطيي السويد" اليميني المتطرف الذي أحرز في الانتخابات نتيجة تاريخية أهلته لاحتلال المركز الثالث، وقال "لن يكون هناك تعاون معهم، فلنتذكر دوما أن 87% من السويديين لم يصوتوا لهم"، وقال لوفين إن الخضر هم "شركاء عمل طبيعيون" فيما حزب اليسار "هو حزب يجمعنا به تعاون جيد"، ولكن لوفين البراغماتي المنتهج سياسة يسار الوسط أبدى اهتماما بالتفاوض مع أحزاب من الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته (يمين الوسط) والذي لم يتمكن من الفوز مجددا بأغلبية مطلقة تخوله العودة للحكم، غير أن زعماء هذه الأحزاب أكدوا سويا على شاشة التلفزيون الحكومي  أن تحالفهم الانتخابي سيبقى على حاله بعد الانتخابات.

كتاب مثير للجدل

من جانب اخر فان الهجرة وجميع المفردات المتفرعة عنها والمترتبة عليها، والتي تبدأ من هجرة، مهاجرين، تهجير، مهجرين، أجانب، بدون وثائق، أشخاص من أصول أجنبية، هجرة غير شرعية، لنصل بعدها إلى مفردات ومواضيع أخرى أكثر حساسية في فرنسا كالإرهاب، ومعاداة الإسلام، العجز الاقتصادي، أو حتى الدعارة، اختلطت الأرقام بالمفاهيم والتحليلات ليرتبط الماضي بالحاضر، ويبقى المستقبل محملا بتساؤلات ومخاوف كثيرة، كل هذا جاء في كتاب تربوي لجان بول غوريفيتش عنوانه "الهجرة لغير العارفين"، هذا الكتاب الصادر عن دار نشر "فورست" الفرنسية، في إطار سلسلتها المعرفية لمفردات ومواضيع تأتي جميعها من نفس القبيل في العنوان، ككتاب "الإسلام لغير العارفين" أو كذلك "الروسي لغير العارفين"، أو "الإنزال لغير العارفين"، الولايات المتحدة لغير العارفين".

ويثير هذا الكتاب الجدل بفرنسا منذ بدء تسويقه في 11 سبتمبر/أيلول الماضي، أولا بسبب القراءة والأرقام التي قدمهما الكاتب، الدكتور في علوم الاتصال بباريس، لموضوع الهجرة، أحد أهم مواضيع الحملات الانتخابية في فرنسا طيلة السنوات الأخيرة، والذي يركز عليه الكثير من السياسيين المحسوبين على اليمين الوسطي منه والمتطرف، وثانيا بسبب المواضيع التي ربطها صاحب الكتاب مباشرة بموضوعه الرئيسي كالإرهاب ومعاداة الإسلام والعجز الاقتصادي والدعارة، وفي تقديمها للكتاب الذي جاء في 400 صفحة، ونظرا لحساسية الموضوع المعالج فيه، قالت دار نشر "فورست" بأن المؤلف طرح نقاشا وطنيا، ودوليا في نفس الوقت، ووضع النقاط على الحروف حول قضايا رئيسية للقرن الواحد والعشرين، يبقى الحل فيها غير مؤكد، ودافع صاحب الكتاب عن نفسه عبر لقاءات صحفية بعد صدور الكتاب قائلا "حاولت أن أكون موضوعيا لأقصى درجة رغم حساسية الموضوع". بحسب فرانس برس.

وجاء الكتاب مقسما إلى سبعة أقسام، تناول الأول منها موضوع الهجرة في الوقت الراهن عبر المفردات المرتبطة بها، ليدخل في القسم الثاني في متاهة الهجرة ومختلف أنواعها (الهجرة العائلية، هجرة العمل، الهجرة الاجتماعية)، وفي القسم الثالث تناول الكاتب الجانب الجيوسياسي من الهجرة، ابتداء من مسارات المهاجرين، وتقاطعها في أماكن عدة من العالم، وفي القسم الرابع المقاربات النوعية للهجرة، لتتبعها المقاربات الكمية في القسم الخامس، وفي القسمين الأخيرين تناول الكاتب هجرة الغد، وفيه تحليل للأماكن العشرة التي تطرح إشكالية في موضوع الهجرة والمؤلفات العشرة التي تناولت تجارب مهاجرين بوجهات نظر مختلفة، وأعاب الكثير من النقاد على هذا الكاتب المحسوب على اليمين المتطرف، الذي استشهدت مرارا زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين لوبان بمؤلفاته وبحوثه في مجال الهجرة، تقديم أرقام وإحصائيات يجهل مصدرها، وقد قال المؤرخ بنجامين ستورا مدير متحف تاريخ الهجرة بباريس إنها "إحصائيات مستحيلة" مضيفا "الهجرة تساعد كذلك في تلميع صورة فرنسا في العالم، على الأصعدة الثقافية والاقتصادية والدبلوماسية".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/كانون الأول/2014 - 13/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م