في الوقت الذي ترنوا البشرية الى افاق السموات المفتوحة والتنافس
العلمي والتقدم التكنولوجي والطفرات الوراثية وتطوير وسائل الرفاهية
والانهماك بسبل الرقي الحضاري في الحوار والتسامح والانفتاح وتنمية
مؤسسات المجتمع المدني لمزيد من الكرامة الانسانية ومجالات التواصل
الاجتماعي...الخ. لكن منطقتنا لازالت ترزح تحت وطأة التطرف والتكفير
وركام اعراف التوحش الجاهلي وهمجية التخلف البدوي ومجازر الارهاب
البربري ومنظومة التخلف الفكري الظلامي تحت يافطة تطبيق الشريعة
الاسلامية وهم على نقيضها.. لانها لازالت اسيرة لذلك التراث البغيض بكل
ابعاده السلبية واوهام شخوصه القدسية وتفتخر به وتدافع عنه بل وتموت
لأنه اسوتها.. متخذة من حرق الصحابي المسلم الفجاءة السلمي او ابادة
اقوام او تمزيق الصحابية المسلمة ام فرقد الفزارية او استباحة مسلمات
بني يربوع.. او سيول دماء سفكت ونساء سبين مثلا ونموذجا يحتذى وفق
تنظير مدرسة السنة..!!. وحتى وان اعلن الخليفة ندمه على ما اجترحه عند
موته..!!
لكن مما يزيد في الطين بلة ويعقد المشهد ويشوه الحقيقة ان بررت
اهوال تلك المآسي بخبث الابالسة لأجل تلميع صورة السلف بتصوير الظالم
مظلوما.!! وذلك لان انماط الخلافة الاسلامية المتعاقبة اموية وعباسية
ومملوكية والسلاطين والامراء ساروا على ذلك المنهج..!! علما ان كل
واحدة من تلك الانظمة تفننت بوسائل اجرامية متوحشة مبتكرة تضاف الى
خزين سابقتها..!! حتى اصبح ارث جرائم التوحش في مشهد عالم الاسلام يفوق
ما سواها من امم الارض..!! باقتفاء ذلك المنهج الارهابي الفظيع مع كل
معارض او ثائر او مصلح بتلفيق تهم الردة والزندقة او الكفر كي ينحر
ويذبح كالاضحية كما لايتورعوا من استباحة الاعراض ونهب الاموال لإرعاب
الاخر..!!
ولما كانت اخر خلافة اسلامية دولة الاتراك العثمانية التي اذاقت
العالم الاسلامي الوان من السفك الهمجي والاذلال العرقي والانتقام
الطائفي وتتريك الامم وسلب خيراتها بحشرهم في خانة التخلف مما لايمكن
وصفه وسربلوا كل شنائعهم بشعار حماية بيضة الدين والدفاع عن
المسلمين..!! وجاءت الطامة الكبرى على الرسالة بظهور الوهابية البدوية
بغفلة الزمن فحملت مشعل ريكورد اولمبياد التطرف والارهاب العالمي من
منطلق انهم الحق المطلق ويملكون الوصاية الالهية على البشرية اما
بافنائها او استعبادها وتكفير كافة المسلمين ووجوب ذبحهم
واستباحتهم..!!وقد خرجت من حاضنتها كافة مجاميع التطرف
والاجرام..!!واخرها شذاذ (الدواعش) بارتكاب ابشع الكوارث المروعة
والجرائم المقززة والابادات الجماعية جاعلة من خزين فضائع اسيادها –شرق
وغرب- بوصلة تتبعها وشعيرة تسجد لها ولكن جللوا مكرهم بفرية (الله
اكبر) لإيهام سفاكيها الاوغاد ولو على فقدان المسلمين لآخر طوق
نجاة..!!
لذلك ان البحث في جذور ظاهرة قطع الرؤوس وغيرها من الممارسات
الشريرة في الاسلام بصورة موضوعية لكشف الحقائق سوف يصطدم بكثير من
العوائق لان ما اشير اليه كان نتف عرضية متناثرة ويلاحظ تعمد طمس معالم
مجازر كبرى او تزييفها وتشويهها كي لا تمس القدسية الزائفة لخلفاء
السقيفة اوالقدح فيهم وفي رموزهم ممن ينفذ ماربهم بجعلهم في مصاف
الملائكة..!!
وهذا بدوره يحتاج الى مزيد من البحث والتنقيب في ثنايا مراجع السلف
وليس الاقتصار على مصادر تاريخ السنة فقط بل يتطلب الاطلاع على
مصنفاتهم في التفسير والحديث والفقه والادب والرجال.. لأجل ربط ما قطع
من الاحداث وتصحيح ما زيف ودس من الروايات...لإعطاء ومضات او تجليات
الوقائع وتحليل لاستنطاق المواقف والادوار وطبعا ليس الصورة الكاملة
لتغييب الكثير من الحقائق وتفاصيلها..!!
واني ارحب بكل نقد موضوعي بناء او تصحيح معلومة علما باني تحريت
الدقة واستقيت معلوماتي من اوثق مصادر السنة..
الرسالة الاسلامية رحمة للبشرية وحرب على
الارهاب
كان انبعاث فجر الاسلام طورا جديدا في حياة البشرية بتأكيده على
منظومة قيم انسانية قال تعالى : (وما أرسلناك إلارحمة
للعالمين)الانبياء:107حيث حسم فوضى الشرائع واعراف الجاهلية قال تعالى
: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
المائدة:50 قال تعلى: (ومن قتل نفسا بغير نفس أو فسادا في الارض فكأنما
قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما أحيا الناس جميعا)المائدة :32 و:
(ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) الاسراء :33و(ومن قتل مؤمنا
خطئا فتحرير رقبة مؤمنة) النساء:92 (ولكم في القصاص حياة يا أولي
الألباب لعلكم تتقون) البقرة :179. فقد جعل الاسلام قاعدته السلام
والاستثناء الحرب وان الحرب يجب ان تكون في سبيل الله ودفاعا عن
الرسالة وركز على عدم الاعتداء قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين
يقاتلونكم ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين)
البقرة:190
وان النبي(ص) الغى ظروف وملابسات ماكان شائعا ومتعارفا عليه من
تقاليد واعراف الحرب في الجاهلية فقد اكد(ص) في عدة احاديث منها: عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ ان النبي(ص) قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ
عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ، مُؤْمِنٌ
تَقِيٌّ، أَوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ " نَبَّهَ عَنْ رِجَالٍ فَخْرُهُمْ
بِأَقْوَامٍ، وَإِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ..) رواه
أبو داود..وابطل اعرافهم وجعلها تحت قدميه وقال (ص): ان أول دم اضعه دم
ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب..
وصايا الرسول (ص) لقادة السرايا دستور رسالي
انساني
تؤكد كافة المصادر ان الاسلام وضع قواعد وضوابط انسانية للحرب فحرم
الابادة الجماعية والارهاب والاعتداء والتشفي والغدر والفتك واشكال
التمثيل حتى بالكلب العقور.. كما حرم قتل النساء والاطفال والشيوخ
وتهديم الصوامع وبيوت العبادة وقطع الشجر وتحريق حتى الحشرات..الخ !!
فقد تواترت الاخبار عن النبي (ص) إذا بعث سرية تغزوا في سبيل الله
قال لهم : (لا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا.)
يقول د. يوسف القرضاوي ففي حديث بريدة في صحيح مسلم: أن النبي (ص)
كان يقول لقواده: (اغزوا ولا تغلوا ولاتغدروا ولا تمثلوا) اخرج أبو
داود في كتاب الجهاد ـ باب النهي عن المثلة
بيان عرفة وصية دستورية للامة عامة وللحاكم
خاصة
وفي حجة الوداع للنبي (ص) اكد على وصاياه للامة في اعلان بيان عرفة
الثابت في السنة الصحيحة نقتطف ابعادا منه: (ان دماءكم واموالكم حرام
عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، الا ان كل شيء من
أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة.. واني قد تركت
فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي اهل بيتي وانتم
مسؤولون عني فما انتم قائلون؟قالوا: نشهد انك قد بلغت رسالات ربك وأديت
ونصحت لامتك وقضيت الذي عليك. فقال: باصبعه السبابة يرفعها إلى السماء
وينكتها إلى الناس، اللهم اشهد. اللهم اشهد) رواه مسلم وابو داود وابن
ماجة
تأكيده (ص) حرمة المسلم في احاديث عدة منها : (كل مسلم على المسلم
حرام، دمه وماله، وعرضه) رواه الشيخان. وبذلك يقرر عليه السلام حقوق
الإنسان وحرمة الاعتداء عليها فهي لا تقل شأنا عن حرمة الأشهر الحرم
والمسجد الحرام.
اول بادرة تهديد بقطع رقاب الصحابة في
الاسلام.!
فما ان ارتفع النبي (ص)الى الرفيق الاعلى حيث ظهرت بوادر التنكر
للنصوص والسيرة ايثارا لبلوغ المطامح السياسية ولو بحد السيف حيث تجمع
مصادر السلف بان عمر ابن الخطاب عند سماعه بموت النبي (ص) اخذ يصرخ
كالمصعوق والزبد يتطاير من شدقيه، وهو ممتشق سيفه يلوح به في وجوه
الصحابة المذهولين للحدث الجلل بفقد المصطفى (ص) وهم في وجوم حزن عميق
وابن الخطاب يزبد ويرعد ويصول ويجول في المسجد النبوي الشريف متوعدا
الصحابة بالذبح : (لأقتلنه بسيفي هذا كل من يقول إن محمداً قد مات،
إنما رُفع إلى السماء كما رُفع عيسى بن مريم وسوف يعود بعد أربعين
يوماً كما عاد عيسى فيقطع ايدي وارجل قوم.) وقد سبق لعمر أن شج او شق
رأس أحد الصحابة لأنه تخاصم مع شريك له و لم يرض بحكم النبي (ص).
خلافة ابي بكر وتطبيق وأول دستور للرعب في
الاسلام
تجمع وتؤكد كافة مصادر السلف ان أول خلافة أبي بكر شنت الغارات
الفجائية على كثير من حواضر ومضارب المسلمين في الجزيرة العربية
واستعملت الابادات الجماعية برميهم جميعا كبارا واطفالا نساء ورجالا في
الابار والقاء الحجارة والصخور عليهم حتى اغلقوها عليهم...وتحريقهم
بالنار، وقد فعل ذلك خالد بن الوليد.. روى البيهقي عن طلحة بن عبد الله
بن ابي بكر قال كان ابو بكر يأمر الأمراء حين يبعثهم في الردة : (فشنوا
الغارة واقتلوا واحرقوا وانهكو في القتل والجراح ولايرى بكم وهن...!)
انظر كتاب قتال اهل البغي168—8 ورواه الامام عبد الرزاق في كتاب الجهاد
باب القتل بالنارج5ص 212
قال ابن قدامة : وقد روي عن أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- أنه أمر
بتحريق أهل الردة –منهم الفجائة السلمي الذي اوقد له نارا في مصلى
المدينة ثم رمي بها مقموطا مشدود اليدين والرجلين -، انظرالطبري
ج3ص234-264 وتاريخ ابن كثير ج6ص319 والكامل ج2ص137 كما فعلوا ذلك مع
قبائل واقوام وفعل ذلك بهم خالد انظر المغني لقدامة ج12ص269-12.
السنة تحرم حتى حرق الحشرات
وهذه المشاهد الارهابية المتوحشة الابادة الجماعية والتحريق بالنار
للبشر التي حرمها الاسلام حتى للحشرات علما انه لاجتهاد مع النص فقد
اخرج الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي من حديث ابن مسعود قال : كنا مع
النبي (ص)، فمررنا بقرية نمل قد أحرقت، فغضب النبي (ص) وقال : (إنه لا
ينبغي لبشر أن يعذب بعذاب الله عز وجل).
ونعوذ بالله من سبات العقول
hilal.fakhreddin@gmail.com
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |