داعش من العراق وسوريا الى الخليج... رحلة المصالح والنفوذ

 

شبكة النبأ: اشارت الانباء والتقارير الاستخبارية، ان تنظيم ما يسمى (الدولة الاسلامية/ داعش) فقد الكثير من عناصر تمويله، وهو يتعرض الى ضربات موجعة في العراق، اضافة الى سوريا، خصوصا وان القوات الامنية العراقية المدعومة بالمتطوعين من الشيعة (الحشد الشعبي)، والعشائر السنية، وكذلك قوات البشمركة، قد امتلكت زمام المبادرة، وتحول الى الهجوم، بعد التراجع الحاد الذي شهدته، اثر الهجوم الكاسح لتنظيم داعش في التاسع من حزيران، واستطاع خلالها احتلال محافظة الموصل بالكامل، اضافة الى سيطرته على مساحات واسعة توزعت على خمس محافظات اخرى، وساهمت الضربات الجوية التي قادها التحالف الدولي ضد داعش، وانظمت اليه عشرات الدول الغربية والعربية، بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، الى تحجيم دور داعش في مناطق نفوذه (سوريا والعراق)، سيما وان الضربات الاولى استهدفت ابار ومصافي النفط التي يعتمد عليها التنظيم في تمويل وتسليح عشرات الالاف من المقاتلين، والتي تدر عليه عوائد تقدر بأكثر من 2 مليون دولار في اليوم الواحد، من خلال تهريب وبيع النفط بأسعار منخفضة، وبالاتفاق مع مهربين ومافيا عالمية.

ويسعى المجتمع الدولي الى مواجهة داعش بكل الامكانات المتاحة، فالتهديد الذي شمل الغرب ومصالحة الاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط، اضافة الى انظام الالاف المقاتلين الغربيين للتنظيم شكل نقطة تحول في اعادة صياغة مفهوم مكافحة الارهاب لدى الغرب، وتحديدا لدى الدول الاوربية، التي انطلق منها معظم الجهاديين الغربيين، وقد ساهم الاتحاد الاوربي بشكل فعال في المشاركة في التحالف الدولي، كما فعل الكثير من القوانين والعقوبات لمنع المزيد من الهجرة الى العراق وسوريا، فيما قامت القوات الامنية والاستخبارية برصد الشبكات الارهابية العاملة داخل الدول الاوربية، والتي كان اخرها في بريطانيا، حيث تم رصد اكبر شبكة للجهادين، والتي ساعدت جو الجهادي على قطع رؤوس الرهائن الاجانب، واكدت الاجهزة الاستخبارية انها بصدد تفكيكها.

ويحاول تنظيم داعش التوسع نحو دول الخليج، والبحث عن ملاذات امنة جديدة، سيما وان التحول نحو الخليج قد يشكل انطلاقة جديدة تسهم في كسب المزيد من الجهاديين، اضاف الى ابار النفط، وهو امر دعا اليه زعيم التنظيم، ابو بكر البغدادي، بالتوجه نحو السعودية، كمحطة رئيسية، بعد ان تعرض التنظيم الى ضربات قاسية في العراق وسوريا.   

الافتقار للتمويل

فقد قال خبراء في مكافحة الارهاب الدولي ان متشددي الدولة الاسلامية ربما يخسرون الحرب في العراق وسوريا في نهاية المطاف لعدم توافر أموال كافية لديهم لادارة المناطق التي تخضع لسيطرتهم رغم حيازة أصول تزيد قيمتها على تريليوني دولار، وقال تشارلز بريسارد الخبير في مجال تمويل الارهاب ان تكاليف ادارة حكومة كاملة من دفع رواتب موظفي الحكومة وقوات الجيش الى ادارة الطرق والمدارس والمستشفيات وشبكات الكهرباء والمياه تفوق بكثير امكانيات الدولة الاسلامية، وقال بريسارد في مقابلة "هذا يعني انه ربما يأتي وقت ينقلب فيه السكان على الدولة الاسلامية وهو ليس الحال في الوقت الراهن وخاصة، في العراق"، وأضاف انه يمكن لزعماء العشائر السنية ان يقرروا مصير الدولة الاسلامية، وفي عامي 2006 و2007 لعبت العشائر دورا رئيسيا في القتال ضد التنظيم الذي كان يطلق عليه تنظيم القاعدة في العراق بتأييد من الولايات المتحدة.

ومنذ ذلك الحين تنامى التأييد للدولة الاسلامية وخاصة بين زعماء العشائر العراقية الذين رفضوا تهميشهم من جانب الحكومة ذات الأغلبية الشيعية التي رأسها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ووفقا لتقرير تومسون "الدولة الاسلامية : التمويل الارهابي الذي يعتمد على الاقتصاد" فان الوضع السياسي في كل من العراق وسوريا أدى الى صعود الدولة الاسلامية وسيطرتها على الاراضي في البلدين "وربما يقرر مصيرها غدا"، ونشر بريسارد التقرير في وقت سابق بالتعاون مع داميان مارتينيز مدير المبيعات المسؤول عن المخاطر في اوروبا الغربية بمؤسسة تومسون والمؤلف المشارك في تقرير "الزرقاوي: الوجه الجديد للقاعدة"، والدولة الاسلامية هي أغنى منظمة ارهابية في العالم حيث يقدر دخلها بنحو 2.9 مليار دولار سنويا يأتي معظمه من النفط ومشروعات الغاز والزراعة التي تسيطر عليها، وهي تدير مصانع ومصافي تكرير بل ومصارف. بحسب رويترز.

وقال بريسارد ان الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة تستهدف الدولة الاسلامية في سوريا والعراق لكن الولايات المتحدة لا تريد تدمير الانشطة الاقتصادية في المناطق التي تسيطر عليها الدولة الاسلامية، وقال التقرير ان الولايات المتحدة لا تستهدف شاحنات النفط على سبيل المثال لانه اذا قتلت الضربات السائقين فان السكان المحليين ربما ينقلبون على الامريكيين، ووفقا للتقرير تحصل الدولة الاسلامية نحو 30 مليون دولار شهريا  (12 في المئة من اجمالي دخلها) من فرض الإتاوات، وتشمل الإتاوات فرض ضريبة على عمليات السحب النقدي من حسابات البنوك بالإضافة الى ضريبة قيمتها 800 دولار على كل شاحنة تدخل العراق من الاردن وسوريا وضريبة على نهب المواقع الأثرية وفرض جزية على غير المسلمين، وقال التقرير ان مصادر دخل التنظيم تتنوع كالآتي: من النفط نحو 38 في المئة ومن الغاز 17 في المئة ومن اعمال الخطف والفدية أربعة في المئة ومن التبرعات اثنين في المئة، ويأتي الباقي من منتجات الفوسفات والاسمنت والقمح والشعير.

وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" في بيان أنه سيشرع بسك عملة نقدية خاصة به، من الذهب والفضة والنحاس، للتداول بها في المناطق الخاضعة لسيطرته في سوريا والعراق، وقال إن هذه "خطوة لتثبيت أركان الخلافة الإسلامية" ورفع "الأمة من النظام الاقتصادي العالمي الشيطاني"، وفي خطوة منه لتعزيز السيطرة المفروضة على بعض مناطق سوريا والعراق، أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" في بيان أنه سيشرع بسك عملة نقدية خاصة به، من الذهب والفضة والنحاس، للتداول بها في هذه المناطق، وقال إن الهدف هو إبعاد المسلمين عن "النظام المالي الطاغوتي" المفروض عليهم والذي كان "سببا لاستبعادهم وإفقارهم وإهدار ثروات الأمة وجعلها لقمة سائغة بأيدي اليهود والصليبيين"، وأوضح التنظيم الإرهابي في بيانه الموقع باسم "ديوان بيت المال" التابع له، سك العملة سيأتي "على عدة فئات وستصدر تعميمات تنظم عملية السك وطريقة استحصال هذه النقود وقيمتها والعلاقة بين فئاتها وكيفية التعامل بها"، وفي ملحق للبيان، وردت فئات هذه العملة بالتفصيل، فجاءت "عملة الذهب" على نحو فئتين (دينار وخمسة دنانير) تحمل كل واحدة منها "رمز ودلالة ودليل"، على سبيل المثال، رمز دينار واحد هو "سبع سنابل" ودلالته ما سماه التنظيم "بركة الإنفاق في سبيل الله"، فيما دليله آية من القرآن (مثل اللذين ينفقون أموالهم في سبيل الله...)، وتتكون الفضة من ثلاث فئات: درهم واحد وخمسة دراهم ثم عشرة دراهم، والنحاس من فئتين،  10 فلوس و20 فلسا.

المجتمع الدولي يواجه داعش

الى ذلك دفعت المشاهد المروعة للإعدامات التي نفذها تنظيم الدولة الاسلامية بحق عامل اغاثة اميركي وجنود سوريين الدول الغربية الى تأكيد تصميمها على التصدي لهذا التنظيم الجهادي المتطرف، وقد اعلن تنظيم الدولة الاسلامية قتل الرهينة الاميركي بيتر كاسيغ، ردا على ارسال جنود اميركيين الى العراق، بحسب ما جاء في شريط فيديو نشر على الانترنت وتضمن كذلك مشاهد مروعة لذبح 18 جنديا سوريا بايدي عناصر من هذه المجموعة، وكانت فرنسا اول من اعلنت التعرف بشكل شبه مؤكد على هوية احد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية الذي شارك في الاعدام وظهر في شريط الفيديو، وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف ان هناك "احتمالا كبيرا بان احد الرعايا الفرنسيين شارك بشكل مباشر" في قطع رؤوس جنود سوريين.

وقال كازنوف "يمكن ان يكون المعني هو مكسيم هوشار المولود في 1992" في شمال غرب فرنسا والذي "توجه الى سوريا في اب/اغسطس 2013 بعد اقامة في موريتانيا في 2012"، مستندا الى تحليل للفيديو، وشريط الفيديو هو الاول الذي يبثه تنظيم الدولة الاسلامية ويظهر وجوه مقاتليه الذين كانوا يظهرون في الاشرطة السابقة مقنعين، وتضمن الشريط مشاهد لعملية ذبح جماعية بايدي عناصر من التنظيم استهدفت 18 شخصا قدموا على انهم جنود سوريون، من دون ان يحدد تاريخ ومكان ذبحهم، ويبدو في الصور عناصر من التنظيم بزي عسكري بني اللون، وهم يقومون بذبح رجال ارتدوا زيا موحدا كحلي اللون، جاثين ارضا وموثقي الايدي، قدموا على انهم "ضباط وطيارو النظام النصيري"، ويظهر الشريط مشاهد مروعة لعملية الذبح بشكل كامل، وبالتصوير البطيء.

بعد ذلك، يعرض الشريط لقطات لعناصر التنظيم من دون تغطية وجوههم وامام كل منهم جثة ممدة على البطن، وقد وضع على ظهر كل منها رأس مقطوع، ونددت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات ب"مجزرة مروعة"، وكتبت الصحيفة "بث تنظيم داعش الإرهابي أمس مقطعاً مصوراً يظهر فيه إعدامه «ذبحاً» لـ15 رجلاً قال إنهم ضباط وطيارون في الجيش العربي السوري، وسط صمت غربي وعربي إزاء تلك المجزرة المروعة"، واضافت "كان لافتاً أن الولايات المتحدة والدول الغربية التي طالما تنادي بـحقوق الإنسان لم تصدر أي بيان تدين فيها إعدام داعش للسوريين لكنها استنفرت كل مسؤوليها لإدانة إعدام مواطن غربي واحد قد يكون يقاتل في صفوف مجموعات مسلحة أخرى تتقاتل مع داعش"، وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان تنظيم الدولة الاسلامية قام باعدام نحو 1500 شخص في سوريا منذ اعلانه قيام "الخلافة" في المناطق التي يسيطر عليها في هذا البلد وفي العراق المجاور قبل حوالى خمسة اشهر. بحسب فرانس برس.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان "المرصد تمكن من توثيق اعدام 1429 شخصا على ايدي تنظيم الدولة الاسلامية منذ اعلان الخلافة في حزيران/يونيو"، مشيرا الى ان معظم الذين جرى اعدامهم مدنيون، وفي نهاية ايلول/سبتمبر غادر حوالى ثلاثة الاف اوروبي للقتال الى جانب تنظيم الدولة الاسلامية بحسب المنسق الاوروبي لمكافحة الارهاب جيل دي كيرشوف، ويضاف اليهم العديد من المقاتلين الذين اتوا من دول آسيا الوسطى او جنوب شرق اسيا او الولايات المتحدة الى جانب العديد من المتحدرين من الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وقال مقاتل من تنظيم الدولة الاسلامية تمكن من الفرار من سوريا للتلفزيون النروجي ان المقاتلين الاجانب اكثر تطرفا من الذين يجندون محليا، وقال هذا الرجل الذي تحدث بالعربية "غالبية العمليات الانتحارية ينفذها اجانب، كما يرتكبون الاعمال الاكثر وحشية بحق المدنيين".

وعقب انتشار الفيديو، اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما مقتل الرهينة الاميركي، المواطن الغربي الخامس الذي يقطع التنظيم الجهادي راسه في سوريا منذ آب/اغسطس، علما ان كل هؤلاء الضحايا صحافيون او عاملو اغاثة، وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغريني في بيان ان "الاعدام الوحشي لبيتر كاسيغ العامل في المجال الانساني ولجنود سوريين دليل جديد على ان تنظيم الدولة الاسلامية ماض في برنامج الرعب"، واضافت "كل مرتكبي انتهاكات لحقوق الانسان سيحاسبون، ولن يوفر الاتحاد الاوروبي اي جهود لتحقيق هذه الهدف"، مشددة على ان الاتحاد الاوروبي ملتزم "بشكل تام مكافحة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الاسلامية وغيره من المنظمات الارهابية في سوريا والعراق بالتعاون مع شركائنا المحليين والدوليين".

والاعدامات التي عرضها "الدولة الاسلامية" في فيلم دعائي طويل من 15 دقيقة، تأتي بمثابة دليل جديد على وحشية هذا التنظيم الذي لا يتردد في اعتماد اسوأ اساليب القتل، وفي سبي النساء، واصدار احكام بالإعدام في حق كل من يعارضه في مناطق سيطرته في سوريا والعراق، وظهر في شريط الفيديو الموقع من "مؤسسة الفرقان للانتاج الاعلامي" التي تتولى نشر اخبار التنظيمات الجهادية على شبكة الانترنت، رجل ملثم يرتدي ملابس سوداء، يشير الى رأس رجل ملقى عند قدميه، ويقول باللغة الانكليزية "هذا هو بيتر ادوارد كاسيغ المواطن الاميركي"، وتوجه المتحدث الى اوباما قائلا "زعمتم انكم انسحبتم من العراق قبل اربعة اعوام وقلنا لكم حينها انكم كذابون ولم تنسحبوا، ولئن انسحبتم لتعودوا ولو بعد حين وها انتم لم تنسحبوا وانما اختبأتم ببعض قواتكم خلف الوكلاء وانسحبتم بالبقية لتعود قواتكم اكثر مما كانت"، واضاف "ها نحن ندفن اول صليبي اميركي في دابق (مدينة في شمال سوريا) وننتظر بلهفة مجيء بقية جيوشكم لتذبح او تدفن هنا"، ولم يذكر المتحدث تاريخ قتل كاسيغ.

وبيتر كاسيغ (36 عاما) جندي اميركي سابق قاتل في العراق، لكنه ترك الجيش وقرر تكريس حياته للعمل التطوعي، واعرب ذوو الرهينة الاميركية اد وبولا كاسينغ في تغريدة على تويتر عن "حزنهما الشديد لمقتل ابنهما بسبب حبه للشعب السوري ورغبته في تخفيف الامه"، ونكست الاعلام في انديانا، مسقط راس كاسيغ، وقال حاكم الولاية مايك بنس في بيان ان عملية القتل "عمل بربري لا يمكن وصفه، عبد الرحمن كاسيغ كان واحدا منا وكان الافضل بيننا"، وعمل كاسيغ في مستشفيات وعيادات في لبنان وتركيا تستقبل السوريين الذين نزحوا من بلادهم هربا من اعمال العنف، بالإضافة الى عمله في مناطق منكوبة في سوريا، ويقول اصدقاؤه انه اعتنق الاسلام واتخذ لنفسه اسم عبد الرحمن، وخطف في تشرين الاول/اكتوبر 2013 بينما كان في مهمة لنقل مساعدات انسانية الى سوريا.

وظهر كاسيغ في شريط فيديو تم بثه في الثالث من تشرين الاول/اكتوبر الى جانب عامل الاغاثة البريطاني آلان هينينغ، بينما كان عنصر في تنظيم "الدولة الاسلامية" يذبح هينينغ، ثم قام العنصر بتقديم كاسيغ على انه الضحية التالية، اذا لم يوقف التحالف الدولي الذي تشارك فيه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضرباته الجوية، واعلن البيت الابيض في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر ان اوباما وافق على ارسال 1500 عسكري اضافي الى العراق لتدريب القوات العراقية والكردية على محاربة تنظيم "الدولة الاسلامية"، ما يضاعف تقريبا عدد الجنود الاميركيين في البلاد، وقد قتل 12 شخصا على الاقل في تفجير سيارتين مفخختين في بغداد، وفي عمان اصدرت محكمة امن الدولة الاردنية احكاما بالسجن تراوحت بين ثلاثة وخمسة اعوام على خمسة اردنيين ادينوا بالالتحاق بتنظيم الدولة الاسلامية والترويج له.

التوجه نحو الخليج

الى ذلك دعا ابو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الاسلامية المتشدد الى تنفيذ هجمات ضد الحكام السعوديين وقال في كلمة منسوبة له إن الخلافة التي أعلنها تتوسع الى السعودية واربع دول عربية أخرى، وقال البغدادي ايضا إن الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد جماعته في سوريا والعراق فاشلة ودعا الى تفجير "براكين الجهاد" في انحاء العالم، ولم يتسن التأكد بصورة مستقلة من مصداقية الكلمة التي نشر تسجيل صوتي لها على صفحات بمواقع التواصل الاجتماعي تديرها الدولة الاسلامية، وبدا الصوت شبيها بكلمة سابقة ألقاها البغدادي في مسجد في مدينة الموصل العراقية في يوليو تموز وهي آخر مرة تحدث فيها للجمهور، وجاءت الكلمة عقب روايات متناقضة من العراق بعد ضربات جوية أمريكية بشأن ما إن كان البغدادي أصيب في غارة، وقالت الولايات المتحدة إنها لا يمكنها تأكيد ما إن كان قتل أو أصيب في العراق بعد ضربة قرب مدينة الفلوجة.

وفي واشنطن قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي إنها لا يمكنها تأكيد مصداقية التسجيل وذكرت ان من المرجح أن تزيد واشنطن ودول أخرى الجهود للتصدي لمزاعم الجماعة أنها تمثل الاسلام، واضافت للصحفيين "من الواضح أن الوحشية والطنطنة وجهود التحريض من أي زعماء للدولة الاسلامية، ليس ظاهرة جديدة، من المؤكد إنها تذكرة للجميع في المنطقة وفي أنحاء العالم بما عليه نواياهم"، وحث البغدادي المؤيدين في السعودية على حمل السلاح ضد حكام المملكة التي انضمت الى تحالف تقوده الولايات المتحدة في حملة متصاعدة للضربات الجوية ضد التنظيم المتشدد في العراق وسوريا، وقال البغدادي مشيرا الى السعودية "فيا أبناء الحرمين، يا أهل التوحيد، إنما عندكم رأس الأفعى ومعقل الداء، ألا فلتسلوا سيوفكم ولتكسروا أغمادكم، ألا فلتطلقوا الدنيا فلا أمن لآل سلول وجنودهم"، ولم تحمل الكلمة تاريخا لكنها اشارت الى اعلان أمريكي يوم السابع من نوفمبر تشرين الثاني بأن الرئيس باراك اوباما وافق على ارسال ما يصل الى 1500 جندي أمريكي آخر الى العراق.

واستولى تنظيم الدولة الاسلامية على مساحات واسعة من سوريا والعراق واعلن خلافة في يونيو حزيران على الارض التي يسيطر عليها، وقال البغدادي إنه قبل البيعة من المؤيدين في ليبيا ومصر واليمن والسعودية والجزائر، وأضاف في الكلمة التي استفاض خلالها في الحديث عن توسع التنظيم "ابشروا ايها المسلمون، فإننا نبشركم باعلان تمدد الدولة الاسلامية الى بلدان جديدة، إلى بلاد الحرمين واليمن وإلى مصر وليبيا والجزائر، ورغم أن مؤيدين بايعوا الدولة الاسلامية في دول تشمل لبنان وباكستان وافغانستان إلا أن البغدادي اشار لتلك الدول الخمس فقط محددا دولا يتمتع المؤيدون فيها بقاعدة قوية ويمكنهم تنفيذ هجمات، لكنه اضاف "يا جنود الدولة الاسلامية، امضوا في حصاد الاجناد، فجروا براكين الجهاد في كل مكان واشعلوا الارض نارا على كل الطواغيت"، وقال في اشارة الى الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد جماعته "برغم أن هذه الحملة الصليبية من أشد الحملات وأشرسها إلا أنها من أفشل الحملات وأخيبها"، وتابع "نرى أمريكا وحلفاءها يتخبطون بين الخوف والضعف والعجز والفشل". بحسب رويترز.

وقال اوباما إن الولايات المتحدة تهدف الى تقويض تنظيم الدولة الاسلامية وتدميره في نهاية الأمر، ومنذ بدأت الدولة الاسلامية هجوما في العراق في يونيو حزيران ارسلت الرياض آلاف الجنود الى منطقة الحدود، وفي يونيو حزيران تعهد الملك عبد الله باتخاذ كل الاجراءات لحماية السعودية من الدولة الاسلامية التي تعتبرها الرياض تنظيما ارهابيا، وفي اشارة الى اليمن حيث استولى الحوثيون الشيعة على العاصمة صنعاء في سبتمبر ايلول واجبروا الحكومة على الاستقالة قال البغدادي "يا أجناد اليمن، يا أهل النصرة والمدد، شدوا على الروافض الحوثة فإنهم كفار مرتدون،  قارعوهم وغالبوهم"، وحث البغدادي المؤيدين في ليبيا والجزائر والمغرب على منع الجماعات العلمانية من الحكم، وهنأ أيضا مؤيدين في سيناء لبدء الجهاد ضد من وصفهم بأنهم "طواغيت مصر"، وفي وقت لاحق غيرت جماعة أنصار بيت المقدس التي تنشط في محافظة شمال سيناء اسمها إلى ولاية سيناء، وجاء التغيير في الصفحة التي تنشر فيها الجماعة بياناتها على موقع تويتر حيث صار عنوان الصفحة ولاية سيناء بعد أن كان جماعة أنصار بيت المقدس، وظهر الاسم الجديد على الصفحة بعد قليل من الكلمة التي نسبت إلى زعيم الدولة الاسلامية، وقال البغدادي في الكلمة "نعلن قبول بيعة من بايعنا من إخواننا في تلك البلدان وإلغاء اسم (أسماء) الجماعات فيها وإعلانها ولايات جديدة للدولة الإسلامية"، وكانت جماعة أنصار بيت المقدس وهي أكبر جماعات الإسلاميين المتشددين في مصر قد أعلنت قبل أيام انضمامها إلى تنظيم الدولة الإسلامية وبايعت البغدادي.

جهاديو المنطقة المغاربية

من جانب اخر تثار الكثير من الأسئلة حول قدرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على استقطاب المزيد من الجهاديين وتقوية صفوفه على المستوى المغاربي، ويأتي هذا بعد إعلان مجموعة من الجماعات المتشددة في كل من تونس والجزائر والمغرب "مبايعة" التنظيم، ففي تونس، "بايعت" جماعة "كتيبة عقبة بن نافع" التنظيم، ودعته "إلى التقدم وتحطيم عروش الطغاة في كل مكان"، بحسب ما جاء في بيان لها، وكانت هذه الجماعة جزءا من تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وفي الجزائر كانت جماعة "جند الخلافة" المتشددة أعلنت انشقاقها عن "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ومبايعة أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية"، متهمة القاعدة بـ"حيادها عن جادة الصواب"، وأعلن أمير منطقة الوسط في تنظيم "القاعدة" خالد أبو سليمان، واسمه الحقيقي قوري عبد المالك، قيادته للجماعة، وقال أبو سليمان مخاطبا زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية"، "إن لكم في مغرب الإسلام رجالا لو أمرتهم لأتمروا ولو ناديتهم للبّوا ولو طلبتهم لخفّوا"، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة الأم وفرعها في المنطقة "حادا عن جادة الصواب"، وكانت أول عملية دموية نسبها "جند الخلافة" لنفسه عملية اختطاف وقتل الرهينة الفرنسي إيرفيه غورديل.

وفي المغرب اعتقلت السلطات مؤخرا ستة أشخاص بشمال شرق المملكة أعلنوا في شريط فيديو، بث على الإنترنت، "مبايعتهم" لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وكانت هذه أول مجموعة تظهر إلى العلن في المغرب "تبايع" التنظيم، وفسر أستاذ العلوم السياسية الفرنسي، كريم أملال، والذي يدير من باريس موقع "شوف شوف"، مبايعة هذه الجماعات لتنظيم "الدولة الإسلامية" بكونها "لم تعد مهيكلة"، كما كانت عليه في السابق، و"تم هدم بنيتها التحتية"، موضحا أن هذا الجماعات "أصبحت معزولة وهي تبحث عن كيان جديد للارتباط به"، وتابع أملال أن انجذاب هذه الجماعات لتنظيم "الدولة الإسلامية" يرجع إلى كون التنظيم "كيان يوجد تحت الأضواء اليوم، ويبدو لهذه الجماعات أنه الأكثر فعالية، وهو بالنسبة إليها نفحة أوكسجين للعزلة التي وجدت نفسها فيها". بحسب فرانس برس.

وقال أملال إن المجموعات المتشددة "معزولة عن بعضها البعض في الجزائر"، إلا أنه حذر من كون تنظيم "الدولة الإسلامية" يمكن له أن "يوحد بين هذه الجماعات وتكون عامل جذب للكثير من الشباب في الجزائر والمغرب وتونس"، وبدل المقاربة الأمنية الأحادية في مواجهة فكر هذه الجماعات من قبل الدول المغاربية، طرح أملال جملة محاور بإمكانها أن تشكل ركائز في التصدي له، ويتعلق الأمر "بتوفير العمل للعاطلين"، نزع فتيل ما سماه "القنبلة الاجتماعية"، و"انفتاح الأنظمة السياسية في هذه البلدان، ومحاربة الفساد فيها، ومنح معنى للعيش المشترك عبر أرجائها"، ولمواجهة الفكر المتشدد لهذه الجماعات، يتفق الكثير من الخبراء في الإسلام المتشدد حول اتباع مقاربة شاملة، توازي بين العامل الفكري والأمني، ويؤكد الكثير منهم أن الإشكال يكمن في أن الكثير من الجهاديين يتنقلون من مجموعة إلى أخرى دون أدنى مشكل رغم اختلاف مسمياتها، إذ تتشارك عموما نفس الأفكار ونفس التوجهات، ويقتضي التصدي لهذا الفكر المتشدد لتنظيم "الدولة الإسلامية" ردا مغاربيا موحدا، إلا أن الخلافات المغربية الجزائرية تطل برأسها في كل محاولة للدخول في مبادرات من أي نوع على مستوى المنطقة، ووصف أملال هذه الخلافات بـ"السخيفة"، واعتبر أن هذه الخصومة بين البلدين "غير منتجة وتضيع عليهما نقاط كثيرة في النمو الاقتصادي"، مشيرا إلى أنه "من المفروض أن يعمل كل شيء بتعاون" بين الطرفين، وتابع قائلا إن "هذه الخصومة من أجل الريادة على مستوى المنطقة لم يعد له أي معنى".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/كانون الأول/2014 - 9/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م