شباب مفكرون، يناقشون تحديات الحداثة

كربلاء/ انتصار السعداوي

 

شبكة النبأ: أقام منتدى شباب يفكر والمنبثق عن مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية يوم الثلاثاء الموافق 11/11/2014 حلقه نقاشية بعنوان "الشباب والحداثة بين الطموحات والتحديات " أدار الحلقة النقاشية وقدم لها الدكتور احمد المسعودي رئيس المنتدى والباحث في مركز الفرات.

وتضمنت الحلقة النقاشية ثلاث محاور: تتعلق أولها بالشباب والطموحات وقد قدمه الأستاذ إبراهيم علي الذي تحدث عن طموحات الشباب والفرق بينها وبين الحقوق، وأضاف: إن حق الشباب في الحصول على فرصة عمل تناسب مؤهلاتهم وتحصيلهم العلمي صعب جدا ما يجعل الشاب محبط وتنعدم رغبته في الدراسة لأنه يربط نوع الدراسة بفرص العمل الممكن الحصول عليها بعد التخرج، مما يؤثر على الإبداع العلمي المتجدد للشباب الذي يهدف إلى بناء المجتمع بشكل عام وليس تحقيق مصالح وأهداف فردية، لأن فرص العمل تتأثر بالأحداث السياسية والتدهور الأمني الاقتصادي وتأخر إطلاق الموازنة هذا فضلا عن التهديدات الأمنية والمصيرية التي يتعرض لها البلد والتي تؤثر على اختيارات الشباب في تحديد نوع العمل.

أما الورقة الثانية فقدمها الدكتور صلاح السعدي وتناولت (الشباب بين الواقع والطموح) وقال فيها أن الشباب هم عماد أي امة من الأمم وسر نهضتها وبناة حضارتها، وقد عرفها علماء الاجتماع بأنها (المرحلة التي تبدأ عندما يحاول المجتمع تأهيل الشخص ليحتل مكانة اجتماعية ويؤدي دورا اجتماعيا).

وقسم الشباب إلى ثلاثة أنواع: نوع يعيش على الخيال وهم شباب يحلم بمستقبل زاهر وحياة مملوءة بالسعادة لكنه يعيش في واقع أليم فهو لا يحمل شهادات علمية، ولا يحمل صفات اجتماعية، وآخر يعتمد على الآخرين وهم فئة من الشباب تحتاج إلى الرعاية دائما من الوالدين والتعلق بهما والخوف الشديد من الانفصال وصعوبة اتخاذ القرارات، والنوع الثالث هم الشباب الحقيقيون الذين يشرفون المجتمع، شباب يعرف دوره ومسؤولياته ودائما يبحث عن ذاته مفجرا طاقاته العلمية ليضع بصمته في طريق المستقبل المنير.

واستعرض السعدي مشاكل الشباب بين الفراغ المعنوي وأزمة التعليم والبطالة، وأثرها على الشباب والمجتمع من النواحي النفسية والأمنية والاقتصادية. من جانب آخر تحدث السعدي عن الإستراتيجية الوطنية للشباب في العراق والبرامج التي تتناول واقع الشباب العراقي. وقال: انها مجموعه من الأفكار والمبادئ والخطط والبرامج التي تتناول واقع الشباب العراقي واهتماماته بقصد احداث تغييرات ايجابية من خلال أهداف محددة وهي القضايا والاهتمامات التي تلامس حياة الشباب العراقي بصورة مباشرة.

وفي محور الحداثة وتأثيرها على الشباب قالت الناشطة المدنية طيف الشويلي: انه أصبح من الصعب التصدي للعادات والتقاليد الدخيلة على مجتمعنا لهذا فان سوء استخدام الحداثة من قبل الشباب تؤثر على سلوك الشباب وثقافتهم، فيصبح لزاما علينا الرجوع إلى تراثنا الفكري والمعرفي لاستحضاره وإسقاط حاضرنا عليه، وعلينا أن نأخذ من الحداثة روحها تاركين تطبيقها حرفيا لأن طبيعة كل مجتمع تفرض طريقة التطبيق والممارسة، وأضافت انه لا يمكن الاطلاع على ثقافات الغرب دون وعي وتثقيف واللجوء إلى امتصاص السلوك الغربي دون أن نكلف النفس عناء الاستفادة من تلك الحداثة بما يتلائم ومجتمعنا وهذا ما يسمى بالخواء الفكري.

وفي مداخلته قال عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث: كنت أتمنى أن يكون العنوان أكثر تخصصا بالشاب العراقي أو العربي وباعتقادي الشباب دائما يكون مصدر طاقة للمجتمعات، وان هذه الطاقة ستصادر ويحاول الكل أن تكون شريحة الشباب هي هدفها الأساسي. ومن الناحية الاقتصادية يتسابق المستثمرون على كسب الأيدي العاملة الشابة، ومن الجانب الديني جميع الأديان تستهدف الشباب وفي السياسة والانتخابات والشارع الثقافي الكل يحاول أن يسخر الطاقات الشابة لصالحه وباستطاعة الشاب العراقي أن يكون عاملا مؤثرا في الوضع السياسي وبناء مجتمعه وعلى الشباب أن يعرف بأنه هو المستهدف في كل تغيير.

وطالب احمد جويد مدير مركز ادم للحقوق والحريات: أن تكون هناك تعاريف أكثر شمولية ودقة وتعريف واضح للحداثة، كما اقترح أن نستهدف شباب الداخل أكثر من شباب الخارج، واليوم مجتمعنا هو مجتمع شبابي ويجب أن يفرق الشباب بين الحرية والفوضى بعد أن رافقت هذه الحرية وما يسمى بالحداثة حالة من الفوضى، وذكر أن الطموح نحو الحرية المسؤولة هو البناء الأكثر نفعا للشباب العراقي، وتعليقا على موضوع البطالة يرى جويد أن على الشباب أن يفعل الجانب الاقتصادي ويبدع فيه دون الاعتماد على التعيين الحكومي ودور الدولة.

من جهته قال الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية: إن على الشباب أن يدرك دوره في الحياة ويعزز ثقته بنفسه لأن فقدان الثقة سيقود إلى الإحباط واليأس من الحياة مما يؤدي إلى جعل الشباب ألعوبة بيد الغير. واستشهد العرداوي بالحديث النبوي الشريف " خير شبابكم من تشبه بشيوخكم وشر شيوخكم من تشبه بشبابكم "، وقول الإمام علي (ع) "صغار قوم كبار قوم آخرين "، وبالحكمة الفلسفية " الشيخوخة في الشباب شباب في الشيخوخة " إذ ينبغي على الشباب بين (14 -39) سنة أن يفهم دوره في الحياة ويثق بنفسه لأن ثقته بنفسه تشكل بداية لثقة المجتمع بنفسه. ويرى العرداوي ضرورة الاهتمام بالتربية منذ البداية لإنتاج شباب يستلمون بناء المجتمع، وعن الحداثة قال: إن المجتمع العراقي أسير ثلاث ثقافات وهي ثقافة ما قبل الحداثة وثقافة الحداثة وثقافة ما بعد الحداثة مما يخلق حالة من الفوضى الثقافية والتمزق السلوكي لدى الشباب خصوصا، والمجتمع بشكل عام.

وقال الباحث في مركز الفرات باسم الحسناوي: إن اغلب الشباب العراقي اليوم يتأثرون بالحضارة الغربية من الظاهر فقط وهم يتركون جوهرها مما جعلهم يبتعدون كثيرا عن واقع المجتمع ويحد من دورهم في تطوره وتقدمه.

وأكدت المدرسة بتول شلال في مداخلتها: على دور المرأة الشابة في الإبداع والتغيير وتطور المجتمع وقالت إن شباب اليوم يعيش أسير الأمس والخوف من الغد وما يخبأه مما يؤخر تقدمه إلى الإمام.

وسأل محمد معاش مسؤول العلاقات العامة في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام: عن تحديد معنى الحداثة وهل تتجسد في اللبس أم التعليم أم التكنولوجيا التي غزت العالم؟. فالحداثة التي يراها الشاب العربي الآن هي تكنولوجيا الانترنيت والتواصل الاجتماعي إذ يخفي الشاب شخصيته الحقيقية وراء شخصية الفيسبوك الوهمية.

وتطرق الدكتور همام مهدي عبد الصاحب من جامعة كربلاء: إلى أسباب تردي وضع الشباب وأهمها تردي وضع الأسرة، وغياب دور الأم، ودور المدرسة، وكذلك ضعف الوازع الديني بسبب ضعف الخطاب الديني الشبابي، وأخيرا رداءة وضعف الدور الإعلامي من ناحية الأخبار والمسلسلات، وضرب مثلا في مسلسل المختار ومسلسل النبي يوسف لكونها مسلسلات جيدة استطاعت استثارة وعي الشباب والمجتمع، وأضاف أن الرفقة ونوع الأصدقاء، والفراغ والبطالة والبطالة المقنعة من أهم مشاكل الشباب.

ومن جهته قال الشاب المدرس علاء محمد والطالب في جامعة كربلاء: إننا نستطيع تنمية قدرات الشباب عن طريق دورات تنمية بشرية أو عن طريق إجراء الاستبيانات أو نواجه مجاميع الشباب ونسمع منهم مشاكلهم وطموحاتهم وحاجاتهم.

وطالب الشاب كرار علي/طالب جامعي بضرورة تغيير الدكتاتورية الموجودة لدى بعض التدريسيين في الجامعة وفسح المجال أمام الشباب للتعبير عن نفسه وعن أفكاره لأن الجامعات هي انسب مكان للتعبير والتغيير وصناعة المستقبل، وتعليقا على ورقة الباحثة طيف قال: انه يجب أن يكون هناك تحديد لمفهوم الحداثة، وأضاف إن تطور البلد عن طريق الشباب هو العمود الفقري لحضارة المجتمعات ولا ينهض البلد إلا عن طريق الشباب..

هذا وقد حضر الحلقة النقاشية مجموعة من الشباب المثقف والطلبة والأساتذة الجامعيين كما أن المرأة كانت حاضرة وفاعلة في الحلقة النقاشية. ويذكر أن منتدى شباب يفكر هو تجمع ثقافي مدني ظهر حديثا في مدينة كربلاء المقدسة برعاية مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية وهو تجمع يهتم بتطلعات وهموم الشباب وتنمية قدراتهم الفكرية والعملية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/تشرين الثاني/2014 - 22/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م