السجائر الالكترونية.. بديل عصري لا يضمن الإقلاع

 

شبكة النبأ: يعد تدخين التبغ من أكثر المظاهر شيوعا في جميع دول العالم، حيث يمارس هذه الظاهرة أكثر من مليار شخص في معظم المجتمعات البشرية. ويرجع تاريخ التدخين إلى عام 5000 قبل الميلاد، حيث وُجد في العديد من الثقافات المختلفة حول العالم. ولتدخين العديد من مخاطر الصحية والاقتصادية فهو مصدر رئيسي للإصابة بالعديد من الأمراض والأزمات الصحية كالسكتة القلبية والجلطة الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي والسرطان (سرطان الرئة بشكل خاص) بالإضافة إلى مشاكل صحية أخرى وبالتالي الوفاة المبكرة.

والتدخين كما تشير بعض المصادر، هو عملية يتم فيها حرق مادة والتي غالباً ما تكون التبغ وبعدها يتم تذوق الدخان أو استنشاقه. وتتم هذه العملية في المقام الأول باعتبارها ممارسة لتروح النفس عن طريق استخدام المخدرات، حيث يَصدر عن احتراق المادة الفعالة في المخدر، مثل النيكوتين مما يجعلها متاحة للامتصاص من خلال الرئة، وهناك آلاف من المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي.

وتعد السجائر هي أكثر الوسائل شيوعًا للتدخين في الوقت الراهن، سواء كانت السيجارة منتجة صناعيا أو ملفوفة يدويًا من التبغ السائب وورق لف السجائر. وهناك وسائل أخرى للتدخين تتمثل في الغليون، السيجار، الشيشة، والبونج "غليون مائي"، هذا بالإضافة الى السيجارة الالكترونية التي اصبحت اليوم وبحسب بعض الخبراء، محل جدل واسع بسبب عدم وجود تأكيدات صحية حول هذا المنتج الجديد، الذي طرح في الاسواق العالمية بغرض مساعدة المدخنين على التوقف عن التدخين.

ففي الوقت الذي تتحدث فيه بعض المؤسسات الصحية عن عيوب ومخاطر السيجارة الالكترونية، يرى البعض من الخبراء انها مجرد افتراضات لا تستند الى دليل علمي، بل على العكس فان جميع النتائج تشير الى ان لهذا المنتج العديد من النتائج الإيجابية، اذا ما تم مقارنته مع تدخين التبغ المعتاد الذي يزيد من ارتفاع الضغط و تسارع نبض القلب و ما إلى ذلك.

وقد حل هذا النوع من التدخين مشكلة لكثير من الناس الذين لم يتمكنوا من الإقلاع عن التدخين باستخدام الوسائل الأخرى. والسجائر الإلكترونية هي عبارة عن أنابيب تشبه شكل السجائر و تعمل بالبطارية, تحتوي على مادة النيكوتين التي يتم تحويلها إلا بخار يستنشقها مستخدم السيجارة من خلال طاقة البطارية, و يعد هذا البخار أمنا للاستخدام بحسب بعض الدراسات. هي اختراع صيني بدأ في عام 2003 في الصين, وهو الآن واسع الانتشار حول العالم.

مرضى السرطان

وفيما يخص بعض الدراسات والبحوث الجديدة في هذا المجال فقد اتخذ الجدل المحتدم حول ما اذا كانت السجائر الالكترونية تساعد المدخنين على الاقلاع عن هذه العادة منحى جديدا بعد تعرض دراسة عن استخدام مرضى السرطان لها لانتقادات حادة ترى انها معيبة. وخلصت الدراسة عن مرضى السرطان المدخنين الى ان من يستخدمون السجائر الالكترونية ومن يدخنون سجائر التبغ هم أكثر اعتمادا على النيكوتين وان فرصهم في الاقلاع عن التدخين متساوية وربما هي أقل بالنسبة لمن يستخدمون السجائر الالكترونية.

وقال العلماء المشاركون في الدراسة التي نشرت على الانترنت في مجلة (كانسر) وهي الدورية التي تصدرها الجمعية الامريكية للسرطان ان نتائج دراستهم تشكك في امكانية ان تساعد السجائر الالكترونية مرضى السرطان على الاقلاع عن التدخين. لكن هذه النتائج كانت عرضة للتشكيك من جانب باحثين آخرين في مجال التدخين والادمان قالوا ان عملية اختيار عينة المرضى في الدراسة المعنية جعلتها غير محايدة.

وزاد خلال العامين الماضيين بصورة كبيرة استخدام السجائر الالكترونية لكن هناك جدلا شديدا حول مخاطرها ومزاياها المحتملة. وتعمل السيجارة الالكترونية ببطارية تنفث دخانا بطعم النيكوتين يستنشقه المدخن. ونظرا لحداثتها فلا توجد أدلة علمية طويلة المدى على سلامتها. ويخشى بعض الخبراء ان تؤدي الى ادمان للنيكوتين وان تكون فاتحة لتدخين التبغ بينما يقول آخرون ان لديها امكانية هائلة على مساعدة ملايين المدخنين في أنحاء العالم على الاقلاع عن التدخين.

ومع ندرة الدراسات تصبح الصورة مرتبكة.. فالبعض يخلص الى ان السجائر الالكترونية يمكن ان تساعد الناس على الاقلاع عن عادة قاتلة بينما يقول آخرون انها قد تنطوي على مخاطر صحية خاصة بها.

وشملت الدراسة التي نشرت في دورية كانسر وقادتها جامي أوستروف من مركز ميموريال سلون كترينج للسرطان في مدينة نيويورك 1074 مدخنا مريضا بالسرطان شاركوا بين عامي 2012 و2013 في برنامج لعلاج المدخنين في مركز للسرطان. ووجد الباحثون زيادة بواقع ثلاثة أمثال في استخدام السجائر الالكترونية بين عامي 2012 و2013 لترتفع من 10.6 في المئة الى 38.5 في المئة.

ولدى بدء البرنامج خلص التحليل الذي قام به الباحثون الى ان مستخدمي السجائر الالكترونية هم اكثر اعتمادا على النيكوتين من الذين لا يستخدمونها وان لديهم محاولات سابقة أكثر للاقلاع عن التدخين وانهم أكثر ترجيحا للاصابة بسرطان الرئة والمخ والعنق. وبنهاية فترة الدراسة قال الباحثون ان من يستخدمون السجائر الالكترونية مثلهم مثل الذين لم يستخدمونها سيظلون من المدخنين.

لكن مدير أبحاث التبغ في كلية لندن الجامعية قال ان الدراسة لم تستطع ان تقيم ما اذا كان استخدام مرضى السرطان المدخنين للسجائر الالكترونية لمساعدتهم على الاقلاع عن التدخين كان مفيدا "لان العينة ربما تشمل مستخدمين للسجائر الالكترونية فشلوا من قبل في محاولة الاقلاع واستبعاد كل من نجحوا من قبل." بحسب رويترز.

واتفق بيتر هاجيك مدير وحدة ابحاث الاعتماد على النيكوتين في كوين ماري بجامعة لندن مع الرأي القائل بأن هذه الدراسة لا تبرر النتائج التي توصلت لها. وقال "الدراسة تتبعت مدخنين جربوا السجائر الالكترونية لكنهم لم يقلعوا عن التدخين واستبعدت مدخنين جربوا السجائر الالكترونية وتوقفوا عن التدخين."

مثار قلق

على صعيد متصل حذرت مراكز مراقبة الامراض والوقاية منها (سي دي سي) من ان استخدام السجائر الالكترونية لدى الشبان غير المدخنين ارتفع بواقع ثلاث مرات خلال عامين ما يشجعهم على الانتقال الى تدخين التبغ، في وقت يطالب اطباء القلب بحظر بيع هذه السجائر للقاصرين. وأشارت دراسة لهذه المراكز الفدرالية الاميركية نشرت نتاجها في مجلة "نيكوتين اند توبايكو ريسيرتش" الى ان نحو 263 الف طالب اميركي ممن لم يدخنوا يوما تناولوا سيجارة الكترونية في 2013، في مقابل 79 الفا في 2011، اي ان العدد ارتفع ثلاث مرات في عامين.

وبحسب "سي دي سي"، فإن هؤلاء الشباب لديهم احتمال مضاعف للانتقال الى تدخين سجائر التبغ، اذ ان 43,9 % منهم يعتزمون تدخين السجائر العادية خلال السنة المقبلة في مقابل 21,5 % من غير المدخنين الذين لم يتناولوا سيجارة الكترونية يوما. وأشار مدير مكتب التبغ والصحة في "سي دي سي" تيم ماكافي الى انه "من المقلق جدا رؤية الشباب يتنشقون النيكوتين، ايا كان مصدره، سواء أكانت سيجارة تقليدية او الكترونية او منتج اخر للتبغ". واضاف في بيان صحافي "النيكوتين لا تسبب الادمان الشديد فحسب، لكنها ايضا قد تضر بنمو الدماغ لدى المراهق".

وقالت ريبيكا بونل المعدة الرئيسية للتقرير ان "الاهل والاخصائيين في الصحة يجب ان يقلقوا من العدد المتزايد من الشباب الذين يستخدمون السيجارة الالكترونية". وتستند الدراسة الى ارقام عائدة الى الاعوام 2011، 2012 و2013 ومستقاة من دراسة رسمية وطنية بشأن علاقة الشباب بالتبغ. كذلك ابدت منظمة "اميركان هارت اسوسييشن" (جمعية القلب الاميركية) النافذة التي تخصص جهودها لصحة القلب والاوعية الدموية، قلقها ازاء تأثير السجائر الالكترونية على صحة الشباب.

وقالت رئيسة المنظمة نانسي براون في بيان انه "خلال السنوات الخمسين الاخيرة، تسببت السجائر بوفاة عشرين مليون شخص ونحن مصممون بحزم على منع صناعة التبغ من ايجاد جيل جديد من المدخنين المدمنين على النيكوتين". وأطلقت المنظمة نداء لمنع بيع السجائر الالكترونية الى القاصرين والحد من الاعلانات التي تستهدفهم. كذلك طلبت المنظمة من ادارة الاغذية والادوية الاميركية (اف دي ايه) انجاز التشريعات الفدرالية بحلول نهاية العام، محذرة من ان "اي تأخير اضافي سيكون له تبعات على الصحة العامة".

واقترحت "اف دي ايه" وضع اطر قانونية للسجائر الالكترونية خصوصا عبر منع بيعها للقاصرين وارغام المصنعين على الاستحصال على رخصة لبيع منتجاتهم في الاسواق. وهذا الاطار القانوني الاول بشأن السجائر الالكترونية في الولايات المتحدة التي تمثل سوقا تقارب قيمته ملياري دولار. بحسب فرانس برس.

في المقابل، يعتبر المدافعون عن السيجارة الالكترونية انها مفيدة في مكافحة ادمان تبغ عبر مساعدتها للاشخاص على التوقف عن تدخين السجائر العادية. وبحسب الاحصائيات الرسمية، يتسبب التدخين بوفاة نحو 500 الف شخص سنويا في الولايات المتحدة حيث يعاني 16 مليون شخص مرضا مرتبطا بالتدخين. والتكاليف المرتبطة بهذه الافة تبلغ 132 مليار دولار سنويا، كما ان 3200 شاب يوميا يدخنون سيجارتهم الاولى.

خطر على الأطفال

من جهة اخرى أكد أطباء في مدينة برمنغهام البريطانية أنه ينبغي على الآباء إبعاد العبوات الإضافية التي تحتوي على سائل النيكوتين الخاص بالسجائر الإلكترونية عن متناول أيدي الأطفال الصغار بسبب وجود مخاطر لإصابتهم بالتسمم. وجاء هذا التحذير في دورية "أرشيف أمراض الطفولة" بعد أن لعقت طفلة تبلغ من العمر عامين بعض السائل الموجود في العبوات. وتعافت الطفلة، لكن وجود جرعات كبيرة من النيكوتين يمكن أن يسبب الوفاة.

وأكد الأطباء أنه يجب على الآباء التعامل مع عبوات النيكوتين مثل تعاملهم مع الخمور والأدوية ومواد التبييض. وتزايدت شعبية السجائر الإلكترونية، ويعتقد بأن أكثر من مليوني شخص يستخدمونها في بريطانيا. وفي المقابل كانت هناك زيادة مماثلة في حالات التسمم بالنيكوتين.

وقالت الهيئة الوطنية لمعلومات السموم التابعة لهيئة الصحة العامة في انجلترا إنها تلقت 139 استفسارا بشأن النيكوتين العام الماضي، مقارنة بـ29 في عام 2012 و36 فقط في السنوات الخمس السابقة مجتمعة. وفي الحالة التي سجلت في مستشفى "غود هوب" في برمنغهام، وضعت الطفلة البالغة من العمر عامين عبوة سائل السيجارة في فمها ويعتقد أنها لعقت بعض القطرات من السائل قبل أن تبعد والدتها الزجاجة عنها. وتقيأت الطفلة ونقلت للمستشفى كإجراء احترازي، حيث تعافت.

وقال الدكتور سانجاي غوبتا من قسم طب الأطفال في مستشفى غود هوب "في كل مكان تتوجه إليه ويكون هناك سجائر إلكترونية وعبوات بخار، يتزايد بصورة أكبر احتكاك الأطفال بالزجاجات الصغيرة المليئة بسائل النيكوتين المركز". ويعتقد أن 40 ملليغراما من النيكوتين تمثل جرعة مميتة للبالغين، والجرعات الأقل من ذلك بكثير تكون مميتة للأطفال. وزادت حالات التسمم بالنيكوتين بالتزامن مع زيادة استخدام السجائر الإلكترونية

وقال الدكتور جون تومسون مدير وحدة الهيئة الوطنية لمعلومات السموم في كارديف التابعة لهيئة الصحة العامة في انجلترا إنه "بالرغم من أن أي حالات تسمم تثير حالة من القلق، فإن أبحاثنا السابقة أظهرت أنه لحسن الحظ فإن أقل من واحد من بين كل عشرة مرضى أصيبوا بأعراض تسمم استمرت لأكثر من أربع ساعات، وأصيب مريضان فقط بأعراض لفترة طويلة".

وأضاف بأن "استخدام السيجارة الإلكترونية تزايد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ويمكن أن يكون السائل الموجود في السجائر الإلكترونية ضارا جدا، وإنني أناشد جميع من يستخدمون السجائر الإلكترونية بالتأكد من تخزين السوائل بطريقة آمنة، وبالأخص بعيدا عن متناول الأطفال". بحسب بي بي سي.

وقال اتحاد صناعة السجائر الإلكترونية في بريطانيا في بيان له إن اللوائح الحالية "قوية للغاية"، لكنه دعا الآباء إلى توخي قدر أكبر من الحذر. وأضاف "إننا ندعو المستهلكين إلى أن يطلعوا جيدا على المنتجات التي يشترونها، وأن يقرأوا دائما الملصق الخاص بها ويستخدمونها وفقا للإرشادات". وتابع "من الجدير بالذكر أن بعض أجزاء السيجارة الإلكترونية يمكن أن تمثل مخاطر محتملة للإصابة بالاختناق للأطفال الصغار".

قيود صارمة

في السياق ذاته دعت منظمة الصحة العالمية إلى تنظيم بيع واستخدام السجائر الإلكترونية ومنع تدخينها في الأماكن المغلقة وحظر الاعلان عنها وبيعها للقصر. وأعلنت المنظمة في تقريرها المنتظر منذ فترة طويلة عن قلقها من تحكم شركات التبغ الكبرى بسوق تقدر قيمتها بثلاثة مليارات دولار. وأعلنت المنظمة الحرب على التبغ قبل عقد من الزمن وتوصلت إلى اتفاق إطار بشأن مكافحة التدخين في أول معاهدة دولية للصحة العامة تبنتها 179 دولة منذ دخولها حيز التنفيذ عام 2005.

وحثت المنظمة على اتباع مجموعة من "الخيارات التنظيمية" بينها منع مصنعي السيجارة الالكترونية من إطلاق المزاعم الصحية مثل مساعدة المدخنين على التخلص من هذه العادة إلى أن "يقدموا دليلا علميا مقنعا ومدعوما ويحصلوا على الموافقة التنظيمية."

من جانب اخر قالت مجموعة من خبراء إدمان التبغ إن مراجعة طلبتها منظمة الصحة العالمية بشأن السجائر الإلكترونية تحتوي على أخطاء ومغالطات وتحريفات قد تضلل صناع القرار عند تقدير مدى جدوى وفوائد السجائر الإلكترونية. وفي انتقاد للوثيقة المرجعية لمنظمة الصحة العالمية بخصوص السجائر الإلكترونية ويدعو إلى فرض مزيد من القيود على استخدام هذا النوع من السجائر قال الخبراء إن تقييم الأدلة ليس دقيقا.

وقالت آن ماكنايل -وهي باحثة في المركز القومي للإدمان بكلية لندن الملكية- في إفادة صحفية " لقد أصبت بصدمة وذهول عندما قرأتها .. لقد شعرت انه وصف غير دقيق للأدلة بشأن السجائر الإلكترونية." وقالت ماكنايل إن السجائر الإلكترونية جديدة نسبيا و "لا نملك جميع الإجابات عن تأثيرها على الصحة على المدى الطويل" لكن من الواضح انها اكثر أمانا من السجائر العادية التي تتسبب في وفاة ما يزيد على ستة ملايين شخص سنويا.

وقال بيتر هاجيك من وحدة أبحاث التبغ المستقلة في جامعة الملكة ماري في لندن والتي شاركت في المقال النقدي إنه لأمر حيوي أن يجرى تقييم السجائر الإلكترونية في ضوء الأضرار المعروفة لسجائر التبغ العادية. وأضاف " يوجد الآن منتجان يتنافسان في سوق المدخنين الأول السجائر التقليدية التي تعرض المستخدمين والمحيطين بهم للخطر وهي تجتذب زبائن جددا من بينهم أطفال غير مدخنين يجربونها." وقال "والآخر هو السجائر الإلكترونية وحينما تكون في حدود كميات آمنة لا تشكل خطرا على المحيطين وتؤدي إلى معدلات بسيطة من الاستخدام المنتظم لدى الأطفال غير المدخنين الذين يجربونها."

وقال جاك لو ويزيك الذي شارك في الانتقاد وهو استشاري في الصحة العامة وإدمان التبغ في فرنسا ومحاضر في جامعة نوتنجهام في بريطانيا "استخدام السجائر الإلكترونية قد ينقذ حياة الملايين اثناء هذا القرن .. وله اكثر التأثيرات أهمية على الصحة العامة في تاريخ استخدام التبغ." وركزت ماكنايل ومن شاركوها في المقالة النقدية التي نشرت في دورية الإدمان الطبية على العديد من النقاط الرئيسية التي تضمنتها مراجعة منظمة الصحة العالمية والتي قالوا انها مضللة وهي: المراجعة افترضت أن استخدام السجائر الإلكترونية لدى الشباب مشكلة كبيرة وقد يؤدي إلى تمهيد الطريق للتدخين لكن الحقائق تشير إلى أن الاستخدام الحالي لها من قبل غير المدخنين نادر للغاية وأن معدلات التدخين لدى الشباب آخذة في التراجع.

لم تدرك المراجعة أن السجائر الإلكترونية ليست أقل ضررا من سجائر التبغ التقليدية فحسب بل أيضا في أن تركيزات المواد السامة فيها هي جزء ضئيل للغاية مقارنة بما هو موجود في سجائر التبغ. تشير المراجعة إلى أن المحيطين بالمدخن ربما يستنشقون نسبا كبيرة من السموم من البخار لكن التركيزات القليلة جدا لا تشكل خطرا كبيرا على الصحة. تعطي المراجعة انطباعا بأن الأدلة تشير إلى أن السجائر الإلكترونية تجعل الإقلاع عن التدخين اكثر صعوبة لكن العكس هو الصحيح وفقا لآراء الخبراء. بحسب رويترز.

وانتقد الخبراء التقارير التي أيدتها منظمة الصحة العالمية لاستخدامها "لغة مثيرة للمخاوف في وصف النتائج وطرح الآراء كما لو كانت ادلة." ويأتي المقال النقدي الأخير بعد مقال افتتاحي نشر في دورية الممارسة العامة البريطانية لخبراء في الصحة العامة من كلية لندن الجامعية الذين حثوا على أن تكون الرسائل المتعلقة بالصحة بشأن السجائر الإلكترونية مبنية على حقائق.

أقل ضررا

 من جانب اخر يعتقد علماء أن استبدال السيجارة التقليدية بالسيجارة الالكترونية قد يقلل من الوفيات المرتبطة بالتدخين، على الرغم من أن ضرر السيجارة الالكترونية على المدى الطويل يبقى مجهولا. ويرى باحثون في "مجلة إدمان" أن السيجارة الالكترونية لابد أن تواجه موانع أقل صرامة من التبغ. ولكن خبراء حذروا من أن تشجيع تدخين السيجارة الالكترونية دون أدلة قوية على سلامتها يعد "مجازفة". وبدل استنشاق دخان التبغ، يتنفس مدخنو السيجارة الالكترونية بخار النيكوتين السائل. ويبلغ عدد مدخني السيجارة الالكترونية في بريطانيا المليونين، ويزداد عددهم في العالم.

ويقول علماء إن مخاطر السيجارة الالكترونية على المدخنين وعلى المعرضين للتدخين السلبي أقل بكثير من مخاطر دخان السيجارة التقليدية، ولكنهم يحذرون من تأثيرها على المصابين بأمراض تنفسية. ويوضحون أن السيجارة الالكترونية تحتوي على كمية أقل من السموم التي تحتوي عليها السيجارة التقليدية. وجاء في التقرير أنه لا توجد حاليا أدلة على تحول الشباب من السيجارة الالكترونية إلى السيجارة التقليدية، وبالتالي فأنها لا تشجع على التدخين التقليدي. ويضيف التقرير أن تحول المدخنين إلى السيجارة الالكترونية يساعدهم على التقليل من استهلاك السجائر.

وقال البروفيسور، بيتر هاجوك، من جامعة كوين ماري في لندن: "إن هذه ليست القائمة النهائية للمخاطر، فقد تظهر مخاطر أخرى". وأضاف أن هيئات الضبط لابد أن تكون على وعي بأن وقف سوق السيجارة الالكترونية سيحرم المدخنين من وسيلة أقل ضررا قد تنقذهم من الموت. وعلى حد تعبيره، فإننا "إذا وضعنا قوانين صارمة الآن، فإننا سنلحق ضررا بالصحة العامة على مدى أوسع".

ويختم الباحثون بالقول إنه لابد من دراسات على المدى الطويل تتناول مقارنة صحة مدخني السيجارة الالكترونية بغيرهم من المدخنين. وقال البروفيسور، مارتن ماكي، من كلية حفظ الصحة وطب المناطق الحارة في لندن "إن اختلافات وجهات نظر خبراء الصحة عميقة بشأن السيجارة الالكترونية". "فالذين يعالجون كبار مدمني النيكوتين يرون السيجارة الالكترونية بديلا أقل ضررا لهم". وعلى العكس فإن الكثيرين، ومنهم 129 خبيرا وجهوا خطابا إلى منظمة الصحة العالمية، ينظرون إلى السيجارة الالكترونية بحذر شديد، لما فيها من مخاطر، ولغياب الأدلة على أنها تساعد على الإقلاع عن التدخين، وكذا للطريقة التي تستغل بها من قبل شركات التبغ لإغراء الأطفال. بحسب بي بي سي.

ويقول مارك دوكرال من هيئة الصحة العامة في إنجلترا: "إن عددا متزايدا من المدخنين يتحولون إلى السيجارة الالكترونية، باعتبارها وسيلة للإقلاع عن التدخين، وهناك أدلة على فعاليتها في هذا الجانب. ومن أجل تحقيق أكبر قدر من المنفعة للصحة العامة، والاحتياط للمخاطر، لابد أن تكون القوانين متناسبة وتضمن توفر المواد الفعالة والآمنة، ومنع بيع السيجارة الالكترونية للأطفال".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/تشرين الأول/2014 - 6/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م