شبكة النبأ: يبدو ان حكومة نتنياهو،
التي اخذت نهجا عدوانيا ضد مجمل القضايا الفلسطينية، خلال ائتلافه
الحكومي (الذي طغت عليه صفت اليمين المتطرف والمعادي للسلام مع
فلسطين)، نجحت في زيادة هوة الخلاف ومفاقمة التوتر، خصوصا في القدس
الشرقية، بين اليهود والمسلمين، بعد جملة من الحوادث التي شحنت العداء
الديني والعنصري، وجعلت من امكانية انفجار الوضع امر قائم بقوة، وقد
صعدت الحكومة الاسرائيلية مؤخرا لهجتها العدائية على اكثر من صعيد
وجانب، بدء من الغاء المفاوضات الرامية الى التوصل لسلام دائم بين
الفلسطينيين والاسرائيليين، والتي رعتها الولايات المتحدة الامريكية،
ومرورا بتحدي المجتمع الدولي (خصوصا الولايات المتحدة الامريكية
والاتحاد الاوربي)، بعد توسيع بناء المستوطنات، وحتى تحدي مشاعر
المسلمين بالانتهاكات والاستفزازات التي وقعت في الاماكن المقدسة في
القدس.
وحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحفاظ على تماسك
ائتلافه الهش وسط تزايد الأحاديث عن انتخابات مبكرة لكنه في حين يسعى
لتعزيز مكانته داخليا يخاطر بمزيد من إثارة نفور شركائه الدوليين،
ولإرضاء أحزاب مشاكسة من أقصى اليمين في حكومته تعهد نتنياهو بمزيد من
المستوطنات على الأرض التي يريد الفلسطينيون إقامة دولة مستقلة عليها
مما أثار حنق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي محاولة لاسترضاء
القوميين المتشددين لم يستنكر نتنياهو دعواتهم للسماح لليهود بالصلاة
في مجمع الحرم القدسي رغم قوله إن الحظر الساري منذ عقود على مثل تلك
الصلوات لن يتغير، وأضر هذا النهج الحذر بعلاقات إسرائيل مع الأردن
التي تشرف على الحرم القدسي مما دفع عمان إلى استدعاء سفيرها للمرة
الأولى منذ توقيع اتفاقية السلام بين البلدين عام 1994.
وأشعل أيضا أسوأ عنف تشهده القدس منذ عقد مع اندلاع أعمال عنف يومية
في القدس الشرقية وتزايد الحديث عن انتفاضة فلسطينية جديدة، وقال سفير
أوروبي معبرا عن الاحباط ازاء ما يعتبره عنادا من نتنياهو "من الخارج،
يصعب فهم سبب ما يفعله"، وأضاف "إنها في النهاية مسألة انتخابية، كل ما
يهمه البقاء في السلطة وهذا ما يعول عليه"، وليس من المقرر رسميا إجراء
انتخابات قبل 2017، لكن تتزايد التكهنات الآن بالدعوة لانتخابات مبكرة
ربما خلال ستة أشهر بسبب تزايد الخلافات داخل الائتلاف والمشاحنات داخل
حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، ويشير ذلك إلى أن فترة نصف العام
المقبلة ستكون مضطربة مع محاولة نتنياهو أن يبقي شركاء الائتلاف الذين
تتزايد مطالبهم في جانبه حتى لو تطلب ذلك القاء بعض العظم لهم فيما قد
يزعج الفلسطينيين والحلفاء الدوليين.
ويتعلق السؤال بما إن كان نتنياهو (وهو الأطول بقاء في المنصب منذ
ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل) سيمكنه الاحتفاظ بسيطرة ما
على التوتر المتزايد الذي يبدو أن نهجه السياسي يسببه أم أن الاحداث قد
تخرج عن السيطرة، وبعدما أصبحت السويد الشهر الماضي أول دولة غربية
كبرى تعترف بفلسطين كدولة مستقلة فيمكن لأي خطأ في الحسابات أن يقدم
لدول أوروبية أخرى مبررات لاقتفاء خطى السويد، وفي خضم كل ذلك يكون على
رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يتعامل مع أزمة أمنية متفاقمة مع تزايد
العنف، وطعن رجل فلسطيني جنديا إسرائيليا وأصابه بجراح خطيرة في تل
أبيب مما يوسع دائرة أحداث العنف في الآونة الأخيرة والتي كانت محصورة
إلى حد كبير في القدس حيث قتل أربعة أشخاص.
وزاد قتل الشرطة الإسرائيلية لمواطن من عرب إسرائيل من تعقيد الوضع
مع المخاطرة باحتمال انضمام الأقلية العربية البالغة 20 في المئة إلى
الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية في انتفاضة ضد
إسرائيل حتى وإن كان هذا الاحتمال ما زال بعيدا، وتأتي هذه التطورات في
غياب أي محادثات سلام مع الفلسطينيين، وانهارت الجولة الأخيرة في أبريل
نيسان بعد شهور من الجلسات العقيمة إلى حد كبير، ومنذ ذلك الحين ساءت
بشدة العلاقات بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس واتهم الزعيم
الإسرائيلي عباس بالتحريض على أعمال العنف التي وقعت في الآونة الأخيرة
بدعوة المسلمين إلى الدفاع عن المسجد الأقصى بكل السبل، وقبل بضعة شهور
كان نتنياهو يتحدث عن "أفق جديد" في الشرق الأوسط قائلا إن التهديد من
تنظيم الدولة الإسلامية يعني أن دولا مثل السعودية والأردن ومصر لها
مصلحة مشتركة مع إسرائيل في هزيمة التطرف الإسلامي، لكن الآن مع
استدعاء الأردن لسفيرها وانفعال مصر بسبب التطورات في الحرم القدسي بدأ
هذا الأفق يلوح نائيا وضبابيا. بحسب رويترز.
كما أكد بيان صادر عن المتحدثة باسم وزير البيئة الإسرائيلي،
المغربي الأصل، عمير بيريتس استقالته من حكومة بنيامين نتانياهو، وذكر
البيان أن الوزير أكد أن إسرائيل تمر "بزلزال في كافة المجالات"، متهما
نتانياهو بـ"التصرف بدون مسؤولية"، وأعلن وزير البيئة الإسرائيلي عمير
بيريتس الأحد أنه سيقدم استقالته من حكومة رئيس الوزراء بنيامين
نتانياهو ، مما قد يشكل ضربة كبيرة لاستقرار الائتلاف الحكومي، ونقل
بيان صادر عن المتحدثة باسم بيريتس أن الوزير أكد في الاجتماع الأسبوعي
للحكومة أن الدولة العبرية تمر "بزلزال في كافة المجالات الدبلوماسية
والاجتماعية والمالية" واتهم نتانياهو "بالتصرف بدون مسؤولية"، وأكدت
المتحدثة أن بيريتس سيقدم استقالته رسميا في وقت لاحق.
وكان بيريتس المغربي الأصل، والذي شغل في السابق منصب رئيس نقابة
العمال (الهستدروت) من أشد منتقدي السياسات الاجتماعية لنتانياهو، وكان
بيريتس ترك حزب العمل للانضمام إلى حزب "الحركة" الذي أسسته وزيرة
العدل تسيبي ليفني، وأعرب بيريتس أيضا عن قلقه من غياب أي تقدم سياسي
مع الفلسطينيين منذ فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات في نيسان/أبريل
الماضي، وأكد أيضا أنه لن يقوم بدعم ميزانية الدولة التي سيتم تقديمها
للبرلمان للمصادقة عليها، وكتب بيريتس على صفحته على موقع فيس بوك "قمت
بكل ما بوسعي للترويج لعملية دبلوماسية وللقتال من أجل كرامة
الإسرائيليين"، مشيرا إلى أن هناك "تدهورا" في كافة المجالات
الدبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية"، وأضاف "لا أنوي الاستمرار في
خدمة سياسات نتانياهو الذي أصبح سجينا لدى اليمين".
ورحب زعيم المعارضة ورئيس حزب العمل إسحق هرتزوغ باستقالة بيريتس
ووصفها "ببداية النهاية" للائتلاف الحكومي، وأكد هرتزوغ أن حزب "الحركة"
هو جزء من معسكر يسار-الوسط "الذي سيقوم حزب العمل بقيادته في
الانتخابات القادمة حتى يتم تغيير النظام"، وبيريتس ثاني وزير يستقيل
من حكومة نتانياهو حيث قدم وزير الداخلية جدعون ساعر، وهو من حزب
الليكود الذي يتزعمه نتانياهو، استقالته واعتزل الحياة السياسية قائلا،
إنه يرغب في قضاء المزيد من الوقت من عائلته.
الخلافات الى العلن
الى ذلك اعلن مصدر حكومي اسرائيلي ان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو
دعا في انذار نادر قائد الجيش ورئيس جهاز الامن الداخلي الى الكف فورا
عن اخراج خلافاتهما على العلن، ويتعلق الخلاف بين رئيس الاركان بيني
غانتس ومدير الشين بت يورام كوهين بالحرب على غزة هذا الصيف، الا انه
خرج الى العلن في اوج العنف في القدس واسرائيل والضفة الغربية حيث
الجيش والامن الداخلي في الصف الاول لضمان امن اسرائيل، وقالت الحكومة
ان نتانياهو امر خلال اجتماع عقده مع غانتس وكوهين بحضور وزير الدفاع
موشي يعالون "بالوقف الفوري للتسوية في العلن للقضايا التي يجب ان تحل
بين اجهزة الامن"، واضافت ان رئيس الوزراء "ذكر محادثيه بمسؤوليتهما
الوطنية" بضمان امن الاسرائيليين "والتعاون بشكل كامل لهذه الغاية".
بحسب فرانس برس.
وخرج التوتر القائم بين الجيش والشين بت الى العلن بعد برنامج
استقصائي شعبي جدا عرضته القناة الثانية الاسرائيلية، وقال مسؤولون من
جهاز الامن الداخلي لم تكشف هوياتهم في البرنامج انهم ابلغوا الجيش في
كانون الثاني/يناير بان حماس التي تسيطر على قطاع غزة تستعد لنزاع مسلح
في تموز/يوليو، واضافوا ان الجيش لم يأخذ هذه المعلومات في الاعتبار،
وردا على ذلك، ووجه رئيس الاركان رسالة الى نتانياهو "للاحتجاج على ذلك
بشدة"، ونشرت صحيفة يديعوت احرونوت الرسالة التي تدين "الاخطاء
الاخلاقية" للشين بت، وكتب غانتس ان "مشاركة الشين بت في هذا البرنامج
التلفزيوني يعد خللا اخلاقيا"، وكتبت صحيفة هآرتس ان الجيش ليس الجهة
الوحيدة التي عبرت عن استيائها من الشين بت، فالشرطة ايضا تأخذ على
جهاز الامن الداخلي عدم تبليغها بمعلومات عن امكانية وقوع حوادث امنية
بين العرب في القدس.
الحرب على غزة
من ناحيتها وحين قتل الجندي الإسرائيلي دانييل بوميرانتز (20 عاما)
في كمين نصبه مقاتلو حركة حماس في قطاع غزة قررت قريته الصغيرة قرب تل
ابيب أنها بحاجة الى مقبرة لدفن موتاها، ودفن جثمانه الملفوف بعلم
اسرائيل في الأرض مع مغيب شمس وحوله مئات الأقارب والأصدقاء الذين
انخرطوا في البكاء، إنه قبر وحيد في رقعة من الأرض وضعت لها حدود على
عجل بأشجار التنوب الصغيرة، وقالت سارة موزيس المولودة في مخيم للاجئين
في المانيا بعد محارق النازي ابان الحرب العالمية الثانية وانتقلت الى
اسرائيل حين كانت رضيعة عام 1948 وهو العام الذي شهد قيام دولة اسرائيل
"حين تنتهي حرب نتمنى دائما أن تكون الأخيرة"، وأضافت "إنها لا تنتهي
ابدا" ثم تمتمت قائلة "رباه" حين رأت مجموعة من الجنود الذين ارتدوا
الزي العسكري يمرون ببطء حاملين النعش الخشبي وسط الحشد.
كان بوميرانتز واحدا من 33 جنديا قتلوا حتى الآن في الحملة التي
بدأتها اسرائيل في الثامن من يوليو تموز في محاولة لمنع نشطاء حماس من
إطلاق الصواريخ، ويعادل عدد القتلى ثلاثة أمثال قتلى آخر توغل اسرائيلي
بري كبير في قطاع غزة في اواخر عام 2008 وبداية عام 2009 لكن مع سقوط
كل قتيل على ما يبدو يزيد إصرار الاسرائيليين على سحق حماس ووقف
الهجمات الصاروخية والقضاء على الأنفاق على الحدود مع غزة، وقال جاي
بيليد (20 عاما) زميل بوميرانتز في المدرسة الثانوية والذي مازال يقضي
الخدمة العسكرية الإجبارية "يجب أن نستمر، لا يمكن ان يكون هناك سلام
أبدا بيننا وبينهم"، وقتل اكثر من 800 فلسطيني حتى الآن في الحملة
الإسرائيلية معظمهم مدنيون مما يزيد الضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق
النار، لكن الكثير من المواطنين الإسرائيليين يرون أن على رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو أن يستمر على نفس النهج.
وقال شلومي نحمياس (53 عاما) وكان مظليا سابقا ومن أصدقاء عائلة
بوميرانتز "ذهلت لعدد الجنود القتلى لكن وقف إطلاق النار الآن سيكون
كارثة، سيبدأ إطلاق النار مجددا خلال عامين"، وسجلت فاردا والدة
بوميرانتز آخر مكالمة هاتفية بينها وبين ابنها حين حاول تهيئتها لذهابه
الى غزة وقالت إنها فعلت هذا لأنها كان لديها هاجس بأنه سيموت قريبا،
وأذاعت المكالمة على المشيعين الذين سمعوه يقول لها إنه خزن رسالة وداع
على هاتفه كإجراء احترازي، وتقول إنه في هذه الرسالة الأخيرة كتب "انا
سعيد جدا لأنني ولدت لهذه العائلة، حافظوا على سعادتكم من أجلي"،
ويقاتل ابن نحمياس وصهره وابنا شقيقه في غزة ويقول إنه ذهب بنفسه الى
الحدود حاملا بعض الطعام الذي أخذه للجنود، ويتكرر تأييده الحماسي
للجيش في بلدات ومدن أخرى في اسرائيل حيث يحظى بالإعجاب لتعزيزه الوحدة
في مجتمع يشهد انقسامات متكررة، وفي تل ابيب القريبة والتي اضطر سكانها
مرارا للركض الى المخابئ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية حين كانت تحذر
صفارات الإنذار من هجوم صاروخي وشيك يبدو التأييد واضحا. بحسب رويترز.
وتظهر رسائل على اللافتات الموجودة في مرائب السيارات والتي تكتب
عليها عادة أعداد الأماكن الشاغرة وفي اماكن أخرى تغطي شعارات تؤيد
الحرب اللافتات الكبيرة التي كانت تستخدم في الدعاية والإعلان، لكن
الحماسة الوطنية التي تسود اسرائيل ربما تساعد ايضا في إذكاء التطرف
والكراهية، ورشق نشطاء يمينيون مظاهرة صغيرة مناهضة للحرب بالبيض في تل
ابيب في الوقت نفسه والى الشمال من تل ابيب تعرض نائب رئيس بلدية حيفا
وابنه وهما من عرب اسرائيل للضرب في مظاهرة أخرى من أجل السلام نظمها
اليسار، وقال روتم افروتسكي (43 عاما) وهو مخرج افلام وثائقية "الأجواء
بشعة، اجتاحتنا موجة من العداء، الناس فقدوا صبرهم ولكنني أخشى أنهم
فقدوا ايضا حسهم الديمقراطي"، وحضر افروتسكي جنازة احتراما لفاردا
بوميرانتز المستشارة المتقاعدة بالجيش التي كانت تقدم استشارات نفسية
لمن فقدوا أقاربهم والتي ساعدت عائلته بعد مقتل شقيقه في حرب عام 1973.
وقال "هناك أشياء بشعة تكتب على موقع فيسبوك، أحيانا ترى هذا في
الشارع ايضا، حين يخشى الناس الحديث عما يدور في ذهنهم يصبح هذا مضرا
للجميع، هذا هو ما يحدث الآن"، وتساند وسائل الإعلام الإسرائيلية الجيش
بقوة ولا تسمع أصوات معارضة تذكر عبر موجات الأثير، وحين أجرى اليساري
المخضرم جدعون ليفي مقابلة تلفزيونية من شوارع مدينة عسقلان بجنوب
اسرائيل التي سقطت عليها عدة صواريخ وبخه شخص من الجماهير بينما حاول
ان يتكلم وقال غاضبا "انت خائن"، وفي حين تقدم القنوات التلفزيونية
العالمية وجبة يومية عن المعاناة والموت بين المدنيين الفلسطينيين فإن
التغطية في اسرائيل تتجنب هذه اللقطات وتركز على لقطات حية لاعتراض
نظام القبة الحديدية الدفاعي الصواريخ، ونجحت القبة الحديدية في منع
أغلبية الصواريخ التي أطلقت من غزة من الوصول الى أهدافها، وتعرض
القنوات لقطات فيديو سجلها الجيش لسقوط قنابله على غزة.
وحين حاولت جماعة بتسليم المدافعة عن حقوق الانسان شراء مساحة
إعلانية على الإذاعة الحكومية لقراءة اسماء الأطفال الذين قتلوا في
الحملة على غزة رفضت الإذاعة قائلة إن هذا سيقوي المزاعم بأن اسرائيل
هي المسؤولة عن إراقة الدماء، وقوبلت إشارة الأمم المتحدة الى أن
اسرائيل ربما ترتكب جرائم حرب بمزيج من الغضب ورفض التصديق، وسيقول لك
الشخص تلو الآخر إن حماس هي الملومة لأنها تختبئ وراء المدنيين، يتهم
آخرون العالم الخارجي بالنفاق لأنه مستعد دائما لاتهام اسرائيل بارتكاب
أخطاء بينما يغض الطرف عن المذابح في الحرب الأهلية في سوريا، وتقول
فلوريا سبيكتور (46 عاما) وهي مسؤولة نظم معلومات "اعتدنا أن يوجه
الناس إصبع الاتهام لنا لكن هذه المرة يجب أن يدرك الجميع ما نمر به"،
والتحق ابناها بنفس المدرسة التي تعلم فيها بوميرانتز وأنهى أحدهما
خدمته العسكرية لتوه ويوشك الآخر على بدئها، وجاءت سبيكتور ضمن موجة
هائلة من المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي السابق الى اسرائيل قبل
23 عاما، وتعيش على بعد 30 كيلومترا فقط من الضفة الغربية و80 كيلومترا
من غزة، ولدى سؤالها عما اذا كانت التقت فلسطينية قط صمتت سبيكتور
للحظة ثم قالت "كلا، هل تود هي؟ ليس الآن".
بدورهن طالبت ناشطات يهوديات وعربيات وأعضاء كنيست عرب بفصل
البرفسور الإسرائيلي مردخاي كيدار المستشرق والمحاضر في جامعة بار
ايلان قرب تل أبيب، بعد أن دعا إلى اغتصاب أمهات وأخوات المقاتلين
الفلسطينيين لردعهم عن مهاجمة إسرائيل، وما زالت ردود الفعل الغاضبة
تتوالى على كيدار مطالبة بمنعه من التعليم، بعد ثلاثة أسابيع من
إدلائه بتصريح للإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية بعد العثور على جثث
ثلاثة شبان إسرائيليين بعد خطفهم في الضفة الغربية، واتهمت إسرائيل
حماس بقتلهم لكن حماس أعلنت أن لا علاقة لها بالعملية، وقال كيدار في
معرض رده على كيفية ردع حركة حماس "إن الشيء الوحيد الذي يردع مخربي
حماس هو إذا علموا أن شقيقتهم أو أمهم سيتم اغتصابها في حال القبض
عليهم، مثل الإرهابيين الذين خطفوا الشبان الثلاثة وقتلوهم".
لكن المذيع قاطعه وقال له "هذا سيء" ورد كيدار "أنا لا أتحدث عن ما
ينبغي أو لا ينبغي القيام به، أنا لا أتحدث عنا، أنا أتحدث عنهم وأتحدث
عن معطيات، الشيء الوحيد الذي يردع الانتحاري والمخرب هو معرفته إنه
إذا كان سيضغط على الزناد أو يفجر نفسه، سيتم اغتصاب شقيقته، هذا كل
شيء، هذا هو الشيء الوحيد الذي سيعيده إلى بيته من أجل الحفاظ على شرف
أخته"، وأضاف "هذه هي ثقافة الشرق الأوسط أنا لم اخترعها"، وقالت عايدة
توما رئيسة جمعية "نساء ضد العنف" في حيفا "مردخاي كيدار إنسان عنصري
بطريقة فاشية، لا يمكن السكوت عليه، يجب أن يمنع من التعليم في الجامعة
وسنعمل على ملاحقته قضائيا"، وتابعت توما "هو يحرض على جرائم حرب، فقبل
عام فقط تم الاعتراف بأن الاغتصاب في الحروب يعتبر جرائم حرب"، وأضافت
"هو يتحدث عن سبايا، هو مثل داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) يفكر بسبي
النساء، أي أن تغتصب النساء ليشعر الرجال بالذل والإهانة".
وكيدار محاضر ومسؤول في قسم اللغة العربية في جامعة بار إيلان،
وباحث في مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية في نفس الجامعة،
وكان عقيدا في الاستخبارات العسكرية، وهو مقرب من الحكومة الإسرائيلية
لتقييم أمور تتعلق بالمجتمع العربي وتتم استضافته عادة على الإذاعة
والمحطات والقنوات الفضائية العربية لإعطاء تحاليل سياسية"، وأكدت
المحامية الإسرائيلية ليئا تسيمل "إن أقوال البروفسور كيدار واضحة ولا
لبس فيها، هي تحريض على الاغتصاب، وهذا يجعل من حق أي أحد التقدم بشكوى
قضائية ضده"، وأضافت تسيمل "في التاريخ الحديث لدولة إسرائيل أي في
عام 1948، اغتصب جنود إسرائيليون نساء فلسطينيات هنا وهناك، ولم تكن
حماس موجودة في ذلك الوقت لردعها"، وتابعت تسيمل "إن آراء وخيال كيدار
تكشفه، وتكشف المؤسسة التي تقف وراءه"، وبعث عضو الكنيست مسعود غنايم
من القائمة العربية الموحدة رسالة مستعجلة إلى وزير التربية والتعليم
شاي بيرون وهو أيضا رئيس مجلس التعليم العالي في إسرائيل وإلى جامعة
بار إيلان طالب فيها "بمعاقبة وإقالة المحاضر مردخاي كيدار من وظيفته
بسبب أقواله الإجرامية التي صرح بها لإذاعة صوت إسرائيل". |