السرطان.. داء يقتات على الصحة بمساعدة البدانة

 

شبكة النبأ: يعد مرض السرطان وبمختلف أنواعه، احد اخطر واهم الامراض التي تهدد حياة الكثير من البشر، خصوصا وان العديد من التقارير تشير الى تزايد اعداد الاصابات بهذا المرض الفتاك، فقد ورد في تقرير عن منظمة الصحة العالمية أن عدد حالات الإصابة بمرض السرطان حول العالم قد قفز إلى اكثر من 14 مليون مصاب، وكان العدد في عام 2008 يبلغ 12.7 مليون شخص. كما وتعتقد المنظمة بأن عدد حالات الإصابة بمرض السرطان بشكل عام سيبلغ 19 مليون شخص في عام 2025.

وتفيد المنظمة أنه خلال هذا الوقت زادت أعداد الوفيات من 7.6 مليون شخص لتصل إلى 8.2 مليون شخص. ويأتي ازدياد عبء السرطان على كاهل المجتمع الدولي بسبب التحول السريع في أنماط المعيشة في العالم النامي، وينعكس ذلك أيضا بصورة أكبر على البلدان الصناعية، بالإضافة الى زيادة معدلات التدخين والسمنة وارتفاع معدلات التقدم في العمر، وهذه كلها عوامل أدت لازدياد معدلات الإصابة بالمرض.

ويعد سرطان الرئة الذى يسببه التدخين بشكل رئيسي أكثر أنواع السرطان انتشارا، حيث بلغ عدد حالات الإصابة به 1.8 مليون شخص، اي بنسبة 13% من العدد الإجمالي للمصابين. وأفادت منظمة الصحة العالمية ايضا أن الارتفاع في معدلات الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء يعتبر حادا، وقد ارتفعت بسببه حالات الوفاة منذ عام 2008، ويعتبر سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان انتشارا بين النساء في 140 دولة حول العالم. وتعتبر المنظمة أن سرطان الثدي من الأمراض القاتلة على وجه الخصوص في البلدان النامية، وترجع أسباب حدوثه إلى تغير أنماط الحياة في هذه البلدان، بالإضافة إلى ضعف الرعاية الصحية.

وفي هذا الشأن فقد قالت وكالة لأبحاث السرطان تابعة لمنظمة الصحة العالمية إن حوالي نصف مليون حالة اصابة بالسرطان سنويا ترجع إلى بدانة الأشخاص المصابين وأن هذا يمثل مشكلة حادة بشكل خاص في أمريكا الشمالية. وقالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في دراسة نشرت في مجلة "لانسيت لعلم الأورام Lancet Oncology " إن إرتفاع مؤشر كتلة الجسم أصبح حاليا يمثل عامل خطورة للإصابة بالسرطان كما أنه كان مسؤولا عن قرابة 3.6 بالمئة أو 418000 الف حالة جديدة للإصابة بالسرطان في 2012.

وقال كريستوفر وايلد مدير الوكالة إن "عدد حالات الإصابة بالسرطان المرتبطة بالبدانة بزيادة الوزن من المتوقع أن ترتفع عالميا مع زيادة التنمية الاقتصادية." واضاف أن النتائج تبرز أهمية مساعدة الناس في الحفاظ على وزن صحي لتقليل خطر الاصابة بمجموعة واسعة من السرطان ومساعدة الدول النامية في تجنب المشكلات التي تعاني منها الدول الغنية حاليا.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن أمريكا الشمالية تعاني الان أسوأ مشكلة مرتبطة بالوزن حيث تم تشخيص 111 ألف اصابة بالسرطان مرتبطة بالبدانة في 2012 او ما يمثل 23 بالمئة من عدد حالات الاصابة بالسرطان المرتبطة بارتفاع مؤشر كتلة الجسم في العالم. وفي أوروبا فإن البدانة مسؤولة عن 6.5 بالمئة من جميع حالات الإصابة الجديدة التي يتم تشخيصها سنويا أو حوالي 65 ألف حالة. بحسب رويترز.

وقالت الوكالة إنه في حين أن حالات الإصابة بالسرطان المرتبطة بالبدانة في معظم الدول الأسيوية أقل إلا أنها ما زالت تترجم إلى عشرات الآلاف من الحالات بسبب ارتفاع عدد السكان. أما في القارة الأفريقية فإن البدانة مسؤولة عن 1.5 بالمئة فقط من حالات الإصابة بالسرطان.

سرطان القولون

من جانب اخر وجدت دراسة أمريكية جديدة أن الاصابة بسرطان القولون والمستقيم تتزايد بين الشبان بينما تتراجع الاصابات بين من هم أكبر سنا. وقال الباحثون إنه إذا ما استمر هذا الاتجاه فسيتضاعف عدد حالات سرطان القولون والمستقيم إلى المثلين تقريبا بين من تتراوح أعمارهم بين 20 و34 عاما كما سيرتفع العدد بنسبة تتراوح بين 28 في المئة و46 في المئة في الفئة العمرية من 35 إلى 49 عاما.

وقالت الدكتورة كريستينا بيلي "يجب أن ندرك أن معدل الاصابة يزداد بين المرضى الشبان ويجب أن نأخذ هذا على محمل الجد." وقالت بيلي التي قادت فريق الدراسة وتعمل في مركز ام.دي اندرسون للسرطان بجامعة تكساس في هيوستون إن السبب وراء هذه الزيادة غير واضح. لكن لا يمكن للأطباء أن يستبعدوا احتمالية اصابة الشخص الأصغر سنا بسرطان القولون والمستقيم. بحسب رويترز.

وذكرت بيلي أن الأطباء والمرضى يستبعدون الاصابة بالسرطان في البداية الأمر الذي يفسر تزايد عدد الحالات المتأخرة بين المرضى الشبان. ويقدر المعهد القومي للسرطان في الولايات المتحدة أن عدد الاصابات بسرطان القولون سيبلغ 96 ألفا و830 حالة جديدة في 2014 بينما ستصل الاصابات الجديدة بسرطان المستقيم إلى 40 ألف حالة. ويقدر المعهد أن تصل الوفيات الناجمة عن هذين النوعين من السرطان إلى 50 ألفا و310 حالات.

سرطان الجلد

على صعيد متصل كشفت بيانات طبية حديثة ارتفاع معدلات الإصابة بأخطر أنواع سرطان الجلد في بريطانيا، بمعدل خمس مرات أكثر مما كانت عليه في فترة السبعينيات من القرن الماضي. ووفقا لإحصائيات معهد أبحاث سرطان بريطانيا، فإن أكثر من 3000 شخص يصابون بمرض الميلانوما الخبيث (سرطان الخلايا الصبغية) كل عام، مقارنة بحوالي 1800 شخص فقط في فترة السبعينيات.

وأشارت الإحصائيات إلى أن زيادة الإقبال على عروض قضاء العطلات في أوروبا يمثل سببا جزئيا لزيادة معدلات الإصابة بهذا المرض منذ نهاية الستينيات. وزاد من هذه المعدلات أيضا ارتفاع الإقبال على استخدام ما يعرف بـ"سرير الشمس"، وهي الأسرة التي تسلط عليها معدلات ضوء صناعية مرتفعة لإكساب الجسم لونا بنيا أو برونزيا، وتعد السيدات الأكثر استخداما له.

ومرض الميلانوما الخبيث حاليا هو خامس أكثر أنواع السرطان انتشارا، ويتسبب في وفاة أكثر من 2000 شخص سنويا. وفي مقارنة بعدد الإصابات السنوية في بريطانيا العظمى، فإن 17 شخصا من بين 100 ألف يصابون بالمرض، كل عام، مقارنة بحوالي ثلاث أشخاص فقط من بين كل 100 ألف في منتصف السبعينيات. كما أن الإصابة بالحرق الشمسي، وهو احترار والتهاب الجلد بسبب الأشعة فوق البنفسجية، يزيد من فرص الإصابة بسرطان الجلد.

ومن بين أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بهذا المرض، هؤلاء الذين يعانون من لون الجلد الشاحب، ووجود الكثير من الشامات أو النمش، بالإضافة لإصابة سابقة بحرق الشمس، وكذلك وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الجلد. وينصح الخبراء بقضاء بعض الوقت في الظل، بعيدا عن أشعة الشمس، وتغطية الجسم، واستخدام مستحضرات الوقاية من الشمس.

وقال نيك أورمستون-سميث، رئيس الإحصائيات في معهد أبحاث السرطان: "منذ منتصف السبعينيات، ارتفعت الإصابات بمرض الميلانوما الخبيث في المملكة المتحدة بمعدل أسرع 10 مرات من بقية أنواع السرطان الأخرى". وأصبحت العطلات في المناطق الحارة متوفرة بأسعار مناسبة، بالإضافة إلى أن أسرّة الشمس أصبحت "متاحة بصورة كبيرة الآن مقارنة بما كان عليه الحال في السبعينيات".

وأضاف سميث: "لكننا نعرف أن التعرض الزائد عن الحد للأشعة فوق البنفسجية، سواء من الشمس مباشرة أم من خلال سرير الشمس الصناعي، هو السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الجلد". وتابع بأن هذا يعني أنه في الكثير من الحالات يمكن الوقاية من المرض، "وهو ما يفسر اللجوء إلى عادات الحماية الجيدة من الشمس، سواء في المنزل أم الخارج". ومع ذلك فإن ثمانية من كل 10 أشخاص يشفون من المرض، وهو المعدل الأعلى من بين جميع أنواع السرطان الأخرى. بحسب بي بي سي.

وترى كارولين سيرني، مديرة الحملات الصحية في معهد أبحاث السرطان في بريطانيا أن كل من يحب الخروج والاستمتاع بشمس الصيف، يجب أن يتخذ الإجراءات الضرورية لمنع احتراق الجلد. وقالت: "حرق الشمس علامة تدل على أن الحمض النووي "دي إن إيه" في خلايا الجلد تعرض لأضرار، ومع مرور الوقت يمكن أن يؤدي هذا إلى الإصابة بسرطان الجلد". وعندما تكون الشمس حارقة، يجب ارتداء قمصان وقضاء المزيد من الوقت في الظل واستخدام مستحضرات الحماية من الأشعة فوق البنفسجية.

سرطان الرئة

في السياق ذاته قال علماء إن سرطان الرئة يمكن أن يظل كامنا لمدة أكثر من 20 عاما قبل أن يصبح مميتا الأمر الذي يساعد على توضيح لماذا يصعب علاج هذا المرض الذي يودي بحياة أكثر من 1.5 مليون شخص سنويا في جميع انحاء العالم. وتكشف دراستان بشأن تطور سرطان الرئة كيف تنمو الخلايا السرطانية بهدوء بعد حدوث خلل جيني مسبب للمرض في البداية - وغالبا بسبب التدخين - ليطرأ عليها عدة تغيرات جديدة مما يجعل اجزاء مختلفة من نفس الورم متفردة جينيا.

وعندما يتم اكتشاف المرض فان الاورام تكون قد تطورت بأشكال متعددة مما يجعل من الصعب بشكل كبير أن يكون لأي دواء مستهدف تأثير على المرض. وتوضح هذه النتائج الحاجة الملحة لرصد سرطان الرئة قبل أن يطرأ عليه تغير في الشكل ليتحول الى خلايا خبيثة متعددة الصور. وقال تشارلز سوانتون معد احدى الورقتين وهو من معهد لندن لبحوث السرطان "ما لم نكن نفهمه من قبل هو السبب في أن هذا المرض هو قيصر كل انواع السرطانات وأحد اصعب الامراض في العلاج." واضاف "في السابق لم نكن نعرف كيف أن سرطانات الرئة في المراحل المبكرة لها أشكال متعددة."

ويعد سرطان الرئة الأكثر فتكا في العالم إذ يودي بحياة ما يقدر بنحو 4300 شخص يوميا وفقا لمنظمة الصحة العالمية. ونحو 85 في المئة من المصابين بهذا المرض يعانون من "سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة" وهو النوع الذي تم التعامل معه في الدراستين. وللحصول على فهم أكثر وضوحا للمرض درس فريقان من العلماء البريطانيين والامريكيين التغييرات الجينية في مناطق مختلفة من أورام الرئة التي تم استئصالها خلال جراحة وبحث الفريقان كيف يتطور الخلل الجيني بمرور الوقت.

ووجد الفريقان فترة كمون طويلة جدا بين التغير الجيني والأعراض التي تظهر بعد حدوث خلل جديد يؤدي الى نمو سريع للمرض. ففي حالة بعض المدخنين السابقين يعود الخلل الجيني المبدئي الذي تسبب في بدء اصابتهم بالسرطان الى الوقت الذي كانوا فيه بدخنون السجائر قبل عقدين من الزمان. بمرور الوقت يصبح ذلك الخلل أقل أهمية وتحدث تغيرات جينية أخرى سببها عملية يسيطر عليها بروتين يدعى (ابوبيك) "APOBEC". ونشر هذا البحث في دورية "ساينس" Science العلمية.

وقال راماسوامي جوفيندان من كلية الطب بجامعة واشنطن والذي لم يشارك في الدراستين إن الفهم الأفضل لمثل هذه التغيرات الجينية يعد أمرا اساسيا لتطوير أساليب علاج اكثر فعالية. وهناك آمال معقودة على جيل جديد من العقاقير التي تعزز قدرة النظام المناعي على رصد ومكافحة الاورام والتي يمكن تطبيقها بشكل خاص على سرطان الرئة. والى جانب العقاقير هناك تحد هام يتمثل في ايجاد طرق أفضل للكشف عن سرطان الرئة قبل ان يتطور الى خلل جيني متعدد من شأنه أن يؤدي في نهاية الأمر الى نمو وانتشار سريع للسرطان.

من جانب اخر كشفت دراسة حديثة شملت 27 ألف شخص أن التدخين والجين المسبب لسرطان الثدي يتضافران، الأمر الذي يزيد "بصورة كبيرة" من فرص الإصابة بسرطان الرئة. ووفقا للبحث الذي أعده فريق بمعهد أبحاث السرطان في لندن، ونشر في دورية "نيتشر (الطبيعة)" العلمية، فإن جين "بي أر سي ايه "2 "BRCA2" قد يضاعف من احتمالات الإصابة بسرطان الرئة. وأوضحت الدراسة أن بعض الرجال والنساء واجهوا مخاطر أكبر فيما يخص احتمالات الإصابة.

وأشار معهد أبحاث السرطان إلى أن العقاقير التي تستهدف علاج سرطان الثدي قد يكون لها دور في علاج بعض سرطانات الرئة.

وثمة علاقة وثيقة بين سرطان الثدي وأنواع مختلفة من جينات بي أر سي ايه. ودفعت هذه العلاقة الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي لإجراء جراحة استئصال الثدي كإجراء وقائي. وترتبط تلك الجينات بزيادة مخاطر الإصابة بأنواع أخرى من السرطان التي تؤثر على النساء مثل سرطان المبيض، وكذلك سرطان البروستاتا عند الرجال. وقارنت الدراسة بين الشفرات الجينية لأشخاص مصابين وغير مصابين بسرطان الرئة.

وترتفع فرص الإصابة بسرطان الرئة لدى المدخنين 40 مرة أكثر من غير المدخنين، كما يزداد هذا المعدل إلى 80 مرة، لدى هؤلاء الذين لديهم طفرة في جين بي أر سي إية 2. وذكر فريق البحث أن ربع المدخنين ممن يعانون من طفرة في هذا الجين، سيواجهون خطر الإصابة بسرطان الرئة.

وقال البروفيسور ريتشارد هولستون، من فريق البحث :"إنها زيادة كبيرة في مخاطر الإصابة بسرطان الرئة." وتابع قائلا "هناك مجموعة فرعية من الناس يواجهون خطورة كبيرة جدا" للإصابة بهذا المرض، في إشارة إلى المدخنين. وأضاف قائلا :"أهم شيء الآن هو تقليل التدخين، لأنه ضار جدا لأمراض أخرى، بالإضافة إلى زيادة مخاطر سرطان الرئة."

وتتسبب طفرة جين بي أر سي ايه في منع الحمض النووي من إصلاح نفسه بصورة مؤثرة. وتابع البروفيسور هولستون قائلا :"فيما يخص التدخين، يوجد هذا المعدل الكبير من الأضرار التي تحدث للحمض النووي بدرجة تجعل فقدانه القدرة على الإصلاح الذاتي تمثل مشكلة". وقد يشير هذا الاكتشاف إلى أن العلاجات التي تطور لسرطان الثدي يمكن استخدامها أيضا في علاج بعض حالات سرطان الرئة. بحسب بي بي سي.

وقال البروفيسور بيتر جونسون، رئيس مركز أبحاث السرطان ببريطانيا :"نعلم على مدى عقدين أن الطفرة الوراثية لجين بي أر سي ايه 2، تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي والمبيض، لكن الاكتشافات الجديدة تظهر خطورة كبيرة لسرطان الرئة أيضا، خاصة عند المدخنين." والأهم الآن هو أن هذا البحث يشير إلى أن العلاجات التي تستهدف سرطان الثدي والمبيض قد تكون فعالة في سرطان الرئة، إذ إننا بحاجة ماسة أيضا إلى عقاقير جديدة". وأضاف قائلا "لكن سواء في ظل وجود أو عدم وجود عيوب وراثية، فإن الطريقة الأكثر فعالية في تقليل خطر الإصابة بسرطان الرئة هي الإقلاع عن التدخين".

كروموسوم واي

الى جانب ذلك يقول علماء إن كروموسوم واي لدى الرجال له دور في إطالة أعمارهم ومقاومة السرطان. وأظهر بحث في جامعة السويد - شارك فيه 1153 كبار السن من الرجال، أن من خسروا جزءا من كروموسوم واي توفوا بفارق حوالي خمس سنوات ونصف عمن احتفظت أجسادهم بالكروموسوم كاملا. وتعيش النساء في أوروبا بمعدل سبع سنوات ونصف أكثر من الرجال، ولا تعرف الأسباب وراء هذا الفارق. ويقول مركز أبحاث السرطان إن الدراسة "مثيرة للاهتمام".

وشملت الدراسة قياس عدد خلايا الدم التي فقدت كروموسوم واي بسبب التقدم في السن، وذلك عن طريق فحوصات للدم أجريت لرجال بين أعمار 70 و84 عاما. ويقول الباحثون إن الرجال الذين فقدوا "كمية كبيرة" من كروموسوم واي توفوا قبل الآخرين. ويرتبط فقدان الكروموسوم واي بخطورة وفاة 637 من الرجال المشاركين في البحث، في حين يتعرض 132 آخرين لخطر الوفاة نتيجة السرطان غير المرتبط بالدم.

وقال الباحثون إن العلاقة بين فقدان كروموسوم واي والوفاة المبكرة مثيرة للاهتمام، وذلك بعد تعديل النتائج حسب السن والحالة الصحية للمشاركين. وليس لدى النساء كروموسوم واي، لكن لديهن اثنان من كروموسوم إكس. وقال جان دومانسكي، أحد المشاركين في الدراسة من جامعة أبسالا في السويد، إن "الكثيرين يعتقدون أن جينات كروموسوم واي لها علاقة بتحديد جنس المولود وإنتاج الحيوانات المنوية فقط. لكن الحقيقة أن هذه الجينات قد تكون لها وظائف أخرى مهمة، مثل الوقاية من الأورام".

وبحسب الدراسة، فإن جينات كروموسوم واي لم تكن ظاهرة عند فقدان الكروموسوم، مما يعني انتقاص دورها في الوقاية من الأورام. كما أشارت الدراسة إلى أن فقدان خلايا الدم لكروموسوم واي قد يرتبط بأنواع مختلفة من السرطان، بما فيها تلك التي لا تصيب الدم. ويقول الباحثون إن السبب قد يرجع إلى أن كروموسوم واي يعزز من مقاومة الجهاز المناعي، إذ يتعرف على خلايا الأورام ويقضي عليها، مما يقي من السرطان. بحسب بي بي سي.

ويمكن، بحسب الدراسة، التعرف على خطورة إصابة الرجال بالسرطان عن طريق فحص للدم لبيان حالة كروموسوم واي. وتقول جولي شارب، رئيسة قسم المعلومات الصحية بمركز أبحاث السرطان: "هذه نظرية مثيرة للاهتمام، لكنها تحتاج للمزيد من البحث لإثباتها. ورغم أن خطورة إصابة الرجال بالسرطان تزداد مع التقدم في السن، إلا أن هناك بعض الإجراءات لتجنب خطر الإصابة، مثل الامتناع عن التدخين، والحفاظ على الوزن، والطعام الصحي، والامتناع عن شرب الكحوليات".

المرضى في بريطانيا

في السياق ذاته أظهرت دراسة حديثة أن نصف الذين يعانون من مرض السرطان في انجلترا وويلز حاليا يعيشون عشر سنوات على الأقل – أي ضعف المعدلات المسجلة في سبعينيات القرن الماضي. ويعود الفضل في ذلك للعلاجات الجديدة والتشخيص المبكر والفحص. لكن مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، القائم على البحث، قال إن هذا التقدم يؤكد على الحاجة لتحديد أهداف جديدة أكثر طموحا.

وأعرب المركز عن تطلعه لأن تصل نسبة مرضى السرطان الذين قد يعيشون لمدة عشر سنوات إلى 75 في المئة خلال السنوات العشرين المقبلة. وتعهد بزيادة الاستثمار في الأبحاث بمقدار النصف خلال العقد القادم للمساعدة في تحقيق ذلك. وطالب الباحثون بعدم التعامل مع مرض السرطان على أنه "حكم بالإعدام" كما كان الأمر في الماضي، بعدما أظهرت الأرقام الجديدة الوصول إلى "نقطة تحول" في التعامل مع هذا المرض.

وأظهر التحليل أن 50 في المئة من المصابين بمرض السرطان عامي 1971 و1972 توفوا في غضون عام، لكن الآن يبقى 50 في المئة من المرضى على قيد الحياة مدة لا تقل عن عشر سنوات – مقارنة بـ 24 في المئة عامي 1971 و1972. ومع ذلك، أظهرت النتائج، استنادا إلى الأبحاث التي أجريت على أكثر من سبعة ملايين مريض، أن معدلات البقاء على قيد الحياة بالنسبة لبعض أنواع السرطان لا تزال منخفضة للغاية.

وأشارت الدراسة إلى أن واحد في المئة فقط من مرضى سرطان البنكرياس و5 في المئة من مرضى سرطان الرئة قد يبقون على قيد الحياة لمدة 10 سنوات. وأظهرت الأرقام الإجمالية أن هناك تقدما كبيرا في طريقة علاج السرطان. وقال هاربال كومار، الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة: "لا أعتقد أننا كنا نتوقع يوما ما تحقيق ما تمكنا من الوصول إليه، إذ أصبح بإمكاننا تدريجيا تغيير مسار الأمور لهذا المرض المدمر". وأضاف: "لكن العديد من الناس ما زالوا يموتون، ويتعين علينا معالجة ذلك".

وكشف الباحثون عن عدد من الأسباب التي أدت إلى هذا النجاح، من بينها التشخيص المبكر. وإذا استمر هذا التقدم، وتحققت النسبة المستهدفة التي تصل إلى 75 في المئة، فإن مركز أبحاث السرطان قد حدد مجالات رئيسية للتركيز عليها، بما في ذلك الاستثمار في علاج السرطان وفقا لحالة كل مريض، والحد من معدلات التدخين، والاهتمام الخاص بأنواع السرطان التي يشهد عدد المصابين بها أدنى معدلات للبقاء على قيد الحياة. بحسب بي بي سي.

وقالت متحدثة باسم وزارة الصحة البريطانية، التي حددت مجموعة من الأهداف بغية تحسين معدلات بقاء مرضى السرطان على قيد الحياة "نحن نشاطر مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة تطلعاته الرامية إلى وضع بريطانيا على رأس قائمة أفضل بلدان العالم من حيث معدلات بقاء مرضى السرطان على قيد الحياة". وأضافت: "شهدنا تحسنا ملحوظا في معدلات بقاء المصابين ببعض أنواع السرطان على قيد الحياة بفضل الأبحاث الجديدة والمبتكرة والتشخيص المبكر".

أقدم مثال للمرض

على صعيد متصل قال علماء بريطانيون في الآثار إنهم عثروا على ما يقولون إنه أقدم مثال مكتمل في العالم لإنسان انتشر السرطان في جسده ويأملون أن يقدم هذا الكشف قرائن جديدة بشأن المرض القاتل الذي أصبح مستشريا الآن. واكتشف باحثون من جامعة درم والمتحف البريطاني أدلة على أورام تطورت وانتشرت في كامل الجسم في هيكل عظمي يرجع إلى 3000 عام عثر عليه في مقبرة في السودان في 2013.

وبعد تحليل الهيكل العظمي باستخدام التصوير بالأشعة والفحص بالمجهر الالكتروني نجحوا في الحصول على صورة واضحة لآثار على العظم تظهر انتشار السرطان وتسببه في أورام في عظام الترقوة والكتفين والذراعين وفقرات العنق والأضلع والحوض وعظام الفخذين. وقالت ميشيلا بيندر طالبة الدكتوراه في درم التي قادت البحث ونقبت عن الهيكل العظمي وفحصته "نتائج الاطلاع على البقايا البشرية الاثرية مثل هذه عن قرب يمكن فعلا أن تساعدنا في فهم نشأة وتاريخ الأمراض الحديثة." واضافت قائلة "تحليلاتنا اظهرت ان شكل الندوب الصغيرة على العظام لا ينجم سوى عن انسجة ضعيفة مصابة بالسرطان ... رغم ان السبب الاصلي على وجه الدقة من المتعذر تحديده من خلال العظام وحدها."

ورغم انه أحد الاسباب الرئيسية المؤدية للوفاة بالعالم في عصرنا الحالي إلا ان السرطان يغيب عمليا عن سجلات الاثار مقارنة مع أمراض أخرى وهو ما دعم فكرة ان السرطانات يمكن ارجاعها بشكل اساسي إلى أنماط الحياة الحديثة وزيادة عمر الانسان. ووفقا لوكالة أبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية فان حالات الاصابة الجديدة بالسرطان ارتفعت إلى حوالي 14 مليون سنويا في 2012 وهو رقم مرشح لأن يقفز إلى 22 مليونا في غضون العشرين عاما القادمة.

ومع هذا فان النتائج الجديدة التي نشرت في دورية (مكتبة العلوم العامة) الطبية تشير الي ان السرطان ليس مرضا حديثا فقط بل انه كان في محيط وادي النيل منذ العصور القديمة. وقالت بيندر إن الاكتشاف من شأنه ان يساعد العلماء في بحث اسباب اصابة السكان القدامى بالسرطان وفتح افاق جديدة لمعرفة تطور المرض في الماضي. وتحليل الحمض النووي للهياكل العظمية والمومياوات التي بها أدلة على الاصابة بالسرطان يمكن أن يستخدم في تحديد الطفرات التي حدثت لجينات محددة معروف ارتباطها بأنواع معينة من السرطان. بحسب رويترز.

والهيكل العظمي هو لذكر يقدر ان عمره كان بين 25 و35 عاما عند وفاته. وعثر عليه علماء الآثار في موقع على النيل بشمال السودان على بعد 750 كيلومترا من العاصمة الخرطوم. وقال الباحثون إنهم لم يستطيعوا التكهن بسبب اصابة الرجل بالسرطان لكن ربما يكون نتيجة عوامل بيئية مثل دخان حرائق الغابات أو بسبب عوامل جينية أو مرض معد مثل البلهارسيا التي تسببها الطفيليات. واضافوا ان البلهارسيا سبب معقول لان المرض ينتشر بين سكان مصر والنوبة على الاقل منذ عام 1500 قبل الميلاد وهو الان معترف به كسبب لسرطان المثانة في الرجال.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29/تشرين الثاني/2014 - 6/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م