القراءة.. وزارة

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: ماذا تقرأ الان؟، فاتورة حساب، او قائمة طعام، او دعوة لحضور حفل زفاف، اعانك الله على ما تكابده، فالقراءة مكابدة، لكن اي نوع من القراءة هي قراءتك؟ اقرأ كثيرا، لكني لا أقرأ في الوقت نفسه، فالجهل نور، التناقض موجود في العبارة السابقة، كيف تقرأ ولا تقرأ في الوقت نفسه؟.

اطالع ماصرحت به وزيرة الثقافة الفرنسية: ( وقمت بقراءة كثير من المذكرات، كثير من الوثائق التشريعية، كثير من الأخبار وأنباء وكالة فرانس برس .. لكني لم أقرأ سوى القليل).

لكنه تناقض اخر يبدو للوهلة الاولى، كيف قرأت الكثير ولم تقرأ سوى القليل في الوقت نفسه؟، ما قرأته الوزيرة الفرنسية، (مذكرات عمل – وثائق تشريعية – اخبارا عامة) وهذه القراءات هي قراءة معلومات، ولم تقرأ كتابا، اي افكارا جديدة.

ومن ضمن مالم تقرأه تحديدا، هو اي عمل من اعمال الاديب الفرنسي (باتريك موديانو) الفائز مؤخرا بجائزة نوبل للاداب، او قل ان بلدها فرنسا هي التي فازت بتلك الجائزة، وهي باعتبارها ممثلة رسمية للثقافة الفرنسية، لا يجوز او لا يسمح لها ان لا تقرأ لهذا الاديب او غيره من الكتّاب والكتب، لان الثقافة عندها ستكون سائرة الى وجهة اخرى، غير الوجهة التي انتدبت لاجلها وتقلدت المنصب من اجله.

كيف يقرأ نواب البرلمان العراقي، والساسة العراقيين؟

مشاريع قوانين، او تقارير عمل، امنية او سياسية او اقتصادية، ولا شيء غير ذلك من قراءات حقيقية، تنمي الافكار والعقول.

كيف نعرف ذلك؟

واقع حالنا.

هل السياسي وحده من يفعل ذلك؟

الغالبية العظمى، فواتير حساب او قوائم طعام، او دعوة لحضور زفاف، او قصاصات ورق عتيقة، او اوراق معاملات حكومية، او تعليقات على الفيس بوك.. ثم صور شخصية باوضاع مختلفة، ضاحكا، عابسا، فرحا، حزينا، منشرحا، منكسرا.. لايكات من الاصدقاء، نغيظ بها الاعداء.

ما الذي اثار الضجة على تصريحات الوزيرة الفرنسية؟

التوقعات وبديهيات الامور.

الفرنسيون لا يتوقعون من وزيرة ثقافة ان لا تقرأ، ومن البديهي ان تكون وزارة الثقافة من حصة مثقف كي يستطيع تمثيل الثقافة في بلده ومثقفيه.

الحياة حلوة في الرقة، وانا حرة، هكذا تتحدث النمساوية سابينا سليموفيك، الهاربة من بلادها لتتزوج من أحد جهاديي تنظيم (داعش)، وهي سعيدة وحرة في ممارسة شعائر دينها بحرية، وهو أمر لم تكن قادرة على فعله في النمسا.

هل فعلا انها كانت غير قادرة على ممارسة شعائرها الدينية هناك، والنمسا واحدة من البلدان التي يتمتع فيها المقيم او المواطن بكامل حرياته، ومنها حرية التعدد الديني وحرية الاختلاف وبالتالي حرية التعبير عن كل ذلك وممارسته؟.

ماذا عن المختلفين مع داعش في العقيدة وبالتالي في الشعائر، هل يحق لهم ممارسة شعائرهم بحرية؟.

كيف تنظر اصغر فتاة جهادية للحياة؟

(أنا أحب الطعام هنا، فالأطباق شبيهة بتلك التي نتناولها في النمسا، لكنها حلال. وما زال بإمكاني الحصول على الكاتشاب والنوتيلا والكورن فلايكس).

الحياة في الرقة عبر منظار  الكاتشاب، ومايوفره من متع هي من الممهدات والمحفزات للجنس، فثمة علاقة وطيدة بين الطعام والجنس. ماذا عن متع الروح والعقل، كالقراءة مثلا؟، مؤكد ان داعش توفر كل الكتب التي من شانها ان تكون الحياة حلوة من منظار الكاتشاب، او منظار السنن التيمية، او غيرها من كتب الفائزين بجوائز التحجر والانغلاق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/تشرين الأول/2014 - 5/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م