لا تقلُّ اعتذارات نائب الرئيس الاميركي جو بايدن لعدد من منابع
الاٍرهاب، لا تقلُّ خطورة عن الارهاب نفسه، فاذا كانت سكّين
الارهابيّين تحزُّ رقبةً واحدةً في كل مرّة، فانّ اعتذاراته حَزَّت
رقاب كثيرة.
انّه اعتذار ارهابي بامتياز، ويا ليته لم ينطق بالحقيقة أصلا، فلم
يسم الأشياء بأسمائها، فانّ ذلك افضل من ان يفعل الشيء الصحيح ثم يعتذر
عنه.
اعتذارهُ رسالة خاطئة جداً، انّها ترقى الى مستوى ارتكاب جريمة
تفجير سيارة مفخخة في سوق شعبي او حزام ناسف في مجلس عزاء.
كان على بايدن ان يقدّم اعتذاره لضحايا الاٍرهاب بسبب تستّر بلاده
على منابعه في المنطقة كل هذه السنين الطويلة، فيعتذر على الأقل لعائلة
الصحفي الاميركي (جيمس فولي) او لعائلة عامل الاغاثة البريطاني (ديفيد
هاينس) اما ان يعتذر لمنابع الاٍرهاب لانه سمّاها بالاسم، وهي اول مرة
كما قلت في مقالتي السابقة والتي يبدو انها ستكون الاخيرة، فان ذلك لا
يقلّ خطورة عن الاٍرهاب نفسه، فلماذا حشرَ بايدن نفسه مع الارهابيّين؟
ما الذي اضطرّه الى ذلك؟.
واذا كانت انقرة ونظام القبيلة في دولة الإمارات ومن لف لفهما غير
معنيّين بدعم الارهاب وايواء الارهابيّين، فمن هو المعني اذن؟ ومن هو
المقصود بتصريحات بايدن اذن؟.
لقد اطلق بايدن رصاصة الرحمة على آخر قطرة حياء كانت تحتفظ بها
واشنطن في جبينها لذرّ الرماد في عيون المغفّلين، انّه دقّ آخر مسمار
في نعش مصداقية الولايات المتّحدة في حربها على الاٍرهاب، فلم يعد أحدٌ
بعد الان يصدّق بتحالفها الدولي الذي تدّعي انه للقضاء على الاٍرهاب،
فمن لا يمتلك الشجاعة اللازمة لتسمية الأشياء بأسمائها ولو نظرياً، كيف
سيتصرّف بشجاعة في الحرب على الاٍرهاب عملياً؟.
ادعو أُسر ضحايا الارهاب الذين حَزَّت رقابهم سكاكين الارهابيّين
امام مرأى ومسمع العالم، خاصة من المواطنين الأمريكان والاوربيين،
ادعوهم الى ان يقُاضوا بايدن بتهمة التستّر على منابع الارهاب،
فاعتذاراته المتكررة لا تقلّ خطورةً وجريمةً عن سكّين الإرهابي التي
حَزَّت رقاب ابنائكم.
انها تحريضٌ على حزّ المزيد من رقاب ابنائكم بلغةٍ دبلوماسيّة.
أنقرة الإرهابيّة
لعلّها المرّة الاولى التي تتحدّث فيها واشنطن صراحة عن حواضن
الاٍرهاب في المنطقة، عندما قال نائب الرئيس جو بايدن مؤخراً بأنّ
تركيا تحمي الارهابيين وتحتضن تنظيماتهم.
ان ذلك يزيد من ثقة العراقيين، على وجه التحديد، في مصداقية
التحالف الدولي في حربه على الاٍرهاب، كما أنّه إشارة الى جديّة واشنطن
في هذه الحرب، اذ ليس من المعقول ان تصرّ الولايات المتحدة على بناء
التحالف الدولي لخوض هذه الحرب وفي نفس الوقت تتجنب وضع النقاط على
الحروف وتسمية الحواضن الإقليمية التي لازالت تقدّم كل انواع الدعم
للارهابيّين، وعلى رأس هذه الحواضن اليوم تقف تركيا التي لا يحتاج
المتابع الى كثير جهد او عناء ليرى بأُمّ عينيه مئات العناصر الارهابية
التي تمر يومياً من مطاراتها، والتي تتجمع كالجراثيم من مختلف دول
العالم، لتدفع بها السلطات التركية الى داخل العراق وكذلك الى بعض
المناطق السورية التي تشهد تواجداً مكثّفاً للارهابيين.
ان تركيا العجوز توظّف اليوم، وللاسف الشديد، شعار الحرب على
الاٍرهاب لتحقيق أجندات واهداف سياسية في العراق، وكذلك في سوريا.
انها توظّف الاٍرهاب لتحقيق احلام مريضة واطماع تاريخية تافهة لا
ينبغي على مثلها ان تفكّر بها، على اعتبار انها تدعي الديمقراطية
والعصرنة فكيف تجيز لنفسها ان تفكر بهذه الطريقة السيئة؟.
انّني أُحذّر انقرة من مغبة توظيف الاٍرهاب في السياسة، من جانب،
كما أُحذّر حكومة اقليم كردستان من القبول، او حتى السكوت او غض الطرف،
بأي تدخّل عسكري بري تركي في الاراضي العراقية، وانّ عليها ان تنتبه
الى ما يبيّته مثل هذا التدخل في العراق، من أهداف سياسية خطيرة، فهو
يستهدف تجربة الإقليم ويسعى لليّ ذراع الإقليم بمثل هذا التدخل البري
المزعوم.
انه يعقّد الجهود الوطنية الرامية لطرد الارهابيّين من الاراضي
العراقية وتحريرها من براثنهم، كما انه يعقّد المشهد السياسي في
العراق، فتركيا التي هي حاضنة أساسية للارهاب غير مكترثة بالحرب على
الاٍرهاب ابدا.
ينبغي على كل العراقيين الوقوف صفاً واحداً خلف قرار الحكومة،
ورئيس مجلس الوزراء تحديداً، القاضي برفض اي تواجد عسكري بري خارجي على
الاراضي العراقية، خاصة العربي والتركي، فان لهما اجندات سياسية طائفية
وعنصرية لا تختلف كثيراً عن اجندات التنظيمات الإرهابية.
اخيرا:
اتمنّى على تركيا، بحكومتها الجديدة، ان تستحضر التجربة فلا تسترسل
مع اجندات نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية والذي ورّطها
في وحل الاٍرهاب في سوريا، عندما وعدها بحرب خاطفة ثم تجني الثمار
براميل بترول مجانيّة، لتجد نفسها في ورطة لها اوّل وليس لها آخر،
واليوم يحاول ان يورّطها في وحله في العراق من وراء جدار، فستدور
الدائرة ولو بعد حين.
[email protected]
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |