اخلاقيات التغيير.. احسنوا الى انفسكم

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الاحسان في اللغة هو، فعل ما هو حَسَنٌ ، وهو ضدّ أساء، وفي التنزيل العزيز: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ).

والإحسان على نوعين:

- إحسان في عبادة الخالق: بأن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله يراه. وهو الجد في القيام بحقوق الله على وجه النصح، والتكميل لها.

- وإحسان في حقوق الخلق.

يقول الجرجاني في التعريفات: (الحسن هو كون الشيء ملائما للطبع كالفرح وكون الشيء صفة الكمال كالعلم وكون الشيء متعلق بالمدح كالعبادات وهو ما يكون متعلق المدح في العاجل والثواب في الآجل) .

وقال الراغب الأصفهانيُّ في (المفردات في غريب القرآن): (الإحسان فعل ما ينبغي فعله من المعروف، وهو على وجهين:

أحدهما: الإنعام على الغير ( إن أنعمت عليه ، فهذا إحسان منك إليه )

والثاني: الإحسان في فعله ( أن تحسن في فعلك أنت )، و ذلك إذا علم علماً حسناً، أو عمل عملاً حسناً، و منه قول الامام علي عليه السلام: (إن الناس أبناء ما يحسنون) .

وقال الجرجاني: (الحسن هو كون الشيء ملائما للطبع كالفرح وكون الشيء صفة الكمال كالعلم وكون الشيء متعلق بالمدح كالعبادات وهو ما يكون متعلق المدح في العاجل والثواب في الآجل)

ما هي قواعدُ أو (مبادئ) الإحسان كما ترد في القران الكريم وفي الروايات والاحاديث الماثورة عن ائمة اهل البيت عليهم السلام؟.

(الإحسان عبادة أيّاً كان شكله، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى...)، وعن الإمام عليّ (ع): (أفضل الإيمان الإحسان).

(الإحسان مردود على صاحبه)، قال تعالى: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ...). وقال الإمام عليّ (ع): (أحسِنْ، إذا أردتَ أن يُحْسَن إليك).

(إذا قدرت على الإحسان فلا تتأخَّر).

جرِّد إحسانك من المِنّة، قال تعالى: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى...).

(إعمل الإحسان ولا تنتظر الشكر).

(حُسن الإحسان، تصغيره، وكتمانه، وتعجيله). قال الامام عليّ (ع): (لا يستقيم قضاءُ الحوائج إلّا بثلاث: باستصغارها لتعظم، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنأ).

(ضَعْ حجراً في بنيان الإحسان).

(قليلُ الإحسان لا يقال له قليل)، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): "لا تحقرنّ من المعروفِ شيئاً". وقال الإمام عليّ (ع): "لا تستحِ من إعطاء القليل، فإنّ الحرمان أقلُّ منه". وقال (ع): "لا يقلّ عملٌ مع التقوى، وهل يقلُّ عملٌ يُتقبّل"؟.

وغيرها الكثير من الصور والدلالات للاحسان.    

يقول الامام الصادق عليه السلام في نص من نصوص رسالته الشهيرة الى الشيعة: (ومن سره ان يبلغ الى نفسه في الاحسان، فليطع الله، فانه من اطاع الله، فقد ابلغ الى نفسه في الاحسان، واياكم ومعاصي الله ان تركبوها، فانه من انتهك معاصي الله فركبها، فقد ابلغ في الاساءة الى نفسه، وليس بين الاحسان والاساءة منزلة، فلاهل الاحسان عند ربهم الجنة، ولاهل الاساءة عند ربهم النار)..

وهذه الرسالة وماجاء فيها من مضامين، تناولها المرجع الديني اية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) في كتابه (نهج الشيعة) تدبرا وشرحا وتفسيرا.

في شرحه لهذا النص يقول السيد المرجع: (بالرغم ان مراتب الاحسان الى النفس متفاوتة، الا ان الامام الصادق عليه السلام، يؤكد هنا على ان اطاعة الله عز وجل هي افضل وسيلة لراحة النفس، وان اقتراف المعاصي هي اسوأ انواع ظلم النفس).

ولاهمية الاحسان الى نفس الانسان، فالامام الصادق عليه السلام يكررها في هذا النص مرتين، للتاكيد على (ان طاعة الله عز وجل هي افضل وسيلة لراحة النفس، وان صرف العمر بالفقر والشدائد لا يعدل شيئا مقابل نيل نعم الاخرة الخالدة).

ولا يعني الاحسان الى النفس، اكتساب المال الحلال، وتحصيل العزة بالولد والعشيرة وغير ذلك، من انواع الاكتساب، لان هذه الانواع لا ياخذها الانسان معه عند موته، فهي تنتهي بموته، بينما لو اراد الانسان العزة والراحة في الاخرة فضلا عن الدنيا، فلا مناص له من سلوك طريق الطاعة، كما يقول السيد المرجع،  ولا ريب ان ذلك بحاجة الى شيء من التامل والتفكير ليصل الانسان الى هذه الحقيقة والقناعة.

لكن الانسان تحول بينه وبين هذا الاحسان الكثير من العقبات الدنيوية، والتي لا تدعه مهموما بالانشغال بالطاعات، لكن العاقل وحده من يطيع الله تعالى على اية حال، ولذا تراه دائما يسعى الى توفير الراحة الاخروية التي لاتقترن براحة الدنيا.

ما هي الامور التي تقود الانسان الى السقوط؟.

انها كما يحددها السيد المرجع في كلمة واحدة، الغفلة، (التي تقود الانسان الى السقوط في الهاوية)، ويضرب مثلا على ذلك بغاسل الاموات لايعتبر بما يراه، (لانه اعتاد على ذلك الا ان يلقن نفسه بضرورة دحض الغفلة).

ما يعقب الموت، بعث ونشور ثم يلقى الانسان ما وعد به، ويكتشف غفلته عن كثير من الامور والاوامر والنواهي والطاعات، ويكتشف عظيم مخاطر ذلك العالم الذي ظل غافلا عنه، حينها (تغمره حسرة ابدية، حيث تتكشف له الحقائق ويرى مصيره السرمدي، مع عجزه المطلق واطلاعه على انه لم يدخر لنفسه شيئا).

وحال الناس هو هكذا، لا ينتبهون (من غفلتهم الا عندما يموتون، قال امير المؤمنين عليه السلام (الناس نيام اذا ماتوا انتبهوا)، وانذاك تنعدم الفرصة في الاصلاح، ولن يكون امامهم سوى العذاب والالم الابدي، او النعيم والخير الابدي).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/تشرين الثاني/2014 - 15/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م