شبكة النبأ: مع تزايد الاستهلاك
العالمي للغاز الطبيعي الذي يعد من اهم مصادر الطاقة البديلة عن النفط
في المستقبل القريب، وذلك لأنه من المحروقات عالية الكفاءة قليلة
الكلفة على المدى البعيد، فقد أصبحت الطاقة الغازية اليوم مطلباً
أساسياً وحتمياً لمعظم دول العالم، لذا يخشى العديد من الخبراء من
اتساع رقعة الخلافات الدولية التي تصاعدت بشكل كبير في الفترة الاخيرة،
وهو ما قد يتسبب بحدوث صراع عسكري خطير من لأجل السيطرة على الغاز،
خصوصا وان بعض الدول المنتجة قد سعت الى استخدامه كورقة ضغط في سبيل
فرض سيطرتها و قراراتها ضد باقي الدول التي عمدت الى ايجاد خطط وبدائل
اخرى وايجاد تحالفات جديدة.
ويرى بعض المراقبين الاقتصاديين أن المتغيرات والاحداث الحالية ربما
ستكون مقدمة لحرب كارثية سببها السيطرة والحصول على الغاز، الذي اصبح
اليوم مشكلة تهدد امن واستقرار بعض المناطق، خصوصا مع وجود بعض
الخلافات السياسية المتفاقمة التي دفعت البعض الى اعتماد قرارات جديدة
بخصوص اسعار وعقود تصدير الغاز الى الدول المستهلكة، يضاف الى ذلك
المشاكل العالقة بخصوص الاستكشافات الجديدة.
من ابرز الخلافات الدولية هي ازمة بين كييف وموسكو وعلى خلفيتها
قطعت روسيا امدادات الغاز الى اوكرانيا التي ترفض زيادة السعر الذي
فرضته شركة غازبروم الروسية العملاقة ما راكم بحسب روسيا الاموال غير
المدفوعة من قبل كييف الى 5,3 مليارات دولار.
وقد يؤثر هذا الخلاف على امدادات الغاز الروسية للاتحاد الاوروبي
اذا ما قررت كييف اقتطاع قسم من الغاز الروسي الذي يعبر اراضيها هذا
الشتاء لمواجهة نقص الغاز لديها. وبهدف تفادي عبور الغاز الروسي
اوكرانيا، بدات شركة غازبروم الروسية مشروع خط انابيب الغاز ساوث ستريم
الذي يعبر صربيا.
وتشكل روسيا أكبر مورد حاليا للغاز الطبيعي إلى أوروبا وتلبي ثلث
طلبها من الغاز والبالغ قيمته 80 مليار دولار سنويا. وفرض الاتحاد
الأوروبي عقوبات على روسيا بسبب الصراع في أوكرانيا ما أدى إلى زيادة
حاجته الى استيراد الغاز من أماكن أخرى.
بينما يوجه بعض الغاز المستخرج من شرق المتوسط إلى أوروبا لكن قربه
من قناة السويس يعني أن الغاز المسال يمكن ان يصل إلى أسواق اسيا بما
فيها أسواق كوريا الجنوبية واليابان وهما أكبر مشتري الغاز المسال في
العالم.
حيث باتت حقول الغاز حول العالم تطفو على بحر من التوتر السياسي
الذي سيتصاعد تدريجيا، مما كشفت عن قلق متزايد قد يفضي في النهاية إلى
تغيير في الإستراتيجية الاقتصادية للمنطقة. بهذا تصبح حرب الغاز ركنا
رئيسيا في التخطيط الاستراتيجي الحربي ألاقتصادي والسياسي على المستوى
العالمي، وكذلك نموذجاً جديداً من نماذج الحرب، التي ربما تكون بديلة
لمعركة العسكرية في المستقبل.
وفي هذا الشأن فقد حذر الرئيس الروسي فلادمير بوتين الاوروبيين ازاء
"مخاطر كبيرة" من حدوث خلل في التزود بالغاز هذا الشتاء اذا لم يحصل
اتفاق بين روسيا واوكرانيا في نزاعهما بشان الغاز. وقال بوتين في مؤتمر
صحافي ببلغراد "لن تكون هناك اي ازمة يسببها مسؤولون روس عن التعاون مع
اوروبا (..) لكن مخاطر كبرى على عبور (الغاز عبر اوكرانيا) قائمة".
ونبه انه "اذا راينا شركاءنا الاوكرانيين يبداون اقتطاع الغاز بشكل
غير شرعي من نظامنا لخطوط تصدير الغاز، فأننا سنقلص الكميات التي نضخها
بقدر الكميات التي يستولي عليها" الاوكرانيون.
وقال الرئيس الروسي "ان ساوث ستريم لا يمكن انجازه بدعم من طرف واحد.
والامر هنا اشبه بعلاقة حب : لا يمكن ان تكون هناك سعادة الا اذا وجد
شخصان يتقاسمانه". وحصلت المفوضية الاوروبية على موافقة بلغاريا على
وقف اعمال هذا المشروع الذي اعتبرت انه لم يحترم في صفقته القواعد
الاوروبية للصفقات العامة لكن صربيا اكدت ان الاشغال لا تزال قائمة على
اراضيها.
غازبروم ترفض
في السياق ذاته اكدت مجموعة الغاز الروسية العملاقة غازبروم مجددا
انها ترفض اي تفاوض جديد مع اوكرانيا طالما لم تسدد هذه الاخيرة ديونها،
محذرة من اضطرابات محتملة في شحنات الغاز الى الاتحاد الاوروبي في
الاشهر المقبلة. واعلن المدير العام لغازبروم الكسي ميلر في مؤتمر
صحافي "في ما يتعلق بمتابعة المفاوضات، لا يوجد اي موضوع للبحث". واضاف
"ينبغي اولا تسديد الديون".
وامام رفض كييف تسديد فواتيرها التي تعتبر ان قيمتها مرتفعة جدا،
قررت غازبروم في 16 حزيران/يونيو عدم شحن المزيد من الغاز طالما لم
تسدد اوكرانيا ديونها (عدة مليارات من الدولارات) ولم تدفع مسبقا ثمنا
مستورداتها. وقال ميلر ايضا ان السعر الحالي (485 دولارا لكل الف متر
مكعب، وهو سعر غير مسبوق في اوروبا) "معتدل لانه وارد في العقد" "وهو "مفهوم
وشفاف". بحسب فرانس برس.
ويمر نصف الغاز الروسي المرسل الى الاتحاد الاوروبي عبر اوكرانيا ما
يدعو الى الخشية من حصول اضطرابات في الشحنات كما حصل ابان النزاعات
حول الغاز في 2006 و2009. وهددت غازبروم من جهة اخرى بخفض شحنات الغاز
الى الشركات الاوروبية التي تزود اوكرانيا بالغاز "بكميات يتم تمريرها
في الاتجاه المعاكس" للتعويض عن توقف الشحنات الروسية.
ومنذ توقف وصول الغاز الروسي الى اوكرانيا في 16 حزيران/يونيو،
اتجهت اوكرانيا نحو اوروبا لتحصل على قسم من الغاز الروسي الذي تستورده
دول اوروبية (بولندا والمجر وسلوفاكيا). واعلن ميلر ان عبور الغاز يتم
حاليا دون توقف، لكن اوكرانيا تسحب من احتياطاتها تحت الارض التي
تستخدمها خلال فصل الشتاء. وحذر من ان المشكلة حاليا "غير ظاهرة، لكنها
ستصبح حادة جدا في غضون بضعة اشهر".
مشروع ساوث ستريم
على صعيد متصل قال رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان ان بلاده
تلتزم بتنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز الروسي المثير للجدل "ساوث ستريم"
نظرا لاهميته في تامين امدادات البلاد من الطاقة. وتسببت الازمة في
اوكرانيا بجعل خط الانابيب المقرر والذي ينقل الغاز من سيبيريا الى دول
الاتحاد الاوروبي مرورا باوكرانيا، محور توتر جديد بين موسكو وبروكسل
وواشنطن.
وصرح اوربان للصحافيين عقب محادثات مع نظيره الصربي الكسندر فوشيتش
"لن نسمح لانفسنا بان نصبح في وضع تعتمد فيه امدادتنا من الغاز على
اوكرانيا". واكد ان "المجر ستبني ساوث ستريم لانه سيؤمن امداداتنا من
الطاقة". وقال انه رغم ان بلاده تدعم اوكرانيا "الا اننا مسؤولون عن
مواطنينا وامدادات الطاقة". واضاف "من يقولون ان علينا ان لا نبني ساوث
ستريم ان يقدموا البديل حتى لا نعيش بدون طاقة" ويعتبر خط انابيب "ساوث
ستريم" مشروعا كبيرا يخفض اعتماد موسكو على اوكرانيا.
ودعا الاتحاد الاوروبي جميع الدول ال28 الاعضاء فيه الى مقاومة ضغوط
موسكو بشان المشروع وقال ان خط الانابيب ينتهك قواعد التنافسية في
الاتحاد. الا ان دول الاتحاد منقسمة بشان المشروع حيث تدعمه العديد من
الدول التي تعتمد على الغاز الروسي الذي ياتيها عن طريق اوكرانيا.
وعلقت بلغاريا في وقت سابق العمل على بناء الجزء الخاص بها من المشروع
البالغة كلفته مليارات اليورو بعد ضغوط من الاتحاد الاوروبي والولايات
المتحدة. بحسب فرانس برس.
بينما اكدت صربيا، المرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي رغم
علاقاتها القوية مع روسيا، التزامها بالمشروع وبدأت العمل على تنفيذه
في تشرين الثاني/نوفمبر. وتبلغ قدرة المشروع 63 مليار متر مكعب سنويا،
وسيمتد حوالى 2500 كلم من روسيا تحت البحر الاسود الى بلغاريا وصربيا
والمجر وسلوفينيا وينتهي في ايطاليا.
مصب ليتواني
من جانب اخر وبينما تنتظر اوروبا بقلق كبير التوصل الى اتفاق حول
الغاز بين روسيا واوكرانيا قبل الشتاء، تشعر ليتوانيا بارتياح كبير
بفضل اطلاق اول مصب عائم للغاز الطبيعي المسال يكسر الاحتكار الروسي في
دول البلطيق. وناقلة النفط التي يبلغ طولها 294 مترا واطلق عليها اسم "استقلال"،
ستشكل هذا المصب الذي سيتصل بمرفأ كلايبيدا الليتواني في 27 تشرين
الاول/اكتوبر.
ووصول السفينة يتزامن تقريبا مع تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين الذي حذر الاوروبيين من "مخاطر كبيرة" في حصول اضطرابات في شحنات
الغاز هذا الشتاء بسبب عدم التوصل الى اتفاق بشان النزاع القائم بين
روسيا واوكرانيا حول الغاز. وهذه السفينة التي استاجرتها الشركة
النروجية هوغ لمدة عشرة اعوام، ستسمح لليتوانيا باستقبال اربعة مليارات
متر مكعب من الغاز سنويا من الشركة النروجية "شتات اويل" خصوصا اي اكثر
من ال2,7 مليارات متر مكعب التي تم شراؤها من روسيا العام الماضي.
وهذا المصب العائم سيمنح استونيا ولاتفيا المجاورتين ايضا امكانية
استيراد الغاز الطبيعي المسال بواسطة صهاريج اذا رغبتا في ذلك، كما لفت
المحللون. والعقد الموقع بين غازبروم وليتوانيا التي تضم ثلاثة ملايين
نسمة والعضو في الاتحاد الاوروبي منذ 2004، ينتهي في نهاية العام
المقبل. وكانت مجموعة الغاز الروسية تزودها بالغاز حتى الان بواسطة
انبوب غاز يمر عبر بيلاورس، في عمل استمر خمسين سنة تحت الهيمنة
السوفياتية التي انتهت في 1990.
وعلى الرغم من ان غازبروم يمكن ان تبقى المزود لدول البلطيق في
مستقبل منظور، الا ان فيلنيوس على قناعة بان التنافس سيكون مفيدا
للاسعار ولامن الطاقة في المنطقة. واكد وزير الطاقة الليتواني روكاس
ماسيوليس "في اسوأ الحالات، سنتمكن من استيراد كل كمية الغاز التي
نحتاجها عبر المصب"، مضيفا ان فيلنيوس تستعد "لمفاوضات مهمة" مع مزودي
الغاز الطبيعي المسال ومع غازبروم.
وعندما كان العمل في المصب البحري الليتواني ياخذ شكله النهائي ،
كانت مجموعة الغاز الروسية غازبروم خفضت 20 بالمئة من فاتورة الغاز
الذي تبيعه الى ليتوانيا. ونفت موسكو باستمرار اي احتكار وحذرت
الليتوانيين من ان الغاز الذي يستوردونه لن يكون باسعار مخفضة.
ووقعت ليتوانيا في اب/اغسطس اتفاقا مع الشركة النروجية شتات اويل
حول شحنات من 540 مليون متر مكعب من الغاز سنويا على مدى خمسة اعوام
اعتبارا من 2015 عبر المصب الجديد.
وتقدر قيمة هذا العقد بما بين 2,5 و3 مليارات ليتاس (اي من 724
مليون الى 868 مليون يورو) عبر شركة الغاز الليتوانية ليتغاز التي
تملكها الدولة. وسيكون للمصب العائم ايضا ثقله في سياسة ليتوانيا حيال
روسيا، القوة المهيمنة في الفترة السوفياتية في حين يثير تدخل موسكو في
شرق اوكرانيا الاستياء في دول البلطيق. وقال ماريوس لورينافيسيوس
المحلل في مركز دراسات اوروبا الشرقية وهو مركز ابحاث مقره فيلنيوس، ان
"تفكيك احتكار روسيا يحرمها من اداة نفوذ سياسي في ليتوانيا".
من جهة اخرى، تجري دول البلطيق الثلاث وفنلندا محادثات مع بروكسل
حول انشاء مصب للغاز في خليج فنلندا بتمويل من الاتحاد الاوروبي.
وخلافا لبولندا وسلوفاكيا والمجر والنمسا، لم تلاحظ دول البلطيق الثلاث
هذا الخريف تراجعا في شحنات الغاز الروسي. وكانت روسيا اوقفت في منتصف
حزيران/يونيو شحنات الغاز الى اوكرانيا في اطار الازمة بين كييف وموسكو.
بحسب فرانس برس.
وهذا الخلاف قد يؤثر ايضا على شحنات الغاز الى الاتحاد الاوروبي
الذي يعتمد على الغاز الروسي لتلبية ربع استهلاكه، اذا قررت كييف سحب
قسم من الغاز الذي يمر في اراضيها لمواجهة الشح الذي قد تتعرض له. ومع
ذلك يامل الاتحاد الاوروبي في انتزاع اتفاق من كييف وموسكو لتجنب
انقطاع امدادات الغاز الروسي خلال فصل الشتاء.
الغاز الايراني
الى جانب ذلك نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن الرئيس الإيراني
حسن روحاني تأكيده خلال مقابلة مع قناة روسيا 1 التلفزيونية أن بلاده
ليست مستعدة للحل محل روسيا كمورد رئيسي للغاز الطبيعي في حال رفعت
العقوبات عنها. وقال مصدر في المفوضية الأوروبية في سبتمبر أيلول
الماضي إن الاتحاد الأوروبي يخطط بهدوء لاستيراد الغاز الطبيعي من
إيران مع تحسن العلاقات معها في الوقت الذي يزداد التوتر مع روسيا أكبر
مورد للغاز إليه.
وقال روحاني لقناة روسيا 1 "نحن ما زلنا في مرحلة مبكرة من الانتاج
ونفكر أولا في الاستهلاك المحلي." وتملك إيران ثاني أكبر احتياطيات من
الغاز في العالم بعد روسيا. وأضاف روحاني "من وقت لآخر نعاني من مشاكل
خلال الشتاء ولدينا الكثير من الزبائن والراغبين بالشراء حولنا... جميع
جيراننا في الشرق والغرب والجنوب يريدون شراء الغاز الذي لم ننتجه بعد."
بحسب رويترز.
وأضاف روحاني "الظروف اليوم هي ليست كما يعتقد الجميع وهي أنه في
حال أوقفت روسيا امداداتها من الغاز غدا ستعوض ايران هذه الكميات. ان
انتاجنا بعيد للغاية عن هذه المرحلة حاليا." وتروج ايران -التي تحتاج
إلى بنية تحتية ضخمة من الأنابيب- منذ فترة طويلة لمشروع بناء شبكة
أنابيب تربط بين حقل غاز بارس الجنوبي الضخم مع زبائنها الأوروبيين وهو
ما تسميه خط الانابيب الفارسي.
توتال مهتمة
في السياق ذاته يبدو ان المجموعة الفرنسية العملاقة توتال تتابع في
الكواليس عن كثب مشروع انابيب الغاز بين آسيا الوسطى وشبه القارة
الهندية، يمكن ان تنضم اليه عن طريق آلية لتبادل الغاز يعزز وجودها في
هذه المنطقة الاستراتيجية، كما ذكرت مصادر قريبة من الملف. وهذا
المشروع احد اكثر مشاريع الطاقة طموحا في العالم ويقضي بربط حقول الغاز
الهائلة في تركمانستان بباكستان والهند، وهما سوقان ناشئتان بحاجة ماسة
الى الطاقة، مرورا بوديان افغانستان الصخرية التي تسيطر حركة طالبان
على جزء منها. ويحمل المشروع اسم "تابي"، الاحرف الاولى من اسماء الدول
الاربع.
وبعد انسحاب القوات السوفياتية من افغانستان في نهاية الثمانينات في
القرن الماضي، بذلت المجموعتان الاميركية يونوكال والارجنتينية بريداس
جهودا شاقة لم تجد لمحاولة بناء خطوط الغاز هذه في ما بدا اعادة "للعبة
الكبرى" التي تمثلت بالنزاع على مناطق النفوذ في القرن التاسع عشر بين
روسيا وبريطانيا للسيطرة على هذه العقدة الاستراتيجية. لكن منذ سنوات
استؤنفت المناورات في الكواليس لبناء انبوب للغاز طوله 1800 كلم بين
جنوب تركمانستان والهند.
وكانت مصادر قريبة من الملف تحدثت العام الماضي عن اهتمام
المجموعتين الاميركيتين شيفرون واكسون موبيل وكذلك الماليزية بتروناس
والبريطانية بريتش بتروليوم بادارة هذا المشروع الذي قدرت كلفته ب7,5
مليارات دولار على الاقل. لكن منذ ذلك الحين ابدت اطراف اخرى اهتمامها.
وقال موبين سولات مدير الشركة المكلفة بناء المقطع الباكستاني من
الانبوب "انترستيت غاز سيستم" ان "شركات اخرى بينها توتال دخلت السباق
وتتفاوض جديا مع تركمانستان". وذكر اسم الشركة الدولية "دراغون اويل"
التي تتخذ من الامارات مقرا لها ايضا.
وتحاول شيفرون واكسون موبيل اقناع تركمانستان التخلي لها عن حصص في
حقول الغاز، من دون جدوى لان قوانين هذا البلد لا تسمح بمنح امتيازات
لحقول غاز "في البر" (اون شور) لشركات اجنبية. وقال مسؤول آخر في هذا
القطاع طالبا عدم كشف هويته ان توتال يمكن ان "تقبل بان تتولى قيادة
الكونسورسيوم دون امتلاك حصص" مباشرة في حقول تركمانستان. وللالتفاف
على مشكلة الملكية، ينوي الشركاء في مشروع "تابي" وضع نظام لمبادلة
الغاز الطبيعي في بحر قزوين والغاز الذي يستخرج من اراضي تركمانستان ما
سيسمح للشركات بالوصول الى الغاز لتغذية الانبوب.
وقال فيرنر ليباش مدير البنك الآسيوي للتنمية في باكستان ويأمل في
ايجاد شركة قبل نهاية تشرين الثاني/نوفمبر لادارة مشروع "تابي" ان "لا
احد يريد الاكتفاء بانبوب للغاز. الكل يريد قطعة من قالب الحلوى". وحول
اقتراح تبادل الغاز (سواب) هذا، قال ليباش "انه خيار مطروح بالتأكيد".
وقال سولات "تمنح كمية من الغاز الى تركمانستان غير هذه المناطق (في
عرض البحر) وهم يؤمنون الكمية نفسها لمدخل الانبوب. انها فكرة جديدة.
في الواقع فكرنا فيها سابقا لكننا لم ندرس التفاصيل لاننا كنا نأمل
دائما في حصول شيفرون واكسون موبيل على حصص" في حقول تركمانستان.
وبعد ان يتم توضيح المشروع، ستبقى مشكلة كبيرة يجب حلها: كيف يمكن
تمرير هذا الانبوب في وديان افغانستان التي تسيطر حركة طالبان على قسم
منها، وفي ولاية بلوشستان التي تشهد حركة تمرد انفصالية مسلحة قامت
بتفجير انابيب الغاز المحلية؟ وقال كريستوف جافريلو الخبير في العلوم
السياسية في باريس انه اذا تمت تسوية مشكلة بلوشستان عبر اعادة رسم
مسار الانبوب لتجنب مناطق التمرد، فان المشكلة الافغانية تبقى مطروحة
بالكامل، وهنا "ليس هناك مسار نموذجي" للانبوب، على حد قوله.
وتدعم افغانستان هذا المشروع الهائل على امل الحصول على عائدات "رسوم
العبور" وزيادة وارداتها الضئيلة. وقال جافريلو "يمكننا ان نأمل في ان
يتفق الافغان الذين يحتاجون الى هذا المال، على تقاسمه بدلا من تفجير
الانبوب، لكن هذا مجرد رهان لانه ما زالت هناك مجموعات متطرفة يمكن ان
ترفع المزايدات وتنتقل الى العمل الفعلي". والى هذه الجوانب الامنية،
هناك عامل جيوسياسي اقليمي يعقد انجاز هذا الانبوب. بحسب فرانس برس.
وقال سيمبال خان المحلل الذي يتابع منذ سنوات مشروع "تابي" انه "يجب
ان تكون هناك ارادة قوية ليس لدى الشركات النفطية وحدها، بل لدى الدول
المشاركة في المشروع". وهذه نقطة معقدة في المنطقة حيث ينبغي ان تعمل
الهند وباكستان العدوتان اللدودتان اللتان تشكلان الوجهة النهائية
للانبوب، يدا بيد هذه المرة.
حقل لوثيان الإسرائيلي
من جانب اخر قال شركاء في حقل لوثيان الإسرائيلي إنهم رفعوا
تقديراتهم لحجم احتياطيات الغاز الطبيعي في الحقل 16 بالمئة. وحقل
لوثيان الذي اكتشف عام 2010 قبالة سواحل إسرائيل على البحر المتوسط هو
أكبر اكتشاف بحري للغاز في العالم في العشر سنوات الأخيرة ومن المتوقع
أن يوفر للبلاد استقلالية أكبر في مجال الطاقة. ومن المنتظر أن يبدأ
الإنتاج من الحقل في 2017.
وأشارت أحدث تقديرات من نيذرلاند سيوول الاستشارية إلى زيادة تقدير
الاحتياطيات إلى 21.93 تريليون قدم مكعبة (620 مليار متر مكعب) من
18.91 تريليون. وزاد سقف التقديرات عشرة بالمئة إلى 26.52 تريليون قدم
مكعبة بينما ارتفع الحد الأدنى 11 بالمئة إلى 16.58 تريليون قدم مكعبة.
وتفيد تقديرات نيذرلاند سيوول أن الحقل يحوي 39.4 مليون برميل من
المكثفات ارتفاعا من 34.1 مليون. وجاءت الزيادة إثر توسع في قاعدة
البيانات السيزمية للحقل بما فيها المسوح السيزمية ثلاثية الأبعاد
والتحاليل المعملية.
وتدير لوثيان شركة نوبل إنرجي ومقرها تكساس بالولايات المتحدة وتملك
حصة 39.66 بالمئة. وتملك أفنر أويل وديليك دريلينج التابعتان لمجموعة
ديليك حصة إجمالية 45.34 بالمئة بينما تحوز ريشيو أويل الخمسة عشر
بالمئة الباقية. وقالت ديليك دريلينج إن زيادة الاحتياطيات تؤكد
الاكتفاء الذاتي لقطاع الطاقة في إسرائيل لعقود قادمة.
وقال يوسي أبو الرئيس التنفيذي لديليك دريلينج "تتيح الزيادة
الكبيرة في احتياطيات الغاز بلوثيان نطاقا واسعا من خيارات التصدير
وتدعم مركز إسرائيل كلاعب رائد على خريطة الطاقة العالمية باحتياطيات
قدرها ألف مليار متر مكعب." وإضافة إلى احتياطيات لوثيان التي تقدر
بنحو 620 مليار متر مكعب هناك حقل تمار الذي بدأ الإنتاج العام الماضي
ويحوي 303 مليارات متر مكعب إلى جانب حقلين صغيرين بهما 58 مليار متر
مكعب. بحسب رويترز.
وقررت حكومة إسرائيل السماح بتصدير ما يصل إلى 40 بالمئة من
احتياطيات الغاز. وفي وقت سابق قال الشركاء في لوثيان إنهم وقعوا
اتفاقا مبدئيا مع بي.جي البريطانية للنفط والغاز للتفاوض على صفقة
لتصدير الغاز إلى محطة بي.جي للغاز الطبيعي المسال في إدكو بمصر. |