انهيار اسعار النفط واصلاح النظام الاقتصادي العالمي

 

شبكة النبأ: اشار بعض الخبراء الاقتصاديين، بان انخفاض اسعار النفط مؤخرا قد يعني فتح باب جديد من التفكير لإصلاح النظام الاقتصادي العالمي، ولا يعني بالضرورة الدخول في نفق مظلم جديد جراء انهيار اقتصاديات بعض الدول مقابل انتعاش دول اخرى، ويحاول العديد من المراقبين تتبع اسباب الانخفاض الكبير في اسعار النفط (من 110 الى اقل من 86)، والتبعات الاقتصادية المحتملة للنظام الاقتصادي العالمي، سيما وان العالم ما زال يحاول التعافي من الانكماش وضعف النمو الاقتصادي الذي ضرب العالم في عام 2008، خصوصا في الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية، ليتحول الى واحدة من اكبر الازمات الاقتصادية للعالم الحديث، وتختلف اسباب الانخفاض بين التفاؤل بالنفط الصخري والتخمة في اسواق الطاقة، اضافة الى انخفاض الطلب العالمي وزيادة كميات الانتاج العالمي.

واشار محللين الى ان منظمة اوبك، قد تواجه اكبر تحدي لها امام التهديد الاقتصادي الذي يواجه اعضائها بانخفاض اسعار النفط، الذي يعتبر العمود الفقري للدخل القومي لأغلب بلدانها، اضافة الى دول فاعلة اخرى قد تتضرر من نتائج الانخفاض سلبا، كإيران والعراق وروسيا وفنوزيلا (التي دعت إلى عقد اجتماع طارئ لأوبك قبل الاجتماع الدوري التالي للمنظمة في 27 نوفمبر تشرين الثاني، ولم ترد أوبك على الطلب، وزادت الضغوط على الأسعار بفعل تقارير عن وفرة المعروض في الولايات المتحدة، وأظهرت بيانات من معهد البترول الأمريكي أن مخزونات الخام الأمريكي ارتفعت 10.2 مليون برميل  حتى العاشر من أكتوبر تشرين الأول لتصل إلى 370.7 مليون برميل).

في سياق متصل عاد بول هورسنل محلل النفط في بنك ستاندرد تشارترد الذي اشتهر بتنبؤه بانتعاشة طويلة لسوق النفط قبل نحو عشرة أعوام متمسكا بتوقعه اتجاها صعوديا لأسعار الخام على الرغم من أنها هبطت لأدنى مستوياتها في أربعة أعوام، وخفض هورسنل وفريقه تنبؤهم لأسعار النفط الخام برنت في عام 2015 بمقدار خمسة دولارات إلى 105 دولارات للبرميل وهو مع ذلك قريب من الطرف الأعلى لنطاقات التنبؤ بعد موجة من التخفيضات لتنبؤات البنوك خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقالوا إنه سيتعين على منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك خفض انتاجها نحو مليون برميل يوميا لتحول دون زيادة المخزونات العالمية في الربع الأول من العام القادم وإن ضيق إمدادات المعروض الأمريكي سيدعم الأسعار وإن بعض أنشطة الحفر تضررت بالفعل من جراء هبوط اسعار الخام من رأس البئر دون 80 دولارا.

وكتبوا في إحدى مذكراتهم البحثية التي تنشر علانية للمرة الأولى منذ التحق هورسنل بالعمل في ستاندرد تشارترد أواخر عام 2013 "التغطية الإعلامية لسوق النفط يغلب عليها في الوقت الحالي الحديث عن حرب أسعار تجري مع وجود وفرة في إمدادات المعروض"، وكان هورسنل يعمل من قبل في بنك باركليز، وجاء في المذكرة "نحن لا نوافق على هذا الوصف، واستنادا إلى حساباتنا للعرض والطلب وحسابات الوكالات الرئيسية لا توجد حاليا تخمة نفطية"، وقال المحللون إنه لا توجد وفرة في المعروض في الربع الرابع للعام لكن ستظهر هذه الوفرة في الربع الأول من عام 2015 وتتطلب أن تقلص منظمة أوبك المعروض في السوق، ومن المقرر ان تعقد اوبك اجتماعا في 27 من نوفمبر تشرين الثاني وقال عدة أعضاء رئيسيين في المنظمة بالفعل إنهم لا يرون حاجة إلى خفض الإنتاج.

وكتبوا في مذكرتهم "أما وقد تبقى على اجتماع أوبك أكثر من خمسة أسابيع قد تشهد أعمال تخطيط ومفاوضات فإنه من غير الحكمة في رأينا في سيناريو حالة الأساس افتراض أن أوبك ستحجم عن حجب كمية لا بأس بها من النفط عن السوق في الربع الأول للعام"، ورفض المحللون أيضا فكرة حدوث "حرب أسعار" من جانب السعودية قالوا أنها ستتطلب زيادة الإنتاج وهبوط الأسعار دون المستويات التجارية، واضافوا قولهم إنه لم يحدث أي من هذين الأمرين، واعتبر البعض الإجراءات التي اتخذتها السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم لخفض الأسعار الشهرية لنفوطها جزءا من معركة للفوز بحصة السوق في آسيا لكن امتناعها عن خفض الإنتاج على الرغم من هبوط الأسعار قريبا من 80 دولارا اعتبره البعض محاولة لإبطاء نمو الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري الذي سجل زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، وكتب محللو ستاندرد تشارترد في مذكرتهم "الأسعار وظروف الائتمان الحالية لصناعة النفط الخفيف تنبئ بأن مستويات الحفر ستتراجع والخطط ستتأجل ما لم ترتفع أسعار النفط من رأس البئر سريعا بمقدار خمسة دولارات أخرى على الأقل حتى تعود أسعار النفط لتتجاوز 80 دولارا للبرميل". بحسب رويترز.

سياسات الصرف الأجنبي

الى ذلك فان الهبوط الحاد لأسعار النفط يبدو نعمة للبلدان الرئيسية المستهلكة للخام في وقت تجددت فيه المخاوف بشأن النمو الاقتصادي لكنه قد يكون نقمة للبلدان المنتجة للنفط، ومع ذلك فإن آثار تراجع أسعار النفط تختلف اختلافا كبيرا من بلد لآخر ويتوقف ذلك إلى حد كبير على ما تتبعه من سياسات الصرف الأجنبي، فالهبوط الحاد في قيمة العملة الروسية الروبل ساعد الكرملين على التخفيف من آثار انخفاض أسعار النفط وأتاح للسلطات الاستمرار في الإنفاق المحلي المرتفع، غير أن موسكو ستضطر إلى أن تقلص بشدة وارداتها المرتفعة التكاليف على نحو متزايد، والوضع مماثل في إيران وفنزويلا مع أن تقييم أثر الصرف الأجنبي أصعب لأن عملتي البلدين لا تتسمان بحرية التداول.

وقالت مصادر إيرانية إن إيران يمكنها تحمُّل آثار انخفاض أسعار النفط لأن صعود الدولار مفيد لها، وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها "في البلدان التي لا تكون عملتها مربوطة بالدولار الأمريكي ساعدت التقلبات في أسعار الصرف الأجنبي على إبطال جانب من أثر التراجعات الأخيرة لأسعار النفط، وهكذا فإن الإيرادات الإسمية لصادرات روسيا بالروبل زادت في الآونة الأخيرة على الرغم من هبوط قيمتها بالدولار"، وعلى النقيض من ذلك البلدان الأعضاء في منظمة أوبك من دول الخليج مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة التي ترتبط عملاتها بالدولار فإنها شهدت أكبر هبوط في الإيرادات بالعملات المحلية من جراء هبوط أسعار النفط.

وقد يؤثر الدولار على السياسة النفطية في منظمة أوبك، وفي الماضي كانت بلدان أوبك ومنها السعودية تتذرع بتراجع الدولار بوصفه سببا يبرر ارتفاع اسعار النفط بالنظر إلى أن عائداتها النفطية مقومة بالدولار، وتشير تقديرات دويتشه بنك إلى أن الأسعار الفورية للنفط تقل الآن كثيرا عن المستوى اللازم لتحقيق توازن الميزانية في البحرين (136 دولارا للبرميل) ونيجيريا (126 دولارا للبرميل) وسلطنة عمان (101 دولار للبرميل) وروسيا (100 دولار للبرميل) والسعودية (99 دولارا للبرميل) وفنزويلا (162 دولارا للبرميل)، وقال البنك في تقريره "داخل هذه المجموعة تتمتع السعودية برصيد كبير من الاحتياطات يمكنها من تخفيف آثار هبوط أسعار النفط لفترة ممتدة دون الاضطرار إلى الاقتراض أو إتباع سياسة تقليص الإنفاق ويصدق الأمر نفسه بدرجة أقل على روسيا". بحسب رويترز.

وقال المحللون في دويتشه "لكن نيجيريا ستستنزف مدخراتها النفطية المحدودة في غضون عام إذا استمرت الأسعار عند مستوياتها الحالية في غياب أي تعديل، ولا تملك فنزويلا احتياطيات يمكن التعويل عليها لاستيعاب هذه الصدمة، وفي أماكن أخرى لا تزال مستويات التعادل دون الأسعار الفورية في الكويت (75 دولارا للبرميل) وقطر (71 دولارا للبرميل) والإمارات (80 دولارا للبرميل)، وفي جانب المستهلكين ساهم الانخفاض الحاد لقيمة العملات في تركيا واليابان وإندونيسيا إلى حد ما في تقليص المكاسب الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وتشهد الصين والهند وكوريا الجنوبية أكبر المكاسب الناجمة عن تراجع أسعار النفط وذلك بفضل عملاتها المحلية القوية، وكانت أسعار النفط ارتفعت قليلا عند التسوية متعافية من أدنى مستوياتها في نحو أربع سنوات مع عودة المستثمرين للشراء في السوق التي شهدت تراجعا حادا في الأسعار وفي ظل القتال الدائر في العراق الذي زاد من المخاطر السياسية، وخسر النفط أكثر من 25 بالمئة من قيمته منذ يونيو حزيران بفعل وفرة المعروض وبوادر على ضعف نمو الطلب.

تنامي المخاوف الاقتصادية

فيما تراجع سعر النفط أكثر من دولار للبرميل ليصل إلى أدنى مستوياته في أربع سنوات دون 83 دولارا للبرميل مع تزايد المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي وهو ما أدى إلى استمرار موجة الخسائر التي بدأت منذ أربعة أشهر، وخسر خام برنت أكثر من 28 بالمئة منذ يونيو حزيران الماضي في ظل تباطؤ الطلب ووفرة المعروض، وتسارعت الخسائر في أكتوبر تشرين الأول مع ظهور بوادر على أن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لا تعتزم خفض الإنتاج، ونزل سعر مزيج برنت في العقود الآجلة تسليم نوفمبر تشرين الثاني إلى 82.60 دولار للبرميل مسجلا أدنى مستوى له منذ نوفمبر تشرين الثاني 2010، وانخفض سعر الخام 93 سنتا إلى 82.85 دولار للبرميل.

وهبط سعر الخام الأمريكي 1.45 دولار إلى 80.33 دولار للبرميل بعد نزوله عن 80 دولارا للمرة الأولى منذ يونيو حزيران 2012 إلى 79.78 دولار للبرميل، وتضررت الأصول التي تعتمد على النمو الاقتصادي مثل الأسهم والنفط جراء مجموعة من المؤشرات الضعيفة في أوروبا في وقت تواجه فيه اقتصادات كبرى من بينها الصين واليابان والبرازيل بعض المصاعب، وفي الوقت نفسه يتجه مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) إلى السحب التدريجي لبرنامج شراء الأصول والذي عزز به الأسواق على مدى العامين الأخيرين، واشتدت المخاوف الاقتصادية العالمية بعد انخفاض معدل تضخم أسعار المستهلكين في الصين إلى أدنى مستوياته في نحو خمس سنوات ونزول أسعار المنتجين في الولايات المتحدة للمرة الأولى في أكثر من عام فيما خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2015. بحسب رويترز.

إيران

بدورها اتهمت إيران دولا إسلامية في الشرق الأوسط بالتآمر مع الغرب لخفض أسعار النفط كوسيلة لإلحاق مزيد من الضرر باقتصادها الذي قوضته العقوبات، وهوت أسعار النفط بنحو الربع منذ يونيو حزيران وهو ما دفع حكومة الرئيس حسن روحاني للمسارعة للبحث عن مصادر بديلة للدخل للوفاء بتوقعاتها للإيرادات في الميزانية الحالية التي تفترض سعرا للنفط قدره 100 دولار للبرميل، وقال محمد باقر نوبخت المتحدث باسم الحكومة أمام رجال دين شيعة في معقلهم مدينة قم "بعض من تدعى دولا إسلامية في المنطقة تخدم مصالح أمريكا والقوى المتغطرسة (الأخرى) في محاولة الضغط على الجمهورية الإسلامية"، وأضاف "تسبب (الغرب) في انخفاض انتاجنا من النفط من أربعة ملايين برميل يوميا إلى مليون برميل يوميا، وهذا الانخفاض الذي طرأ في الآونة الأخيرة على أسعار النفط هو أحدث حيلهم".

وجاء التراجع في سعر النفط نتيجة لزيادة المعروض ودلالات على ضعف نمو الطلب وامتناع السعودية ومنتجين كبار آخرين في منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك فيما يبدو عن خفض امدادات المعروض لرفع الأسعار، وتماسك سعر الخام القياسي الأوروبي برنت قرب 86 دولارا للبرميل بعدما هبط من أكثر من 110 دولارات للبرميل في يونيو حزيران، وسارع متشددون إسلاميون في إيران إلى تحميل السعودية مسؤولية انخفاض الأسعار لكن الرئيس روحاني وحكومته المعتدلة حرصا على عدم استعداء الرياض العضو في أوبك أيضا ومنافستهم الاقليمية من أجل تحسين العلاقات في المستقبل، وبعد تزايد الانتقادات "لرده السلبي" على انخفاض أسعار النفط أمر روحاني وزير النفط بيجن زنغنة مؤخرا بابتكار "أسلوب أكثر فعالية في استخدام الدبلوماسية" لمنع مزيد من الانخفاض في الأسعار.

وإيران من بين أول الأعضاء في أوبك الذين يدعون عادة لخفض الامدادات لدعم الأسعار، ويقول محللون إن إيران تحتاج أسعارا مرتفعة نسبيا لإحداث التوازن بين الإيرادات والمصروفات بميزانيتها، لكن إيران غيرت نهجها مؤخرا وقالت إن بوسعها تحمل انخفاض اسعار النفط وإنه لا توجد خطة لاجتماع طارئ لأوبك لوقف هبوط الأسعار، وأشار بعض أعضاء أوبك ومنهم السعودية والكويت إلى أنه من المستبعد ان تخفض المنظمة الإنتاج لدعم الأسعار في اجتماعها المقرر في 27 من نوفمبر تشرين الثاني، ولمح بعض المحللين إلى أن السعودية مستعدة لاستيعاب أثر انخفاض أسعار النفط لمساعدة الغرب وإضعاف موقف موسكو في مفاوضاتها بشأن سيادة أوكرانيا وإضعاف وضع إيران في المفاوضات مع الغرب أيضا للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، ورفضت مصادر خليجية في قطاع النفط هذه الفكرة ووصفتها بأنها محض خيال. بحسب رويترز.

الكويت

فيما قال وزير المالية الكويتي أنس الصالح إن الهبوط المتسارع في أسعار النفط أضحي يهدد النمو الاقتصادي في دول الخليج ويتطلب التعامل معه تغيير الأولويات، وقال الوزير في كلمة افتتح بها الاجتماع المشترك لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي مع كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي إن التوقعات تشير إلى استمرار الاتجاهات الإيجابية لمعدلات النمو الاقتصادي في دول المجلس بوجه عام حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط معدل النمو لهذه الدول 4.5 بالمئة في عامي 2014 و2015، لكنه أضاف "مع ذلك يكتنف هذه التوقعات بعض المخاطر والمحاذير لاسيما في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة وخصوصا فيما يتعلق بتطورات أسعار النفط الخام التي بدأت تلقي بظلالها على أوضاع المالية العامة في دول المجلس بشكل عام وعلى برامج الإصلاح الاقتصادي والإنفاق العام الاستثماري بصفة خاصة". بحسب رويترز.

وهوى سعر خام برنت من 115 دولارا للبرميل في يونيو حزيران إلى نحو 85 دولار بفعل وفرة إمدادات المعروض وإحجام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عن تقييد الإنتاج لدعم الأسعار ومخاوف من أن يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي في أوروبا والصين إلى إضعاف الطلب على النفط، وهبطت عقود برنت تسليم ديسمبر كانون الأول 70 سنتا إلى 86.13 دولار للبرميل عند التسوية، وأكد وزير المالية الكويتي ضرورة أن تمضي دول الخليج في عملية الإصلاح الاقتصادي الشامل بما في ذلك الإصلاح المالي لمعالجة اختلالات المالية العامة وأن يتجسد ذلك من خلال تعزيز جهود التنويع الاقتصادي ومن ثم تنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على الإيرادات النفطية، وقال "إن تجسيد هذه التطلعات والتي أصبحت ضرورة حتمية على أرض الواقع إنما يتطلب ترتيب أولويات السياسة المالية والاقتصادية كما يستلزم الشروع في تبني منظومة متكاملة من النظم والإجراءات التي تستهدف تحسين البيئة الاقتصادية العامة وأجواء الاستثمار وبيئة الأعمال".

كان محافظ بنك الكويت المركزي محمد الهاشل قال إن التطورات العالمية والإقليمية التي تحيط بدول مجلس التعاون الخليجي لا سيما هبوط أسعار النفط تمثل تحديا لجهود هذه الدول في مجال الإصلاح الاقتصادي، وقال المحافظ في كلمة أثناء افتتاح اجتماع محافظي البنوك المركزية الخليجية "في ظل هذا الزخم من التطورات والتحديات المتعاظمة تبرز بعض المخاطر الأخرى ذات الطبيعة والأهمية الخاصة لا سيما بالنسبة لدول المجلس وأعني هنا تحديدا ما يتعلق بالتحديات والمخاطر التي تفرضها التطورات الأخيرة في أسعار النفط في أسواق النفط العالمية".

أوروبا

من جانب اخر قد يوفر الاتحاد الأوروبي ما يصل إلى 80 مليار دولار من تكلفة واردات الطاقة إذ ظلت أسعار النفط منخفضة وهو ما يخفف بعض العبء عن الأسر والشركات في منطقة شهدت ضعفا على مدى السنوات الخمس الماضية، ونزلت أسعار النفط أكثر من 25 بالمئة منذ الصيف إلى ما دون 85 دولارا للبرميل وهو أدنى مستوى لها منذ يونيو حزيران 2010، وأظهر بحث أن تكلفة واردات الاتحاد الأوروبي من النفط والغاز الطبيعي والفحم الحراري بلغت نحو 500 مليار دولار في 2013 ذهب 75 بالمئة منها لشراء النفط، وقد تنخفض هذه التكلفة في العام الحالي بنحو 25 مليار دولار إلى حوالي 485 مليار دولار، وإذا انخفض متوسط أسعار النفط عن 90 دولارا للبرميل في العام المقبل فإن إجمالي فاتورة الواردات قد تتراجع إلى 425 مليار دولار بما يقل أكثر من 80 مليار دولار عن تكلفة واردات الاتحاد الأوروبي في 2013. بحسب رويترز.

ويعكس تراجع أسعار الطاقة آفاقا قاتمة للاقتصاد العالمي لكنه قد يخفف من حدة أي تباطؤ جديد، ويمثل النفط أهم وقود في العالم لكن الفحم هو الأهم في مجال توليد الكهرباء، ونزل سعر الفحم إلى النصف تقريبا منذ عام 2011، وقال بعض المحللين في بادئ الأمر إن تراجع أسعار النفط يرجع بشكل كبير إلى زيادة المعروض الناجمة عن طفرة النفط الصخري في أمريكا الشمالية واستغلال احتياطات بحرية جديدة في أنحاء العالم وزيادة إنتاج الفحم، غير أنهم بدأوا أيضا في الإشارة إلى تباطؤ الطلب مستشهدين بتراجع إقبال الصين على النفط وما قد يكون أول انخفاض في الطلب منها على الفحم خلال أكثر من عشر سنوات مع تباطؤ النمو الاقتصادي.

روسيا

على صعيد ذي صلة قد ينظر كثيرون لانخفاض أسعار النفط، لأدنى مستوياتها منذ ثلاث سنوات، كأمر إيجابي، باستثناء روسيا حيث يعتبر الذهب الأسود العمود الفقري لاقتصادها لا سيما في خضم عقوبات اقتصادية غربية وأمريكية على خلفية تدخلها في الأزمة الاوكرانية، ويزيد تهاوي النفط إلى قرابة 81 دولار للبرميل، من نحو 100 دولار إبان التدخل الروسي في أوكرانيا في مارس/أذار الفائت، من أعباء الاقتصاد المتردي في ظل تراجع الأسواق المالية، وفقدان مؤشر "ميكسيس" 6 في المائة من قيمته خلال الثلاثة أشهر الماضي، وخسارة العملة الرسمية، الروبل، 20 في المائة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام، ويتوقع البنك الدولي نموا هزيلا للاقتصاد الروسي بنحو 0.5 في المائة فقط لهذا العام و0.3 في المائة العام المقبل، وبينما يشير سيناريو آخر أكثر تشاؤما إلى إمكانية انزلاقه إلى مرحلة ركود هذا العام يتسع نطاقها خلال العامين المقبلين.

ويشار إلى أن روسيا أبعد ما تكون الآن عن الأزمة، باحتياطات من النقد الأجنبي تتجاوز 450 مليار دولار، ووقعت اتفاقيات مع الصين لتزويد العملاق الآسيوي بالغاز الطبيعي لمدة ثلاثة عقود اعتبارا من عام 2018، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية، أن الإنفاق العسكري سيرتفع بواقع 21 في المائة العام المقبل،  وعاد وزير المالية الروسي، أنتون سيلوانوف، ليؤكد لاحقا، في تصريح،  بأن البلاد لا تستطيع تحمل تكلفة البرنامج الدفاعي، واختلفت آراء المحللين الاقتصاديين بشأن تأثير انخفاض سعر النفط على الاقتصاد الروسي، ويرى فيل فلين من "مجموعة فيوتيشرز برايس"، "بأننا ربما اقتربنا من نقطة الألم، فسيكون هناك بالتأكيد ضغوطات على ميزانيتها (روسيا) العامة". بحسب سي ان ان.

وبالمقابل، يرى  مايكل بيتزباتريك، المحلل الاقتصادي السابق بـ"كيلدوف ريبورت"، أن النفط لم تتراجع أسعاره بنحو كاف ليؤثر على إجمالي الدخل العام أو الشعب، مضيفا، " لا اعتقد بأننا سنشهد أي اضطرابات سياسية أو اجتماعية ما لم تنخفض الأسعار بشكل كبير"، ولتعويض خسائر النفط، يمكن للحكومة الروسية العودة إلى تاريخها الطويل من مصادرة شركات النفط لتعزيز قبضتها على قطاع الطاقة، وشهد الشهر الماضي سيطرة المدعي العام الروسي على شركة نفط تعود ملكيتها لفلاديمير ايفتسوشينكوف، بعد اتهامه بغسل أموال ووضعه قيد الإقامة الجبرية في منزله.

نيجيريا

الى ذلك أظهرت وثيقة إطار عمل الميزانية في نيجيريا في الفترة من 2015 حتى 2017 أن نيجيريا تفترض سعرا للنفط قدره 78 دولارا للبرميل في ميزانية 2015 ارتفاعا من 77.5 دولار في 2014، وافترضت الوثيقة التي تشكل أساس إعداد الميزانية انتاج 2.27 مليون برميل يوميا من النفط الخام في 2015 انخفاضا من 2.38 مليون برميل في 2014 وتوقعت وصول الانتاج إلى 2.32 مليون برميل في 2016 ثم إلى 2.40 مليون برميل بحلول 2017، وتفترض الوثيقة التي يعود تاريخها إلى سبتمبر أيلول نمو الناتج المحلي 6.35 في المئة في 2015 انخفاضا من 6.56 في المئة في التقديرات للعام 2014 وهي أرقام تختلف قليلا عما ذكرته وزيرة المالية نجوزي أوكونجو إيويلا في مؤتمر صحفي، وتوقعت الوزيرة نموا نسبته 6.75 بالمئة في 2015 و6.2 بالمئة في 2014، وقالت وثيقة إطار عمل الميزانية إن عجز الميزانية ارتفع إلى 2.41 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 بسبب زيادة تكلفة أعباء خدمة الدين وذلك ارتفاعا من توقعات بعجز قدره 1.85 بالمئة، وأظهرت الوثيقة أيضا أن إجمالي الديون الخارجية والمحلية بلغ 65.26 مليار دولار حتى نهاية مارس اذار 2014 ارتفاعا من 48.50 مليار دولار في نهاية مارس اذار 2013. بحسب رويترز.

الجزائر

بدوره قال وزير المالية الجزائري محمد جلاب إن تراجع أسعار النفط يبعث بإشارة تحذير للجزائر العضو في منظمة أوبك لكن لن يكون له أثر سلبي فوري على ميزانية البلاد، ومع وفرة إمدادات المعروض العالمية ولاسيما النفط الخفيف العالي الجودة وآفاق متشائمة للاقتصاد العالمي من أوروبا إلى الصين هوت أسعار نفط برنت دون 83 دولارا للبرميل أدنى مستوى لها منذ عام 2010 الأمر الذي أثار قلق منتجي النفط الذين يعتمدون اعتمادا كبيرا على إيرادات الطاقة، وقال جلاب للبرلمان إن عائدات الجزائر من مبيعات النفط والغاز في الخارج هبطت إلى 46.5 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2014 من 47.1 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، وتعتمد الجزائر بشكل كبير على صادرات الطاقة لتمويل خططها للتنمية الاقتصادية والبرامج الاجتماعية التي ساعدت في الماضي في تخفيف الاحتجاجات والتوترات الاجتماعية.

وقال جلاب في معرض تقديمه مشروع الميزانية لسنة 2015 إن هبوط أسعار النفط لا يشكل في الوقت الحالي خطرا على ميزانية الجزائر لكنه تنبيه إلى أنه يجب على الحكومة أن تأخذه على محمل الجد، وتتضمن مسودة الميزانية زيادة نسبتها 15 في المائة في الإنفاق الحكومي وهو ما يرفع عجز المالية العامة إلى 22 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وتنفق الجزائر بسخاء على البرامج الاجتماعية ومرافق البنية التحتية مثل الإسكان، وتحاول الدولة العضو في منظمة أوبك زيادة الإنتاج الراكد من النفط والغاز مع تزايد معدلات الاستهلاك المحلي للطاقة. بحسب رويترز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/تشرين الأول/2014 - 3/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م