أمريكا وإسرائيل.. انتقادات ظاهرة ومآرب مبطنة

 

شبكة النبأ: يبدو ان إسرائيل غير معتادة على سماع النصائح من قبل الولايات المتحدة الامريكية، خصوصا فيما يتعلق بسياستها المتبعة تجاه الفلسطينيين، ومسالة تعزيز الجهود الرامية لإحلال السلام بين الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) بصورة دائمة، والتي ترعاها الولايات المتحدة الامريكية بصورة مباشرة، وتعاقبت على ذلك عدة إدارات رئاسية، وقد واجهت إدارة الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) ووزير خارجيته (جون كيري)، في سبيل ذلك، كيلا من التعليقات الساخرة والكلام اللاذع، والذي وصل الى حد التشهير والتشكيك، من قبل الحكومة الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو، وادت في كثير من الأحيان الى فتور غير مسبوق في العلاقات بين البلدين، على الرغم من الزيارات المتكررة التي قام بها نتنياهو الى الولايات المتحدة الامريكية، ومؤخرا ردت واشنطن على الانتقادات التي تعرض لها وزير الخارجية الامريكي بعد ان قال دبلوماسي اميركي ان الاسرائيليين "شوهوا تماما ما قاله" كيري، فيما اشارت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف ان يكون كيري بان المسؤولين الاسرائيليين اجروا "قراءة خاطئة لما قاله وزير الخارجية"، والذي حاول إعادة احياء عملية السلام باستئناف المفاوضات المتوقفة بين الطرفين.

ومع ان الولايات المتحدة الامريكية تعتبر ان إسرائيل حليف استراتيجي لها في منطقة الشرق الأوسط، وان هناك العديد من القضايا التي لا يمكن ان تتغير (حتى في حال استمرار الخلافات السياسية بين الادارتين الامريكية والإسرائيلية)، خصوصا في مجال الدعم العسكري والاستخباري والسياسي، وحتى الاقتصادي (وهو امر عائد لعدد أسباب لعل أبرزها قوة جماعات الضغط التي تدعم وجود دولة إسرائيل والمتنفذة كثيرا في المؤسسات الرسمية للولايات المتحدة الامريكية، إضافة الى تأثيرها على أصحاب القرار والسلطة التشريعية الامريكية)، الا ان مراقبين يرون ان استمرار المناكفات السياسية بينهما، قد تولد رغبات جديدة داخل البيت الأبيض، على المدى البعيد، بتقليل الدعم والتعاون مع إسرائيل، في حال استمرت بنفس نهجها المتهكم والمتحدي لتصرفات اقطاب الإدارة السياسية الامريكية.

 فيما كشفت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن إسرائيل تجسست على محادثات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الهاتفية خلال محاولاته المكوكية للتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتي باءت بالفشل في وقت سابق هذه السنة، وأشار التقرير إلى أن الإسرائيليين، وجهاز استخبارات آخر على الأقل، تنصتا على مكالمات كيري الهاتفية أثناء محاولته التوسط بين الطرفين، في تطور رأت الألمانية أن من شأنه إثارة توتر إضافي على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتحدث كيري بانتظام هاتفيا مع مسؤولين كبار في الشرق الأوسط خلال المفاوضات التي انهارت في وقت سابق هذه السنة، ونقلت دير شبيغل عن "عدة مصادر من أجهزة الاستخبارات" أن كيري لم يستخدم فقط خطوطا هاتفية آمنة وإنما هواتف عادية تعمل بالأقمار الاصطناعية وهي عرضة للتنصت، وقالت "إن الحكومة الإسرائيلية استخدمت هذه المعلومات في المفاوضات حول التوصل إلى حل دبلوماسي في الشرق الأوسط"، وأضافت أن مكتب كيري والحكومة الإسرائيلية امتنعا عن التعليق على هذا التقرير.

وكان كيري جعل من إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط أبرز أولويات مهامه، ونجح في حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس على استئناف المفاوضات في تموز/يوليو 2013، لكن في نيسان/أبريل، أصدرت إسرائيل إعلانا مفاجئا عن خطط لبناء 700 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات، ورفضت الإفراج عن دفعة أخيرة من الأسرى الفلسطينيين، وفي المقابل قدم عباس طلبات عضوية فلسطين الى 15 اتفاقية ومنظمة لدى الأمم المتحدة وبالتالي انهارت عملية السلام، وحاول كيري التوسط أيضا لوقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وزار إسرائيل، لكنه لم يتمكن من التوصل إلى هدنة طويلة الأمد لوقف الهجوم الذي أوقع أكثر من 1700 قتيل فلسطيني معظمهم من المدنيين. بحسب فرانس برس. 

انتقادات حادة

في سياق متصل تعرض وزير الخارجية الاميركي جون كيري من جديد لهجمات شرسة من مسؤولين اسرائيليين بسبب ربطه بين استمرار النزاع الاسرائيلي الفلسطيني والتطرف الاسلامي في المنطقة، وزير الاتصالات جلعاد اردان قال للإذاعة العامة "مع كل احترامي لجون كيري وجهوده فانه يواصل تسجيل ارقام قياسية جديدة عندما يتعلق الامر بمحاولة فهم منطقتنا ومعنى خلافاتنا واعتقد اننا نستحق حقا هذه المرة رقما قياسيا جديدا"، اردان كان يرد على تصريحات لجون كيري الذي طالب من جديد باستئناف مفاوضات السلام الاسرائيلية الفلسطينية، وزير الخارجية الاميركي اعتبر ان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني يؤجج "غضب الشارع" في العالم العربي واكد ان كل قادة المنطقة الذين تباحثت معهم واشنطن بشان التحالف الدولي في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية اكدوا على ضرورة تحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

وقال "يجب ان يدرك الناس الرابط، فهذا مرتبط نوعا ما بمشاعر المهانة والجحود وانعدام الكرامة" التي تشعر بها الشعوب العربية، وتساءل اردان العضو في حزب الليكود اليميني بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو "هل انعدام الكرامة هذا الذي يؤدي الى صعود الدولة الاسلامية؟"، واضاف "200 الف شخص قتلوا في سوريا وبريطانيون واميركيون قطعت رؤوسهم، هل يمكن ان يكون ذلك خطأ مستوطنة معاليه ادوميم؟"، من جانبه قال وزير الاقتصاد نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي القومي الديني "سيكون هناك دائما من يتهم اليهود حتى عندما يذبح مسلم بريطاني مسيحيا بريطانيا"، وزير الخارجية الاميركي الذي تولى هذا المنصب عام 2013 يتعرض بانتظام لهجمات عنيفة من جزء من اليمين ومن وسائل اعلام اسرائيلية.

وهكذا واجه كيري هجوما شرسا خلال الحرب على قطاع غزة الصيف الماضي الى حد دفع البيت الابيض الى الدفاع عنه، هذا الهجوم العنيف كان سببه مشروع وقف اطلاق نار عرضه كيري على نتانياهو ورفضته الحكومة الإسرائيلية، وابدت الادارة الاميركية شكوكا في ان يكون بعض الاعضاء في الحكومة الاسرائيلية سربوا عمدا وثيقة سرية الى الصحافة لاثارة النفوس، وقد اسهمت هذه الشكوك في التدهور الاخير للعلاقات بين اسرائيل وحليفها الاميركي الكبير. بحسب رويترز.

فيما رفض البيت الأبيض انتقادات وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برد فاتر واتهمه برفض الاعتراف بمقدار المساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل على مر السنين، وبدا ان صدعا قديما في العلاقات بين الرئيس الامريكي باراك اوباما ونتنياهو قد بدأ يتسع عقب الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي للبيت الابيض، وكان نتنياهو قال إن انتقاد الولايات المتحدة لإقدام إسرائيل على بناء مستوطنة جديدة في القدس الشرقية "مناقض للقيم الأمريكية"، وقال جوش إرنست المتحدث باسم البيت الأبيض في تصريحه الصحفي اليومي "بدا غريبا أن يحاول الدفاع عن أفعال حكومته بالقول إن ردنا لا يجسد القيم الأمريكية"، واضاف "الحقيقة هي ان السياسة الامريكية ظلت واضحة لا تتغير خلال عدة ادارات سواء كانت ديمقراطية او جمهورية.

ومضى يقول "نحن نعارض أي اعمال منفردة تحاول المساس بقضايا الوضع النهائي بما في ذلك وضع القدس، لا يمكن لهذه الأمور ان تتحدد بصورة مشروعة إلا من خلال المفاوضات المباشرة وعبر الاطراف التي سعى هذا الرئيس جاهدا كي يحاول تسهيلها (المفاوضات)"، وكان بيان البيت الأبيض دفاعا مطولا عن سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل وتركز على موضوع "القيم الأمريكية" الذي أثاره نتنياهو، وأضاف المتحدث "في الحقيقة، عند الحديث عن القيم الأمريكية فإن القيم الأمريكية هي التي تقدم دعما لا ينقطع لإسرائيل، إن القيم الأمريكية أدت بنا إلى النضال من أجل تأمين تمويل يعزز أمن إسرائيل بوسائل ملموسة"، وقال إرنست إن التمويل الأمريكي لنظام "القبة الحديدية" الإسرائيلي هو الذي منع صواريخ حماس من ضرب أهدافها، وأضاف "إن القيم الأمريكية جعلتنا نمول ونبني نظام القبة الحديدية الذي حمى أرواح عدد لا يحصى من المواطنين الإسرائيليين الأبرياء".

تشديد الرقابة

بدورها قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة أوباما التي حثت إسرائيل على عمل المزيد لمنع سقوط قتلى مدنيين في صراعها مع حركة حماس تخضع شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل لمزيد من التدقيق خلال أزمة غزة، وتصمد هدنة جديدة على ما يبدو بين إسرائيل وحماس بعد قتال عنيف أدى إلى مقتل 1945 فلسطينيا الكثير منهم من المدنيين بالإضافة إلى 64 جنديا إسرائيليا وثلاثة مدنيين من إسرائيل، وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن مسؤولي البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية فوجئوا خلال صراع غزة بأن الجيش الإسرائيلي حصل بكل سهولة على امدادات للذخيرة من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وقالت الصحيفة أيضا إن إدارة أوباما شددت منذ ذلك الحين رقابتها على عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل وهي حليف مقرب للولايات المتحدة وتحظى بدعم قوي داخل الكونجرس الأمريكي، وعندما سئلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف عن التقرير قالت إن نقل الأسلحة الأمريكية يخضع لمزيد من التدقيق لكنها حاولت التهوين من فكرة أن البيت الأبيض أو وزارة الخارجية تفاجئا بشحنات الاسلحة من البنتاجون أو ان هناك اي تراجع من الدعم الأمريكي لإسرائيل.

وقالت هارف للصحفيين "بالنظر إلى الأزمة في غزة فمن الطبيعي أن تتخذ الوكالات المزيد من الحيطة لمراجعة الشحنات في اطار عملية بين الوكالات، ولا ينطوي هذا الاجراء على اي شيء غير عادي بأي حال من الأحوال ولا يشير إلى اي تغير في السياسة"، وأضافت "لن اعطي سببا محددا لهذا اذا اننا عندما نكون في أزمة نجري فحصا ثانيا"، وطالبت الولايات المتحدة مرارا إسرائيل بعمل المزيد لمنع سقوط قتلى في صفوف المدنيين خلال القتال في غزة، وفي الثالث من أغسطس آب أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا شديد اللهجة على نحو غير معتاد بعد القصف الذي تعرضت له مدرسة تابعة للأمم المتحدة في غزة، ولم توجه واشنطن اللوم للجيش الاسرائيلي بشكل واضح في القصف لكنها دعت إلى مزيد من توخي الحذر لحماية المدنيين. بحسب رويترز.

من جانب اخر وجه حاكم ولاية تكساس الأمريكية، ريك بيري، انتقادات عنيفة لإدارة الرئيس، باراك أوباما، وسياسته "المترددة" حيال إسرائيل ودعمها المطلق خلال العمليات العسكرية التي تخوضها في قطاع غزة ضد نشطاء حركة "حماس"، وقال بيري، "نحن بحاجة للوقوف إلى جانب إسرائيل وتوجيه رسالة قوية لأولئك في الشرق الأوسط من يهاجمون هذه الديمقراطية بأننا حلفاؤها ويمكنهم الاعتماد علينا"، واتهم الحاكم الجمهوري إدارة أوباما ببعث رسائل مختلطة أثناء جهود التهدئة التي قامت بها في  المنطقة، مضيفا "أعتقد أن الرسائل المرسلة، سواء سرية أو علانية، لم تكن قوية بما يكفي لإبداء دعمنا لإسرائيل"، وتابع انتقاده، "لا أفهم لماذا تنتقد هذه الإدارة إسرائيل لمحاولة حماية مواطنيها ودولتها من حركة أبدت رغبتها بوضوح في إبادة إسرائيل عن الوجود"، وتتوافق تصريحات الحاكم الجمهوري مع مواقفه الأخيرة الداعمة لإسرائيل،  من بينها مقالة افتتاحية نشرتها صحيفة "بوليتيكو" تحت عنوان" قف بجانب إسرائيل"، وتذكي مواقفه هذه  الشكوك حيال نوايا حاكم تكساس لخوض السباق الرئاسي المقرر في 2016، أخذا بالاعتبار مواقف حزبه  الداعمة بقوة لإسرائيل، إذ اظهر استطلاع حديث أن 6 في المائة منهم فقط يتعاطفون من الفلسطينيين.

تعاون مستمر

من جانبه وافق الكونغرس الاميركي على تخصيص 225 مليون دولار لتمويل منظومة القبة الحديدية الدفاعية لاعتراض الصواريخ التي تطلقها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على اسرائيل قبل وصولها الى أهدافها، ووافق مجلس النواب على هذا التمويل باغلبية 395 صوتا مقابل ثمانية، في تصويت جرى في وقت سابق، وكان مجلس الشيوخ اقر بالاجماع هذا التمويل قبل ان يبدأ عطلته الصيفية التي تستمر خمسة أسابيع، ويفترض ان يوقع الرئيس الاميركي باراك اوباما على هذا القرار، وهذا التمويل الطارئ الذي سيزيد العجز الاميركي، سيسمح بتزويد القبة الحديدية بصواريخ اعتراضية إضافية، ويشكل هذا التمويل جزءا من 3,1 مليارات دولار طلبتها الادارة الاميركية للمساعدة العسكرية لاسرائيل المستفيدة الاولى في العالم من المساعدات الاجنبية الأميركية، وكان الكونغرس خصص 235 مليون دولار للقبة الحديدية العام الماضي، وكان البيت الابيض طلب 176 مليون دولار لنظام القبة الحديدية في 2015 لكن اعضاء الكونغرس رفعوا هذا المبلغ، وعادة يزيد الكونغرس المبالغ التي يطلبها الرئيس لتمويل المشاريع المرتبطة بامن اسرائيل. بحسب فرانس برس.

في الوقت نفسه دافعت عن تحركات لإعادة إمداد حليفتها الوثيقة بالذخيرة، وكرر البيت الأبيض موقفه بأن إسرائيل من حقها الدفاع عن نفسها ووصف إعادة إمدادها بالذخيرة فيما يشتد القتال بأنها "روتينية"، ورفض المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست تلميحات بأن إعادة إمداد الإسرائيليين بالذخيرة قد يطيل أمد الصراع قائلا إن العملية "جزء من تسليم روتيني لمبيعات عسكرية خارجية"، وقال ارنست "كانت الأشياء المطلوبة متوفرة وقدمت كما حدث في مناسبات أخرى عديدة"، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها سمحت لإسرائيل بالاستفادة من المخزون الأمريكي داخل إسرائيل لسد نقص نوعين من الذخيرة، ووصفت الذخائر بأنها قذائف دبابات 120 مليمترا وطلقات كاشفة 40 مليمترا تطلق من قاذفات القنابل، وقدم مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية وصفا مختلفا للذخيرة قائلا إنها قنابل يدوية وقذائف مورتر، وقالت وزارة الدفاع إنه من غير الواضح ما إذا كانت الذخائر تستخدم في التدريب أم في العمليات.

وفي كشف جديد لوثائق المستشار الأمني السابق "لوكالة الأمن القومي" الأمريكية، إدوارد سنودن، أظهرت هذه الوثائق مدى التعاون الوثيق بين جهازي المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، وتعاون مصنف على أنه "سري للغاية" أخذ في التشكل جديا عام 1999ن إنها قصة عن التعاون الطويل والوثيق بين جهازي مخابرات كشفت النقاب عنه وثائق إدوارد سنودن، المستشار السابق لدى "وكالة الأمن القومي" الأمريكية، هذه الوثائق لم تعط معلومات تفصيلية عن هذا التعاون ولا حجمه ولكن فقط الملامح العامة والخطوط العريضة، وقد نشر موقع التحقيقات الصحفية "ذي إنترسيبت" هذه المعلومات في أغسطس/آب موضحا وثاقة العلاقات بين جهازي المخابرات الأمريكية والإسرائيلية وخاصة التعاون في منطقة الشرق الأوسط.

ومع الهجمات الإسرائيلية الجديدة على الفلسطينيين في قطاع غزة يؤكد غلين غرين والد، الصحفي السابق بجريدة "الغارديان" البريطانية، أن هذه الهجمات تثبت بشكل واضح "أن السياسة الإسرائيلية المعسكرة تلقى دعما ثابتا وحماية من الحكومة الأمريكية ولولاهما ما كانت لترى النور"، بينما يرى المتحدث الرسمي باسم "وكالة الأمن القومي" أن هذه الوثائق لا تعني شيئا "فمن المعتاد أن تتعاون أجهزة المخابرات مع بعضها البعض بشكل شرعي وقانوني لتعزيز أمن بلادها"، الوثائق تكشف تاريخ العلاقات بين جهازي المخابرات والتي تعود إلى أعوام الستينيات من القرن المنصرم والتي بدأت غير رسمية في البداية ثم تعززت واتخذت شكلا رسميا بداية من العام 1999 بعد توقيع عدد من البروتوكولات المشتركة، من اعتراض الاتصالات إلى تبادل المعدات العسكرية، من وقتها أصبح تبادل المعلومات بين الجهازين آليا تقريبا خاصة فيما يتعلق بالدول العربية في شمال أفريقيا والخليج العربي وأيضا الحركات الإسلامية في دول الاتحاد السوفييتي السابق، وكذلك المعلومات الخاصة بسوريا ولبنان وإيران والعراق وليبيا إضافة إلى "الإرهاب الفلسطيني" الذي ورد ذكره في الوثيقتين اللتين تم الإفصاح عن محتواهما.

وقد بلغ هذا التعاون ذروته عام 2013 وأكده تقرير صدر مؤخرا بقوله إن "وكالة الأمن القومي تتمتع بعلاقة وثيقة وعميقة مع المخابرات الإسرائيلية خاصة على الصعيدين التقني والتحليلي"، وتعدد الوثيقة مجالات التعاون من التنصت على المكالمات الهاتفية والإنترنت واعتراض جميع وسائل الاتصالات وكذلك تصنيف المعلومات واختيار الأهداف، كما أن إسرائيل تستفيد استفادة كبيرة من "وكالة الأمن القومي" التي تقدم لها، على طبق من فضة، معلومات خطيرة تحصل عليها بفضل التقنيات المتطورة والتي كشف عنها أيضا سنودن منذ أكثر من عام، كل هذا التعاون الوثيق يتم رغم إن إسرائيل لا تعد جزءا من التحالف المخابراتي القوي الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، وهذا التبادل المعلوماتي المخابراتي الوثيق لا يقتصر فقط على مجال الاتصالات، فالبروتوكول السري الموقع بينهما عام 1999 يحدد أيضا مجال آخر وهو تبادل أو تأجير المعدات العسكرية بين البلدين وفي أماكن عديدة من العالم، لكن المغزى الحقيقي من وراء هذا البند في البروتوكول يكمن في مشاركة التقنيات الحديثة جدا والمتطورة تحديدا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/تشرين الأول/2014 - 25/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م