صعوبات شيعة أهل البيت (ع) تضاعف إيمانهم

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: أكد سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، أن الشيعة يتعرّضون للصعوبات والمظالم لتمسّكهم بأهل البيت عليهم السلام، وقد اكد سماحة المرجع الشيرازي في كلمة توجيهية، أن معاناة الشيعة كانت ولا تزال مستمرة بسبب حبهم وتعلقهم وإيمانهم بعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأشار سماحته إلى الآية الشريفة التالية: (ونبلوكم بالشرّ والخير فتنة)، في تأكيد على التمسك القوي للشيعة بمبادئ أئمة عليهم السلام، والسير على خطهم بخطىً واثقة، على الرغم من اعمال العنف التي يواجهونها من المنظمات والجماعات التكفيرية المتطرفة، فضلا عن بعض الحكومات والانظمة السياسية التي أوغلت وغالت كثيرا في ظلمها، واستخدامها لشتى اساليب وادوات الضغط على الشيعة، وصلت حد القتل والتشريد والنفي والتعذيب والتهجير، لثنيهم عن إيمانهم وتشبثهم بصفوة النبوة الطاهرة.

ولكن تبقى الصعوبات والمشاكل نوعا من الاختبار الإلهي للناس كما نقرأ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي بكلمته هذه: (الشر، يشمل الصعوبات، والمشاكل، والأمراض الجسديّة والنفسيّة، والاضطرابات والأزمات الاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة. وقد جعل الله تعالى هذه المشاكل لاختبار وامتحان الناس. إلّا أنّ المشاكل اليوم تتفاوت وتختلف عن المشاكل الّتي كانت في الأزمنة السابقة) .ومع ذلك بقيَ الشيعة يعانون من الظلم الحكومي السياسي والطائفي على مر التاريخ، حتى في المرحلة الراهنة لا زال الشيعة مستهدَفين، بالتفجيرات والسيارات المفخخة خصوصا شيعة العراق، بسبب إيمانهم وتمسكهم بالخط النبوي المبارك. فالشيعة كانوا ولا زالوا عرضة للقتل والإيذاء على مر التاريخ، علما أنهم لم يتعرضوا ولم يأذوا أحدا، بسبب افكاره او عقيدته.

لهذا السبب ينبّه سماحة المرجع الشيرازي قائلا في هذا المجال: (هناك مطلب مهم يجب أن لا نغفل عنه وأن لا ننساه وهو أنّ الشيعة وعلى مرّ التاريخ وبالذات في زمن الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم وفي فترة حكم بني العبّاس كانوا يعانون من المشاكل والضغوطات السياسيّة). وقد نال شيعة العراق القسط الاكثر من هذه المصاعب، والأذى الذى طالهم ماديا ومعنويا، فكانت أرواحهم وممتلكاتهم وارزاقهم هدفا للقتل والتدمير والاقصاء.

وقد اكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي قائلا في كلمته القيّمة: (لقد استمرّت المشاكل والصعوبات على الشيعة في العراق، حيث أنّ الشيعة قد ابتلوا بصدّام وظلمه، وقد واجهوا أنواع البلاء والمشاكل من قبله أيضاً. وهذه المشاكل مستمرة على الشيعة، بالخصوص على شيعة العراق منذ خمسين عاماً وإلى يومنا هذا).

المؤمنون يُقطَّعون بالمنشار!

وفي الغالب الأعم تكون ضريبة إيمان الشيعة بأهل البيت عليهم السلام، الموت والتعذيب والتهجير بطرق واساليب بشعة حرَّمها الاسلام، ومن ابشع تلك الطرق تقطيع اوصال المسلم الشيعي بالمنشار، عقوبة له على تمسكه بخط آل النبوة الشريفة، في محاولة يائسة لثني الناس عن الايمان بالفكر الحسيني الانساني.

لذا يذكر لنا سماحة المرجع الشيرازي رواية شريفة جاء فيها: (عن مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه في كتاب الكافي الشريف حول المصائب التي ابتلي بها المؤمنون من قبل أنهم: - كانوا ينشرون بالمناشير-، أي كانوا يقطّعون المؤمنين بالمنشار إرباً إرباً. ومن الممكن تحمّل سماع مثل هذا الأمر، لكنّه في الواقع يصيب الإنسان بالذهول والرعب. واستناداً إلى قول الإمام صلوات الله عليه، فإنّ المؤمنين كانوا متمسّكين بعقيدتهم إلى آخر رمق من حياتهم. فحقّاً كانوا يتحلّون بعزم وإرادة محكمة وقويّة) .

ومع ذلك لا يصح للانسان أن يجزع أو يتهاون عندما يتعرض لمشاكل ومصاعب مني نوع كان، ومهما بلغت درجة خطورتها وأذاها، لان المشاكل والصعوبات تأتي على درجات، وغالبا ما يكون الناس عرضة لها، لذلك تعد نوعا من الاختبار، وسوف تهون مصاعبنا عندما نتتبّع ونلاحظ مشاكل الآخرين.

كما نلاحظ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي وهو يحث الشيعة على الصمود قائلا: إن (الإنسان عندما تواجهه الصعوبات، فيجب أن ينظر إلى صعوبات ومشاكل الآخرين، إذ أنّه في هذه الحالة ستصغر مشاكله بعينه، وسيمتنع عن الاعتراض والجزع لما أصابه). ويؤكد سماحته دائما على أن الصعوبات والمشاكل هي نوع من الابتلاء،  على الانسان المؤمن ان لا يجزع منه، وأن لا يترك ما يؤمن به بسبب هذه المصاعب، بل على العكس ينبغي أن يزداد تمسك المؤمن بما يؤمن، وهذا هو بالضبط ما يفعله اتباع اهل البيت عليهم السلام، إذ انهم كلما ازدادوا تعذيبا وقتلا بالتفجيرات الاجرامية المتطرفة، كلما ازداد تمسكهم بمنهج الشيعة والخط الحسيني العظيم، لذلك تبقى الصعوبات والمشاكل اختبارا للانسان على مدى ايمانه ومدى تمسكه بما يؤمن من مبادئ وافكار وعقائد.

كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في كلمته نفسها، عندما يقول: (إنّ أيّ شيء يتعرّض له الإنسان، سواء كان خيراً أو شرّاً، فهو في الحقيقة يعتبر امتحاناً له).

نهاية مشاكل الشيعة

لا شك في ان الانسان الذي يقف بقوة ويتمسك بالايمان، ويكون مستعدا لتحمل المصاعب، فإن هناك جزاءً بانتظاره، وهو الجزاء الأخروي الذي هيّأه الله تعالى للانسان الصبور المؤمن، الذي يواجه المشاكل والصعوبات بنفس واثقة مؤمنة وبقلب سليم، لذلك ينبغي أن لا يوجه المؤمن الصعوبات والمشاكل بالجزع ، وإنما يواجهها بالصبر، والابتعاد عن اليأس، والبحث عن أنسب الحلول التي يمكن تساعد الانسان على مواجهة المشاكل، وعليه أن يدرّب نفسه على الايمان بأن هناك مكافأة اخروية ينالها عن صبره وتحمله وبقائه متمسكا بمبادئه التي آمن بها، على الرغم مما يتعرض له من ضغوطات شديدة، كما يحدث للانسان الشيعي الذي يتعرض لمصاعب جمة من بعض الانظمة السياسية والجماعات التكفيرية والمنظمات المتطرفة القائمة على إلغاء الرأي والفكر والمعتقد الذي يؤمن به، متمثلا بتمسكه بخط أهل البيت عليهم السلام.

لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا بكلمته حول هذا الموضوع: (يجب على الإنسان أن يتأمّل في الجزاء الأخروي الّذي هيّأه الله تعالى للصابرين على مشاكل الدنيا وصعوباتها. وعلى الإنسان، في حال إبتلائه بالمشاكل والمصائب، أن يأخذ بعين الاعتبار المنافع الأخرويّة لهذه المشاكل والمصائب أيضاً). فالمصائب والمصاعب التي يتعرض لها الشيعة من الاطراف المعادية، لن تذهب هباءً، بل هناك جزاء أخروي يتناسب وحجم المعاناة التي يتكبدها الشيعة.

وهناك استشراف مهم لسماحة المرجع الشيرازي، يزيد الشيعة أملا وثقة على أنهم يسيرون في الجادة الصواب، وأن مصاعبهم التاريخية، التي التي واجهوها عبر التاريخ في طريقها الى الانتهاء والزوال، ولا يستند مثل هذا الاستشراف الهام على الغيب، وانما هو نوع من الاستنتاج القائم على الواقع والدلالات التي يعكسها الواقع المعاش، بمعنى أن سماحة المرجع الشيرازي، يستقي استنتاجه هذا من خلال رصد وتحليل دقيق للامور التي يعكسها واقع الشيعة، وما يتعرضون لها سابقا وراهنا من تجاوزات غاية في الصعوبة.

لذلك يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قرب انتها معاناة وصعوبات ومشاكل الشيعة، عندما يقول سماحته في كلمته التوجيهية المهمة هذه: (أنا لا أتحدّث عن الغيب، ولكن استنتاجي وعقيدتي من هذا الأمر، هو أنّ المشاكل قد اقتربت من مراحلها النهائيّة، وذلك بالرغم ممّا نشهده في هذه الأيّام من مظالم ومصائب من الجماعات التكفيريّة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/تشرين الثاني/2014 - 19/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م