أزمة اليمن تنذر بوجود مشاكل

في الفناء الخلفي للمملكة العربية السعودية

سايمون هندرسون

 

في 1 تشرين الأول/أكتوبر، عقد وزراء داخلية المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، بمشاركة رئيس الاستخبارات السعودي، اجتماعاً "طارئاً" في ميناء جدة على البحر الأحمر لمناقشة الوضع المتدهور بسرعة في اليمن، بعد أن فقدت حكومة الرئيس عبده ربه منصور هادي السيطرة على العاصمة صنعاء. وكانت دول "مجلس التعاون الخليجي" قد قامت بـ "مبادرة" توجيهية لضمان سلاسة الإصلاح السياسي في اليمن منذ انهيار نظام الرئيس علي عبد الله صالح عام 2012. وقد تضمن البيان الرسمي الذي صدر بعد الاجتماع عبارة تنذر بالسوء بأن "دول مجلس التعاون الخليجي" لن تقف مكتوفة الأيدي أمام "التدخلات الخارجية" في اشارة واضحة إلى إيران - هذا بالإضافة إلى الملاحظات العادية المدى مثل "أهمية إعادة كافة مؤسسات الدولة إلى سيطرة السلطات الشرعية".

ومن غير الواضح مدى الروابط القائمة بين الحوثيين، الذين ينحدرون من شمال غرب اليمن، وإيران ، ولكن التقارير قد ذكرت أنه تم تدريب المقاتلين الحوثيين في إيران؛ وتظهر أشرطة فيديو لمعسكر تدريب عن وجود تشابه مع مقاتلي «حزب الله» في لبنان - ذلك التنظيم الذي تدعمه ايران. ومن الناحية الدينية ينحدر الحوثيون - الذين يبلغ عددهم وفقاً للتقديرات نحو ثلث سكان اليمن البالغ عددهم 26 مليوناً - إلى الشيعة الزيدية ولكن لطالما كانت لهم علاقات أوثق مع السنة اليمنيين من تلك التي تربطهم بالشيعة الإيرانيين. أما السعودية، التي لديها سكان زيديين على جانبها من الحدود المتبادلة، فلم تثق أبداً بالحوثيين وخاضت حرباً حدودية قصيرة معهم في 2009- 2010، عانت خلالها القوات السعودية عدة نكسات محرجة.

وقد تطورت الأزمة الأخيرة في غضون بضعة أسابيع. فالحوثيون المسلحون - الذين يشعرون بالتهميش من قبل حكومة منصور هادي - أقاموا مخيمات احتجاج في أنحاء العاصمة في أواخر آب/أغسطس، في ذروة سنام التقدم العسكري من أراضيهم نحو الجنوب الذي دام ستة أشهر- وبالكاد لوحظ من قبل العالم الخارجي. ومن ثم، في نهاية أيلول/سبتمبر، وبعد أربعة أيام من القتال حول قاعدة عسكرية رئيسية في شمال غرب العاصمة، استولى المسلحون الحوثيون فجأة على العاصمة نفسها، وأقاموا نقاط تفتيش في أنحاء المدينة. وقد اضطرت الحكومة إلى توقيع اتفاق لانشاء إدارة جديدة، لكن سرعان ما أصبح الاتفاق حبراً على ورق عندما سيطر الحوثيون على المطار والبرلمان والبنك المركزي ومقر قيادة الجيش. ولا يزال الرئيس منصور هادي حاكم البلاد من الناحية النظرية، في الوقت الذي تريد فيه قيادة الحوثيين على ما يظهر مشاركة قوية في الحكومة الجديدة دون أن تكون هذه القيادة هي التي تحكم البلاد مباشرة.

وقد تتبعت واشنطن عن كثب تطور الأزمة ولكن يبدو أنها مغلوبة على أمرها. وفي 6 أيلول/سبتمبر، قامت كبيرة مساعدي الرئيس أوباما لشؤون الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب، ليزا موناكو، بزيارة صنعاء، قال بعدها البيت الأبيض بأن السيدة موناكو "أكدت دعم الولايات المتحدة الدائم للرئيس هادي وللشعب اليمني في المساعي الرامية إلى إشاعة السلام والاستقرار، وتحقيق الرخاء والازدهار من خلال عملية الإصلاح الاقتصادي والانتقال السياسي التاريخي الجارية في البلاد". وبعد أربعة أيام، اتصل الرئيس الأمريكي هاتفياً بالعاهل السعودي الملك عبد الله قبل أن يعلن استراتيجيته لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») - الذي سمّى نفسه قبل بضعة أشهر بـ «الدولة الإسلامية» عندما أعلن الخلافة في أجزاء من العراق وسوريا.

وأشارت قراءات البيت الأبيض للمكالمة الهاتفية ان الزعيمين "بحثا أيضاً التطورات في اليمن، وأكدا التزامهما المشترك لدعم الرئيس هادي والحكومة اليمنية في تحقيق حل مستدام للتوترات الحالية مع الحركة الحوثية في إطار مبادرة العملية الانتقالية لدول «مجلس التعاون الخليجي»". وفي خطابه التلفزيوني في وقت لاحق من ذلك اليوم، أشاد الرئيس أوباما باليمن باعتبارها مثالاً ناجحاً للاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب. ولكن بعد أسبوع من ذلك حثت السفارة الامريكية في صنعاء الرعايا الأمريكيين في اليمن على مغادرة البلاد، مستشهدة بمستوى التهديد الأمني ​​المرتفع الناتج عن الأنشطة الإرهابية والاضطرابات المدنية.

وتذكّر أزمة اليمن بأن السعودية ودول الخليج المحافظة الأخرى تعتبر قدرة إيران على إلحاق الأذى [بالدول السنية] كمثيرة للقلق، بنفس قدر تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق. وعلى الرغم من عدم وضوح تدخل إيران في اليمن - حيث تشير التكهنات بأنه يجري أيضاً دعم الحوثيين من قبل الرئيس السابق علي عبد الله صالح - إلا أن التصورات لدى قادة دول "مجلس التعاون الخليجي" لها واقعها الخاص. إن مساعدة الرئيس منصور هادي على إعادة السيطرة على الأمور في الوقت الحالي سوف تشكل التحدي الأكبر الذي يواجه دول "مجلس التعاون الخليجي" والولايات المتحدة على حد سواء.

وهناك الكثير من العوامل التي تعقد الأمور، من بينها: واقع اختباء القائد العسكري للرئيس، اللواء علي محسن الأحمر، حيث يُطارَد من قبل الحوثيين، وكذلك تداعيات عملية مكافحة الإرهاب التي تقوم بها الولايات المتحدة ضد العديد من عناصر تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» التي تختبئ في اليمن، حيث تبرهن هذه الحركة أنها تتمتع بمرونة بارزة كذراع تنظيم «القاعدة» الأم، فضلاً عن الأثر المحتمل للأحداث على المشاركة العسكرية لدول "مجلس التعاون الخليجي" في هجمات التحالف على تنظيم «داعش». بيد، هناك تعقيد آخر يشكله الحديث عن اتفاق تسوية محتمل مع إيران بشأن القضية النووية، الذي من المرجح أن يزعج السعودية نظراً لعدم ثقتها الفطرية بإيران. وتدعو جميع هذه الملابسات إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية من جانب واشنطن في عواصم دول "مجلس التعاون الخليجي" من أجل منع هؤلاء الأعضاء الهامين في التحالف المناهض لـ «الدولة الإسلامية» من أن ينأوا بأنفسهم عن الولايات المتحدة في لحظة حاسمة.

* سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.

http://www.washingtoninstitute.org/

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/تشرين الأول/2014 - 12/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م