داعش وحلم خلافة الدولة الدموية

 

شبكة النبأ: اكتسب ما يسمى تنظيم (الدولة الاسلامية/ داعش) بعداً عالميا ضمن المنظمات الجهادية التي تتبنى الفكر المتطرف، بعد ان تدخلت بشكل مباشر في احداث الازمة السورية، والتي استطاعت من خلالها ضم اراضي واسعة (الرقة ودير الزور) شرق وشمال سوريا، اضافة الى سيطرتها على مناطق واسعة في العراق (منها الموصل واجزاء من الانبار وكركوك وصلاح الدين وديالى وبابل)، بعد هجمات التاسع من حزيران الماضي، ويبدو ان حلم (الخلافة الاسلامية) بالنسبة للتنظيم، جعله بمثابة المحرك الاساسي لانضمام المقاتلين والمتطرفين من اغلب بلدان العالم، ومنها اوربا التي تحالفت مع الولايات المتحدة الامريكية من اجل مكافحة تفشي ظاهرة الارهاب التي باتت قريبة من ابوابها.

ويعتمد التنظيم اساليب تعتمد على التطرف والعنف المفرط في القتال واحتلال المدن والهجمات التي يقودها ضد المدنيين، اضافة الى وسائل الاعلام والدعاية للتنظيم، فيما اشار خبراء وقادة عسكريون، ان التنظيم المالي والعسكري لداعش يفوق التنظيمات الجهادية الاخرى من حيث التخطيط واعداد الاستراتيجيات، سيما على مستوى السيطرة على المدن والمناطق في العراق وسوريا، ومحاولة اقامة دولة (خلافة اسلامية) فيها، بدلا من الاعتماد على الهجمات الانتحارية والتفجيرات والخطف والاغتيالات، وهو ما درجت علية اغلب التنظيمات الارهابية المتطرفة، ومن هنا زادت خطورة هذا التنظيم، الذي اعلن في اكثر من موقف عن نيته الطموحة في اذابة الحدود في الشرق الاوسط (التي بنيت على اتفاقية سايكس-بيكو عام 1916)، ودمجها ضمن خلافتهم المفترضة.

وفي مقابل التحالف الدولي الذي اعد العدة لمقاتلة التنظيم عن طريق الضربات الجوية، اضافة الى الجهد السياسي الرامي الى منع سفر المزيد من المقاتلين من دول الخليج وافريقيا واوربا وغيرها، مع تجفيف منابع الدعم المالي والفكري التي تغذي التنظيم، فان مراقبين يتخوفون من امكانية اقامة تحالفات تكفيرية مضادة، انطلاقا من رفض التحالف الدولي، قد تقدم الدعم لمقاتلي داعش، سيما مع انتشار الدعوات التي نادت بدعم التنظيم في مقاتله "التحالف الصليبي"، على حد قولهم، والتي خرجت من تنظيمات رفضت التعاون مع داعش كتنظيم القاعدة، او قاتلته كجبة النصرة، اضافة الى العديد من الحركات المتطرفة في شرق افريقيا واسيا.

القاعدة ودعم داعش

في سياق متصل حض تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب مسلمي العالم على دعم تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق في مواجهة الهجمات التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وافاد بيان للقاعدة فرع اليمن، بثته مواقع اسلامية "نؤكد نصرتنا لإخواننا ضد الحملة الصليبية ونؤكد حرمة المشاركة في حربهم تحت دعوى انهم خوارج وليسوا كذلك"، واضاف "نوصي جميع المجاهدين ان ينسوا خلافاتهم ويوقفوا الاقتتال فيما بينهم وان يجتهدوا في دفع الحملة الصليبية التي تستهدف الجميع"، وتابع البيان ان "هذه الحملة صليبية ضد الاسلام يراد منها ان يبقى المسلمون تبعا لأعدائهم لأجل هذا تواطأ على هذه الحملة النصارى والمجوس والحكام الخونة المرتدون".

ودعا "المسلمين الى نصرة اخوانهم ضد الصليبيين بما يستطيعون بالنفس والمال واللسان"، ووجه "الدعوة لكل من يستطيع الاثخان في الامريكيين ان يجتهد بالاثخان فيهم عسكريا واقتصاديا واعلاميا فهم قادة الحرب وراس الحملة"، وتشارك اربع دول عربية هي الاردن والسعودية والبحرين والامارات في قصف مواقع للدولة الاسلامية في سوريا بقيادة الولايات المتحدة، ورغم نزاعها مع الدولة الاسلامية، اعلنت جبهة النصرة، الفرع السوري للقاعدة، ان الضربات الجوية تشكل "حربا على الاسلام" وهددت بحملة ضد مصالح البلدان المشاركة في التحالف الدولي.

وأصدر أنصار تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا كتيبا يطالبون فيه المسلمين بمبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي خليفة فيما يمثل استمرارا لحملة إقامة دولة الخلافة رغم تواصل قصف قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمواقع التنظيم، وكان إعلان البغدادي خليفة للمسلمين إحياء لنظام الخلافة الذي أسسه صحابة الرسول محمد عقب وفاته قد أغضب الكثيرين من قادة العالم الإسلامي وأشعل معركة فكرية على مدى شرعية الخلافة، وقالت مصادر إسلامية في سوريا إن الكتيب الذي يوزعه أنصار الدولة الإسلامية على نطاق واسع على الإنترنت يمثل خطوة في حملة التنظيم لإقامة الخلافة وتعريف الناس بالبغدادي، ويبدو أن الكتيب الذي صدر بعنوان "مدوا الأيادي لبيعة البغدادي" يقوم إلى حد كبير على أساس بيان أطول كتبه العام الماضي الشيخ تركي البنعلي وهو من الشخصيات الدينية البارزة في الدولة الإسلامية شارحا فيه أسباب أحقية البغدادي بمبايعة المؤمنين له، ويخاطب الكتيب "من قاتل في سبيل الله ومازال يقاتل وبذل النفس والنفيس لدفع العدو الصائل، إلى أمراء الجماعات ورؤوس القبائل"، ويتوجه الكتيب لهؤلاء بالسؤال "أما آن لكم أن تتكاتفوا مع إخوانكم؟ وتؤسسوا وتشيدوا دولتكم؟ فإن العدو قد اتحد لحربكم فاتحدوا لحربه وسار بأجناده إليكم فاقطعوا عليه دربه".

ويشرح الكتيب انتساب البغدادي للرسول محمد ودراساته في الشريعة الإسلامية ويعدد انجازاته في ساحة القتال، ويشن تحالف تقوده الولايات المتحدة ودول عربية متحالفة معها من بينها السعودية التي تتبع المذهب الوهابي في تفسير الإسلام ضربات جوية على الدولة الإسلامية في سوريا، وقد دفعت الحملة بعض أعضاء جبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا للضغط على زعمائه للتصالح مع تنظيم الدولة الاسلامية بعد أن تقاتلت الجماعتان في وقت سابق هذا العام، واستشهد الكتيب بآراء مجموعة من الائمة من بينهم محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي والذي يمثل تحالفه مع أسرة آل سعود الحاكمة في القرن الثامن عشر أساسا داعما للوضع السياسي في البلاد.

وقد شنت المؤسسة الدينية في المملكة حملة على التشدد الديني في الأسابيع الأخيرة ووصفت تنظيمي الدولة الاسلامية والقاعدة بأنهما ألد أعداء الإسلام، وفي أغسطس اب الماضي حث مفتي السعودية الشباب على تجاهل الدعوات إلى الجهاد التي يطلقها من يمثلون مبادئ مضللة، وقال مقاتل اسلامي في سوريا ليس عضوا في الدولة الاسلامية إن التنظيم يعتبر إصدار تفاصيل سيرة البغدادي خطوة ضرورية لتأكيد وضعه كخليفة للمسلمين، وأضاف "بعد هذا البيان أصبح رسميا في عيونهم أن من واجب المسلمين مبايعته، فهم يقولون للعالم: هاهو أمير المؤمنين"، وترجع جذور تنظيم الدولة الاسلامية إلى جماعة الدولة الاسلامية في العراق التي كانت تتبع تنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري لكنها انشقت عليه هذا العام بعد خلاف على توسعها في سوريا، ويبدو أن صعود نجم الدولة الإسلامية خلب ألباب البعض -على الأقل- من المتشددين الذين كانوا مرتبطين في السابق بالقاعدة، فقد خطف متشددون في الجزائر أعلنوا مبايعتهم للدولة الإسلامية رهينة فرنسيا وقتلوه وهدد متشددون في جنوب الفلبين بقتل رهينتين ألمانيين تأييدا للتنظيم، وقال البيان مخاطبا المسلمين "مدوا الأيادي لبيعة البغدادي، فواعجبي من بعض الناس (ليسوا من بينكم) رضوا ببيعة الطاغوت لسنين ولم يرضوا ببيعة أمير المؤمنين".

الضربات الجوية

الى ذلك قالت مصادر عشائر وشهود عيان ان مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية يغيرون أساليبهم في مواجهة الضربات الجوية الامريكية في شمال العراق ويتجنبون التحرك في قوافل ويستخدمون بدلا منها الدراجات النارية ويضعون راياتهم السوداء على منازل المدنيين، وتحدثت المصادر عن تقليل نقاط التفتيش التي يحرسها متشددو التنظيم مع الحد من استخدام الهواتف المحمولة منذ تكثيف الضربات الجوية وتعهد مزيد من الحلفاء بالانضمام الى الحملة التي تقودها الولايات المتحدة والتي بدأت في اغسطس اب قائلين ان المتشددين عمدوا إلى الانتشار للحد من الخسائر، وقال شيخ عشيرة من قرية جنوبي كركوك ان عناصر الدولة الاسلامية "تخلوا عن واحد من أكبر مقارهم في القرية" عندما سمعوا ان حملة الضربات الجوية ستستهدف منطقتهم.

وتابع شيخ العشيرة الذي طلب عدم نشر اسمه "أخذوا أمتعتهم ومركباتهم وأسلحتهم، ثم زرعوا قنابل على جوانب الطرق ودمروا المقر"، وأضاف "هم لا يتحركون في قوافل عسكرية مثلما كان يحدث من قبل، بدلا من ذلك يستخدمون الدراجات النارية واذا لزم الامر يستخدمون المركبات المموهة"، ولجأ المقاتلون الى نصب راياتهم السوداء على أسطح العديد من المنازل والمباني السكنية الخالية لإثارة الغموض بشأن مكان وجودهم الفعلي، وتمثل الاصابات في صفوف المدنيين مبعث قلق رئيسيا للطائرات الحربية الامريكية التي تنفذ طلعاتها في وادي نهر دجلة والصحراء الغربية العراقية بغية كسر قبضة الدولة الاسلامية على معظم الاجزاء السنية في العراق التي تبلغ مساحتها ثلث البلاد، كما شاركت فرنسا في الحملة الجوية.

وقالت مصادر عشائر ومخابرات محلية ان ضربة جوية بالقرب من بلدة بشير التي تبعد 20 كيلومترا الى الجنوب من كركوك قتلت اثنين من كبار القادة المحليين للدولة الاسلامية بينما كانا يستقبلان مجموعة من المتشددين من سوريا والموصل، واستمرار القتال يجعل من المستحيل التحقق من هذه التقارير، وبدأ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قصف المتشددين في سوريا أيضا خوفا من ان يتمكن التنظيم السني المتطرف من تهديد الامن القومي انطلاقا من دولة الخلافة التي اعلنوها في الاراضي التي استولوا عليها هناك وعبر حدود العراق، وانضمت دول عربية للتحالف تعهدت كل من الدنمرك وبريطانيا بإرسال طائرات مقاتلة الى العراق لكن ليس الى سوريا. بحسب رويترز.

وفي قرية اخرى بالقرب من الحويجة في شمال العراق قال مصدر ان المتشددين تجنبوا استخدام قوافل ضخمة من المركبات التي ينصب عليها مدافع رشاشة كما لاحظ المصدر تفضيلهم للدراجات النارية، واجتاح مقاتلو الدولة الاسلامية الذين سيطروا على معظم محافظات النفط والزراعة في شرق سوريا منذ أكثر من عام المناطق السنية الرئيسية في شمال العراق في منتصف يونيو حزيران بما فيها الموصل وتكريت وأصبحوا على بعد أقل من 160 كيلومترا من العاصمة بغداد، لكن تحركاتهم في الآونة الاخيرة توحي بأنهم قلقون من الضربات الجوية التي يدعمها على الارض جيش عراقي ضعيف وقوة البشمركة الكردية.

وقال الشيخ أنور العاصي العبيدي وهو زعيم عشيرة في كركوك وفي أنحاء العراق ان مقاتلي الدولة الاسلامية يقومون بإعدام الناس وكأنها شربة ماء مشيرا إلى أن الضربات الجوية مكثفة للغاية وقلصت قدرة المقاتلين، وقال العبيدي الذي انتقل الى كردستان هذا الصيف بعد ان فجر مقاتلو الدولة الاسلامية منزله ان الناس تريد التخلص من عناصر التنظيم لانهم يخشون قصف منازلهم، ونزل مقاتلو التنظيم الى المخابئ في معقلهم الرئيسي في سوريا منذ ان سمح الرئيس الامريكي باراك اوباما بتنفيذ ضربات جوية ضدهم في وقت سابق، ورغم الضربات الجوية توجه المقاتلون نحو بلدة استراتيجية على الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا واشتبكوا مع قوات كردية بينما اصاب القصف حقول النفط والقواعد التي يسيطرون عليها في شرق سوريا.

وفي محافظة ديالى بشرق العراق قال شاهد عيان ان الضربات الجوية أجبرت المقاتلين الاسلاميين على خفض عدد نقاط التفتيش التي تفحص أوراق الهوية بحثا عن الاشخاص الذين يعتبرونهم "كفارا" وهم الشيعة والشرطة وجنود الجيش، وقال شاهد العيان "قاموا بزيادة عدد المقار وبدلا من اثنين لديهم الان 20 بكل منها ثلاثة الى أربعة أشخاص"، وقال شاهد عيان في جلولاء بمحافظة ديالى ان المتشددين قلصوا عددهم على الجبهة ولا يواجهون قوات الجيش بأعداد كبيرة، وفي تكريت قال عقيد الشرطة حسن الجبوري ان المتشددين سحبوا نقاط التفتيش من الطرق الرئيسية في المدينة الى الشوارع الجانبية، وقال الجبوري ان معلومات المخابرات المتوفرة تشير إلى ان مقاتلي التنظيم غيروا جميع هواتفهم المحمولة ودائما ما تكون مغلقة ما لم يكونوا في حاجة لاستخدامها، وفي أوضح مؤشر على ان المقاتلين يشعرون بالقلق من القصف الجوي بدأ أفراد التنظيم حفر خنادق في أفنية المباني السكنية والاختباء فيها.

فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إن مسلحين ينتمون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" حلقوا في سماء حلب في سوريا بطائرات حربية استولوا عليها بعد سيطرتهم على مطارات عسكرية سورية، وذلك تحت إشراف ضباط عراقيين سابقين، ولم يذكر المرصد تاريخ قيام عناصر التنظيم بالتحليق بالطائرات، ولم يذكر المرصد تاريخ قيام عناصر التنظيم بالتحليق بالطائرات، وقال إن التنظيم الجهادي المتطرف "أصبح يمتلك ثلاث طائرات حربية قادرة على الطيران والمناورة، يعتقد أنها من نوع (ميغ-21) و(ميغ-23)"، وأضاف: "يشرف ضباط عراقيون من الجيش العراقي (الذي تم حله) وهم عناصر من تنظيم (الدولة الإسلامية) على تدريب المزيد من عناصر التنظيم أصحاب الخبرات على قيادة هذه الطائرات من خلال دورات تدريبية".

وأوضح أن هذه التدريبات تجري "في ما يعرف بمطار كشيش العسكري، الواقع في ريف حلب الشرقي، والذي يعد أهم معسكرات تنظيم (الدولة الإسلامية) في سوريا"، ونقل المرصد عن سكان في حلب بشمال سوريا قولهم إنهم "شاهدوا طائرة على الأقل تحلق على علو منخفض في أجواء المنطقة بعد إقلاعها من مطار الجراح العسكري"، وبحسب المرصد، فقد استولى تنظيم "الدولة الإسلامية" على هذه الطائرات بعد سيطرته على المطارات العسكرية التابعة للنظام في محافظتي حلب والرقة، مشيرا إلى أنه من الصعب التأكد مما إذا كان تنظيم "الدولة الإسلامية" يمتلك صواريخ لاستخدامها في هذه الطائرات.

جرائم مروعة

بدورها قالت الأمم المتحدة إن تنظيم الدولة الاسلامية نفذ في العراق عمليات اعدام جماعية وسبي النساء والفتيات وجند الاطفال للقتال في انتهاكات ممنهجة قد ترقى إلى جرائم حرب تستدعي المحاكمة، وقالت المنظمة الدولية في تقرير استند إلى نحو 500 مقابلة ان الضربات الجوية التي نفذتها الحكومة العراقية ضد متشددين سنة أوقعت "عددا كبيرا من القتلى بين المدنيين" من خلال ضرب القرى والمستشفيات واحدى المدارس في انتهاك للقانون الدولي، وجاء في التقرير ان 9347 مدنيا على الاقل قتلوا كما أصيب 17386 شخصا حتى الآن هذا العام حتى شهر سبتمبر ايلول وان أكثر من نصف هذه الخسائر في الارواح حدث منذ ان بدأ مقاتلو الدولة الاسلامية يسيطرون على مناطق شاسعة من شمال العراق اوائل شهر يونيو حزيران.

وقال زيد رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة "إن نسق التجاوزات والانتهاكات التي نفذها تنظيم الدولة الاسلامية والجماعات المسلحة الموالية له مروع وقد يرقى الكثير من أفعالهم إلى جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية"، ودعا في بيان الحكومة العراقية مجددا إلى الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وقال إن المحكمة ومقرها لاهاي أنشئت للنظر في مثل هذه الانتهاكات الجسيمة والاستهداف المباشر للمدنيين على أساس الدين أو العرق، وقال تقرير مكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة وبعثة المعاونة للامم المتحدة في العراق الذي وقع في 29 صفحة ان القوات الاسلامية ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وأعمال عنف "ذات طبيعة طائفية متزايدة" ضد جماعات منها المسيحيون واليزيديون في صراع يتسع نطاقه أجبر 1.8 مليون عراقي على ترك منازلهم.

وأضاف ان هذه الانتهاكات "تشمل هجمات استهدفت بشكل مباشر المدنيين والبنية التحتية المدنية واعدامات وعمليات قتل اخرى للمدنيين وعمليات خطف واغتصاب وأشكال اخرى من العنف الجنسي والبدني ارتكبت بحق النساء والاطفال والتجنيد الاجباري للاطفال والتدمير وتدنيس اماكن عبادة أو أماكن لها قيمة ثقافية والتدمير والنهب الغاشم للممتلكات والحرمان من الحريات الاساسية"، وذكر التقرير انه في مذبحة واحدة وقعت في 12 يونيو حزيران أسر مقاتلو الدولة الاسلامية 1500 فرد من الجيش وقوات الامن من قاعدة عسكرية في محافظة صلاح الدين وقتلوهم، لكن لم تنتشل الجثث ولا يعرف عدد القتلى تحديدا، ولا يشكك أحد في أن مقاتلي الدولة الاسلامية أخرجوا مجندي الجيش العراقي من القاعدة القريبة من تكريت وهم عزل ثم قتلوهم بالأسلحة الآلية ودفنوهم بالمئات في مقابر جماعية، وتباهى المقاتلون بعمليات القتل على شبكة الانترنت. بحسب رويترز.

وقال التقرير إن النساء تلقين معاملة قاسية على نحو خاص، وأضاف "هاجم تنظيم الدولة الاسلامية وقتل طبيبات ومحاميات ونساء من مهن أخرى"، وتابع أنه في أغسطس آب نقل التنظيم ما بين 450 و500 امرأة وفتاة إلى قلعة تلعفر في منطقة نينوى العراقية حيث "ورد أن 150 امرأة وفتاة مسيحية ويزيدية غير متزوجة نقلن إلى سوريا إما لمنحهن لمقاتلي التنظيم على سبيل المكافأة أو لبيعهن"، ويهاجم تنظيم الدولة الاسلامية مدينة سورية حدودية رغم الغارات الجوية للتحالف بهدف اضعاف المقاتلين مما جعل آلافا آخرين من اللاجئين الأكراد يفرون إلى تركيا وجر أنقرة بشكل أكبر إلى الصراع، وقال تقرير الأمم المتحدة إن مقاتلي الدولة الاسلامية والجماعات المتحالفة معها هاجموا ودمروا أماكن ذات قيمة دينية وثقافية في العراق لأنها لا تتماشى مع منهجهم "التكفيري"، وعبر التقرير أيضا عن القلق الشديد من انتهاكات ترتكبها الحكومة العراقية والمقاتلون المتحالفون معها من بينها غارات جوية وعمليات قصف ربما لم تميز بين الأهداف العسكرية والمناطق المدنية.

وذكر الناشط أبو يوسف من مدينة الرقة، معقل التنظيم في شمال سوريا حيث تنتشر أعلامه السوداء في كل مكان، "تتشح النسوة بالسواد من رأسهن حتى أخمص أقدامهن ولا يمكن الخروج من المنزل إلا بصحبة الأب أو الأخ أو الزوج"، حتى أن جوازات السفر لونها "أسود"، ويدير تنظيم "الدولة الإسلامية" كل أمور الحياة في الرقة، ويجول عناصره، الذين يملكون وحدهم حق حمل السلاح، في شوارع المدينة ببنادق الكلاشينكوف أو المسدسات، كما كُلفت قوتان منفصلتان من قوى الأمن مراقبة النساء والرجال، حسبما أفاد الناشط أبو يوسف.

وأشار أبو يوسف إلى أن كتيبة "الخنساء" المؤلفة من نساء ينتمين إلى التنظيم "يحملن السلاح ولهن الحق بتفتيش أي امرأة تمشي في الشارع"، وتتولى كتيبة "الحسبة" هذه المهمة مع الرجال، كما أنها مكلفة أيضا فرض رؤية التنظيم للشريعة الإسلامية، ويحظر الجهاديون على السكان الاستفادة من الأماكن العامة التي يملكون وحدهم حق الوصول إليها، كما يؤكد دائما ناشطون من الرقة ينشرون على مواقع الإنترنت صورا تظهر مقاه يرتادها الجهاديون فقط، كما أغلقت جميع المقاهي في مدينة دير الزور في شرق البلاد حيث يحاول السكان وقف امتداد تنظيم "الدولة الإسلامية"، ويقول الناشط ريان الفراتي عبر الإنترنت "لا يسمح بأي فعالية مسلية"، ويضيف "من المستحيل أن نجد أحدا يدخن أو يبيع السجائر، من المستحيل رؤية امرأة لا ترتدي النقاب وعندما يرفع المؤذن الآذان يغلق الجميع متاجرهم ويذهبون إلى الجامع لأداء الصلاة وإلا فسيكون السجن مصيرهم".

ويحظى الجهاديون بعدد من الامتيازات، ويبلغ الراتب الأساسي لعناصر التنظيم نحو 300 دولار شهريا، و"يشكل في الظروف الراهنة مبلغا محترما"، ويوضح فرات، وهو اسم مستعار، أن "التنظيم يمنح لعناصره جميع المزايا التي يرغبون فيها لكن السكان لا يتمتعون بها"، ويضيف "إنها عصابة تحكم عبر بث الذعر وتجبر السكان على الانضمام إلى صفوفها عبر الجوع، لأن ذلك هو الوسيلة الوحيدة للحصول على راتب معقول"، كما يقوم التنظيم بجباية الضرائب حيث يفرض على التجار الذين يعانون أصلا من الفقر بسبب الحرب دفع 60 دولار شهريا، ولا يتردد عناصر التنظيم بتفتيش المنازل والهواتف والحواسب بحثا عن أدلة يعتبرون أنها تشير إلى ممارسات "غير أخلاقية"، حسب ما أورد عبر الإنترنت نائل مصطفى، وهو ناشط ما يزال يعيش في الرقة، وأشار إلى "أنهم يعتقدون أن ملكية كل شيء تعود إلى الله وبالتالي يجب أن تكون تحت مراقبتهم"، ويضم تنظيم "الدولة الإسلامية" السني المتطرف نحو 35 ألف مسلح من دول عدة بينها بلدان غربية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/تشرين الأول/2014 - 26/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م