نووي ايران.. ملف يتحرك بسكون!

 

شبكة النبأ: قبل انتهاء المهلة السابقة كان الحديث يدور عن امكانية التمديد لفترة جديدة ونهائية، لإبرام الاتفاق النهائي بين ايران والقوى الست الكبرى حول برنامجها النووي، الذي شابه الكثير من التعقيد والغموض، واليوم، وبعد ان اقترب الموعد (الثاني والاخير) من نهايته، عاد الحديث عن قضايا شائكة جديدة، وان الاتفاق قد يحتاج الى وقت اطول، خصوصا وان الموعد المحدد ليس "موعدا مقدسا"، مكا عبر عنه لافروف وزير الخارجية الروسي، فيما تسأل مراقبون ومتابعون عن طبيعة هذه التصريحات التي غالبا ما تحمل في داخلها تناقضا واضحا بين السلب والايجاب، وهو الطابع الذي لوحظ منذ بداية المفاوضات الرسمية بين الطرفين، فهل سينتهي هذا الملف ام سيستمر هذا الغموض؟.

يبدو ان الكثير من المحللين، رجحوا فرضية ارتباط المباحثات النووية، بصورة او اخرى، بالملفات السياسية المتداخلة في منطقة الشرق الاوسط، (والتي استبعدها المفاوضون والقادة السياسيون عند الاشارة اليها من قبل وسائل الاعلام)، خصوصا وان ايران احدى الدول الاقليمية التي لها حضور في الكثير من الملفات (التي وصفت بالمعقدة) الشرق اوسطية، والتي تزعج الكثير من حلفاء الولايات المتحدة الامريكية، التي تحاول، بالمقابل، استدراج ايران الى الانفتاح معها بصورة اكبر، باستخدام مختلف الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية، وطبعا، الملف النووي سيكون في مقدمة هذه الضغوط، كما يرى محللين.

وغالبا ما تصطدم طموحات الولايات المتحدة الامريكية، في تغيير تحركات الحكومة في ايران، بالتيار المحافظ، الذي يعتبر ان الولايات المتحدة الامريكية، العدو الاول له (بالإضافة الى اسرائيل)، وهو امر اتضح بجلاء في الآونة الاخيرة، بعد ان حدد المرشد الاعلى لإيران، الخطوط الحمراء للمفاوضين والحكومة الاصلاحية بالنسبة للملف النووي والتعاون مع الغرب في هذا المجال، كما رفض طرح فكرة اي تعاون بين ايران والولايات المتحدة حول ملف الارهاب وتهديد ما يسمى (الدولة الاسلامية/ داعش)، متهما التحالف بالغموض بعد ان شكك في نواياه ودوافعه المفترضة.

وفي حال كانت هذه الفرضية مبنية على اسس صحيحة، فان مستقبل الملف النووي الايراني والمفاوضات الجارية قد لا تصل الى نهايتها مع الموعد الاخير، وربما يتم تمديدها لمهلة اضافية، مع تعزيز العقوبات، من اجل ممارسة المزيد من الضغوط تجاه ايران، التي قد يحتاج التحالف الدولي الى جهودها في مكافحة الارهاب في المراحل القادمة، بحسب خبراء.  

محادثات جديدة

في سياق متصل يعود وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى فيينا لاجراء محادثات جديدة مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف سعيا لتحقيق تقدم في المحادثات حول برنامج ايران النووي التي تراوح مكانها، وامام ايران والقوى الست التي تتفاوض معها ستة اسابيع حتى 24 تشرين الثاني/نوفمبر للتوصل الى اتفاق تاريخي يهدف لمنع طهران من امتلاك السلاح النووي تحت غطاء برنامجها النووي المدني، وكيري الذي قام بمهمة مماثلة في فيينا في تموز/يوليو، قال في باريس ان التوصل الى اتفاق لا يزال ممكنا في المهلة المحددة رغم انه لا يزال يتعين القيام بالكثير من الامور.

وقال كيري للصحافيين بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف "لا اعتقد انه (الاتفاق مع طهران حول برنامجها النووي) بعيد المنال ولكن لدينا قضايا صعبة تتطلب حلا"، من جهته قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف عند وصوله الى فيينا لاجراء محادثات مع نظرائه من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة انه لا تزال هناك عدة "ثغرات" بين الطرفين رغم تسعة ايام من المحادثات في نيويورك الشهر الماضي، واضاف "سنبذل كل جهودنا لاحراز تقدم في الايام المقبلة"، ورفض كيري التعليق على ما يرجحه العديد من الخبراء وهو تمديد المهلة المحددة للتوصل الى اتفاق، وقال "يجب ان نواصل المحادثات الجدية، وهو ما سنقوم به وسنقيم الى اين نصل".

لكن لافروف قال في مؤتمر صحافي منفصل في باريس ان مهلة تشرين الثاني/نوفمبر "ليست مقدسة"، وقال "انا واثق بانه يمكن التوصل الى تسوية، ولكن لا يمكنني ان اضمن ان هذا الامر سيتم بحلول 24 تشرين الثاني/نوفمبر، هذا الموعد ليس مقدسا"، ومجموعة الست التي تتفاوض مع ايران حول برنامجها النووي تضم الدول الاعضاء الدائمة في مجلس الامن (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) الى جانب المانيا، وترغب مجموعة 5+1 في ان تخفض ايران نشاطاتها النووية لانهاء الخلاف المستمر منذ اكثر من عقد بشان هذا البرنامج، مقابل رفع العقوبات الدولية عن الجمهورية الاسلامية، وتنفي ايران سعيها لامتلاك قنبلة نووية وتقول انها تريد توسيع برنامجها النووي لاغراض انتاج الكهرباء ومعالجة مرضى السرطان.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2013 توصلت ايران ومجموعة 5+1 الى اتفاق مرحلي وامهلت نفسها حتى 20 تموز/يوليو للتوصل الى اتفاق دائم، الا انها لم تتمكن من ذلك ما دفعها الى تاجيل المهلة الى 24 تشرين الثاني/نوفمبر، ونقطة الخلاف الاساسية تبقى قدرات ايران المستقبلية لتخصيب اليورانيوم، وهي العملية التي يمكن ان تنتج وقودا للمفاعلات وكذلك مادة لصنع قنبلة نووية في حال الوصول الى درجات عالية من النقاء في التخصيب، ويبدو انه تم احراز تقدم في تغيير تصميم مفاعل تبنيه ايران في اراك لكي ينتج بلوتونيوم اقل وكذلك ضمان عمليات تفتيش اكبر وحصر الانشطة في منشأة فوردو المحصنة، وتشمل نقاط الخلاف الاخرى وتيرة رفع العقوبات والجدول الزمني الذي سيحدد للاتفاق وتحقيق الامم المتحدة في احتمال وجود "أبعاد عسكرية" لانشطة ايران في السابق. بحسب فرانس برس.

وبدأ العديد من المحللين يتوقعون تمديد المهلة المحددة للتوصل الى اتفاق مجددا، وقال علي فائز من مجموعة الازمات الدولية ان "اتفاقا كاملا بحلول 24 تشرين الثاني/نوفمبر لم يعد محتملا، ما هو ممكن هو تحقيق اختراق يمكن ان يبرر اعطاء الجهود الدبلوماسية المزيد من الوقت"، والتكهنات حول احتمال تمديد المهلة عززتها تعليقات مسؤولين ايرانيين بينهم الرئيس حسن روحاني، وقال روحاني للتلفزيون الرسمي "نرغب في ان تحل المسالة في اربعين يوما لكن اذا حصلت امور اخرى ولم نتمكن من حل كل المشاكل، فان الجانبين سيجدان حلا".

مهلة المفاوضات النووية

بدوره قال مسؤول أمريكي كبير إن التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني بحلول نهاية الشهر المقبل مازال ممكنا وان تمديد هذه المهلة غير مطروح الآن وذلك بعد أن لمحت كل من طهران وموسكو للحاجة إلى متسع من الوقت، وقال مسؤول الخارجية الأمريكية الذي كان يتحدث قبل اجتماع بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون "نعمل على ايجاد أساليب خلاقة تمنحنا التأكيدات التي نحتاجها" بأن إيران لن تنتج أسلحة نووية، وأضاف المسؤول الأمريكي الكبير الذي رفض الكشف عن اسمه "هناك طرق كثيرة للحصول على ’الموافقة’ هنا".

غير أنه أشار أيضا إلى وجود تباين كبير في مواقف المتفاوضين بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني الذي يمثل جوهر خلاف نووي عمره عشر سنوات وأثار على مر السنين مخاوف من نشوب حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط، وقال المسؤول "لا نعلم إذا كان بوسعنا التوصل لاتفاق، قد لا نستطيع"، وتهدف إيران والقوى الست لإنهاء المفاوضات الخاصة ببرنامج إيران النووي في 24 نوفمبر تشرين الثاني، وفي مؤشر على محاولات تسريع الجهود بدأ وزيرا الخارجية الأمريكي والإيراني ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي محادثات في فيينا، وتتركز المحادثات على كبح انشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات التي تقوض اقتصادها.

وتنتهي المهلة بعد أقل من ستة أسابيع ويقول مسؤولون غربيون إن خلافات جوهرية لازالت قائمة بين الجانبين لاسيما حجم أنشطة تخصيب اليوارنيوم الإيرانية في المستقبل، وفي جنيف قال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني إن المفاوضين النوويين الأمريكيين يجب ان يمتنعوا عن التركيز على عدد أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران وان يركزوا على التوصل إلى اتفاق، وتريد القوى الغربية أن تخفض إيران من قدرات أجهزة الطرد المركزي لديها إلى بضعة آلاف مما يعني أن إيران ستحتاج إلى وقت طويل لتنقية كمية من اليورانيوم تكفي لإنتاج قنبلة ذرية، ورفضت طهران المطالب بأن تجري تخفيضا كبيرا لعدد أجهزة الطرد المركزي التي قامت بتركيبها إلى الآن والذي يبلغ 19 ألف جهاز والتي يعمل حوالي نصفها.

واشار نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لاحتمال تمديد المحادثات، وقال المسؤول الأمريكي "لا يزال الوقت متاحا للتوصل لاتفاق، ثمة وقت كاف للانتهاء من الامور الفنية والتوصل لاتفاق سياسي، إذا تبنى كل طرف القرارات اللازمة، وقال لافروف الذي كان يتحدث في باريس حيث اجتمع مع كيري "اثق بإمكانية التوصل لحل وسط" في المفاوضات مع إيران، وصرح للتلفزيون الروسي "لست واثقا من ابرام اتفاق في 24 نوفمبر، هذا التاريخ ليس مقدسا، نسعى للتوصل لاتفاق قبل الموعد ولكن اعتقد ان الجداول الزمنية المصطنعة ليست هي المهة بل جوهر الاتفاق، هذا ما يهمنا". بحسب رويترز.

وترفض إيران المزاعم الغربية بأنها تسعى إلى امتلاك قدرات لإنتاج أسلحة نووية لكنها رفضت وقف تخصيب اليورانيوم وتعرضت بسبب ذلك لعقوبات أمريكية وأوروبية وأخرى فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهددت إسرائيل بتحرك عسكري محتمل ضد إيران إذا لم توافق على أي اتفاق، وذكرت وكالة الطلبة للأنباء إن وزير الخارجية الإيرني قال إن الجانبين "قد يحتاجان إلى وقت أطول" لبحث المشكلات والحلول الممكنة"، وسيجتمع في فيينا آشتون وظريف ومسؤولين كبار من القوى الست الكبرى الذين يعرفون باسم المدراء السياسيين.

الاتفاق مع الغرب

الى ذلك قال الرئيس الايراني حسن روحاني ان اتفاقا نوويا مع الغرب في حكم المؤكد ان يحدث وعبر عن اعتقاده بانه قد يتم الوصول اليه بحلول موعد انتهاء مهلة في 24 نوفمبر تشرين الثاني، ومتحدثا الى شعبه في كلمة اذاعها التلفزيون الايراني في بث مباشر قال روحاني "توصلنا لإجماع على العموميات ولم يعد باقيا سوى الاتفاق على التفاصيل النهائية: هل سنتوصل لاتفاق في غضون الاربعين يوما القادمة، هل سيجري تمديد الوقت"، "بالطبع التفاصيل مهمة ايضا لكن الاهم هو ان المسألة النووية لا رجعة عنها، اعتقد ان تسوية نهائية يمكن تحقيقها في الاربعين يوما الباقية، لن نعود الي الوضع الذي كان قبل عام، العالم سئم الانتظار ويريد ان تنتهي المسألة وان تحسم من خلال المفاوضات".

وقال روحاني ان "تسوية نووية مؤكدة" متعهدا "ببذل كل جهودنا في ذلك الاتجاه"، وعقدت القوى الخمس الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا والصين وروسيا وبريطانيا) بالفعل سلسلة اجتماعات مع ايران لمحاولة التوصل لاتفاق لكبح انشطة ايرانية النووية في مقابل رفع تدريجي للعقوبات المفروضة على طهران، وسيجتمع دبلوماسيون كبار من الولايات المتحدة وايران والاتحاد الاوروبي لعقد جولة اخرى من المحادثات في فيينا في وقت لاحق سعيا للتوصل الي اتفاق قبل موعد انتهاء المهلة في 24 نوفمبر تشرين الثاني، وقال مسؤول امريكي ان من المرجح التوصل لاتفاق اثناء المهلة الحالية لكن دبلوماسيين غربيين يقولون ان الجانبين مازالا منقسمين حول مسائل اساسية مثل المدى الذي سيسمح لايران ان تصل اليه مستقبلا في تخصيب اليورانيوم الذي يمكن اذا وصل الي درجة نقاء عالية ان يستخدم لصنع قنابل.

فيما اكد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي من جديد "الخطوط الحمر" التي حددتها طهران في مفاوضاتها مع الدول الكبرى، التي يفترض ان تستأنف في فيينا، وحددت طهران ومجموعة الدول الست الكبرى مهلة حتى 24 تشرين الثاني/نوفمبر لمحولة ابرام اتفاق شامل يضمن الطبيعة محض السلمية للبرنامج النووي الايراني، لكن المفاوضات تتعثر بشأن المسألة الحساسة التي تمثلها قدرة ايران على تخصيب اليورانيوم وبرنامج الرفع الكامل لعقوبات الاقتصادية الدولية، وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الايرانية مرضية افخم "اعتقد اننا سنجري مفاوضات ثنائية ومتعددة الاطراف في فيينا"، واضافت ان "الموعد الدقيق سيحدد في وقت لاحق". بحسب فرانس برس.

ويحدد رسم بياني نشر على الموقع الالكتروني لآية الله خامنئي (http://farsi.khamenei.ir/photo-album?id=27858#222825) احدى عشرة نقطة يجب على فريق المفاوضين احترامها قبل توقيع هذا الاتفاق، مكررا خطبه منذ استئناف المفاوضات قبل عام، وتنص واحدة من هذه النقاط على ان "الاحتياجات النهائية لايران في مجال تخصيب اليورانيوم تبلغ 190 الف وحدة اسفي يو" او وحدة عمل الفصل، اي اكثر بعشرين مرة من القدرات الحالية لايران، وقال المسؤولون الايرانيون ان ايرن ستكون بحاجة الى هذه القدرة لانتاج محروقات لمحطة بوشهر ستؤمنه روسيا حتى 2021، في المقابل تطلب الولايات المتحدة والدول الغربية من ايران خفض قدراتها على التخصيب، وقال النص ان "فوردو الذي لا يمكن تدميره من قبل العدو يجب ان تتم حمايته"، في اشارة الى موقع التخصيب الذي أنشئ تحت جبل على بعد اكثر من مئة كيلومتر جنوب طهران وكشف وجوده في 2009، واضاف ان "المسيرة العلمية النووية يجب الا تتوقف او تتباطأ باي شكل من الاشكال"، مؤكدا انه على ايران مواصلة برنامجها "للبحث والتنمية".

مزاعم غامضة ومختلقة

من جانبها نفت ايران الشكوك بأنها نفذت أبحاثا لتطوير أسلحة نووية ووصفتها بأنها مزاعم "غامضة مختلقة" بعد يوم من مواجهة ضغوط غربية جديدة لكي تساعد في تبديد مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها للطاقة الذرية، وقال المسؤول الايراني البارز بهروز كمال واندي في كلمة أمام الاجتماع السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تضم في عضويتها 162 دولة إن ايران ملتزمة بمحاولة التوصل الى حل عن طريق التفاوض لنزاعها المستمر منذ عشر سنوات مع الغرب، واضاف كمال واندي وهو نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية في ايران "غير ان الاجراءات مثل العقوبات أو الوسائل المزدوجة المعايير تضر بالتأكيد بعملية التفاوض وتسبب مزيدا من عدم الثقة".

وحث المسؤول الإيراني القوى العالمية التي استأنفت المحادثات مع ايران في نيويورك على انتهاج "أساليب بناءة وواقعية" تحترم تماما الحقوق النووية لايران من أجل انهاء ما وصفها بأنها أزمة "لا ضرورة لها"، ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في بيانين لمؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية ايران للتعاون مع تحقيق الوكالة المتعثر منذ فترة طويلة في مزاعم بأن طهران عملت على تصميم سلاح نووي، ومع رفض الاتهامات باعتبارها لا أساس لها من الصحة وعدت ايران بالعمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ تولي حسن روحاني (الذي ينظر اليه على نطاق واسع على انه شخصية عملية) الرئاسة في العام الماضي ببرنامج لانهاء عزلتها الدولية.

لكن تقرير الوكالة الدولية الذي صدر في اوائل سبتمبر ايلول أظهر ان ايران تقاعست عن الرد على اسئلة قبل مهلة 25 اغسطس اب بشأن ما تصفه الوكالة بأنه أبعاد عسكرية محتملة للبرنامج النووي الايراني، وقالت دولة عضو في اجتماع الوكالة الدولية "إنه أمر اساسي وعاجل ان تتعاون ايران تماما مع الوكالة فيما يتعلق بالابعاد العسكرية المحتملة"، ويقول مسؤولون غربيون ان هناك حاجة لذلك اذا كانت ايران تريد التوصل الى اتفاق دبلوماسي شامل مع القوى الست لتقليص انشطتها النووية مقابل نهاية تدريجية للعقوبات التي أضرت باقتصادها الذي يعتمد على النفط، وتقول ايران إن برنامجها النووي مسعى سلمي لتوليد الكهرباء حتى يمكن ان تصدر مزيدا من النفط والغاز. بحسب رويترز.

لكن الوكالة نشرت تقريرا في عام 2011 به معلومات مخابرات تفيد بأن ايران لديها برنامج أبحاث للاسلحة النووية توقف في عام 2003 عندما تعرضت لضغوط دولية متزايدة، وأشار التقرير الى نحو 12 مجالا محددا قال إنها تحتاج الى توضيح، وأبلغ الاتحاد الاوروبي مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن "حل جميع القضايا العالقة سيكون أساسيا لتحقيق تسوية بعيدة المدى شاملة عن طريق التفاوض" مع ايران، وثلاثة من القوى الست التي تتعامل مع الملف النووي الايراني أعضاء في الاتحاد الاوروبي وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وقال كمال واندي ان ايران تتعاون تماما مع الوكالة الدولية وان هذا أظهر "حسن النية والجهود الحقيقية لتوضيح بعض (المزاعم) الغامضة المختلقة، اذا كان هناك أي شيء، فيما يتعلق بالانشطة السلمية" للجمهورية الاسلامية، واثار انتخاب روحاني الامال بالتوصل الى حل للمواجهة مع الغرب بعد سنوات من التوتر المتزايد والمخاوف من اندلاع حرب جديدة في الشرق الاوسط، وتم التوصل الى اتفاق مؤقت بين ايران والقوى الست في جنيف في نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي، لكنها لم تلتزم بمهلة يوليو للتوصل الى اتفاق طويل المدى وتواجه الان مهلة جديدة تنتهي في الرابع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني القادم.

البنوك الدولية والعقوبات

من جانب اخر قال مسؤول مصرفي إيراني كبير إن البنوك الدولية تحجم عن إجراء صفقات لتجارة المواد الإنسانية مع ايران خوفا من تعرضها لغرامات جراء انتهاك العقوبات الغربية رغم الخطوات الرامية لتسهيل التجارة، ويسمح نظام العقوبات (الذي فرضته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على طهران بسبب برنامجها النووي) بتجارة المواد الإنسانية مثل الأغذية والأدوية، ولا تزال بنوك كثيرة تحجم تماما عن التعامل مع إيران بسبب الغرامات الكبيرة التي فرضتها السلطات الأمريكية على إجراء صفقات مع دول تقع تحت طائلة العقوبات من بينها الجمهورية الإسلامية مثل غرامة قدرها 8.9 مليار دولار فرضت على بنك بي.إن.بي باريبا الفرنسي.

وبدأ بنك الشرق الأوسط الذي يتخذ من طهران مقرا له ويركز على تجارة المواد الإنسانية أنشطته في الأول من نوفمبر تشرين الثاني 2012 مع تركيز على التجارة الانسانية، ورغم ذلك فان برويز أجيلي الرئيس التنفيذي للبنك قال إن البنك ما زال يجد صعوبة في إجراء صفقات، وبنك الشرق الاوسط بنك خاص مملوك لمستثمرين من بينهم شركات ايرانية صغيرة ومتوسطة يمكن لكل منهم تملك حصة لا تزيد عن 5 بالمئة، وقال أجيلي "أصبح مجرد بدء اجراءات عملية بسيطة مثل فتح خطابات ائتمان لاستيراد مواد (حتى لو كانت مواد إنسانية) أكثر صعوبة وعناء"، واضاف "لا تريد البنوك (الدولية) المخاطرة، إنهم يتفهمون الأمر ويقولون لنا إن هناك قواعد، لكنهم يقولون إن العائد المتوقع ليس كافيا لتحمل المخاطرة، إنهم يقولون إنه إذا حدث خطأ فسيواجهون غرامات ضخمة وهذا ما يحدث في 99 بالمئة من النظام المصرفي خارج إيران". بحسب رويترز.

وتحاول إيران إقناع بنك إتش.إس.بي.سي بإجراء صفقات إنسانية كان جمدها بسبب المخاوف من انتهاك محتمل للعقوبات، ويؤكد مسؤولون أمريكيون إنهم وسعوا نطاق التراخيص المصدرة بشأن الأغذية والسلع الزراعية والأدوية والأجهزة الطبية لإيران، وأنشأوا أيضا ما يسمى "بقنوات إنسانية" في أوروبا وآسيا لتسهيل التجارة المشروعة مع إيران وهو نظام يتضمن قائمة من شركات دولية تم الموافقة عليها والتي تستطيع القيام بأنشطة هناك إضافة إلى بضعة بنوك تجارية، ومنذ فرضت عقوبات مشددة تتعلق ببرنامج إيران النووي في 2006 إتخذت الحكومات الغربية سلسلة من الإجراءات ضد شركات إيرانية من بينها تجميد أصول وعرقلة تجارة ومنعها من إجراء تعاملات مع البنوك الغربية في محاولة لتقليص البرنامج النووي الذي يعتقد الغرب أنه يهدف لإنتاج أسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران.

وقال أجيلي إن تأثير العقوبات والقيود على البنوك الإيرانية "في البداية، لم يكن سيئا للدرجة التي تجعل البنوك لا تعرف ماذا تفعل"، واضاف "لكن الأمر ازداد سوءا تدريجيا، لم نشهد بالتأكيد أي تحسن منذ تولى الرئيس حسن روحاني منصبه، لا نحتاج لأي تمويل، إنها أموالنا ولا نستطيع تنفيذ تلك الصفقات"، ولدى بنك الشرق الأوسط أصول اجمالية قيمتها حوالي مليار دولار وتم تصنيفه كشركة خاضعة للعقوبات من جانب وزارة الخزانة الأمريكية في 29 أغسطس آب، وعندما تم الإتصال بوزارة الخزانة الأمريكية للحصول على تعليق أشارت متحدثة إلى البيان الذي أصدرته الوزارة في أغسطس آب وتضمن أن بنك الشرق الأوسط تم إدراجه في قائمة زارة الخزانة في إطار أمر تنفيذي وقعه الرئيس باراك أوباما في فبراير شباط 2012 لتجميد أصول وحيازات مؤسسات مالية إيرانية.

وقال أجيلي "وقع أوباما الأمر ليشمل حكومة طهران والبنك المركزي وجميع المؤسسات المالية في إيران، سواء رضينا أم لم نرض فإننا في القائمة لأننا ببساطة مسجلون في إيران ولأن رخصتنا أصدرتها الحكومة الإيرانية"، وقال أجيلي إن بنك الشرق الأوسط الذي يكمل عامه الثاني يمضي قدما في خطط توسعة والتي تتضمن إنشاء مكاتب في مومباي ومكان آخر، ولدى البنك بالفعل مكاتب في دبي وأربيل، ويهدف البنك أيضا لإصدار سندات قابلة للتحويل إلى أسهم بقيمة تبلغ نحو 100 مليون دولار في الاشهر الثلاثة القادمة في السوق الإيراني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/تشرين الأول/2014 - 24/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م