في بيانه حول حكم "القتل تعزيراً" ضد الشيخ النمر

المرجع الشيرازي يدعو الى انتهاج منهج السلم الذي مضى عليه النبي الأكرم –ص-

 

شبكة النبأ: أصدر سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي – دام ظله- بياناً حول قرار المحكمة السعودية بإصدار حكم "القتل تعزيراً" ضد سماحة آية الله الشيخ نمر باقر النمر، أحد ابرز علماء الدين المجاهدين في المنطقة الشرقية، معرباً عن حزنه الشديد وأسفه البالغ لهذا الحكم الجائر، كما دعى المؤمنين في كل مكان للعمل على إطلاق سراح الشيخ النمر. كما دعا سماحته الى التزام منهج السلم الذي خطّه الرسول الاكرم، صلى الله عليه وآله، في التعامل مع هذه القضية. وقال سماحته في بيانه:

بسم الله الرحمن الرحيم، قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتّقوا الله لعلّكم تفلحون}. (سورة آل عمران/200)

تلقّيت بأسف بالغ وألم عميق نبأ الحكم بإعدام سماحة العلاّمة الجليل الشيخ نمر باقر النمر -أعزّه الله العزيز-.

وإنني إذا أبتهل إلى الله تعالى في نجاة هذا العالم المظلوم وسائر المظلومين في كل مكان وأن يعجّل في فرج سيّدنا ومولانا بقيّة الله تعالى من العترة الطاهرة الإمام المهديّ المنتظر صلوات الله عليه وعليهم وعجّل في فرجه الشريف، لينعم العالم كلّه بالعدل والإحسان والرفاه والخير، أهيب بالبلاد الإسلامية أن ينتهجوا منهاج رسول الإنسانية صلى الله عليه وآله وهو المثل الأعلى للإسلام، حيث لم يكن في تاريخه المشرق الوضّاء نقطة عنف إطلاقاً، بل كان مليئاً بالرفق واللطف واللين في جميع الأحوال وحتى في الحروب الظالمة التي فرضت عليه، وقد قال سبحانه وتعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم}، فيكونوا أمثلة حيّة للإنسانية الشاملة على جميع الأصعدة.

كما وأدعو المؤمنين الكرام - أعزّهم الله تعالى- للسعي الحثيث واستنفار شتى السبل في المطالبة بالإفراج عنه، وفكّ الاسر عن سائر المعتقلين والمحتجزين المظلومين، والله وليّ التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل".

بهذا البيان يضع سماحة المرجع الشيرازي النقاط على الحروف ويحدد المطلوب من المؤمنين اتخاذه في هذه البرهة الزمنية الحساسة إزاء سياسات وتصرفات الانظمة السياسية الحاكمة في بلادنا والتي لم تبرح تثير الأزمات وتخلق الفتن الطائفية والسياسية في منهج واضح وقديم لإسقاط المجتمع بأسره في دوامة العنف و ردود الفعل العنيفة والتوتر ما من شأنه تغييب لغة العقل والحكمة والمنطق، من اجل ذلك يذكرنا سماحة المرجع الشيرازي بالمنهج الذي اتبعه الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله- خلال دعوته الى الإسلام، حيث واجه القسوة والعنف الارهاب والتهديد بالموت، إلا انه لم يواجه أعداء الدين والرسالة بالمثل، إنما استمر بتأدية رسالته ومهمته السماوية بما يثير دفائن العقول ويستنهض الضمائر والنفوس ويكشف عن الحقائق، وهذا ما استمر عليه، صلى الله عليه وآله، طيلة فترة حياته الكريمة، سواء في مرحلة الدعوة في مكة، أو في المدينة، عندما شيد قواعد الدولة الاسلامية، وكما يقول سماحة المرجع الشيرازي؛ "لم توجد نقطة عنف واحدة في حياته".. وهذا درسٌ بليغ وهام جداً في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة التي تمر بها الامة، حيث كل شيء يدعو الى العنف والانتقام والقتل وانتهاك الحرمات، مما يدعو اليوم اكثر من أي وقت آخر، الى مزيد من التزام الحيطة والحذر والتحلّي بالفطنة والكياسة في اختيار رد الفعل المناسب إزاء الممارسات الارهابية والدموية والقمعية التي تتعرض لها الامة، وتحديداً اتباع أهل البيت، عليهم السلام، في كل مكان.

وما يؤكد هذا النهج الذي التزمه سماحة الشيخ النمر خلال فترة معارضته للنظام السعودي، فربما يتصور الكثير أنه بطرحه الشديد ولغته المباشرة والصريحة، يدعو الى العنف والانتقام من النظام السعودي على جرائمه وسياساته القمعية، لكن نظرة متأنية الى منهجه والخطوات التي يتبعها في انتقاداته ومعارضته، يتضح أنه بارع في التهديد بالحجة البالغة والمنطق القوي والشديد والطرح المباشر. وقد قالها ذات مرة رداً على خيار العنف وحمل السلاح: "إن أزيز الكلمة أقوى من أزيز الرصاص..".

من هنا، فان أشد وأقوى رد على هذا الحكم الجائر وغيره من الاحكام القضائية التي تصدر ضد المؤمنين في بلاد الديكتاتورية والقمع والتمييز، هو التماسك ورباطة الجأش والمضي قدماً في كشف الحقائق وتكثيف الحجج والبراهين التي تؤكد أحقية هذا الجانب فيما تثبت للعالم ولشعوب المنطقة أن هذه الاحكام والسياسات المتبعة بشكل عام، على باطل ولن يكون لها مستقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/تشرين الأول/2014 - 27/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م