مركز المستقبل يناقش واقع السياسة الخارجية العراقية

انتصار السعداوي

 

شبكة النبأ: اقام مركز المستقبل للدراسات والبحوث السياسية في كربلاء حلقته النقاشية الشهرية حول السياسة الخارجية العراقية بعد عام 2003، وقدمت في ثلاث محاور، ابتدئها الدكتور قحطان الحسيني وتحدث عن مفهوم السياسة الخارجية حيث تطرق الى: ظاهرة السياسة الخارجية على إنها "أنماط السلوك السياسي الخارجي الهادفة والمؤثرة التي تتحرك من خلالها الدولة حيال الوحدات الدولية الأخرى منفردة أو مجتمعة".

 وتطرق الحسيني أيضا الى التغيير في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003 والذي رسم في الدستور العراقي بعد 2005 في عدة مواد ونصوص دستورية حول رسم السياسة بشكل عام حيث قال ذكر ذلك في (ان جمهورية العراق دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق)، وأصبحت عملية رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشان المعاهدات والاتفاقيات الدولية من ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطة الاتحادية).

وفيما يخص الاختصاصات الدولية التي منحها الدستور الى السلطات الاتحادية العامة فهي ان مجلس الوزراء هو الذي يتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتوقيع عليها، او من يخوله، وان مجلس النواب هو الذي ينظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية..

 تلاه الدكتور علي الشكراوي ليتطرق إلى أهم مبادي السياسة الخارجية للعراق بعد 2003 وأهمها إن العراق جزء من العالم الإسلامي والعربي ومبدأ حسن الجوار بين الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وحل النزاعات الدولية في الطرق الرسمية وإقامة العلاقات الدولية على أساس المصالح المشتركة والحفاظ على مبادئ الأمن والسلم الدولي.

 وعن محور توجهات السياسة الخارجية العراقية قال الشكراوي: تركزت توجهات السياسة الخارجية عمليا على الأمور التالية منها التغيير الجذري للسياسة الخارجية للنظام السابق واستكمال تنفيذ التزامات العراق الدولية الضامنة للخروج من الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، فضلا عن التوسع في الانفتاح الدبلوماسي العراقي حول العالم وتأسيس علاقات دبلوماسية متوازنة مع الجميع وأخير أداة علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة ويأتي بعدها تعبئة الجهود الدولية لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي.

ليكون الدكتور علاء العنزي آخر المحاضرين في ورقته والتي تطرق فيها الى محور آخر من "محددات السياسة الخارجية العراقية" وأهمها العامل الديني وتزايد العنف السياسي حيث يشكل المسلمون النسبة الاكبر من عدد سكان العراق وبعد عام 2003 كذلك وضع الاحتلال الأجنبي للعراق والتداخلات الإقليمية، حيث يشهد العراق انقساما حادا على أساس قومي وديني وطائفي وصل الى حد استخدام وسائل العنف السياسي بمختلف أشكالها فضلا عن واقع الاقتصاد العراقي وارتفاع مستويات الحرمان في الحافظات وطبيعة التعددية السياسية والحزبية ونتائجها السلبية ثم قدم العنزي شرحا مفصلا عن محدد الضعف العسكري والأمني مستعينا بإحصائيات وأرقام لحجم واردات العراق من السلاح التقليدي التي تلقاها بين 2006 و2010.

وفي المحور الأخير من ورقته ذكر الدكتور العنزي شرحا مفصلا عن فرص السياسة الخارجية العراقية ومنها فرصة دعم الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن والتحالف الدولي لدعم العراق ضد داعش وفرصة تشكيل حكومة عراقية جديدة، وأشار إلى الدعم الذي تلقته الحكومة العراقية الجديدة الذي بدأ من مؤتمر جده الشهر الماضي وكان دعما سياسيا من خلال تواجد السفراء العرب ومساعدة العراق في كيفية تسلل الجماعات الإرهابية وانطلاقها وتمويلها.

 وأوضح العنزي دور الدعم التي تقدمه الجامعة العربية للعراق في ذات السياق، حيث دعا الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي إلى مواجهة تنظيم داعش عقائديًا وليس بالسلاح وحده وأكد أن إجراءات اتخذتها الدول العربية قد أوقفت تدفق المسلحين الى العراق.

وقد حضر الحلقة النقاشية مجموعة من أعضاء البرلمان العراقي ومنهم الدكتور صالح الحسناوي والأستاذ المهندس (رياض غريب) الذي كانت له مداخلة قال فيها: هناك فوضى سياسية وليس ديمقراطية وان التناقضات تنعكس بشكل سلبي على الحلول للوضع السياسي الراهن ومنها إقليم كردستان الذي يعيش حالة من الانفصال السياسي التام وهو يعتقد ان دستورنا جامد وليس فيه مرونة ولازلنا بحاجة الى مرحلة انتقالية.

 وفي مداخله له أكد الناشط السياسي وعضو الجمعية الوطنية الاستاذ (جواد العطار) إن من أهداف سياسة العراق الخارجية هي تحقيق السيادة التي تتمثل في وحدة العراق وأمنه ومصالحه السياسية والاقتصادية والأمنية وهي أمور لا يمكن التفريط بها وهناك عدة آليات لتحقيق هذه الأهداف منها علاقة العراق الجيدة مع القطبين أمريكا وإيران كما يجب ان يكون هناك سلم أهلي واستقرار سياسي وأيضا وحدة الخطاب السياسي وان يستفيد العراق من إمكانياته الاقتصادية لتحقيق مكاسب تجارية ليصبح له تأثير على المنطقة بكاملها، وأضاف العطار نقطة مهمة وهي شرعية النظام الحاكم اذ يجب ان يتمتع النظام الحاكم بالشرعية وقناعة الشعب.

من جهته أوضح الحقوقي عباس قنبر مدير مكتب مجلس النواب في محافظة كربلاء المقدسة أهمية وحدة الموقف الدبلوماسي حيث كان النظام السابق يتخبط في المواقف الدبلوماسية، وقال أيضا ان اللحظة التاريخية التي يمر بها العراق هي لحظة خطيرة ومهمة يجب استثمارها ايجابيا لتدويل القضية العراقية وموضوع تعامل باقي الدول المجاورة او الإقليمية او الدولية مع الإرهاب، وأضاف أن مهمة الدبلوماسي في العراق هي مهمة شاقة بسبب التناقضات السياسية والطائفية، وعلينا كمثقفين أن نمتص موقف السعودية الأخير لأنها في موقف صعب وخطير من الإرهاب وهم يعيشون في عنق زجاجة وعلى الخارجية العراقية ان تستثمر هذا الموقف استثمارا ايجابيا لاستقطاب اكبر قدر من الفرص والأدوات، كما قارن قنبر بين اداء الدبلوماسي السوري والعراقي وشرح كيف ان السوريين يستثمرون الظروف والتناقضات لكسب الرأي العام والدولي لتحسين وضعهم السياسي والعسكري رغم موقفهم الحرج.

 وفي ذات السياق قال الأستاذ عادل الاسدي من الجمعية العراقية للدفاع لحقوق الإنسان "انه يجب أن نستفاد من تجربة كردستان في العراق في تجربتها في السياسية الخارجية و أن يكون هناك دورا حقيقيا للمواطن العراقي في تحديد وجهة السياسة الخارجية. وتعليقا على المحددات قال انها حددت فقط التزامات العراق ولم يكن هناك تسليط ضوء على حقوق العراق في العلاقات الخارجية وتساءل عن مستوى العلاقة بين السياسة الخارجية والسياسة الداخلية ومدة تأثير احدها على الاخر، واجاب عن هذا السؤال الدكتور العنزي قائلا ان السياسة الخارجية في جميع دول العالم هي انعكاس للسياسة الداخلية ماعدا إسرائيل تكون السياسة الداخلية هي انعكاس لما يحصل في الخارج ذلك لان إسرائيل تعتبر نفسها دوله مهددة من قوى خارجية دائما.

 وفضل حيدر الجراح مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث ان تكون الأوراق المقدمة لغرض تنظيم السياسة الخارجية وهو يرى ان التحالف الدولي ضد داعش لم يكن بجهود السياسة الخارجية العراقية وإنما كان بتأثير الوصايا الأمريكية.

وقال حيدر المسعودي من جامعة كربلاء انه يجب ان يكون هناك نظام للسياسة الخارجية للبلد ويكون ضمن ضوابط لاختيار الشخص المناسب المكلف بهذه المهمة والذي يتمتع بالفاعلية والكفاءة والانتماء للعراق وليس لكتلته او قوميته.

 ومن جانبه أكد الشيخ مرتض معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام على ان الساسة العراقيين أهملوا شيئين مهمين وهما السياسة الخارجية والتعليم وركزوا على الأمن لكنهم خسروا الثلاثة وعليه فشلت الحكومة العراقية في تحقيق النجاح في السياسة الخارجية مقارنة بالنجاح الذي حققته سوريا وحققته قطر باستثمار الدبلوماسية المالية والسعودية نجحت بالدبلوماسية النفطية ولم يستعملها العراق لتحقيق نفس النجاحات التي حققتها هذه الدول.

والجدير بالذكر ان مركز المستقبل للدراسات والبحوث يهدف إلى إجراء البحوث والدراسات الاستراتيجية وعقد الندوات والمؤتمرات، من خلال تأسيس علاقات بناءة وفاعلة بين مختلف المؤسسات والجامعات ومراكز البحوث والدراسات وصناع القرار والمفكرين والمثقفين بما يخدم توجهات الصالح العام والمساهمة في السلم العالمي وبناء حضارة إنسانية صالحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/تشرين الأول/2014 - 4/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م