لماذا مطلوب من الشعوب العربية أن تصمت وتركن لواقع الظلم
والاستبداد والتخلف، وعدم التفكير بالتغيير على أساس ان القادم هو
الأسوأ، وأن على الشعب العربي أن يواصل دفع الثمن بالتعايش مع الأنظمة
الاستبدادية الظالمة، في ظل من يروج بأن البديل للنظام القائم الفاسد
هو الفوضى والدمار والقتل؟.
ألا يمكن تغيير الأنظمة الحاكمة الظالمة إلى بديل أفضل، إلى نظام
دستور يمثل رأي الشعب قائم على العدالة والحرية والتعددية واحترام
الرأي الآخر والأكثرية وصناديق الانتخاب، وانتقال السلطة بشكل سلمي،
وفتح المجال للمعارضة للعمل بشكل رسمي؟.
مَن الذي يقف بكل ما يملك وبكافة الوسائل من ترغيب وترهيب واستخدام
آليات القمع والقتل والدمار، ضد رغبات الشعب العربي في إقامة أنظمة
أفضل، بكل ما يملك من روح التغيير والاستعداد لتقديم المزيد من
التضحيات لينال حقوقه وحريته وكرامته؟.
ابتليت الأمة العربية بالمصائب والفتن، ما أن تخرج من واحدة إلا
وتقع في واحدة أكبر وأعظم، وعندما تحركت الشعوب العربية لتحقيق أحلامها
لإقامة دولة تمثل الإرادة الشعبية 2011، تم الانقلاب على هذه الأحلام
عبر الثورات المضادة من قبل أعداء الأمة، وبعض الأنظمة التي بدأت تتحسس
رقبتها، فقامت بصناعة الفتن الطائفية والدموية والفوضى لإغراق الشعوب
العربية فيها، وهذا ما حدث من خلال صناعة الجماعات الجهادية السلفية
ودعمها وتقديمها كنموذج فوضوي بديل في الوطن العربي، فكانت الوجه
الأسوأ، التي قتلت حلم الشعب العربي، ومن تلك الجماعات تنظيم «داعش»
وأخواته. ان الأنظمة العربية أنظمة استبدادية ظالمة ظلامية وديكتاتورية
وشمولية لا تفكر الا في بقاء حكمها ونظمها فقط، وضد أي مصلحة للشعوب
العربية، فهي على استعداد لأن تحرق الأرض وما عليها ومن عليها، ليدوم
نظامها كما تريد، والترويج دائما بأنها صمام الأمان لتؤكد بكل غرور
وغطرسة، نحن او الفوضى والدمار.
ما حدث في الدول العربية التي تحركت وانتفضت وتظاهرت وقدمت التضحيات
الكبيرة والأرواح الغالية، لم تنعم بالاستقرار والأمن والأمان والحياة
الأفضل، بسبب تدخل القوى الخارجية، خاصة بعض حكومات وأنظمة الدول
العربية الرافضة لأي تغيير، وضد نجاح اي تجربة ديمقراطية وانتقال
السلطة بشكل سلمي، بل انها تلعب بكافة الأوراق لزرع الفتنة والفوضى،
وتحويل الأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه أيام النظام الديكتاتوري
الاستبدادي قبل تحرك الشعوب واسقاط النظام، في محاولة لمعاقبة الشعب إن
فكر بتغيير النظام القائم.
لقد تمت صناعة «داعش» واخواته بفكر شيطاني لإشغال الأمة عن التفكير
في البناء والإعمار والإصلاح ومحاربة الفساد والظلم، وليكون ردا على
الثورات المطالبة بالتغيير وردا على شعار «الشعب يريد التغيير».
ولهذا نجد أن من دعم الجماعات الجهادية السلفية التكفيرية، وقام
بتمويلها هم الذين كانوا أشد أعداء «الربيع العربي» الحقيقي لتنال
الشعوب حقوقها، فتم ضرب الثورات وتشويه الحراكات الشعبية، وزرع الرعب
من أن القادم بعد الأنظمة القادمة هو الدمار، من خلال هذه الجماعات
الجهادية المتشددة التكفيرية الدموية.
هل حقا ان الشعب العربي لا يستحق أن يعيش في ظل أنظمة أفضل مما هو
قائم (أنظمة الاستبداد والقمع)؟.
ألا يشكل نجاح العملية الانتخابية الأخيرة في تونس نصرا للديمقراطية
في الوطن العربي، واحترام صناديق الانتخاب، وتبادل السلطة بشكل سلمي؟.
وهل سيتعرض هذا البلد الغالي على كل عربي محب للحرية والديمقراطية
للاستهداف من قبل أعداء الديمقراطية؟
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |