الشباب مسؤولية من؟

علي فاهم

 

قال رسول الله (ص) أوصيكم بالشباب خيراً فأنهم أرق أفئدة.

نعم إن الشباب أرق أفئدة وأصلح قلوبا، إذا وجدوا منذ بداية الطريق من يحسن قيادتهم وسياستهم، فإن في الشبيبة معنى العزم والتوقد والإقدام، وكلمة «الشباب» نفسها فيها معنى الحرارة والنور، لأنها مأخوذة من قولهم: شب الرجل النار، إذا أوقدها فتلألأت ضياءاً ونوراً، وفيها معنى الطموح والارتفاع.

 ويذكر لنا التاريخ أن أول من أوجد المؤسسات التي تهتم بالشباب في الاسلام هو الامام علي (عليه السلام) (ونحن نعيش أيام تنصيبه ولياً على المسلمين) أبان حكمه عندما أوجد تشكيل شبابي سماه (الفتوة) ضم مجموعة من الشباب من أبناء الصحابة فرعاهم ودربهم وغذاهم على مختلف المهارات الفكرية الاسلامية والبدنية والعسكرية والعلمية وجعل عليهم من يعلمهم ويدرسهم.

فالشباب طاقة كامنة يجب أن نهتم بتطويرها واستثمارها كما نستثمر كل الطاقات التي تختزنها الامة فهم رجال وقادة البلد عما قريب ونجاح الوطن وتطوره مرتبطاً ارتباطا عضوياً بعلاقة طردية غير منفكة عن تطوير طاقات الشباب وتوظيفها ضمن خطط استراتيجية معدة بشكل مدروس من قبل مؤسسات الدولة التي لها علاقة بهذه الشريحة من المجتمع.

 ومن الطبيعي أن أعداء الامة لا يرغبون أن نتطور أو نتقدم فهذا ليس في مصلحتهم فيبذلون وسعهم في أن لا يلتفت الشباب الى دورهم الحقيقي وهو صناعة مستقبل الوطن ويشغلوهم بكل ما من شأنه أن يلهيهم عن هدفهم وبشتى الوسائل من خلال توفير كل ما من شانه الالهاء والتميع وتسطيح الفكر ونشر الرذيلة والتسافل الخلقي تارة أو زرع حالة اليأس والاحباط في نفوس الشباب تارة أخرى أو توجيه الافكار نحو الانبهار بالحضارة الغربية الى درجة استصغار قدرتنا على اللحاق بهم أو التفوق عليهم رغم أن أبرز من يقود المؤسسات العلمية والتكنلوجية عندهم هم من شبابنا الذين لم نحسن استثمار عقولهم ولو أننا وفرنا لهم بعض ما يحتاجونه لقدموا أفضل مما يقدموه في تلك البلدان لأن الدافع سيكون أكبر بقدر الوطن وحبهم لهذه التربة التي أنجبتهم والوفاء لمن رعاهم.

 ولهذا فمهمتنا اليوم هو رعاية هؤلاء الشباب وتوفير كل مستلزمات هذه الرعاية وهو واجب على كل من يعتبر نفسه قائد سواءاً مسؤول في الدولة أو في المجتمع وتبدأ هذه الرعاية من الاسرة ولا تنتهي عند المؤسسات الحكومية أو المجتمع بصورة عامة فهو واجب تكاملي ومهمة الشباب أن يستغلوا كل طاقاتهم ووقتهم وعنفوانهم لتوظيفه في مدارات علمية ودراسية في البحث والتجريب والتقصي واستثمار ثورة الاتصالات والانترنيت وتوظيفها بما يخدم تطور الفرد ذاتياً وتطوير القدرات الخاصة وحب العلم والمعرفة والثقافة فكما تقاس أعمار الامم بكونها أمم شابة أو مصابة بالشيخوخة والعجز والهرم من خلال معدل أعمار أغلب أفرادها فهذا لا يعني أن أمة أغلب أفرادها من الشباب كأمتنا نحن يمكن أن نحكم عليها أنها أمة شابة إن لم يكن شبابها يرتدون العلم لا الجهل ويسابقون رياح التطور لا التقهقر ويمسكون بالوقت كالذهب لا أن يبذلوه رخيصاً على قارعة الشوارع أوفي دردشة تافهة أوفي حوار طويل حول فوز هذا الفريق وخسارة ذاك الفريق.

اننا نقف في مفترق طرق، أما أن نؤدي تكاليفنا بإخلاص ونأخذ بيد بعضنا البعض فننهض بهذا الوطن لنصنع مستقبله بأيدينا كما نريده أن يكون شامخاً كالجبل ثابتاً لا يهاب الاندثار وأما أن نحكم على وطننا بالجهل المؤبد ليصاب بالشلل والفقر رغم أنه يحوي الكنوز بين ثناياه التي تشير الروايات أنه سيأتي يوم ينكشف الفرات عن كنوز ويفسر أحد المراجع هذه الكنوز بالشباب الواعي أي أنتم.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/تشرين الأول/2014 - 24/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م