تصاعد الاستيطان الاسرائيلي وسط انتقادات دولية خرساء

 

شبكة النبأ: ما زالت تداعيات التوتر الاخير في القدس بسبب ممارسات استفزازية قامت بها القوات الامنية ومتطرفين من اليمين الاسرائيلي، تأخذ مديات تصعيدية، استدعت التدخل المباشر من الولايات المتحدة الامريكية لطمأنه الاردنيين والفلسطينيين، اضاف الى الضغوط التي مارسها وزير الخارجية الامريكي جون كيري تجاه رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لوقف الاستفزازات وتهدئة الاجواء، لكن كل هذا، بحسب مراقبين، لم يمنع الحكومة الاسرائيلية من الاستمرار (بصورة علنية وسرية) ببناء المستوطنات، ومصادرة المزيد من الاراضي التي تعود ملكيتها لفلسطينيين في القدس الشرقية او باقي المناطق التي احتلتها اسرائيل منذ عام 1948، سيما وان الحكومة الاسرائيلية قد وافقت مؤخرا على بناء الالاف المستوطنات الاسرائيلية، في خطوة تصعيدية ادانتها اغلب دول العالم، اضافة الى الامم المتحدة، معتبرا ان هذا الاجراء سيفاقم التوتر بين الطرفين، ويقلل من فرص السلام والاتفاق.

ويبدو ان القرارات التي يتخذها المسؤولون الاسرائيليون فيما يتعلق بتسريع بناء المستوطنات من دون الرجوع الى موافقة حلفائها، يعطي انطباعا واضحا عن نية الحكومة الحالية بنيتها في الاستمرار بالخط التصعيدي الذي رسمته منذ تعليق المفاوضات من جانب واحد، اضافة الى عدم جديتها في التوصل الى اتفاق سلام حقيقي لإقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، وهو ما تتخوف منه الولايات المتحدة الامريكية كثيرا، سيما وان الرئيس اوباما ووزير خارجيته، وفي اكثر من سابقة، قد وجهوا نقدا حاد لنتنياهو وادارته في التعامل مع القضية الفلسطينية، والتي وصلت الى حد التوتر والجفاء في العلاقات بين الولايات المتحد الامريكية واسرائيل، التي تعتبر من اقوى حلفائها في منطقة الشرق الاوسط.

وقال مسؤول اسرائيلي إن لجنة حكومية تقدمت بخطة لبناء 500 وحدة استيطانية في القدس الشرقية رغم معارضة من الولايات المتحدة للبناء على اراض فلسطينية محتلة، واحيطت الموافقة المبدئية للجنة التابعة لوزارة الداخلية الاسرائيلية على البناء الاستيطاني في رامات شلومو (وهو حي شيد على ارض بالضفة الغربية استولت عليها اسرائيل في حرب 1967 وضمت الى القدس في اجراء لا يحظى بالاعتراف في الخارج) بالكتمان في محاولة على ما يبدو للحيلولة دون الاحتكاك بواشنطن، وأمر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمضي قدما في تنفيذ خطط لبناء نحو 600 وحدة استيطانية في حي رامات شلومو و400 وحدة اخرى في هار حوما وهو حي آخر بالقدس الشرقية، وأعرب مسؤولون فلسطينيون عن قلقهم (وهو ما ردده المجتمع الدولي) بشأن المستوطنات التي يعتبرونها عقبة كبيرة تعرقل آمالهم في إقامة دولة مستقلة بالضفة الغربية وقطاع غزة تكون القدس الشرقية عاصمة لها، ولم تؤكد مسؤولة بوزارة الداخلية على الفور قرار اللجنة الذي نقل مسؤول اسرائيلي تفاصيله شريطة عدم الكشف عن اسمه.

وقال المسؤول إن اسرائيل تتحاشى الدعاية لهذه الخطوة وهي واحدة في سلسلة من المراحل اللوجستية والقانونية تسبق بدء عمليات البناء، واضاف إنه تم خفض اعداد الوحدات الإستيطانية المقررة لحي رامات شلومو بسبب مخاوف بيئية، وفي واشنطن قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية جين ساكي ان هذه التقارير تتناقض مع هدف الحكومة الاسرائيلية المعلن للتوصل لاتفاق سلام، وأبلغت ساكي الصحفيين "هذا نقيض لذلك" مضيفة ان الولايات المتحدة إطلعت على تقارير البناء المزمع لكنها ليس لديها تفاصيل، وقالت "مما يؤسف له ان يسير هذا قدما بالنظر ليس فقط الى رأي الولايات المتحدة بل ايضا رأي الكثيرين في المجتمع الدولي"، وطلب الاتحاد الأوروبي من اسرائيل تقديم ايضاحات بشأن تشجيع نتنياهو لمشروعي رامات شلومو وهار حوما. بحسب رويترز.

وواجه نتنياهو (الذي يشوب التوتر علاقاته بالرئيس الامريكي باراك اوباما) انتقادات ايضا من البيت الابيض في وقت سابق بعد ان انتقلت نحو 20 اسرة من المستوطنين الى منازل تم شراؤها في حي عربي بالقدس الشرقية يعيش به بالفعل نحو 500 مستوطن، وحذرت حركة السلام الآن الاسرائيلية المعارضة للاستيطان من ان المضي قدما في خطط رامات شلومو وهار حوما قد يؤجج التوتر في القدس الشرقية التي تشهد مصادمات يومية بين فلسطينيين من رماة الحجارة وقوات شرطة مكافحة الشغب، ويستوطن نحو نصف مليون اسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية بين 2.4 مليون فلسطيني، وتقول محكمة العدل الدولية ان المستوطنات التي شيدتها اسرائيل هناك غير قانونية وهو رأي تطعن فيه اسرائيل.

انتقادات واسعة

من جانبها تعرضت اسرائيل خلال الفترة الاخيرة لحملة انتقادات واسعة لسياستها الاستيطانية، ومن المتوقع ان تواجه المزيد منها خلال اجتماع طارئ لمجلس الامن في نيويورك مخصص للاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ويعقد الاجتماع الاستثنائي لمجلس الامن بناء على طلب الاردن، والاردن العضو غير الدائم في مجلس الامن دعا الى عقد هذا الاجتماع بناء على طلب من المندوب الفلسطيني لدى المنظمة الدولية رياض منصور الذي دعا اعضاء مجلس الامن ال15 الى "مناقشة الوضع المتأزم في القدس الشرقية المحتلة"، وكانت اسرائيل اعلنت تسريع خطط بناء الف مسكن في القدس الشرقية ما زاد من توتر الاجواء بين الفلسطينيين والشرطة الاسرائيلية في القدس الشرقية، وحذر الفلسطينيون مرارا من "انفجار" الوضع امنيا في حال واصلت اسرائيل سياسة الاستيطان المكثفة في القدس والضفة الغربية.

وتزامن الاعلان عن بناء المزيد من المساكن الاستيطانية في القدس مع اضطرابات تعم القدس الشرقية منذ اشهر عدة وتفاقمت خلال الفترة الاخيرة، ويخشى الفلسطينيون من ان تحد اسرائيل من الدخول الى المسجد الاقصى وحذروا من ذلك مرارا ما دفع اسرائيل الى نفي عزمها على القيام بخطوات في هذا الاطار، ومن المستبعد ان يصدر عن اجتماع مجلس الامن اي قرار، الا ان الاردن يسعى الى صدور اعلان يدين سياسة الاستيطان الاسرائيلية، ويرى دبلوماسيون في الامم المتحدة ان العمل على بناء مساكن استيطانية جديدة يقضي على آمال الفلسطينيين بالتمكن في المستقبل من انشاء دولة لهم تكون اراضيها متواصلة بسبب بناء المستوطنات في اماكن عدة من الضفة الغربية، وطلب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من اسرائيل التراجع عن قرارها بناء المزيد من المستوطنات التي اعتبر انها "غير شرعية وتتعارض تماما مع مواصلة العمل على حل الدولتين". بحسب فرانس برس.

ولا يزال من غير المعروف ما اذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على صدور اعلان عن مجلس الامن يدين الاستيطان، ومع ان الادارة الاميركية تندد دائما بمواصلة بناء المستوطنات فانها تبقى الحليف المدافع على الدوام وبشراسة عن الدولة العبرية، واستخدمت الادارة الاميركية حق الفيتو عام 2011 ضد مشروع قرار يدين الاسيتطان الاسرائيلي، وهو الفيتو الاميركي الوحيد منذ وصول الرئيس باراك اوباما الى البيت الابيض، الا ان المواقف الاميركية الاخيرة تدل على انزعاج متنام لدى الادارة الاميركية ازاء الاستيطان، فقد نقل موقع "ذي اتلانتيك" الاخباري على الانترنت عن مسؤول اميركي طلب عدم الكشف عن اسمه وصفه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو "بالجبان"، وان الاخير "لن يقوم بأي شيء للتوصل الى تسوية مع الفلسطينيين او الدول العربية السنية، وهو مهتم فقط بحماية نفسه من الهزيمة السياسية، انه لا يتمتع بالشجاعة".

وسارع نتانياهو الى الرد على هذا الكلام امام البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) قائلا "لن اقدم تنازلات ستعرض دولتنا للخطر" مؤكدا "مصالحنا العليا وعلى رأسها الامن ووحدة القدس لا تقف على رأس اولويات المصادر المجهولة التي تهاجمنا وتهاجمني شخصيا"، واعتبر نتانياهو ان "الهجوم علي جاء فقط لانني اقوم بحماية دولة اسرائيل"، كما زادت الدول الاوروبية من ضغوطها على اسرائيل بسبب سياستها الاستيطانية، وعلى سبيل المثال لا الحصر اعلنت السويد انها مستعدة للاعتراف بفلسطين، كما ان مجلس العموم البريطاني صوت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين بشكل رمزي، وذهب الاتحاد الاوروبي الى حد التهديد بفرض عقوبات على اسرئيل، ما لم تضع حدا لتوسيع الاستيطان.

وقف الاستيطان

بدورهم دعا الفلسطينيون مجلس الامن الدولي الى مطالبة اسرائيل بوقف مشاريع الاستيطان الجديدة في القدس الشرقية المحتلة، وقال سفير فلسطين لدى الامم المتحدة رياض منصور "يجب مطالبة اسرائيل، القوة المحتلة، بالوقف الفوري والكامل لكل نشاطاتها الاستيطانية غير المشروعة في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية"، وعقد الاعضاء الخمسة عشر في مجلس الامن جلسة طارئة بطلب من الاردن، ولكن من دون طرح مشروع قرار، ومن غير المرجح ان يتبنى المجلس اعلانا حول الاستيطان كما يرغب بذلك الاردن نظرا لرفض واشنطن توجيه انتقادات لحليفتها اسرائيل، واستخدمت الادارة الاميركية حق الفيتو عام 2011 ضد مشروع قرار يدين الاستيطان الاسرائيلي، وهو الفيتو الاميركي الوحيد منذ وصول الرئيس باراك اوباما الى البيت الابيض.

وقال جيفري فيلتمان مساعد الامين العام للامم المتحدة في كلمته امام مجلس الامن لدى بدء الاجتماع ان ارسال مستوطنين الى الاراضي الفلسطينية يمثل "انتهاكا للقانون الدولي" ويعيق حل الدولتين، واعرب الامين العام بان كي مون عن "قلقه" من المشاريع الاسرائيلية الاستيطانية الجديدة، وفق فيلتمان الذي قال انها "تثير مجددا الشكوك حول التزام اسرائيل بتحقيق السلام الشامل"، ودان الوزير البريطاني المكلف الشرق الاوسط توبياس الوود في بيان المستوطنات التي ستزيد صعوبة "التوصل الى حل قائم على اساس الدولتين" وتجعل من الصعب الدفاع عن اسرائيل امام من يتهمونها بانها "غير جدية حول السلام"، واعلنت اسرائيل عن تسريع خطط بناء الف وحدة سكنية في القدس الشرقية ما اجج التوتر في الشطر الشرقي المحتل الذي يتطلع الفلسطينيون لاعلانه عاصمة لدولتهم المنشودة، وحذر الفلسطينيون من ان هذه الاعمال ستؤدي الى "تأجيج العنف".

وتزامن الاعلان عن بناء المزيد من المساكن الاستيطانية في القدس مع اضطرابات تعم القدس الشرقية منذ اشهر عدة وتفاقمت خلال الفترة الاخيرة مع تصاعد المخاوف من احداث تغيير في وضع المسجد الاقصى لدى الفلسطينيين، وقال السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة فرنسوا دولاتر انه "لا يمكن استبعاد انفجار الوضع وخروجه عن السيطرة"، داعيا اسرائيل الى العدول عن المشروع "غير المشروع بنظر القانون الدولي"، وقال فيلتمان انه لا يمكن للطرفين احتمال تصعيد التوتر بعد الحرب التي اوقعت اكثر من الفي قتيل فلسطيني هذا الصيف في غزة، ونفى سفير اسرائيل ان يكون من شأن مشاريع الاستيطان عرقلة جهود السلام واتهم الامم المتحدة بمؤازرة "الحملة" الفلسطينية "للافتئات" على اسرائيل.

وقال رون بروسور "هناك الكثير من التهديدات في الشرق الاوسط ولكن المساكن اليهودية ليست من بينها"، وقال دبلوماسيون من الامم المتحدة ان مواصلة الاستيطان تنسف الامل في بناء دولة فلسطينية على اراض نخرتها المستوطنات، ويبدو الدور الاميركي حاسما، وسعى وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال الاشهر الماضية بصورة حثيثة من اجل السلام، لكن الولايات المتحدة تبدو مستاءة من تعنت الحكومة الاسرائيلية، واثار نبأ البناء الاستيطاني في القدس الشرقية "غضبا عارما" لدى الادارة الاميركية، ونقل موقع "ذي اتلانتيك" الاخباري على الانترنت عن مسؤول اميركي طلب عدم الكشف عن اسمه قوله ان الادارة الاميركية تصف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو "بالجبان"، وانه "لن يقوم بأي شيء للتوصل الى تسوية مع الفلسطينيين"، وانه "مهتم فقط بحماية نفسه من الهزيمة السياسية، انه لا يتمتع بالشجاعة".

وسارع نتانياهو الى الرد على هذا الكلام امام البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) قائلا "لن اقدم تنازلات ستعرض دولتنا للخطر"، مؤكدا ان "مصالحنا العليا وعلى رأسها الامن ووحدة القدس لا تقف على رأس اولويات المصادر المجهولة التي تهاجمنا وتهاجمني شخصيا"، ونأت الادارة الاميركية بنفسها عن تصريحات المسؤول الذي هاجم نتانياهو ولم يكشف عن اسمه، وقال اليستر باسكي المتحدث باسم مجلس الامن القومي ان هذه التصريحات "لا تعكس بالتاكيد موقف الادارة" الاميركية، معتبرا انها "في غير مكانها وغير بناءة"، واضاف ان "رئيس الحكومة نتانياهو والرئيس اقاما شراكة فاعلة وهما على اتصال وثيق ومنتظم"، وتابع باسكي "من البديهي القول انه رغم العلاقات الوثيقة جدا بين الولايات المتحدة واسرائيل فنحن لا نتفق على كل المواضيع". بحسب فرانس برس.

من جهتها قالت سوزان رايس مستشارة الامين القومي لدى الرئيس اوباما "ان الرئيس اوباما ورئيس الحكومة نتانياهو يقيمان علاقة بناءة وفاعلة"، مضيفة ان "العلاقة بين البلدين اليوم اقوى مما كانت عليه في اي وقت مضى"، وزادت الدول الاوروبية من ضغوطها على اسرائيل بسبب سياستها الاستيطانية، وعلى سبيل المثال لا الحصر اعلنت السويد انها مستعدة للاعتراف بفلسطين، كما ان مجلس العموم البريطاني صوت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين بشكل رمزي، وذهب الاتحاد الاوروبي الى حد التهديد بفرض عقوبات على اسرائيل، ما لم تضع حدا لتوسيع الاستيطان.

نموذج للصراع

من جانب اخر يجتهد المزارع رائد ابو مرخية في جمع ثمار الزيتون من شجرة يعود عمرها الى ما يقرب من ألفي عام قبل حلول المساء في منطقة تل الرميدة المطلة على البلدة القديمة في الخليل، وتبعد شجرة الزيتون عدة امتار عن بيت يقيم فيه مستوطن يهودي منذ مطلع ثمانيات القرن الماضي، وقال ابو مرخية فيما كان يقف جندي اسرائيلي على بعد امتار يحرس منزل المستوطن "لقد اعطونا (الجيش الاسرائيلي) عشرة أيام لننهي جمع الزيتون، لدي 23 شجرة ويجب ان انتهي منها قبل انتهاء المدة"،وتقع منطقة تل الرميدة تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة حسب اتقافية الخليل التي وقعها الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي في عام 1997 وقسمت المدينة الى قسمين واحد تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة والاخر الذي يعيش فيه ما يقرب من 500 مستوطن تحت السيطرة الاسرائيلية.

قال ابو مرخية "كثيرا ما يحاول المستوطنون الذين يسكنون هنا منعنا من جمع ثمار الزيتون ولكننا لن نعطيهم الفرصة بان يمنعونا من ذلك"، ويشكل قطف الزيتون الذي عادة ما يكون في شهر اكتوبر تشرين الاول موسما احتفاليا لدى الفلسطينيين تعمل فيه حسب الاحصائيات الرسمية ما يقارب من مئة الف اسرة، وأعلنت الحكومة الفلسطينية عن عطلة رسمية ليتمكن الطلاب والموظفون من مساعدة اسرهم على قطف ثمار الزيتون، وتشير الاحصائيات الفلسطينية الى ان هناك ما يزيد عن 11 مليون شجرة زيتون يعود عمر عدد منها الى ما يقرب من الفي عام مزروعة على حوالي مليون دونم (250 ألف فدان)، وقال زكريا السلاودة وكيل وزارة الزراعة "نعمل سنويا على زيادة عدد اشجار الزيتون المزروعة، والمخطط لدينا مع نهاية العام ان نكون قد زرعنا 600 ألف شجرة جديدة".

وتابع قائلا "إضافة الى البعد الاقتصادي لزراعة أشجار الزيتون ومساعدة الاسر الفلسطينية على تحسين دخلها فإن لذلك أبعادا سياسية تتمثل في الحفاظ على الارض من عمليات المصادرة والنهب التي يقوم بها المستوطنون"، وتحدث السلاودة عن عودة الاهتمام بقطاع الزراعة بكافة أنواعها في الأراضي الفلسطينية ومن ضمنها زراعة الزيتون ذات الجدوى الاقتصادية، وقال "تعمل الوزارة على مساعدة المزارعين الذي تتعرض مزروعاتهم لاعتداءات من قبل المستوطنين، وفي كثير من الاحياء تكون هذه الاعتداءات ضد اشجار الزيتون"، وأوضح أن الوزارة تقدم أشتالا جديدة لزراعتها بدلا من تلك التي خربها المستوطنون، واضاف "آخر هذه الاعتداءات كانت بقطع المستوطنين لما يقرب من 60 شجرة في قرية ياسوف في محافظة سلفيت"، وتبدأ شجرة الزيتون بالإنتاج بعد خمس سنوات من زراعتها وتعتمد على مياه الامطار ويمكن ان تنمو في المناطق الجبلية. بحسب رويترز.

ويستخدم الفلسطينيون الزيتون الذي يقدر انتاجه في السنوات الجيدة بنحو 33 الف طن اضافة الى انتاج زيت الزيتون في عمل مواد التجميل اضافة الى صناعة الصابون التقليدية، وطور الفلسطينيون استخدام المخلفات الناتجة عن عصر الزيتون او ما يعرف بالجفت من خلال عمل قوالب منه تستخدم في التدفئة الى جانب الحطب بالاضافة الى استخدامه كسماد للتربة، ويملك الفلسطينيون ما يزيد عن مئة شجرة زيتون في تل الرميدة تعود في مجملها الى الفترة الرومانية القديمة قبل حوالي ألفي عام، وقال ابو مرخية ان المستوطنين يحاولون تخريب هذه الاشجار بقطعها او حرقها مضيفا أن هذه الاشجار التي تعرف بالزيتون الروماني لا تعود الى الحياة كما الغرس الجديد، وإلى جوار الشجرة التي كان ابو مرخية وأفراد أسرته يجمعون ثمرها كان هناك نحو عشر شجرات زيتون رومانية جافة قال ان المستوطنين خربوها.

وقال ابو مرخية ان ما يجمعه من ثمار الزيتون يكفيه واسرته خلال العام وان الانتاج يختلف من سنة الى اخرى، وتساعد مجموعة من الشبان الفلسطينيين تطلق على نفسها اسم (شباب ضد الاستيطان) ابو مرخية على قطف ثمار زيتونه كما تمد يد العون لمزارعين آخرين خصوصا في المناطق القريبة من المستوطنات، وقال الشاب أحمد عمرو الناشط في تجمع (شباب ضد الاستيطان) اثناء تواجده مع عائلة أبو مرخية "يقترب عددنا من 50 شابا وينضم الينا أحيانا متطوعون أجانب من نشطاء السلام الاسرائيليين ونساعد المزارعين في قطف ثمار زيتونهم"، وأضاف "نجحنا في تحويل منزل في تل الرميدة يقع الى جانب منزل استولى عليه احد المستوطنين الى مركز لنشطائنا في مساعدة الناس على مواجهة المستوطنين".

وتابع قائلا إن استيلاء المستوطنين على منطقة تل الرميدة بدأ مطلع الثمانينات وأطلق المستوطنون (الذين يتمثلون حاليا في خمس عائلات) على المنطقة اسم مستوطنة (رمات ياشاي)، وقال "يحاول المستوطنون بكل السبل التضييق على السكان الفلسطينيين الذين يزيد عددهم عن 65 عائلة لاجبارهم على مغادرة المكان"، واضاف "الحفريات التي تشاهدها في المنطقة يقوم بها المستوطنون إضافة إلى أنه يسمح لهم بعمل كل ما يريدون من اعمال بناء وحفر فيما يمنع الفلسطينيون حتى من اقامة سياج على قطعة ارض يملكونها"، ويضطر سكان بعض المنازل الى سلك طريق وعرة للوصول إلى المنطقة في حين يستخدم المستوطنون طرقا اسهل خاصة بهم.

محمد اقنيبي هو أحد من يملكون أشجار زيتون في منطقة تل الرميدة وقال ان لديه صك ملكية لها يعود للفترة العثمانية قبل 400 سنة، وهو يخشى أن تؤدي المخططات الاسرائيلية الى مصادرة مساحة منها، وقال أثناء تفقده أشجاره "خضت معركة قضائية على مدى خمس سنوات لاقامة سياج حول ارضي، وبعد ان وضعت السياج يعمل المستوطنون على تخريبه"، وأخرج ورقة من جيبه قال إنها صورة لما سيحدث لارضه بعد ان تمد السلطات الاسرائيلية شوارع لربط ثلاث مستوطنات في الخليل ببعضها، وقال "إذا اقتلع المستوطنون شجرة الزيتون المباركة من ارضنا فانهم سيقتلعوننا نحن ايضا، ولكننا لن نسمح لهم"، وأضاف "عملت على زراعة غراس زيتون جديدة ولكنهم اقتلعوها، قال لي احد المستوطنين انهم كانوا هنا قبل 2000 سنة وان هذه الارض لهم"، وأوصى اقنيبي أولاده الثلاثة عشر بالحفاظ على الارض وعلى شجر الزيتون المزورع فيها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/تشرين الثاني/2014 - 22/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م