السيناريوهات المحتلمة لانعكاس الفتنة السعودية على البحرين؟

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: احتاجت البحرين الى القوات السعودية لكي تخمد الاحتجاجات والمظاهرات العارمة (من المعارضين الشيعة لتركز السلطة بيد عائلة ال خليفة السنية، مع العلم ان الأغلبية من الشعب البحريني هم من الشيعة) التي اجتاحت المملكة ابان ثورات الربيع العربي عام 2011، ولم تتأخر القوات الأمنية السعودية (درع الجزيرة) في سحق المظاهرات بالقوة، والتي خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى، إضافة الى زج الالاف في سجون النظام، ومن أبرزها سجن (جو المركزي) سيء الصيت، وكان في اسناد هذه القوات، ميليشيا ومرتزقة استقدمت من باكستان والأردن، إضافة الى قوات مساهمة من الامارات والكويت، وأكد نجل الملك السعودي وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله، بعد زيارته الأخيرة لواشنطن، في معرض رده على سؤال حول التهديدات التي تواجه دول الخليج ومن بينها البحرين، أن "أمن واستقرار مملكة البحرين مهمة تضطلع بها القيادة في البحرين أولا، ثم مهمة تشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى عند الضرورة، ومن حق البحرين حماية أمنها من التدخلات الخارجية، والمملكة العربية السعودية تقف معها أمام هذه التهديدات"، وطبعا الضرورة تقتضي (لدى السعودية) ان لا يحكم الشيعة او يشاركوا في الحكم، خصوصا في البحرين، لتخوفها من التمدد الشيعي، الذي غالبا ما تربطه بإيران، وهي عقدة تنامت مؤخرا لدى العائلة الحاكمة في السعودية، بعد ان استطاع الشيعة تحقيق المشاركة الفعلية في العملية السياسية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وترتبط البحرين مع السعودية بجسر (الملك فهد)، الذي دعا خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود لبناء جسر يربط المملكتين عام 1965، وهو ما تم فعلا عام 1986 ليتحول الى أطول جسر في الشرق الأوسط (25 كم)، والأكثر تكلفة اقتصادية (3 مليار ريال سعودي)، والأكثر فائدة بالنسبة للطرفين، بعد ان عبرت عليه قوات درع الجزيرة خلال ساعات قليلة، بالمقابل، فان البحرين لم تتأخر في دعم (الشقيق الأكبر) في مجمل القضايا السياسية، فكانت مع السعودية في سحب السفراء من قطر، وايدت موقف السعودية تجاه حكم الاخوان المسلمين في مصر، وهاجمت ايران كما هاجمتها السعودية من قبل، إضافة الى مواقفها الأخرى في اليمن والعراق ولبنان وحتى القضية الفلسطينية. 

السعودية ومقدمات الفتنة

ليس غريبا على عائلة ال خليفة ان تبحث لها عن عمق استراتيجي (سياسي واقتصادي وسكاني) في السعودية، فالعائلة الحاكمة سنية، والشعب بغالبيته من الشيعة، (حتى انها استعانت بقوات اجنبية لحفظ النظام)، وقد دقت الاحتجاجات التي عمت المملكة تزامنا مع احداث الربيع العربي، ناقوس الخطر لدى العائلة المالكة، التي وجدت انها قد تفقد شرعيتها في الحكم، وقد تخسر الكثير حتى في حال استجابت لمطالب الشعب الغاضب بالإصلاحات السياسية والملكية الدستورية واطلاق الحريات العامة، اذ ان غالبية مفاصل الدولة هي بيد الدائرة الضيقة المحيطة بالملك والعائلة، وكان عليها سلوك الطريق الاسهل، وهو فض الاعتصامات بالقوة، واعتبار المتظاهرين إرهابيين.

لكن الامر الغريب على العائلة المالكة في البحرين، هو ما يحدث في السعودية من مقدمات الفتنة الطائفية التي قد تعصف بالمملكة، وكيف ستكون تداعياته على النظام البحريني، الذي فضل قطع كل طرق التواصل مع المعارضة واللجوء الى القوة تارة والتجاهل والتهميش تارة أخرى؟

بالتأكيد فان السعودية تستعد لموجات عنف جديدة قد تكون أخطر من موجة العنف التي شنها تنظم القاعدة بين 2003 و2006، من حيث النوع وربما الكم أيضا، فتنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية/ داعش)، قد هدد بوضوح، وعلى لسان زعيمه، أبو بكر البغدادي، السعودية (وقد اسمها بلاد الحرمين لأنه يرفض أصلا الاعتراف باسم السعودية ويعتبر العائلة المالكة من المشركين بحسب الرسالة التي بثها حول المملكة مؤخرا)، وحث أنصاره على تفجير براكين الغضب، من خلال قتل الروافض (الشيعة)، ثم اسقاط النظام الحاكم، وهو تهديد تأخذه القوات الأمنية على محمل الجد، سيما وان أصداء هذا التهديد ابتدأت في منطقة (الدالوة) بمحافظة الاحساء، بعد حادث اطلاق النار على المعزين الشيعة في حسينية المصطفى، راح ضحيتها ثمانية اشخاص، إضافة الى جرح اخرين، وقد سبق هذا الاعتداء على الشيعة، اعتداءات قيدت ضد مجهول وطالت الأجانب العاملين في المملكة (وهو ما يمكن ربطة بتهديدات اطلقها تنظيم داعش ضد الأجانب والمتحالفين مع الولايات المتحدة الامريكية في ضرب التنظيم)، فقد تعرض مواطن كندي للضرب بأداة معدنية في المنطقة الشرقية، فيما أصيب  مواطن دنماركي بإطلاق نار في الرياض، وقتل سعودي مواطن امريكي واجرح اخر في الرياض أيضا.

تحركات داعشية

في حال تعرضت السعودية الى هجمات تنظيم داعش، وبالأخص من المؤيدين للتنظيم في الداخل، والتي قد تشن بصيغة هجمات، تستهدف المواطنين الشيعة والغربيين في المقام الأول، والقوات الأمنية ومؤسسات النظام في المقام الثاني، فمن المحتمل ان تنتقل العدوى سريعا نحو البحرين، سيما وان التمييز الطائفي استخدم على نطاق واسع لعزل ومضايقة واتهام الشيعة في البحرين من قبل النظام الحاكم، وقد هيئت العائلة المالكة الأرضية المناسبة لإحداث فتنة مذهبية من قبل التنظيمات المتطرفة، (والتي يبرع داعش في العزف على اوتارها)، ومن المحتمل، في حال نجح تنظيم داعش في تنفيذ تهديداته التي اطلقها تجاه السعودية، وتمكن من اختراق دفاعاتها الأمنية والإعلامية والدينية، ان تسقط البحرين، كهدف لاحق للتنظيم، بعد ان ساعدت سياسية ال خليفة في شحن الأجواء الطائفية داخل المملكة من جهة، ولارتباط مصير البحرين بمصير السعودية ارتباط وثيق من جهة أخرى. 

بقي ان نشير الى ما ذكره الأمير متعب بن عبد الله، عندما سئل عن دور السعودية في مواجهة تنظيم داعش، حيث قال "أعتقد أنه يجب استئصال أسباب وجود تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية"، ويبدو ان الجميع يعرق "أسباب وجود داعش"، فالخطاب الطائفي، والدعم المادي، هما الركيزتان الاساسيتان، التي يتغذى عليهما داعش وغيره من المنظمات الإرهابية، وقد تبين للجميع، أيضا، من كان وراء الدعم المعنوي والمادي لهذه التنظيمات المتطرفة، وان التغيير في أسلوب الخطاب الديني، وإيقاف الدعم المادي، واطلاق الإصلاحات السياسية، باتت ضرورة ملحة لمنع انهيار أنظمة الخليج، التي قد تبدء من الاثقل وزنا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/كانون الأول/2014 - 8/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م