قطر... طموحات متعاظمة لا تتناسب وحجمها الدولي

 

شبكة النبأ: ربما تكون قطر من اغنى دول العالم، لكنها دولة قزمة من حيث المساحة والامتداد السكاني، وهو امر يحد من تأثيرها السياسي كثيرا، فيما لا يتناسب وطموحاتها المتعاظمة في البحث عن عمق سياسي نحو افريقيا والعالم العربي، لذا فهي لا تمتلك الكثير من الخيارات، سيما وان دول الخليج الأخرى قد فرضت عليها حصارا سياسيا ودبلوماسيا، لم تستطع الخروج من قيوده بسهولة، بعد ان افشل مشروع الإسلام السياسي في مصر وسوريا وليبيا وحتى تونس بالقوة، وهو امر اضر كثيرا بمراهنات قطر، إضافة الى تركيا، على نجاح الاخوان المسلمين في المرحلة القادمة من مستقبل الأنظمة السياسية التي قد تحكم العالم العربي والشرق الأوسط، كما يرى خبراء ومختصون، وحاولت قطر، التي يقودها الأمير الشاب كخليفة عن والدة الذي ترك له إدارة شؤون المملكة الطامحة، كسب بعض النجاحات السياسية والاقتصادية من خلال اتباع سياسية الدعم لمشاريع عدها الكثير من الحكام العرب، خاصة دول الخليج، عبورا للخطوط الحمراء، وتهديدا لأمنها القومي ومصالحها العليا، الا ان ردود الأفعال الخليجية وبعض الدول العربية المناهضة لمشروع الأحزاب الدينية التي دعمتها قطر، وسقوط الاخوان المدوي في مصر، حال دون تمكن من تحقيق أي نجاح.

ومع تأكيد وزير الخارجية القطري، خالد العطية، أن "الخلاف بين بلاده وبعض دول مجلس التعاون الخليجي أصبح من الماضي"، خلال مؤتمر صحافي عقده في الدوحة، مؤكدا ان "الخلاف أصبح من الماضي، الآن نحن نركز على ترسيخ روح التعاون الصادق بين دول مجلس التعاون من أجل خليج قوي ومتماسك"، الا ان الماضي في دول الخليج سرعان ما يعاود الى الظهور، خصوصا اذا كان هذا الماضي هو ماضي خلافي، اذ شهدت اغلب دول الخليج الكثير من الخلافات والصراعات التاريخية حول الحدود والسياسيات المتبعة والتنافس حول المصالح وصلت الى حد الصراعات الداخلية بين العوائل الحاكمة على امتداد الخليج، ووصلت مدياتها الى غيرها من الدول العربية، بعد ان دارت المنافسة حول سوريا ومصر والعراق ولبنان وغيرها.

ويرى خبراء ان قطر بعد ان اذعنت لرغبة (السعودية والامارات والبحرين)، التي سحبت سفرائها من قطر، لتعيدهم لاحقا مقابل عدم دعم مشروع الإسلام السياسي المتمثل بالإخوان المسلمين والأحزاب الأخرى القريبة من فكرهم وتوجهاتهم، وفتح صفحة جديدة في العلاقات، تحاول بالمقابل مسك جميع الخطوط بيدها، ففي الوقت الذي لا ترغب فيه بقطع علاقتها مع دول الخليج، فهي لا ترغب أيضا بإدارة ظهرها الى الأحزاب والجماعات التي دعمتها سابقا، في حين انها تعلم ان السعودية والامارات تراقبها جيدا، وهما لا تثقان كليا بان قطر سوف تتوقف عن دعم مشروع الاخوان في المنطقة، خصوصا وان هناك الكثير من التسريبات والتأكيدات من مصادر مطلعة رفيعة المستوى في عدد من الدول الغربية، التي اشارت الى استمرار دعم قطر لجماعات إسلامية، من بينها جماعات متطرفة، كما ان هناك علاقة مريبة بينها وبين قيادات في تنظيم ما يعرف (الدولة الإسلامية/ داعش)، على الرغم من ان قطر قد انظمت الى التحالف المناهض لهذا التنظيم، بحسب محللون.  

العمل في الخفاء

فقد قالت مصادر مطلعة إن قطر تدرب سرا مقاتلين من المعارضة السورية المعتدلة بمساعدة الولايات المتحدة في قاعدة بالصحراء للقتال ضد قوات الرئيس بشار الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية وإن البرنامج قد يشمل تدريب مقاتلين من جماعات إسلامية علنا، وقالت المصادر إن المعسكر يستخدم لتدريب الجيش السوري الحر ومقاتلين اخرين من المعارضة المعتدلة ويقع إلى الجنوب من العاصمة بين الحدود السعودية وقاعدة العديد أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، ولم يتسن أن تحدد من مصادر مستقلة هوية المشاركين في البرنامج أو تشاهد أنشطة داخل القاعدة الواقعة في منطقة عسكرية تشير إليها لافتات على انها منطقة محظورة وتتولى حراستها قوات قطرية خاصة، لكن مصادر بالمعارضة السورية قالت إن التدريب في قطر يضم مقاتلين تابعين "للجيش السوري الحر" من شمال سوريا.

وقالت المصادر إن برنامج التدريب بدأ منذ عام تقريبا رغم انه أصغر من ان يكون له تأثير كبير على ساحة القتال ويشكو بعض مقاتلي المعارضة السورية من عدم تعلمهم تقنيات متقدمة، ويتماشى برنامج التدريب مع الصورة التي رسمتها قطر لنفسها على انها نصيرة لثورات الربيع العربي ولم تخف الدوحة كراهيتها للأسد، وقالت المصادر إنه تم تحديد مجموعات صغيرة من 12 إلى 20 مقاتلا في سوريا ويخضعون للفحص من المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.ايه)، وحين يثبت أنهم ليست لهم صلات بجماعات "إرهابية" يسافرون الى تركيا ومنها الى الدوحة ثم ينقلون الى القاعدة العسكرية، وقال مصدر غربي في الدوحة "أرادت الولايات المتحدة مساعدة المعارضة المسلحة على الاطاحة بالأسد لكنها لم ترغب في الافصاح عن دعمها لذا فإن تدريب مقاتلين من المعارضة (السورية) في قطر فكرة جيدة لكن المشكلة في أن نطاق البرنامج صغير للغاية".

ورفضت المخابرات المركزية الأمريكية التعليق وكذلك وزارة الخارجية القطرية ومتحدث باسم الجيش السوري الحر في تركيا، ولم يتضح ما اذا كان البرنامج القطري يأتي بالتنسيق مع دول غربية وخليجية وضعت استراتيجية لتحويل جماعات المعارضة المختلفة غير الإسلامية إلى قوة لقتال المتشددين، وتعطلت مثل هذه الجهود بسبب إحجام الغرب عن تقديم مساعدات عسكرية كبيرة خشية ان تصل في نهاية المطاف إلى ايدي متطرفين، وتشعر دول الخليج بالاستياء من تركيز الغرب على قتال الدولة الإسلامية وتقول إن الأسد هو المشكلة الأكبر، وقال مصدر مقرب من الحكومة القطرية طلب عدم نشر إسمه بسبب حساسية الأمر "يتم نقل مقاتلين معتدلين من الجيش السوري الحر وجماعات اخرى لتلقي التدريب على اشياء مثل تقنيات الأكمنة"، واضاف أحد المصادر "سيستمر التدريب بضعة اشهر ربما شهرين أو ثلاثة ثم يتم جلب مجموعة جديدة ولكن لا يتم تزويدهم بأسلحة فتاكة"، ومع طول فترة الحرب ضد الأسد طلب مقاتلو المعارضة المحبطون من مدربيهم التدريب على تقنيات اكثر تقدما مثل إعداد العبوات الناسفة بدائية الصنع وهي طلبات كانت تقابل دائما بالرفض. بحسب رويترز.

وقال مصدر عسكري يقيم في قطر "يشكون كثيرا ويقولون انهم سيحتاجون لدى عودتهم إلى المزيد من الأسلحة أو المزيد من التدريب على صنع العبوات الناسفة بدائية الصنع لكنهم لم يحصلوا على هذا"، وشعر القطريون في الأسابيع الاخيرة بخيبة أمل بسبب عدم احراز تقدم في القتال ضد الأسد وشرعوا في بحث تدريب أفراد من الجبهة الإسلامية وهو ائتلاف يضم مقاتلين إسلاميين اقل تشددا من تنظيم الدولة الإسلامية او جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة لكنه أقوى من الجيش السوري الحر، وقالت المصادر انه لم يتم تدريب اي فرد من الجبهة الإسلامية بعد لكن قطر سعت لتحديد المرشحين لذلك، ويقول بعض المحللين إن فحص مقاتلي الجبهة الإسلامية سيكون أصعب من فحص مقاتلي الجيش السوري الحر لان بعض الإسلاميين يتنقلون بين جماعات مختلفة، وتدريب مقاتلين من جماعات إسلامية قد يثير استياء دولة الإمارات العربية المتحدة التي ترفض دعم قطر لجماعة الاخوان المسلمين، لكن دبلوماسيين يقولون إن السعودية التي تشارك الإمارات مشاعر الارتياب تجاه الاخوان أكثر تقبلا للجماعات الإسلامية المعتدلة عندما يتعلق الأمر بقتال الأسد.

وقال مصدر دفاعي سعودي عندما سئل عن برنامج التدريب القطري "لا نعلم شيئا عن معسكر التدريب هذا ولكن هناك شيء نتفق عليه: يجب رحيل الأسد ولن نعارض اي اجراء يتخذ نحو تحقيق ذلك الهدف"، وبالنسبة لقطر فإن رحيل الأسد ما زال يمثل أولوية ويقول أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إن الجهود العسكرية للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية لن يكتب لها النجاح في ظل بقاء الرئيس السوري في السلطة، وقال مصدر يعمل مع المعارضة السورية المسلحة إن قطر سلمت أسلحة معظمها قذائف مورتر للجبهة الإسلامية وبعض كتائب الجيش السوري الحر قبل حوالي شهرين ودفعت بعض الرواتب لجماعات الجبهة الإسلامية.

جماعات متشددة في قطر

فيما انضمت قطر إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية لكن الامارة الخليجية ملاذ لجماعات مناهضة للغرب، وذكر دبلوماسيون أجانب أنهم شاهدوا سيارات عليها شعار التنظيم في حي راق في قطر، ويلف هذا الغموض السياسة القطرية، وعندما سعت الولايات المتحدة في سبتمبر أيلول إلى حشد حلفاء ضد الدولة الاسلامية في سبتمبر ايلول كانت قطر من بين الدول العربية الخليجية التي أرسلت طائراتها الحربية للقتال، لكن بينما رحبت السعودية والامارات بالتغطية الاعلامية للعمل العسكري التزمت قطر الصمت، وسرى حديث بين الدبلوماسيين عن أن مهمة الطائرات القطرية اقتصرت على الاستطلاع في الليلة الأولى للهجمات، وقال مصدر أمني مقرب من الحكومة القطرية إن طائراتها هاجمت بالفعل أهدافا للدولة الاسلامية في سوريا في مرحلة لاحقة من الحملة العسكرية لكن لم يتم تأكيد هذا رسميا، وقال دبلوماسيون ومحللون إن هذا يظهر أمرين:

الأول هو أن قرار قطر الانضمام إلى الأعمال القتالية كان ردا براجماتيا على ضغوط تعرضت لها من دول الخليج التي وبخت الدوحة لأنها دعمت الاسلاميين أثناء انتفاضات الربيع العربي، ويقول الدبلوماسيون إن الأمر الثاني هو أن تكتم قطر بشأن الدور الذي تلعبه يشير إلى حرصها على الاحتفاظ بنفوذها وسط قوى الاسلاميين التي ترى أن المستقبل لها على الأمد البعيد، وبعد ثلاث سنوات على بدء الربيع العربي يواجه الاسلام السياسي رد فعل عنيفا ضده في الشرق الأوسط وتعيد قطر النظر في سياساتها، وفي سياق ذلك تنكشف الطبيعة المتناقضة لهذه السياسات، وتستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط وتملك عقارات في الغرب على مساحات كبيرة من الأراضي كما أنها مشتر كبير للأسلحة الغربية، لكن قطر توفر في الوقت نفسه ملاذا لجماعات مناهضة للغرب مثل حركة طالبان الأفغانية وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) والجبهة الاسلامية للإنقاذ وهي جزائرية.

ويرتاد أعضاء هذه الجماعات مراكز التسوق في وسط الدوحة ويسيرون وسط المغتربين الغربيين كما يصلون في المساجد مع القطريين والوافدين، لكنهم يعيشون خارج المدينة في مناطق منعزلة، وإلى الشمال من الدوحة تقع بلدة أم العمد وتتكون من مجموعة من المزارع والمساجد الصغيرة وتؤوي عددا من السوريين من جماعة التوحيد إحدى عشرات الجماعات الاسلامية المسلحة التي تقاتل حكومة الرئيس بشار الأسد، وتنتشر هنا الآراء التي تجذب اهتمام الشرطة في البحرين أو الامارات، وفي أم العمد قالت المديرة المصرية لمدرسة خاصة للفتيات لتحفيظ القرآن إن الحكومة القطرية لا تتدخل في ما تدرسه مدرستها، وأضافت "ما يحدث هذه الأيام حرب على الاسلام"، وتابعت في إشارة على ما يبدو لتنظيم الدولة الاسلامية أو جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة "هؤلاء المقاتلون في سوريا والعراق الذين يحاربون الصليبيين، أصحاب قضية عادلة". بحسب رويترز.

ويثير اتساع نطاق علاقات قطر بالجماعات الاسلامية الشكوك في العديد من الدول الخليجية الأخرى، وسحبت ثلاث دول خليجية هي الامارات والسعودية والبحرين سفراءها من قطر في وقت سابق هذا العام احتجاجا على ما وصفته بأنه تدخل قطري في شؤونها الداخلية، وتنفي قطر عن نفسها هذا الزعم الذي يركز على دعم الدوحة لجماعة الاخوان المسلمين في مصر ومنظمات مشابهة، وللخلاف بين أغنى دول العالم العربي تداعيات في أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط لأن قطر ومنتقديها الخليجيين وجدوا أنفسهم يدعمون قوى متنافسة في صراعات تمتد من ليبيا ومصر إلى لبنان وغزة، وسعت قطر إلى تهدئة التوتر، ففي سبتمبر أيلول طلبت قطر من سبع شخصيات كبيرة في جماعة الاخوان الرحيل عن أراضيها بعد ضغوط من جيرانها على مدى شهور حتى تكف عن دعم الإسلاميين، وقال إبراهيم منير وهو مسؤول كبير في الجماعة يعيش في لندن في ذلك الوقت إن الرحيل لا يعني قطعا لعلاقات قطر بالاخوان، لكن مصادر دبلوماسية في الخليج تقول إن مجموعة أخرى من الاسلاميين من بينهم أعضاء في الاخوان سيغادرون قريبا في خطوة تهدف إلى استرضاء السعودية.

ومن بين المصادر الأخرى للخلاف وجود الشيخ يوسف القرضاوي المرتبط بجماعة الاخوان المسلمين في الدوحة وكذلك قناة الجزيرة القطرية التي تتهمها دول خليجية بالترويج للاخوان لكن القناة تنفي الاتهام عن نفسها، وفي الشهور الأخيرة قل الظهور العلني للقرضاوي الذي تكررت انتقاداته للقيادة في مصر في خطبه، لكن انعدام الثقة لايزال قائما، وقال دبلوماسي غربي كبير في الخليج "طرد الاخوان المسلمين كان مفيدا كما أن القرضاوي التزم الصمت، لكن القطريين يحاولون القيام بالحد الأدنى"، وعلى غرار أعضاء من جماعات إسلامية أجنبية يعيش الاخوان المسلمون في قطر بشرط ألا يسببوا أي اضطراب سياسي يؤثر على أمن البلاد أو قيادتها، لكن هناك مساحة رمادية في ذلك الاتفاق تثير قلق جيران قطر في الخليج، وقال الدبلوماسي "تقول قطر إنه لا يمكن لهؤلاء الإسلاميين الانخراط في أي نشاط سياسي لكن هذا مرتبط بأمنهم (القطريين) وحسب وليس (بأمن) الآخرين"، وقال دبلوماسي عربي كبير في الدوحة "الاسلاميون هنا يستغلون الدوحة كمنصة إطلاق لحملاتهم الدعائية والاتصالات والدعم اللوجيستي ولهذا تأثير مباشر على أمن دول عربية أخرى".

ويقول دبلوماسيون غربيون إنهم شاهدوا سيارات عليها شعار الدولة الإسلامية تتجول في منطقة ويست باي وهي واحدة من مناطق قطر الفاخرة حيث يعيش معظم المغتربين ويعملون، وقال دبلوماسي شاهد الشعار "بالطبع شعرنا بالقلق عندما شاهدنا الشعار لكن تم إبلاغنا بأنهم يخضعون لمراقبة مشددة من السلطات ولا يوجد ما يدعو للقلق"، ويقول دبلوماسيون ومحللون إن النهج البراجماتي الذي تبنته قطر في الآونة الأخيرة يعزى إلى حاكمها الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فأسلوبه مختلف عن والده الشيخ حمد الذي تنازل عن الحكم العام الماضي بعد أن صنع لبلاده مكانة بارزة على المستوى الدولي في مجالات الإعلام والرياضة والاقتصاد والطاقة، ولكن لم يتضح بعد إلى أي مدى يبدو تميم مستعدا لتقليص العلاقات مع الإٍسلاميين، وقال مستشار حكومي قطري "الأمير الجديد شخص عملي، هو لا يريد مشاكل، في بعض الأحيان ينبغي لك التزام الهدوء لبعض الوقت لتعود أكثر قوة".

ويقول منتقدون لقطر إن الدوحة تواصل دعم المتشددين الإسلاميين في ليبيا ومناطق أخرى وتدفع فدى للمتشددين للإفراج عن رهائن مما يساعد في إثراء جماعات متطرفة وهي اتهامات تنفيها قطر، والمثال الواضح على ذلك هو علاقة قطر بجبهة النصرة، وقال المصدر الأمني المقرب من الحكومة القطرية إن قطر كانت أقل استعدادا من دول خليجية أخرى للمشاركة في حملة القصف بسوريا ويرجع ذلك في جانب منه إلى حرصها على تفادي استهداف مواقع لجبهة النصرة وهي جناح القاعدة في سوريا والتي أقامت قطر علاقات معها منذ بداية الانتفاضة ضد الأسد، وأصابت طائرات أمريكية أهدافا للنصرة في اليوم الأول من الحملة، وأثار العاهل السعودي الملك عبد الله مسألة تمويل المتشددين عندما توجه الأمير تميم للقائه في جدة في وقت سابق في مسعى لرأب الصدع في العلاقات، وقال مصدر كبير مقيم في جدة إن الملك تساءل عن أساليب قطر في تحرير الرهائن وطالب بمزيد من الرقابة على شخصيات في الدوحة تمول جماعات "إرهابية".

وينفى مسؤولون قطريون دفع فدى لتحرير رهائن لكن مصادر دبلوماسية غربية في الدوحة تقول غير ذلك، ولا تشجع السعودية والولايات المتحدة دفع الفدى لتحرير الرهائن، وقال مصدر قطري له صلة بأعمال خيرية وبالتنسيق لتحرير رهائن محتجزين لأسباب سياسية إنه في حالة 13 راهبة من الروم الارثوذكس أفرج عنهم مقاتلون إسلاميون في سوريا في مارس آذار فإن قطر دفعت مقابل الإفراج عنهن، وفي أغسطس آب اتهم وزير في الحكومة الألمانية قطر بتمويل متشددي تنظيم الدولة الإسلامية، وعبرت الولايات المتحدة مرارا عن قلقها بشأن التمويل من دول عربية، وفي محاولة لوضع حد للانتقادات قررت قيادة قطر الحديث علنا، وقال الشيخ تميم خلال زيارة لألمانيا في سبتمبر أيلول إن ما يحدث في سوريا والعراق "تطرف" وإن مثل هذه التنظيمات تتلقى قدرا من التمويل من الخارج لكن قطر لم ولن تدعم تنظيمات إرهابية أبدا، وأصدر الأمير في وقت لاحق قانونا لتنظيم عمل الجمعيات الخيرية التي لها نشاط سياسي بالإضافة للجمعيات التي ترسل أموالا للخارج أو تتلقى تمويلا أجنبيا في مسعى لاتخاذ إجراءات صارمة ضد تمويل الإرهاب، لكن في قطر تبقى مسألة ما يعتبر تطرفا مفتوحة للنقاش، وخلال مقابلة اعترف الشيخ تميم بخلافات قطر مع جيرانها في الخليج بشأن حلفائها الإسلاميين، وقال إن بعض الدول جادلت بأن "أي جماعة لها خلفية إسلامية هي إرهابية، ونحن لا نقبل ذلك، أعتقد أن اعتبارهم متطرفين هو خطأ فادح وخطر".

سياسة الاستثمار كسلاح

الى ذلك حث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قطر على استثمار المزيد من ثروتها الهائلة من النفط والغاز في مشروعات البنية التحتية في أنحاء بريطانيا خلال زيارة رسمية قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقال بيان أصدره مكتب كاميرون إنه سأل الشيخ تميم تقديم مزيد من التمويل لمساعدة جهود بريطانيا لتطوير المدن في شمال البلاد وربطها بلندن باستخدام خط سكك حديدية فائق السرعة، وقطر من أغنى دول العالم واستثمرت أموالا طائلة في الشركات والعقارات البريطانية، ومن بين هذه الاستثمارات أعلى مبنى في لندن "ذا شارد" الذي مولته الأسرة الحاكمة في قطر ومتجر هارودز الذي تملكه هيئة الاستثمار القطرية التي تمثل صندوق الثروة السيادية، وقال البيان "حث رئيس الوزراء الأمير على دراسة مزيد من الفرص في أنحاء البلاد ولاسيما خطة الحكومة لإقامة مركز حضاري شمالي من خلال الربط بين مدن شمال بريطانيا وإنشاء خط سكك حديدية فائق السرعة".

وفي وقت سابق قالت الحكومة البريطانية إنها تساند إنشاء خط قطارات فائقة السرعة بين مدينتي ليدز ومانشستر في إنجلترا بالإضافة إلى خطة قائمة تتكلف 43 مليار إسترليني (68.88 مليار دولار) لإقامة خطوط قطارات فائقة السرعة إلى لندن، وخلال زيارة الدولة التي اشتملت أيضا على اجتماع مع الملكة اليزابيث وسياسيين ومديري شركات كبار وقع البلدان اتفاقا يحدد إطارا لمزيد من المباحثات في قضايا مثل الدفاع والطاقة والتجارة، وقبيل زيارة الشيخ تميم حث أعضاء في البرلمان البريطاني كاميرون على اثارة الاتهامات الموجهة إلى قطر بشأن تمويل مقاتلي الدولة الإسلامية في سوريا والعراق وهي الاتهامات التي نفتها قطر، وقال البيان "إنهما ناقشا الدور الذي يلعبه البلدان في التحالف لمكافحة الدولة الإسلامية وأهمية أن تعمل كل البلدان لمكافحة التطرف والدعم للمنظمات الإرهابية"، وأضاف قوله إن كاميرون أشاد بالتشريع الذي صدر في قطر في الآونة الأخيرة والذي يحظر تمويل الإرهاب، وكان وزير بالحكومة الالمانية اتهم قطر في اغسطس اب بتمويل مقاتلي الدولة الإسلامية وعبرت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن تمويل أفراد أو جمعيات خيرية في الدول العربية رغم ان قطر انضمت الى الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وفي سبتمبر أيلول قال الشيخ تميم ان بلاده لا تساعد الدولة الإسلامية في العراق أو سوريا وأبلغ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن أمن بلاده ذاتها في خطر من المتشددين. بحسب رويترز.

فيما قال متحدث باسم جهاز قطر للاستثمار إن الجهاز اتفق على دفع 616 مليون دولار لشراء حصة نسبتها نحو 20 بالمئة من شركة لايفستايل انترناشيونال هولدينجز التي تتخذ من هونج كونج مقرا لها وتدير متاجر كبرى هناك وفي البر الرئيسي للصين، وقال المتحدث إن هذه الصفقة تأتي "في إطار مساعي الجهاز الرامية لتنويع محفظته الاستثمارية حول العالم، وهذه المرة في آسيا"، وأضاف المتحدث "يساهم استثمار جهاز قطر للاستثمار في شركة لايفستايل انترناشيونال هولدينجز في تنويع محفظته في مجال التجزئة والمنتجات الاستهلاكية من خلال تعزيز استثماراته الحالية في محلات هارودز وتيفاني آند كومباني وغيرها"، وذكر بيان أن وحدة تابعة لقطر القابضة المملوكة لجهاز قطر للاستثمار ستدفع 14.75 دولار هونج كونج للسهم مقابل شراء حصة نسبتها 19.9 بالمئة في لايفستايل انترناشيونال هولدينجز بعلاوة سعرية واحد بالمئة على سعر سهم الشركة في أحدث التعاملات والبالغ 14.60 دولار هونج كونج، وستحصل قطر القابضة على مقعد في مجلس الإدارة فور استكمال الصفقة.

ونزل سهم لايفستايل 5.9 بالمئة مع استئناف التداول بعد تعليقه يوم 24 سبتمبر أيلول انتظار لصدور إعلان من الشركة، ويعكس هبوط السهم في جانب منه حالة الضعف العام التي تشهدها السوق منذ سبتمبر أيلول، وتشتري بيلزهيل انفستمنت التابعة لقطر القابضة الأسهم من المساهم الرئيسي في لايفستايل وهي شركة ريل ريوورد المملوكة مناصفة لوحدة تابعة لمجموعة تشاو تاي فوك للحلي وعائلة رجل الأعمال في هونج كونج توماس لاو، وتدير لايفستايل متاجر من بينها أحد متاجر سوجو الشهيرة في هونج كونج وأربعة متاجر جيوجوانج في البر الرئيسي للصين، ولم تكشف ريل ريوورد عن سبب بيع الحصة لكن مصدرا مطلعا على الصفقة قال إن من المتوقع أن تستفيد عمليات سوجو من خبرة قطر في إدارة هارودز، وأضاف المصدر المطلع أن جيه.بي مورجان يتولى تقديم المشورة لمجموعة تشاو تاي فوك بينما يقدم بنك أوف أمريكا كورب المشورة لقطر القابضة، وطلب المصدر عدم ذكر اسمه نظرا لأنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام، وامتنع جيه.بي مورجان عن التعليق بينما لم يرد بنك أوف أمريكا على رسالة إلكترونية تطلب التعقيب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/تشرين الثاني/2014 - 7/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م