لا القوات الغربية والامريكية ولا الشرقية ولا القبضة الامنية
والاعتقالات التعسفية والمحاكمات للنشطاء والحقوقيين وغيرها تحمي
الاوطان، وانما الشعب هو الجندي الأول لمواجهة كافة المخاطر وبناء
واعمار الوطن الغالي.
المنطقة العربية تمر بمرحلة خطيرة جداً تهدد وجود الدول المرسومة
حاليا على الخريطة، وهي بالتالي تهدد وجود الأنظمة الحاكمة على وجه
الخصوص، ومعظم مواطني المنطقة يشعرون بمدى المخاطر التي تهدد دولهم
ومستقبلهم، ومن الصعب لأي مراقب ومتابع أن يقرأ مستقبل المنطقة في ظل
الأحداث المتسارعة وغير المتوقعة والمتقلبة وهي أحداث مخيفة جداً.
شعوب المنطقة هم الضحايا الحقيقيون الذين تحولوا إلى لعبة تارة،
وتارة إلى حطب للنار المستعرة في منطقتهم بسبب خطط أعداء الأمة وأخطاء
الساسة.
لا شك إن سياسة الأنظمة الحاكمة في المنطقة لها دور كبير في وصول
الأمور إلى هذه الدرجة من التعقيد والخطورة على الصعيد السياسي
والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والديني، وضياع بوصلة الحاضر
والمستقبل والشعور بالضياع والضعف.
وما يحدث اليوم نتيجة طبيعية لتراكم السلبيات السياسية والإدارية
والتي استغلت بذكاء شيطاني من قبل أعداء الأمة العربية لزرع الفتن بين
أفراد الأمة الواحدة بل بين الشعب الواحد.
إن مواجهة الإرهاب وبالتحديد داعش وأخواتها التي تحولت إلى مارد
مخيف للحكومات العاجزة عن مواجهته لوحدها ولجأت إلى الدعم الأمريكي
والغربي، وبالتالي صناعة عدو جديد لمحاربته مع إعلان الرئيس أوباما
الحرب ضد داعش.
هل حقا جماعات داعش تشكل التهديد الأكبر للعالم؟.
مَن صنع داعش وجعله يكبر ويمتد ويصبح شبحا للتخويف وابتزاز أنظمة
المنطقة؟.
حرب داعش وانعكاساتها على دول المنطقة وبالخصوص الخليج والسعودية
طبيعية لأسباب عديدة منها:
وجود تيار مؤيد ومتعاطف مع داعش في الخليج والسعودية بالتحديد،
الفكر والمدرسة الذي تعتمد عليه جماعة داعش هو الفكر السلفي، لدى داعش
طموح للسيطرة على بلاد الحرمين لتكون ممثلة الإسلام، والسيطرة على
خيرات الخليج النفطية، أي تملك قوة الدين والمال، بالإضافة إلى معرفة
داعش بنقاط القوة والضعف في المجتمع الخليجي والسعودي بالذات، والعمل
على إستغلال الغضب الشعبي والشعور بالاحباط من الوضع القائم، فهناك
ملفات ساخنة جداً عديدة في السعودية على سبيل المثال منها: الاقتصادي
في ظل وجود شريحة كبيرة من الفقراء من الشعب لا يملكون سكن ملك بنسبة
تشكل نحو 80 بالمئة، بالاضافة للبطالة بين الرجال 30 بالمئة وبين
النساء تصل نحو 85 بالمئة، والسيطرة على الأراضي (باسم التشبيك) بحيث
إن السعودية ذات المساحات الشاسعة أراضيها ممنوحة لعدد من الأشخاص.
الملف التعليمي وبالخصوص المناهج الدينية ذات التوجه الواحد وتنظيفه
من الأفكار الضارة والمتشددة التي تبني جيلا متشددا يؤمن بتكفير وقتل
الاخرين.
الملف السياسي الإصلاح الشامل بما يتوافق مع تطلعات ومطالب الشعب
لتحقيق العدالة الاجتماعية والحرية، وأهمية مشاركة الشعب بشكل مباشر في
اختيار الدستور الذي يمثل إرادته، بالإضافة إلى ملف البدون جنسية،
والقوانين الجديدة بسحب الجنسية.
الملف الأهم حاليا والأكثر خطورة هو الملف الحقوقي " قضايا
المعتقلين النشطاء والحقوقيين والإعلاميين السلميين الذي يشغل الكثير
والذي أصبح له أبعادا أكبر ومع مرور الأيام يزداد تفاقما وخطرا.
إن بقاء هذا الملف الداخلي المعتقلين بهذا الوضع والإصرار على
التعامل معه بأسلوب أمني فقط، ساهم في تفاقم الأمور بشكل سلبي، وهذا
ليس في صالح الوطن الذي يمر بظروف حرجة ومخاطر جسيمة تهدد كيانه، في
وقت يحتاج الوطن للوحدة الوطنية للوقوف أمام المخاطر الخارجية عبر
إيجاد حل لهذه الملفات الداخلية بنفس وطني بعيدا عن التصعيد وبالخصوص
لمعتقلي الرأي والمطالبة بالإصلاح والعدالة الاجتماعية والتعددية بشكل
سلمي من خلال البيانات والعرائض وعبر التواصل مع كبار المسؤولين في
الوطن مباشرة، مثل الدكتور عبدالله الحامد والدكتور محمد فهد القحطاني
ومحمد البجادي، والشيخ توفيق العامر والشيخ جلال ال جمال، والشيخ نمر
النمر المعروف الذي تحول إلى رمز لمعتقلي الرأي، وتجاوزت قضيته حدود
الوطن وتدخلت دول وهيئات وشخصيات دولية تحذر من مغبة الحكم عليه
بالإعدام، حيث أنه يحاكم حاليا، وقد شهدت المحكمة فصولا مثيرة شغلت
الرأي العام، إذ إن المتهم يرفض التهم الموجه إليه، وان تهمته مجرد
التعبير عن الرأي والمطالبة بالإصلاحات بسقف عالي؛ بالإضافة الى اعتقال
الناشط الحقوقي المحامي وليد ابو الخير المعروف بنشاطه السلمي في
الدفاع عن المعتقلين وقد طالبت الهيئات والمؤسسات الدولية بالإفراج
الفوري عنه، ان وجود آلاف المعتقلين في السجون يعني ان آلاف الأسر
تعاني وفي وضع محتقن وغليان وغضب.
في الكويت يوجد مشكلة في تطبيق العملية السياسية رغم انها هي رائدة
العمل الديمقراطي في المنطقة، ولكنها بحاجة الى تطوير بما يناسب
المرحلة الحالية.
البحرين البلد الصغير الغالي على كل مواطن عربي، يعيش أزمة كبيرة
وتفاقمت منذ 14 فبراير 2011م. وجميع المحاولات الأمنية وإعتقال القادة
والرموز والزج بهم في السجون عبر الحكم عليهم بالمؤبد، وتواصل
الاعتقالات وسقوط ضحايا أعزاء من المواطنين لم يحل المشكلة بل ازدادت
تعقيدا، وهذا الملف من المهم أن يبادر الخليجيون لإيجاد حل سلمي له لان
استمراره له مضاعفات على المنطقة.
كما ان قرار بعض الدول بسحب الجنسية من مواطنين لا يعرفون غير هذا
الوطن الذي ولدوا فيه بسبب نشاطهم السياسي، أمر مرفوض ويسبب أزمة
جديدة.
لابد من مبادرة سياسية ووقفة وطنية من الجميع وبالخصوص من السلطة
لحل كافة الازمات الداخلية والتفرغ للمخاطر الكبرى الخارجية التي تهدد
الوطن والمنطقة، ومنها داعش.
الحل بسيط اذا وجدت الإرادة والنية الصادقة من الجميع ليكون الوطن
للجميع ويتسع للجميع، وكما تم استضافة إجتماع اقليمي حول مواجهة داعش
في 11 سبتمبر الماضي في جده بإرادة، فان معالجة كافة الأزمات الداخلية
أكثر سهولة إذا وجدت الارادة، فالكل يريد أن يعيش بسلام وامان،
والبداية تكون بحصول المواطنين على حقوقهم في ظل دستور منبثق من الشعب،
الامر بحاجة إلى مبادرة من الأنظمة.
لا القوات الغربية والامريكية ولا الشرقية ولا القبضة الأمنية
والاعتقالات التعسفية والمحاكمات للنشطاء والحقوقيين وغيرها تحمي
الاوطان، وانما الشعب هو الجندي الأول لمواجهة داعش وكافة المخاطر
وبناء واعمار الوطن الغالي.
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |