في السعودية... السلطة على حساب حقوق الإنسان

 

شبكة النبأ: ما زالت ردود الأفعال الغضبة من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية العالمية تتولى على الممارسات والاحكام التعسفية التي يطلقها النظام السعودي بحق النشطاء والمعارضين السياسيين وأصحاب الراي، في خطوات احرجت أقرب الحلفاء للعائلة المالكة، سيما الولايات المتحدة الامريكية، التي ادانت على لسان جين ساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية في بيان، الاهانات المتواصلة من قبل النظام لحقوق الانسان التي نصت عليها المواثيق والأعراف الدولية، مؤكدة بان الولايات المتحدة الامريكية "تحث الحكومة السعودية على احترام الاعراف الدولية لحقوق الانسان وهو موضوع اوضحناه لهم بانتظام"، الا ان الحكومة والعائلة المالكة لا تريد الاصغاء الى هكذا نصائح، بحسب مراقبين، لخوفها من المعارضين الذين يشكلون تهديدا حقيقيا للنظام والسلطة التي قامت على أساسها العائلة المالكة بحكم شبه الجزيرة العربية، خصوصا وان الأصوات المطالبة بالإصلاح السياسي وتحقيق العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان، واطلاق الحريات والمعتقدات الدينية، أمور تتعارض وجوهر البنية السلطوية للنظام القائم حاليا.

وزادت في الآونة الأخيرة احكام الإعدام والسجن لفترات طويلة، إضافة الى الاعتقالات وحملات الدهم والتفتيش التي تقوم بها القوات الأمنية، إضافة الى ما يسمى (هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر)، والتي تعاقب المخالفين بالجلد والضرب وقطع الايدي والرجم بالحجارة، واكد شهود عيان، بان العشرات من الشباب في الاحياء التي ينتمي فيها المسلمون الى المذهب الشيعي (والتي اكدت إحصاءات غير حكومية بأنهم يمثلون ثلث المواطنين في السعودية)، اعتقلوا بعد مطاردة القوات الأمنية لهم، وغالبا ما تأتي هذه الحملات بالتزامن مع شهر محرم الحرام، والتي يحي فيها المسلمون الشيعة ذكرى استشهاد الامام الحسين بن علي (ع)، في اليوم العاشر من محرم، وما زاد من شراسة الحملات الأمنية، سن قانون جديد لمكافحة الإرهاب، والذي اذاب الخطوط الفاصلة بين الحريات والتعبير عن الراي وبين التكفير والإرهاب، الامر الذي أشار اليه العديد من المحللين بضرورة ممارسة المزيد من الضغوط الدولية على الحكومة السعودية للحد من الانتهاكات الكبيرة بحق المعارضين وأصحاب الراي، والتي كان اخرها حكم الإعدام بحق المعارض ورجل الدين الشيعي الباز الشيخ (نمر النمر) والمعتقل منذ عام 2012، بعد ان اصابته قوات النظام بطلق ناري أدى الى اصابته بالشلل.

احكام الإعدام بحق المعرضين

في سياق متصل أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض حكما بإعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر بتهمة "إشعال الفتنة الطائفية" و"الخروج على ولي الأمر" وتهم أخرى تتعلق "بحمل السلاح ودعم التمرد في البحرين"، وكان تم توقيف النمر (55 عاما) في بلدته العوامية في 2012 خلال اضطرابات بالقطيف ذات الغالبية الشيعية، وقضت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض على رجل الدين الشيعي المعروف نمر النمر والذي قاد احتجاجات ضد السلطات في شرق المملكة، بالإعدام بتهمة "إشعال الفتنة الطائفية" و"الخروج على ولي الأمر" بحسب أفراد من عائلته ومحاميه، ووجهت أيضا إلى النمر المعروف بمواقفه الحادة من الحكومة السعودية وتأييده للاحتجاجات في البحرين وقيادة احتجاجات مشابهة في المنطقة الشرقية، تهم "حمل السلاح في وجه رجال الأمن" و"جلب التدخل الخارجي" و"دعم حالة التمرد في البحرين".

وقال المحامي صادق الجبران في تغريدة على تويتر إن "قضاة جزائية الرياض رفضوا دعوى المدعي العام بإصدار حكم حد الحرابة في الشيخ النمر وحكموا بالقتل تعزيرا، الشيخ النمر كان متماسكا"، ورأت المحكمة بذلك أن الجرم الذي أدين به النمر لا ينطبق عليه حد الحرابة الذي يوجب القتل والصلب فيما عقوبة التعزير متروكة لتقدير القاضي لخطورة الجريمة، وقد قرر الحكم بالقتل في هذه الحالة، وبإمكان الملك السعودي العفو عن المحكومين بالقتل تعزيرا، وقال الناشط السياسي محمد النمر وهو شقيق الشيخ النمر في حسابه على تويتر بأن رجل الدين الشيعي "كان فرحا مستبشرا متماسكا عند صدور الحكم عليه بالقتل تعزيرا ورفض حد الحرابة من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض"، ومن جانبها كتبت يسرى المعلم زوجة محمد النمر أن حل "المشاكل السياسية" لا يكون إلا "بالحوار والاستجابة للمطالب الشعبية". بحسب فرانس برس.

وتظاهر أكثر من 100 شخص في شرق السعودية احتجاجا على صدور حكم الإعدام بحق رجل الدين الشيعي نمر النمر وسبعة آخرين، بحسب ما أفاد ناشط، وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض قد أصدرت حكما بإعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر بتهمة "إشعال الفتنة الطائفية" و"الخروج على ولي الأمر" وتهم أخرى تتعلق "بحمل السلاح ودعم التمرد في البحرين"، وعقب صلاة الجمعة سار المتظاهرون في بلدة العوامية للاعتراض على "جميع الأحكام القاسية وصدور عقوبة الإعدام بحق ثمانية أشخاص"، وأصدرت محكمة سعودية حكم الإعدام على شيعيين اثنين بتهمة الشروع في قتل شرطي خلال أعمال شغب شهدتها بلدة شيعية في شرق المملكة، كما حكمت على متهم ثالث بالسجن 12 عاما في القضية نفسها.

وأدين الثلاثة ب"الاشتراك في مسيرات وتجمعات مثيري الشغب التي وقعت ببلدة العوامية في محافظة القطيف وترديد الشعارات المناوئة للدولة بقصد الإخلال بالأمن وقلب نظام الحكم"، وقال الناشط إن المدانين كانوا مراهقين وقت مشاركتهم في التظاهرات، وكانوا بين ثمانية أشخاص حكم عليهم بالإعدام، وبين الثمانية رجل الدين نمر النمر، وقال الناشط إن متظاهرين في القطيف للاحتجاج على الحكم على النمر، وأضاف الناشط الذي طلب عدم الكشف عن هويته "الناس هنا غاضبون جدا، ولكنهم أيضا خائفون"، ويعيش معظم الشيعة، وأعدادهم في السعودية حوالى مليوني شخص، في المنطقة الشرقية حيث الثروة السعودية النفطية، وشهدت منطقة القطيف احتجاجات في 2011 و2012 قادها الشيعة، وتخللتها مواجهات دامية مع قوات الأمن.

كما حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض على شخصين شيعيين بالاعدام بتهمة الشروع في قتل شرطي خلال اعمال شغب شهدتها بلدة شيعية في شرق المملكة، حسبما افادت وكالة الانباء السعودية، وحكمت المحكمة خلال جلستها على متهم ثالث بالسجن 12 عاما في القضية نفسها، وذكرت الوكالة ان الثلاثة ادينوا ب"الاشتراك في مسيرات وتجمعات مثيري الشغب التي وقعت ببلدة العوامية في محافظة القطيف وترديد الشعارات المناوئة للدولة بقصد الإخلال بالأمن وقلب نظام الحكم"، كما ادينوا ب"الشروع في قتل رجال الأمن من خلال الاشتراك مع عدة أشخاص في تصنيع قنابل (مولوتوف) والاشتراك أكثر من مرة مع عدة أشخاص في رمي قنابل (مولوتوف) على رجال الأمن وعلى مركز شرطة العوامية وعلى رجال الأمن من قوات الطوارئ، والاشتراك في إحراق دورية أمنية، وامام المحكومين الثلاثة مهلة 30 يوما للطعن في الحكم.

قبضة من حديد

فيما قررت محكمة سعودية سجن ثلاثة محامين حتى ثماني سنوات ومنعهم من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على خلفية إدانتهم بازدراء القضاء على موقع التواصل الاجتماعي تويتر حسب ما أعلن مصدر رسمي، وأفادت وكالة الأنباء السعودية أن المحكمة الجزائية المتخصصة أصدرت أحكاما ابتدائية بحق ثلاثة محامين أدينوا بتهم "الافتئات على ولي الأمر وازدراء القضاء" و"القدح" فيه ووصفه ب"التخلف" من خلال تغريداتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتراوحت الأحكام بين خمس وثماني سنوات من تاريخ توقيف الثلاثة الذي لم تذكره المحكمة، وشملت الأحكام، وهي قابلة للاستئناف ضمن مهلة ثلاثين يوما، منعهم من السفر مددا تزيد عن العقوبة قليلا، وكذلك المنع من الظهور في "وسائل الإعلام والكتابة فيها وعبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت أي معرف كان"، وفي شباط/فبراير الماضي، أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن الدول الخليجية التي تخشى حدوث اضطرابات تعمل على تسريع جهودها للسيطرة على وسائل الإعلام، وخصوصا الإلكترونية منها، وأضافت المنظمة التي تصنف السعودية ضمن لائحة وضعتها "بأعداء الإنترنت" بأن الرياض تراقب عن كثب شبكة الإنترنت كما أنها تعمد إلى توقيف الذين يكتبون تعليقات تتضمن انتقادات. بحسب فرانس برس.

بدورها قالت صحيفة المدينة السعودية إن قاضيا أيد الحكم بالسجن لمدة شهر والجلد 50 جلدة على سيدة أعمال سعودية بعد ادانتها باهانة أعضاء في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثناء شجار، وكانت وقائع تتعلق بالتعامل الصارم من جانب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثارت انتقادات متزايدة في وسائل التواصل الاجتماعي داخل المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة ووترت العلاقات بين المواطنين السعوديين والهيئة، وقالت الصحيفة إن محكمة الاستئناف في مكة أيدت الحكم الذي أصدرته المحكمة الجزئية في جدة بعد ادانة سيدة الأعمال السعودية "بتلفظها بالشتم والسب على رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وقالت لهم "أنتم كذابون"، وذكرت الصحيفة أن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانوا دخلوا مقهى تملكه المرأة لمباشرة "مخالفات تم رصدها على عمال المقهى" مضيفة "حاول العمال الموجودون الهرب بسبب إقامتهم غير النظامية"، وكان الملك عبد الله أقال عام 2012 رئيس الهيئة بعد سلسلة من الأمور المثيرة للجدل بما في ذلك مضايقات لعائلات في مركز تجاري من أعضاء الهيئة وحوادث قاتلة بعد مطاردات بالسيارات تقوم بها الهيئة، ويطبق رئيس الهيئة الجديد الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ طريقة أكثر تصالحية ويتحدث عن جلسات تدريبية لأفراد هيئة حتى لا يتخطوا سلطاتهم القانونية عند التعامل مع الناس.

اتهامات وادانات دولية

بدورها اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السعودية باللجوء إلى خدمات شركات تزودها برمجيات خبيثة لمراقبة وسائل الاتصال في منطقة القطيف الشيعية في شرق المملكة، وطالبتها بحماية "الخصوصية وحرية التعبير"، وأوضحت في بيان أن "باحثين أمنيين مستقلين اكتشفوا في تقرير صدر قبل أيام برنامجا صممته شركة إيطالية لمراقبة الاتصالات في القطيف"، وقالت سينثيا وونغ، كبيرة خبراء الإنترنت في المنظمة في بيان "قمنا بتوثيق كيفية تضييق السلطات السعودية بشكل روتيني الخناق على نشطاء الإنترنت الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي"، وأضافت "يبدو أن السلطات تتمكن الآن من اختراق الهواتف النقالة، وتحول الأدوات الرقمية إلى مجرد وسيلة أخرى للتخويف وإسكات الأصوات المستقلة".

وتابع البيان أن باحثين في "تورونتو سيتيزن لاب" اكتشفوا نسخة خبيثة من موقع "القطيف اليوم" وهو تطبيق يتيح الوصول إلى أخبار ومعلومات حول القطيف باللغة العربية، وأكد أن "بإمكان هذا التطبيق إذا كان مثبتا في الهاتف المحمول استخدام برنامج تجسس من صنع الشركة الايطالية "هاكينغ تيم" التي تقول إنها تبيع أدوات المراقبة والتدخل الرقمي للحكومات فقط"، ويتيح برنامج التجسس هذا "للحكومة الاطلاع على رسائل البريد الالكتروني والهاتف والرسائل النصية وملفات من تطبيقات مثل الفيس بوك، وفايبر وسكايب، وواتساب، كما يسمح بتشغيل كاميرا الهاتف أو الميكروفون لالتقاط الصور أو تسجيل المحادثات دون علم صاحبه"، بحسب البيان، وأفاد أن المحكمة الجزائية المتخصصة قررت في نيسان/أبريل الماضي سجن الناشط الحقوقي فاضل المناسف 15 عاما بسبب "دوره في مساعدة تغطية الصحافيين الدوليين للاحتجاجات في القطيف".

ونددت بتعرض الشيعة السعوديين لـ"التمييز المنهجي في التعليم العام والتوظيف الحكومي، وفي بناء دور المساجد"، يذكر أن السعودية أوقفت في مطلع حزيران/يونيو 2013، خدمة الفايبر لان التطبيق بوضعه الحالي "لا يفي بالمتطلبات والأنظمة السارية" في المملكة، وأوضحت أنها كانت أبلغت في آذار/مارس مقدمي الخدمة المرخص لهم بضرورة العمل مع الشركات المطورة لبعض تطبيقات الاتصالات سرعة استيفاء المتطلبات التنظيمية، مشيرة إلى فايبر وواتساب وسكايب خصوصا، وكانت السعودية ودول خليجية أخرى طلبت قبل أكثر من عامين من شركة "ريسيرش أن موشين" الكندية المصنعة لأجهزة البلاك بيري تشغيل الخدمة من خلال خوادم تعمل داخل دولها الأمر الذي وافقت عليه الشركة بعد مفاوضات. بحسب فرانس برس.

من جانب اخر دعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المملكة العربية السعودية إلى إطلاق سراح نشطاء تقول إنهم اعتقلوا بسبب مطالبة سلمية بالحريات وإلى الكف عن استخدام الجلد والتحقيق في مزاعم عن سوء معاملتهم، وفي بيان نادر ينتقد السعودية وهي حاليا عضو منتخب في مجلس حقوق الإنسان بمنظمة الأمم المتحدة عبرت المفوضة السامية نافي بيلاي عن هلعها بسبب إدانة وليد أبو الخير و"العقوبة القاسية" بحقه، وحكم على المحامي الحقوقي السعودي البارز بالسجن 15 عاما عن تهم تشمل السعي لتقويض الدولة وإهانة القضاء، وقالت بيلاي "قضية أبو الخير مثال واضح على اتجاه التحرش المستمر بالمدافعين السعوديين عن حقوق الإنسان وقد أدين العديد منهم بسبب الترويج السلمي لحقوق الإنسان"، وأضافت "أحث السلطات السعودية على الإفراج فورا عن كل المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين فيما يتعلق بدفاعهم السلمي عن حقوق الإنسان"، وتابعت أن عقوبات قاسية صدرت في مثل تلك القضايا ومنها "فترات سجن طويلة وغرامات فادحة وحظر سفر وأيضا العقاب البدني"، وأضافت "شمل الحكم أيضا عقابا بدنيا في صورة ألف جلدة تنفذ في ساحة عامة"، ودعت بيلاي السلطات السعودية إلى إنهاء عمليات الجلد كعقاب بدني وقالت إنه لا يتسق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويشمل ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب التي لم تصدق عليها السعودية.

فيما قالت الولايات المتحدة انها تشعر بانزعاج للحكم الذي اصدرته محكمة سعودية على المحامي والناشط الحقوقي البارز وليد أبو الخير بتهم من بينها المساس بسمعة الدولة وإهانة السلطة القضائية، وانتقد أبو الخير (وهو مؤسس ومدير منظمة اسمها مرصد حقوق الانسان في السعودية) قانون مكافحة الارهاب الذي اصدرته المملكة في بداية العام والذي تعرض لادانة واسعة من نشاط حقوقيين يقولون انه اداة لتضييق الخناق على المعارضة، وتعرضت السلطات السعودية على مدى الاثني عشر شهرا الماضية لانتقادات من جماعات حقوقية دولية لسجنها بضعة نشطاء بارزين بتهم تتراوح من تأسيس منظمة غير قانونية الي الاضرار بسمعة البلاد، ودأبت المملكة على نفي انتقادات لسجلها في مجال حقوق الانسان من دول غربية وجماعات حقوقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/تشرين الثاني/2014 - 8/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م