6000 طن من النفايات يومياً يطرحها سبعة ملايين نسمة هم سكان
العاصمة بغداد، لا يوجد مكان في المدينة لا يحتوي على كومة من النفايات
على أشكالها في الشوارع العامة والفرعية وفي الأحياء بين الأزقة، وعند
الجزرات الوسطية التي أنفقت مليارات الموازنة لتغيير حالها، مطلقاً
لايوجد مكان واحد في بغداد لايمكن أن ترى فيه كومة نفايات من نوع ما،
غذائية، ورقية بلاستيكية، زجاجية، بقايا أشجار، معدنية بقايا أجهزة
عاطلة، مخلفات البناء للمشاريع الخائبة وأشياء أخرى تقشعر منها
الأبدان، غير الحيوانات الميتة كالقطط !
تخيل وأنت تعيش في مكب للنفايات.. وتخيل كيف يكون حال موقع من
مواقعها تتجمع في النفايات لأيام عديدة حتى يتمدد الى كل الشارع كما في
الأحياء أو أن يصبح جبلا من القذارة كما في الشورجة، مركز العراق
الإقتصادي، أو في مناطق مهمة من مركز المدينة أو أن يمتلئ نفقاً من
أنفاقها ليصبح ببساطة سلة نفايات كما في الأنفاق في منطقة ساحة الرصافي.
كل وجهة تتوجه اليها ترى هذه الحالة المؤلمة من تلك النفايات التي
عجزت معها أمانة العاصمة أن تزرع فينا أملاً بأن مدينتنا ستصبح يوماً
ما نظيفة.. تخصيصات وعمال بالآلاف وعجلات تخصصية وخبرات ولكن لازال
الحال كما هو عليه حاويات النفايات بين الأحياء لم تعد تستوعب ما ينقل
اليها.. تحطمت عشرات المرات واستبدلت بأنواع كثيرة.. وقبعت في منتصف
الشوارع ففي بعض الشوارع تأخذ تلك الحاويات جزء كبيراً منها.
مشاكل النفايات مع العقول الموجودة ؛ لا نرى أن لها حلاً في الأفق
القريب.. بل أننا بحاجة لاستراتيجية عميقة لمكافحة تلك النفايات.. كما
ستراتيجيتنا لمكافحة الإرهاب.. وربما نحتاج لتحالف دولي من 100 دولة
لتعيننا في القضاء على النفايات التي قاربت الدخول الى بيوتنا..
بحاجة الى طائرات ومعدات حديثة لتشفط هذا الكم الهائل من النفايات
والمخلفات وبحاجة الى حاويات مدرعة مضادة للتدمير.
في أحد اللقاءات يتكلم السيد الأمين عن العجلات التخصيصية التي تدخل
كل الأحياء.. هو ليس محقاً فيما يقول فلا أثر لتلك العجلات في مناطق
كثيرة من بغداد ولا أثر لتطبيق القوانين النافذة بخصوص رمي النفايات في
الشوارع العام وبين الأزقة ولم نسمع لغاية اليوم خبراً أن السلطات غرمت
شخصاً كان قد رمى نفاياته في الشارع.. مطلقاً.. لا قانون يحد من تلك
الظاهرة التي أدمنها ابناء شعبنا.. فكم هو سهل على أحدنا أن يرمي
نفاياته وهو يقود عجلته وفي أي مكان من المدينة مهما كانت نظافته أو
العناية به لا يردعه رادع.. لا شرطي يراقب ويحاسب ولا كاميرات ترصد
الحالات الشاذة التي أصبحت معها المدينة كأنها مكب للنفايات.
ومع قرب حلول عيد الأضحى المبارك تحولت بغداد الى ساحة لبيع الأضاحي
التي انتشرت في كل مناطقها لم تستثن اي مكان ومختلف الأنواع.. لم تستطع
الأمانة ان تمنع هذا التجاوز الكبير على الأماكن العامة، والجزرات
المزروع التي أضحت مراع طبيعية لها، وتنشئ مجازر خاصة لتلك المناسبات
تتوفر فيها كل الأساليب الصحية المطابقة للمواصفات ليتم إستخدامها.
نحن امام فوضى يصنعها البعض لانعلم ما تخبئه نياتهم من ذلك لربما
تكون يوم ما أحد اسباب إمتصاص الموازنات والتخصيصات التي ترصد وربما
تكون سبباً لزيادتها.. الله وحده يعلم بتلك النيات السيئة.
وفي مقابل كل تلك الكميات الهائلة من النفايات التي تطرحها العاصمة
وأمام المتخلفين ممن تسول لهم نفوسهم، بلا ضمير، تلويث الأماكن العامة
بنفاياتهم ؛ لا نرى الجدية والإخلاص حتى لدى العامل البسيط الذي من
المفترض أن يقوم بعمله بكل إخلاص وهذا يشهد عليه الجميع وهناك أمثلة
مخجلة جداً عن تصرفاتهم وكيف يحاولون إنهاء فترة عملهم بأي طريقة منها
رمي النفايات من فوق الجسور والطرق السريعة أو حتى دفنها في فتحات
المجاري!
في مقال سابق كنا قد اشرنا أن ترك موضوع النظافة بيد أمانة العاصمة
لا يجدي نفعاً وكان حرياً بنا أن ندفع الى تأسيس شركات من القطاع الخاص
تتولى الأمر عن طريق شراء النفايات منها بأسعار يتم تقديرها لتتسابق
تلك الشركات على نفاياتنا تجمعها وبأكبر كمية لغرض بيعها وما على
الأمانة إلا الإشراف على استلامها وتدويرها والإستفادة منها.
موضوع نظافة مدينتنا بحاجة لما هو أكبر من التخصيصات.. نحن بحاجة
الى الثقافة والتوعية الدائمة والنظام الرقابي الدقيق وبحاجة الى أن
نفرض هذا النظام بالقوة.. لقد مضى وقت طويل على مكب النفايات الذي يدعى
بغداد الحضارة ولا أحد يعين على إستعادة مجدها ولو بأقرب حد عن طريق
النظافة وإلا فنحن نعيش، بلا خجل، في مكبٍ للنفايات.
.. حفظ الله العراق.
Zzubaidi@gmail.com
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |