في اليوم الدولي للاعنف..

لازالت البنادق مشرعة في وطني

زاهر الزبيدي

 

لازال التمثال "اللاعنف" الذي نحته كارل فريدريك رويترزوارد قابعاً في مكانه أمام مبنى الأمم المتحدة، وهو عبارة عن سلاح ناري عُقدت فوهته في دلالة على رؤية الأمم المتحدة في تلك المناسبة الدولية "لنشر رسالة اللاعنف، بما في ذلك عن طريق التعليم وتوعية الجمهور" وبما أكده قرارها في هذا اليوم على " الأهمية العالمية لمبدأ اللاعنف" والرغبة "في تأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاعنف"، انه الثاني من تشرين الأول /أكتوبر، اليوم العالمي للاعنف.

يمر هذا اليوم والعنف يجتاح العراق حين لم تسلم منه بقعة واحدة من التفجيرات الإرهابية المؤلمة والإحتلال الإرهابي البغيض وما تلاها من موجات نزوح جماعية جماهيرية هائلة وما أفرزته المعارك الدائرة اليوم من مآس في سبيل تحرير الأراضي التي اقتطعتها يد الإرهاب من الوطن.. آلاف الشهداء وأضعاف ذلك الإصابات التي يتعرض لها أبناء شعبنا في مسلسل دموي يومي نكابده ونعاني منه أشد المعاناة كأبغض أنواع العنف وأقساها تأثيراً على مجتمعنا.. بل أنه مسلسل طويل وجرح غائر لم نعد قادرين على إيجاد بلسم شاف له، يستنزف كل قدراتنا المادية ويسيطر بوحشية على أفكارنا وآمالنا التي نتطلع بها لمستقبل السلام في أرض الرافدين التي تنصب عزاءآتها يومياً وبالمئات لأولئك المقاتلين الشرفاء ممن قضوا بسكاكين الإرهاب ونيران البنادق التي تصهل كل يوم في رؤوسنا.

الكثير من جرائم الحرب ضد الإنسانية في أبشع إنتهاك لحقوق الإنسان حينما يقتاد المئات من الرجال ليقتلوا بناءاً على إنتماءآتهم الطائفية والمدنيين ممن تطالهم القذائف ونيران الحرب مستهدفة بحقوقهم الإنسانية في العيش بسلام في وطنهم.. والآلاف من الأطفال ممن قتلوا أو حرموا من فرص التعلم وممارسة طفولتهم في بيئة سليمة بعد إحتلال مناطقهم ونزوحهم هرباً من العنف المفرط وقسوته على أجسادهم الغضة.

تلك المعاناة التي لايوجد وصف يستوعب حجمها ولا توجد كلمات في قواميس العنف قادرة على نقلها فوحدهم النازحون في القفار وذوي الشهداء ممن آلمهم فقدان أعزائهم وأحبائهم في تلك الحرب الضروس ؛ قادرين بدموعهم وحزنهم ولوعتهم على تقدير تلك المعاناة ووصفها بما لا تطيقه الكراريس ولا تستوعبه أقلامنا.

نحن نعيش المأساة.. مأساة وطن يُطحن أبناء شعبه اليوم يتناهبهم الفقر والحرمان وفوق ذلك الخوف من الموت وبطش المجاميع الارهاب التي حتى اللحظة لم نجد لها حلاً يسارع في الإنقضاض عليها ولم نجد وسيلة ما تحقق السلام بعيداً من البنادق وفوهاتها المشعلة بنيران الطائفية المقيتة.

وفي اليوم العالمي للاعنف نوجه دعوانا الى كل المؤسسات الحكومية الأمنية والعسكرية والسياسية في أن تعمل على إستيعاب أبعاد المرحلة التي يمر بها وطننا اليوم وتقدير مخاطرها في الحاضر وأبعادها في المستقبل وإستثمار الجهد والزمن والتأييد الدولي الذي تأتى من التحالف الكبير لمحاربة الإرهاب في محاولة للإنقاض على حالة العنف المستشرية اليوم وإعادة هيكلة البناء النفسي والإجتماعي والبنى التحتية لبلدنا.. فنحن نرى أن الحرمان من يؤجج الصراع والفقر هو القاتل لكل أولئك الشباب من كل الطوائف حينما دفع ببعض ضعاف النفوس منهم الى العمل مع المجاميع الإرهابية ودفع بالآخرون لمقاتلتهم.

الحكومة مدعوة اليوم أن تمنح الفرصة لكل الطوائف والقوميات أن تثبت جدارتها في الإنتماء للوطن من خلال التعامل معها بالتساوي على أساس مبادئ حقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة " فاللاعنف هو أقوى قوة في متناول البشرية. فهو أعتى من أعتى سلاح من أسلحة الدمار تم التوصل إليه من خلال إبداع الإنسان" هذا مايقوله المهاتما غاندي زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجية اللاعنف، فكيف سنفهم ذلك وسط موجات التهديدات الكبيرة لأمننا وسلمنا الوطني؟ وما أحوجنا اليوم الى تلك الفلسفة الفريدة في العيش بسلام ووئام؟ وماهو المدى الذي من الممكن أن تصل بنا الحكومة في إيجاد الأطر الحقيقية لمفهوم السلام الدائم في الوطن؟ سلام نعقد معه أسلحتنا ونتشبث بوحدتنا الوطنية وننبذ كل أشكال التفرقة الطائفية والعرقية.

نحن بحاجة للسلام وحاجتنا تفوق كل حاجة أخرى فالعيش بسلام هو العيش بكرامة ولا أعز لدينا من كرامتنا.. حفظ الله العراق.

[email protected]

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/تشرين الأول/2014 - 8/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م