القارة السمراء.. مستقنع ازمات وبحيرة ثروات

 

شبكة النبأ: القارة الافريقية أصبحت اليوم وبحسب خبراء القضايا الاستراتجية ساحة جديدة لتنافس بين الكثير من دول العالم، وخصوصا الدول الكبرى التي تسعى ومن خلال اهتمامها المتزايد، الى فرض وجودها الاقتصادي والعسكري في القارة السمراء، التي عانت ولاتزال تعاني من العديد من المشكلات الأمنية والاقتصادية المتفاقمة التي أثرت سلبا على في كل المناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان أفريقيا الغنية بالثروات والمعادن والموارد الطبيعية أصبحت مركز اهتمام وجذب للقوى العالمية الكبرى، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي دخلت ميدان الصراع والمنافسة لأجل تثبيت وجودها وهيمنتها المطلقة في هذه الساحة، من خلال وضع خطط استعمارية جديدة بشعارات مختلفة تدعوا الى الإصلاح والتقدم الاقتصادي وغيرها من الأمور والأساليب الأخرى التي تمكنها من حماية مصالحها وتتغلغل داخل هذه القارة التي تمتلك مستقبلا باهرا على جميع الأصعدة.

ويرى الكثير من المحللين الاستراتجيين أن الحروب العالمية في شتى المجالات تتجه نحو القارة الإفريقية في المستقبل، فأينما تتواجد الثروات تتواجد الأزمات والصراعات سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، وعلى المستوى العالمي، فبعد عقود من الأداء الضعيف اقتصاديا وتنمويا تزهو افريقيا الآن بأنها تضم بعضا من أسرع الاقتصاديات نموا في العالم، لكن في الوقت ذاته تعاني من صراعات سياسية ومعارك اقتصادية حامية الوطيس، كالانقلابات العسكرية وانعدام الأمن وانتشار الفوضى والفساد، فضلا عن اتساع نفوذ القاعدة في القارة السمراء وغيرها الكثير من الأزمات الأخرى، في حين تحرص الدول الأقوى عالميا على إستغلال الموارد الأولية الطبيعة الضخمة في تلك القارة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والصين وأوربا.

مساعدة أمنية

وفيما يخص بعض تلك التحركات فقد اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الولايات المتحدة ستزيد مساعداتها للجيوش الافريقية التي تحارب التطرف الاسلامي او تقوم بمهمات خطيرة لحفظ السلام، في ختام قمة تاريخية عقدت مع قادة افارقة. وقال اوباما مع انتهاء القمة التي جمعته بقادة افارقة وممثلين عن 50 دولة ان تعزيز امن افريقيا سيساهم في تقوية انجازاتها الاقتصادية.

وتم الاعلان عن عشرات مليارات الدولارات من الدعم المالي والاستثمارات لكن اوباما اكد ان القارة يجب ان تضاعف جهود الاصلاح من اجل تقوية النمو. واعتبر انه على الدول الافريقية ان تكافح الفساد وتحسن حقوق الانسان وخاصة حقوق النساء وتعزز حكم القانون.

وقال اوباما ان "القمة تعكس الواقع بانه رغم ان الدول الافريقية لا تزال تواجه تحديات، الا اننا نرى انبثاق افريقيا جديدة اكثر ازدهارا". واضاف "اتفقنا على ان نمو افريقيا يعتمد بشكل اساسي على استمرار الاصلاحات في افريقيا من قبل الافارقة". وخلال القمة تعهد اوباما امام رؤساء الدول والحكومات بتخصيص 33 مليار دولار في التزامات جديدة واستثمارات وقروض، ومعظمهم في مجال قدرات الطاقة الكهربائية التي لا تزال تنقصها الامدادات في القارة. والاموال الجديدة لمعامل الطاقة ستساهم في امداد حوالى 60 مليون افريقي بالكهرباء.

بالاضافة الى ذلك قال الرئيس الاميركي ان المساعدة الاميركية الجماعية من منظمات غير حكومية ومجموعات تنمية "انتراكشن" وعدت بأربعة مليارات دولار في تمويل جديد لقطاعي الصحة والادوية في افريقيا. وقال اوباما "مع جمع الاستثمارات التي اعلنت والاتفاقات التي تمت ، تكون هذه القمة ساهمت في جمع حوالى 37 مليار دولار من اجل تقدم افريقيا". وهذه القمة كان هدفها تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة التجارة بين الطرفين وجمع مئات من رجال الاعمال.

وكانت الولايات المتحدة بقيت على الحياد حين تدخلت الصين واوروبا للمساهمة في النهوض الاقتصادي في افريقيا. وانتقد رجال اعمال افارقة نظراءهم الاميركيين لانهم يحتفظون بصور نمطية تخطاها الزمن عن قارة افريقية تعاني من التخلف والفساد. لكن القادة الافارقة اقروا ايضا بانه لا يزال ينبغي انجاز الكثير رغم انهم رحبوا بالبادرة الاميركية. والاجراءات الامنية الجديدة تشمل تعهدا بتقديم 110 ملايين دولار سنويا على مدى ثلاث الى خمس سنوات، لدعم تشكيل قوة التدخل السريع الافريقية.

واضاف اوباما ان هذه المساعدات الاميركية تندرج في اطار "تعزيز تعاوننا في المجال الامني من اجل مواجهة افضل للتهديدات المشتركة مثل الارهاب وتجارة البشر". وقال ان الولايات المتحدة ستزيد مساعداتها لست دول افريقية، بينها تونس، من اجل تعزيز امن هذه الدول، وستساعد ست دول اخرى في القارة السمراء على تشكيل قوة تدخل سريع لدعم قوات الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في مهماتها لحفظ السلام. واضاف ان تونس ومالي وكينيا ونيجيريا والنيجر وغانا ستستفيد من خطة مساعدة جديدة لتعزيز امنها، في حين ستحصل غانا واثيوبيا والسنغال وتنزانيا ورواندا واوغندا على مساعدة اميركية لتشكيل قوة تدخل سريع افريقية لدعم عمليات حفظ السلام.

وعن المساعدة التي تعتزم واشنطن تقديمها لكل من تونس ومالي وكينيا ونيجيريا والنيجر وغانا، اوضح اوباما ان هذا الدعم يهدف خصوصا الى مساعدة هذه الدول "على المضي قدما في تشكيل قوات امنية متينة ومهنية قادرة على حفظ امن" دولها. وشدد اوباما في الوقت نفسه على ان الاصلاحات لا تزال ضرورية من اجل مواجهة التهديدات الامنية. بحسب فرانس برس.

وتقدم الولايات المتحدة مساعدة لوجستية كبرى واخرى في مجال الاستخبارات لبعثة الاتحاد الافريقي في الصومال فيما تساعد القوات الخاصة الاميركية اوغندا في ملاحقة زعيم الحرب جوزف كوني. ومن جانب اخر ناقشت القمة الازمات الصحية في افريقيا مع انتشار وباء ايبولا. واعتبر اوباما انه من السابق لاوانه استخدام دواء تجريبي لعلاج المصابين بفيروس ايبولا. وقال ردا على سؤال عن امكانية ارسال هذا الدواء التجريبي الى افريقيا "اعتقد ان علينا ان نترك العلم يقودنا. ولا اعتقد ان لدينا كل المعلومات الكافية لتحديد ما اذا كان هذا الدواء فعالا ام لا".

التجارة والاستثمارات

الى جانب ذلك صرح وزير الخزانة الاميركي جيكوب لو امام القادة الافارقة ورجال الاعمال "مع شعوب شابة وديناميكية وقطاع خاص في اوج ازدهاره، تشكل افريقيا سوقا حيوية للمستثمرين الاجانب. لهذا السبب نحن هنا الان". واضاف لو "نريد تشجيع الاستثمارات الاميركية في افريقيا وتطوير التجارة بين افريقيا والولايات المتحدة وتحفيز انشاء الوظائف هنا وفي افريقيا". وتأمل الادارة الاميركية وعمالقة الصناعة في اقامة علاقات اقتصادية متينة مع احدى المناطق الواعدة التي تسجل اعلى نسبة نمو مقارنة مع بقية انحاء العالم، اذ ان صندوق النقد الدولي يتوقع ان يبلغ النمو 5,8% خلال 2015.

وذكر لو بان افريقيا هي "المنطقة الثانية في العالم من حيث حجم النمو الاقتصادي". واوضح ان ستا من الدول العشر التي تسجل نسب النمو الاسرع في العالم في افريقيا، داعيا الشركات والدول الافريقية الى توسيع نشاطها في اسواق راس المالي الدولية. غير انه لا بد من القول ان الاتحاد الاوروبي متفوق على اكبر قوة في العالم بفارق كبير وذلك بفضل العلاقات التاريخية والاستعمارية لبعض الدول الاعضاء وكذلك الصين المتعطشة لكميات كبيرة من المواد الاولية.

وبلغت المبادلات التجارية بين افريقيا وبكين 210 مليارات دولار خلال 2013 مقابل 85 مليار دولار بين واشنطن والبلدان الافريقية. وقالها وزير الخارجية الاميركي جون كيري "اقولها بلا تعقيدات نريد وسنعمل جادين وبقوة لكي يستثمر مزيد من الشركات الاميركية في افريقيا". واضاف كيري "نريد ايضا ان يستثمر مزيد من الشركات الافريقية هنا في الولايات المتحدة، ولا يوجد سبب يمنعها من ذلك". واقر الممثل الاميركي للتجارة الخارجية مايكل فرومن "من الواضح ان افريقيا 2014 ليست افريقيا 2000".

وقال امام رجال الاعمال ان "العديد منكم يعرضون عن هذا النظام الاحادي الجانب المتضمن امتيازات ويعقدون اتفاقات مع شركاء تجاريين كما فعل الاتحاد الاوروبي". لكن سيتعين ايضا الكف عن التعامل مع صورة افريقيا النمطية المقترنة بالنزاعات والامراض والفقر، كما اقرت سوزان رايس مستشارة الامن القومي في البيت الابيض.

وانتقد رجال اعمال افارقة ايضا الصور النمطية الراسخة عن افريقيا في الولايات المتحدة. وقال رجل الاعمال السوداني الاصل مو ابراهيم الذي اصبح احد اثرى الافارقة بفضل قطاع الاتصالات، ساخرا "فوجئت قليلا بكل هؤلاء الافارقة الذين التقيت بهم في الطائرة (...) القادمين الى اميركا ليقولوا لرجال اعمال محنكين هناك فرص جيدة في افريقيا". وخلص الى القول "في كل انحاء افريقيا هناك رجال اعمال صينيون وبرازيليون. لم يذهب أحد منا الى البرازيل او آسيا او الصين ليطلب منها القدوم الى افريقيا للاستثمار، بادروا من تلقاء انفسهم، وأتوا واستثمروا".

على صعيد متصل تعهدت شركات أمريكية وأفريقية والبنك الدولي باستثمار أكثر من 17 مليار دولار في مشروعات للإنشاء والطاقة وتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا فيما يظهر الاهتمام الاقتصادي الأمريكي بالمنطقة التي تتمتع بنمو سريع. وأبلغ مسؤولون بشركات منتدى الأعمال الأمريكي الافريقي بأنهم يرغبون في انتهاز الفرص المتاحة في افريقيا التي تضم ستة من بين أسرع عشرة اقتصادات نموا في العالم برغم أن البعض قالوا إنهم ربما تأخروا قليلا.

وقال جيف إيملت الرئيس التنفيذ لجنرال إلكتريك "تركناها أولا للأوروبيين ثم للصينيين فيما بعد .. لكنها اليوم مفتوحة على مصراعيها أمامنا." وكان إيملت أعلن عن استثمار ملياري دولار لتعزيز البنية التحتية ومهارات العمال والحصول على الطاقة. ووقع أليكو دانجوت رئيس مجموعة دانجوت اتفاقا لاستثمار مشترك قدره خمسة مليارات دولار في مشروعات الطاقة في أفريقيا جنوبي الصحراء مع مجموعة بلاكستون وقال إنه لا يمكن فعل شيء دون توفر الكهرباء.

وتعهد البنك الدولي باستثمار خمسة مليارات دولار لدعم توليد الكهرباء. وتشير تقديرات البنك إلى أن واحدا من بين كل ثلاثة أفارقة أو 600 مليون شخص لا يحصلون على الكهرباء برغم النمو الاقتصادي السريع الذي يتوقع أن يتجاوز خمسة بالمئة في العامين 2015 و2016. ومن المتوقع أن تتجاوز القوة العاملة في أفريقيا نظيرتها في الهند أو الصين بحلول العام 2040 وتضم أسرع طبقة متوسطة نموا في العالم وهو ما يدعم الطلب على السلع الاستهلاكية. وقالت شركة كوكا كولا إنها سوف تستثمر خمسة مليارات دولار مع شركاء أفارقة في خطوط تصنيع جديدة على مدى ست سنوات وقالت جيني روميتي الرئيسة التنفيذي لشركة آي.بي.إم إن الشركة العملاقة سوف تستثمر أكثر من ملياري دولار في المنطقة على مدى سبع سنوات.

من جانب اخر حث الزعماء الأفارقة الولايات المتحدة علي تجديد برنامج يمنحهم مزايا تجارية من بينها إعفاء صادرات أفريقية من رسوم جمركية بمليارات الدولارات وتمديد العمل به لمدة 15 عاما وقالوا إنه سيعزز العلاقات التجارية ويدعم التنمية في القارة. وقال رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما إن تجديد قانون النمو والفرص الأفريقي الذي ينتهي العمل به العام المقبل من الموضوعات الرئيسية.

وقال زوما في لقاء نظمته غرفة التجارة الأمريكية "تحظى نحو 95 بالمئة من الصادرات الأفريقية بمعاملة تفضيلية بموجب قانون النمو والفرص" ليضم صوته لأصوات المطالبين بتمديد العمل بالقانون. وتابع "نحن على ثقة تامة بأن الولايات المتحدة بإقرارها تمديد قانون النمو والفرص ستدعم التكامل والتصنيع وتطوير البنية التحتية في أفريقيا. أنا على يقين بأن الأمريكيين لن يفوتوا هذه الفرصة."

وتحرص الإدارة الأمريكية على تمديد العمل بالبرنامج ولكن لم تنه بعد من بلورة التفاصيل الخاصة بمدة سريانه وإصلاحات محتملة مثل إضافة منتجات جديدة معفية من الرسوم. وقال وزير تجارة جنوب أفريقيا روب ديفيز إن الدول الأفريقية اقترحت توسيع نطاق المنتجات التي يغطيها البرنامج لتشمل المزيد من المنسوجات والمنتجات الزراعية لكنه لا يرى ضرورة لإجراء إصلاحات كبيرة. وأبلغ ديفيز الصحفيين "كانت رسالتنا أننا لا نرى خللا في قانون النمو والفرص الأفريقي ومن ثم لا نرى حاجة لإصلاحه." بحسب رويترز.

وبدأ العمل بالقانون في عام 2000 وجرى تجديده بالفعل قبل الموعد الأصلي لانتهاء العمل به في عام 2008 ليستمر سريانه حاليا حتى 30 سبتمبر أيلول 2015. وتستفيد نحو 40 دولة أفريقية من البرنامج. وبلغت قيمة الصادرات المتجهة من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى الولايات المتحدة - وعلى رأسها النفط - بموجب قانون النمو والفرص وامتيازات تجارية أخرى 26.8 مليار دولار في عام 2013.

أوباما وأرث بوش

من جهة أخرى وعندما قام الرئيس الأمريكي باراك بأول جولة له في أفريقيا شملت زيارة عدة دول بوصفه أقوى زعيم في العالم حاول طمأنة قارة خاب أملها إلى حد كبير في ابنها الأثير والشهير. ولم يول أوباما -وهو أول رئيس أمريكي من أصل أفريقي- اهتماما يذكر بموطن أسلاف والده الأمر الذي أدى إلى عقد مقارنات صريحة بينه وبين جورج بوش الذي أصبح بطلا في القارة بفضل جهوده في محاربة مرض الإيدز.

والآن لا يزال أوباما يواجه تحديا يتمثل في أن يترك في القارة إرثا مكافئا لذلك الذي خلفه سلفه في البيت الأبيض بينما يجتمع غالبية الزعماء الأفارقة لحضور قمة في واشنطن بدعوة من اوباما. ويشير جي. بيتر فام مدير مركز أفريقيا في مجلس الأطلسي إلى أن المساعدات الأمريكية التنموية في أفريقيا جنوب الصحراء زادت بمقدار أربعة أمثال إلى 6.7 مليار دولار خلال السنوات الثماني التي أمضاها بوش في السلطة. وبقيت المساعدات كما هي في عهد أوباما مع تراجع حجم المساعدات الخارجية الإجمالية بنسبة 20 في المئة منذ أن تولى أوباما منصبه في عام 2009 .

وقال جاكوب زوما رئيس جمهورية جنوب أفريقيا إن أوباما الذي ولد في هاواي لأب أسود من كينيا وأم بيضاء من كانساس ربما لا يريد أن ينظر إليه على أنه يحابي منطقة ما في العالم بسبب أصول عائلته. وقال زوما في نادي الصحافة القومي في واشنطن "أصول أوباما أثرت على تعامله مع أفريقيا. جعلته يتحسس خطاه بحذر... اعتقد أنه كان بإمكانه عمل المزيد. لكن اعتقد أنه كان يدرك هذه النقطة ومن ثم تعامل مع ذلك الوضع بشكل جيد جدا."

وأشاد أعضاء بارزون في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه أوباما بينهم هيلاري كلينتون بمبادرات الرئيس الجمهوري بوش تجاه أفريقيا رغم الخلاف معه في معظم سياساته الأخرى. ورغم أن بوش لم يكن يتمتع بشعبية في مناطق كثيرة من العالم عندما غادر الساحة الدولية إلا أنه حظى بمكانة مرموقة في أفريقيا بفضل البرامج التي بدأها عندما كان في السلطة.

وقالت النائبة الأمريكية كارين باس زعيمة الديمقراطيين في اللجنة الفرعية المعنية بأفريقيا في مجلس النواب الأمريكي "الرئيس أوباما بطل مطلق في كل مكان سافرت إليه في أفريقيا ويحظى بتقدير لإنقاذه حياة ملايين البشر." ومضت تقول إن أوباما "لديه عدد من المبادرات التي لا يساورني الشك في أنها ستكون تركة لرئاسته لفترة طويلة مثلما كانت خطة الطوارئ للإغاثة من الإيدز التي وضعها بوش."

وقدمت هذه الخطة التي أطلقت في عام 2003 مليارات الدولارات للعقاقير المضادة للفيروسات وللعلاج في أفريقيا وينسب لبوش الفضل في تقليص أعداد الوفيات جراء الإيدز هناك على نحو حاسم. وأنشأ بوش كذلك هيئة تحدي الألفية التي تساعد الدول من خلال تطوير أساليب الحكم الرشيد. وواصل أوباما العمل في المبادرتين بينما بدأ يرامج لتشجيع التجارة وتوفير الكهرباء.

ويقول محللون ومسؤولون سابقون في إدارة بوش ومشرعون وزعماء من القارة إن القمة الأمريكية الأفريقية تشير إلى تحول إيجابي في علاقة الولايات المتحدة مع أفريقيا وتواصل أوباما مع القارة. وقال ستيفن هادلي مستشار بوش السابق للأمن القومي "الرئيس الذي تعرض لانتقادات كثير من الناس لأنه لم يفعل المزيد لأفريقيا يحاول في الواقع مضاعفة دوره." وحاولت إدارة أوباما تغيير الاهتمام بالتركيز على الفرص الاقتصادية في القارة.

وهو نهج أكثر شبها بالنهج الذي تبناه الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون الذي تولى الحكم قبل بوش والذي صدق على قانون النمو والفرص في أفريقيا الذي ألغى القيود التجارية على أكثر من ستة آلاف منتج يصدر إلى أمريكا من أكثر من 35 دولة أفريقية. وفي الاجتماع الذي دعا إليه أوباما في واشنطن تعهدت شركات أمريكية وأفريقية والبنك الدولي بتقديم 17 مليار دولار في استثمارات جديدة في مشروعات للبناء والطاقة وتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا.

وهذا التحول في جانب منه رد على الاستثمارات الصينية في القارة التي تفوقت على الولايات المتحدة في عام 2009 كأكبر شريك تجاري لأفريقيا. والزعماء الأفارقة راضون عن تحول الولايات المتحدة للتركيز على الاستثمارات. وقال الرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي أثناء منتدى الأعمال الذي عقد في إطار القمة "نريد الانتقال من علاقة مانحي المعونة ومتلقي المعونة... إلى المستوى التالي الآن وهو مستوى الاستثمارات والتجارة. "اعتقد أننا سنحقق هذا هذه المرة."

ويعترف كثير من الناس بأن أوباما قد لا يكون عند مستوى التوقعات العالية جدا التي ثارت لدى الزعماء الأفارقة عند وصوله إلى السلطة. وكان من الصعب على أوباما أن يعطي أولوية لأفريقيا بسبب الصراعات التي واجهها بسبب هويته كأمريكي من أصل أفريقي والتعامل مع حروب وأزمة اقتصادية ورثها من بوش. وقال ويتني شنايدمان وهو مستشار في الشؤون الأفريقية في كوفنجتون آند برلينج وهو مستشار سابق في حملة أوباما في انتخابات الرئاسة في عام 2008 "واجهنا أسوأ أزمة إنسانية منذ الكساد الكبير و... اعتقد أنه كان هناك كثير من القيود على قدرته على التواصل مع أفريقيا وسط الأصوات الصاخبة من اليمين المتطرف التي كانت تسأل عن مكان ميلاده." بحسب رويترز.

وأضاف "اعتقد أن (أوباما) أصبح أكثر حرية في أن يباشر بعض القضايا التي أراد حقا أن يباشرها مع استقرار الاقتصاد وإعادة انتخابه ومن الواضح أن أفريقيا كانت إحدى هذه القضايا." وإذا كان النصر لم يحالف أوباما في جبهات أخرى فقد يجد مزيدا من الوقت للتركيز على أفريقيا فيما تبقى من رئاسته وما بعدها. ووعد بزيارة كينيا قبل أن يترك منصبه وأشار إلى أنه سيكرس قدرا كبيرا من اهتمامه بعد الرئاسة لمساعدة الشبان السود في الولايات المتحدة على النجاح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/تشرين الأول/2014 - 6/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م