تركيا وداعش... من الأدوار الغامضة الى المواجهة المكشوفة

 

شبكة النبأ: تركيا اليوم، وبحسب التصريحات الرسمية للرئيس التركي اردوغان، تستعد للعب دور وصف بالحيوي والمهم، من خلال الانضمام الى التحالف الدولي الذي دعت اليه الولايات المتحدة الامريكية لمحاربة خطر تمدد تنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية/ داعش) في العراق وسوريا، بعد ان أثيرت العديد من علامات الاستفهام والشبهات حول دور تركيا السابق، (سيما وان اغلب المقاتلين الأجانب عبر الحدود التركية لينظم الى الجماعات المتطرفة وسط اتهامات بدور غامض لعبته السلطات التركية في تسهيل هذه المهمة)، وسبب امتناعها من المشاركة في التصدي للتنظيم، ومن ثم عدولها في اللحظات عن قرارها السابق.

وأكدت الولايات المتحدة مرارا، ان دورا كبيرا ينتظر تركيا، العضو المهم لحف شمال الأطلسي، خصوصا على مستوى منع تدفق المقاتلين عبر أراضيها، وتشديد الرقابة على الحدود، التي تمتد لمسافة 1250 كيلومتر بين العراق وسوريا، لمنع عمليات التهريب والانتقال وغيرها، إضافة الى رغبة الولايات المتحدة في استخدام قاعدة انجلريك الجوية، من قبل طائرات التحالف الدولي، الامر الذي رفضته تركيا حتى الان، ومن المتوقع، بحسب مراقبون، ان تعدل تركيا الكثير من قراراتها السابق، والدخول بصورة أوسع لدعم التحالف، والذي بدئت خطواته الفعلية بتقديم رئيس الوزراء التركي اوغلوا، مذكرتين رسميتين لمجلس النواب من اجل تفويض الحكومة بعمليات عسكرية خارج حدود تركيا.

وقال كمال كيريسجي المحلل بمعهد بروكنجز في واشنطن "من المؤكد أن الناقلة التركية العملاقة تحول مسارها رغم بطئها"، ومن المطالب الرئيسية للولايات المتحدة أن تحكم تركيا السيطرة على حدودها التي يبلغ طولها 900 كيلومتر مع سوريا والتي كانت نقطة عبور رئيسية للمقاتلين الأجانب المنضمين للدولة الإسلامية، وفي العلن يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم راضون عن الدعم التركي، لكن باركي أشار إلى أن بوسع تركيا أن تبذل جهدا أكبر لتفكيك البنية الأساسية التي تعجل بوتيرة دخول المقاتلين الأجانب إلى سوريا، ومن العوامل الأخرى من وجهة النظر الأمريكية ما قد يتمثل في استخدام قاعدة انجرليك الجوية في شن الضربات الجوية وهو ما ترفض أنقرة السماح به حتى الآن، ويمثل الشد والجذب حول الدور التركي جزءا من خلاف أوسع إذ تتعارض رغبة الرئيس باراك أوباما في تجنب الانزلاق إلى الصراع السوري مع رغبة اردوغان في اتباع استراتيجية أشمل لمحاولة إرغام الرئيس السوري بشار الأسد على ترك السلطة وإقامة حكومة أكثر استقرارا في العراق.

تركيا تثير الشبهات

في سياق متصل لم يتمكن الباب المفتوح من ازالة الشبهات التي تحوم حولها، فما تزال تركيا موضع اتهامات بإقامة علاقات غامضة مع الجهاديين رغم استقبالها عشرات الاف الاكراد الذين أرغمهم هؤلاء على الفرار من سوريا، ومنذ ثلاثة ايام، يمضي ابراهيم بينيجي معظم اوقاته على معبر مرشد بينار الحدودي بين تركيا وسوريا بمواجهة الاسلاك الشائكة، ويحاول النائب عن الحزب الديموقراطي الشعبي مساعدة "اشقائه" على العبور هربا من المعارك الدائرة في مدينة عين العرب التي تقع على مسافة قريبة، وبينما يتنقل بين الجنود الاتراك المزودين عربات مصفحة لمرافقة اللاجئين الاكراد والسلطات المحلية، لا يخفي النائب غضبه ازاء الحكومة الاسلامية المحافظة في انقرة.

ويقول في هذا الصدد ان "طائرتين فقط كانتا كافيتين لردهم عندما توجه مجانين داعش من الموصل لمهاجمة عين العرب (كوباني بالكردية)"، ويتابع بينيجي ان "السلطات التركية مسؤولة جزئيا عن هذه الاوضاع لانها تحمي داعش المنظمة الارهابية، كما انها تمنع اليوم الشبان الاكراد من العودة الى سوريا للدفاع عن ارضهم"، ويؤكد ان العديد من الشبان الاكراد عبروا الى تركيا لوضع عائلاتهم في مكان آمن ويحاولون الرجوع الى سوريا لمواصلة القتال ضد الدولة الاسلامية الى جانب مقاتلين اكراد، وقد جدد حزب العمال الكردستاني مناشدة اكراد تركيا محاربة الدولة الإسلامية، لكن قوات الامن التركية تعارض عودة اللاجئين الى سوريا "لاسباب امنية" بحسب المسؤولين على الموقع الحدودي.

وعلى مسافة بضعة كيلومترات الى الشرق من معبر مرشد بينار، يحاول ثلاثة شبان سوريين يعيشون في اسطنبول منذ عام اغتنام الفوضى للتوجه الى سوريا، ويقول أحدهم لعناصر الشرطة الذين يسدون المعبر "جئنا لملاقاة عائلاتنا" لكن احد الموظفين، وهو اكبر سنا منه بقليل، يجيب قائلا "انت تمزح؟ نعرف انك ستنضم الى حزب الاتحاد الديموقراطي (ياكيتي احد الاحزاب الكردية الرئيسية في سوريا)"، وبقي الامر على حاله دن اي تغيير، لكن مواجهات عنيفة اندلعت على المعبر الحدودي بين قوات الدرك والشرطة التركية ومئات الشبان الاكراد القادمين من جنوب شرق تركيا، وفي مرمى نيران هؤلاء الشبان ما يعتبرونه لعبة مزدوجة تقوم بها الحكومة الاسلامية المحافظة التي تحكم تركيا منذ العام 2002.

ويقول محمد امين اكمة الناشط في احد الاحزاب الكردية ان "السلطة لا تريدنا ان ندافع عن مدينتنا"، ويضيف الشاب القادم من جزرة اقصى جنوب شرق تركيا "انها تدعم مجانين داعش وليس الشعب السوري"، وفي السياق ذاته، تظاهر حوالى عشرة الاف شخص في اسطنبول رافعين لافتات كتب عليها "الدولة الاسلامية قاتلة وحزب العدالة والتنمية شريك"، ونظرا لتهديدات الدولة الاسلامية، غادر فياض بكير قريته كولي بشكل عاجل الى تركيا لكنه يوجه انتقادات الى المسؤولين عن استقبال اللاجئين، ويقول الرجل الخمسيني "اعلن الاتراك انهم لا يستطيعون فعل اي شيء نظرا لوجود رهائن، لكنهم اصبحوا احرارا الان، فليساعدونا، لكنهم لا يريدون ذلك بل يستمرون في تقديم الدعم لهم في الخفاء"، وقد اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان "مفاوضات دبلوماسية" ادت الى الافراج عن 46 من الرهائن الذين احتجزهم تنظيم "الدولة الاسلامية" في العراق في حزيران/يونيو مؤكدا في الوقت نفسه عدم دفع اي فدية. بحسب فرانس برس.

وقال للصحافيين في مطار انقرة قبيل توجهه الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة "لم تكن هناك ابدا مساومة من اجل المال، جرت فقط مفاوضات دبلوماسية وسياسية وهذا انتصار دبلوماسي"، وردا على سؤال بشان احتمال ان يكون حصل تبادل لرهائن بمقاتلين من التنظيم المتطرف اجاب اردوغان "ليس مهما ان يكون قد حصل تبادل او لم يحصل، المهم ان (الرهائن) عادوا واجتمعوا مع اسرهم"، ورغم نفيه الامر بشكل دائم، فان اردوغان متهم بدعم المجموعات المعارضة في سوريا بالسلاح وضمنها الدولة الاسلامية من اجل اسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، من جهته، يشرح اسماعيل امير زيرافيك الذي غادر سوريا السلوك الغامض لتركيا قائلا "انهم خائفون من قيام كردستان اخرى على ارضهم كما في العراق"، ويضيف "انهم على استعداد للقيام باي شيء لمنع هذا الامر بما في ذلك دعم داعش".

لعب دورا أكبر

فيما يبدو أن تركيا تقترب من القيام بدور أكبر في التحالف الذي تعمل الولايات المتحدة على تشكيله لمحاربة الدولة الإسلامية بعد أن أفرج التنظيم عن 46 رهينة تركية لكن الغموض مازال يكتنف طبيعة هذا الدور، وقد برز غياب تركيا عن التحالف الذي يضم دولا عربية من منطقة الخليج لمحاربة الجماعة السنية المتشددة إذ أنها لم تلعب دورا علنيا في الضربات التي قادتها الولايات المتحدة على سوريا، وكانت أنقرة استبعدت في السابق القيام بعمل عسكري يستهدف سوريا لكن لهجتها تغيرت بعد الضربات الجوية في سوريا التي شاركت فيها أربع دول خليجية والأردن، وقال مسؤول تركي رفيع "نحن ندرس بجدية التعاون العسكري مع الولايات المتحدة لمكافحة الدولة الإسلامية".

وأبرز الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هذا التحول ونقل عنه قوله بعد ساعات من بدء الغارات "سنقدم الدعم الضروري للعملية، والدعم يمكن أن يكون عسكريا أو لوجستيا"، ويبدو أن هذه هي المرة الأولى التي أبدى فيها مسؤول تركي علانية استعداد بلاده للمساهمة عسكريا في الحملة على الدولة الإسلامية، وجاء هذ التحول بعد الافراج عن 46 رهينة تركية كانوا محتجزين لدى الدولة الإسلامية ما يبدد السبب وراء عزوف تركيا عن المشاركة في العمل العسكري، كما أنه جاء في أعقاب توسيع التحالف بمشاركة الاردن والبحرين والإمارات وقطر والسعودية في الضربات الجوية، كذلك توجد إشارات على أن التحالف ينمو ما يفرض ضغوطا على تركيا التي تربطها حدود طويلة بسوريا ما يجعلها من أهم الدول استراتيجيا في الحملة على التنظيم.

وقال هنري باركي المسؤول السابق بوزارة الخارجية الذي يلقي محاضرات الآن بجامعة ليهاي إن الحرج يدفع الأتراك للتحرك "لأن الكل يفعل ذلك والأتراك على الهامش"، وأضاف أنه عندما "لا تشارك أهم دولة والتي تتاخم الدولة الإسلامية فهذا يبدو بمظهر سيء للغاية، ليس من الواضح لي المدى الذي يرغب (اردوغان) في الذهاب اليه"، ولم يذكر اردوغان صراحة الحرب على الدولة الإسلامية في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع ذلك لم يتغير أي من العوامل الأساسية وراء العزوف التركي، ويقول المحللون إن من هذه العوامل الخوف من رد انتقامي من الدولة الإسلامية بالاضافة إلى تعاطف بعض قطاعات المجتمع التركي مع التوجه الإسلامي للجماعة ورغبة تركيا ألا تبدو وكأنها تنفذ رغبات الولايات المتحدة بالاضافة إلى استخلاص أقصى فائدة ممكنة مقابل الدعم. بحسب رويترز.

وقد رفض الحكم الإسلامي المحافظ في تركيا حتى الآن الانضمام إلى التحالف العسكري الذي شكلته الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" والذي بدأ قصف أهداف للمتطرفين في الأراضي السورية، وكانت أنقرة استبعدت فتح قاعدة انجرليك الجوية (جنوب) ومجالها الجوي للمقاتلات المتجهة إلى سوريا، وأعرب أردوغان عن ترحيبه بأولى ضربات التحالف في سوريا، مؤكدا استعداد بلاده "لأي شكل من أشكال التعاون بما في ذلك العسكري والسياسي"، وقال أردوغان إن "ديننا دين السلام والأخوة والوحدة، ولا يجيز قتل الأبرياء".

وأضاف: "لا يمكننا أن نتيح لأنفسنا ترف القول إن أعمالا إرهابية تجري على حدودنا التي يبلغ طولها 1250 كلم مع سوريا والعراق، لا تعنينا"، ملمحا بذلك إلى تقدم مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في اتجاه مدينة عين العرب الكردية التي تبعد بضعة كيلومترات عن الحدود التركية، وقد حطم مئات من الأكراد الأتراك والسوريين الحاجز الذي يفصل البلدين في مرشد بينار (جنوب) من أجل الالتحاق بالقوات الكردية التي تقاتل المتطرفين حول عين العرب، وأدت المعارك للسيطرة على المنطقة الى نزوح جماعي لسكانها الذين يشكل الأكراد أكثريتهم إلى تركيا، وذكر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن عددهم تجاوز 160 ألفا.

اقامة منطقة آمنة

بدوره قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في تصريحات إن القوات التركية قد تساهم في إنشاء منطقة آمنة في سوريا في حالة ابرام اتفاق دولي على اقامة ملاذ للاجئين الذين يفرون من مقاتلي الدولة الإسلامية، وأحجمت تركيا عن لعب دور قيادي في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة الدولة الإسلامية إلا ان مسؤولين ذكروا ان اردوغان يجري مفاوضات بشأن طبيعية الدور التركي، وقال اردوغان في مقابلة مع صحيفة حريت في طريق عودته من نيويورك حيث شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة "المنطق الذي يفترض ان تركيا لن تشارك عسكريا خاطئ"، وذكر اردوغان أن المفاوضات جارية لتحديد كيفية تنفيذ الحملة الجوية واحتمال القيام بعملية برية وتحديد الدول المشاركة مبديا استعداد تركيا للمشاركة.

وأضاف "عند توزيع الأعباء ستضطلع كل دولة بدور معين وستنفذ تركيا الدور المناط بها مهما كان" مضيفا ان العمليات الجوية وحدها لن تكفي، وتابع "لا يمكن القضاء على مثل هذه المنظمة الإرهابية بالغارات الجوية فقط، القوات البرية تلعب دورا تكميليا، يجب النظر للعملية كوحدة واحدة"، واضاف "من الواضح انني لست عسكريا إلا ان العمليات الجوية مهمة لوجستية، واذا وجدت قوة برية فلن تكون مستديمة"، وأضاف ان تركيا ستدافع عن حدودها اذا اقتضى الأمر وتابع ان الخطوات الضرورية ستتخذ بعد نيل تفويض من البرلمان يسمح للقوات التركية بالمشاركة في عمليات خارج حدودها، وحين سئل عن احتمال ان تنشئ تركيا منطقة آمنة للاجئين في سوريا بشكل منفرد أجاب "ينبغي ان يحدث ذلك بالتعاون مع دول المنطقة، ينبغي ان نتحاور فيما بيننا، نحتاج للشرعية في إطار المجتمع الدولي". بحسب رويترز.

وقال للصحيفة "تركيا ليست القضية بل عودة نحو 1.5 مليون شخص لديارهم، مساعدة هؤلاء على الاستقرار من بين القضايا محل البحث"، وفي الوقت نفسه قال المرصد السوري لحقوق الانسان إن ضربات جوية قصفت تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات إسلامية أخرى في شرق سوريا ويعتقد أن قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة شنتها، وقال شاهد إن مقاتلي الدولة الإسلامية يسيطرون على اراض على ثلاث جبهات تحيط ببلدة كوباني الاستراتيجية على الحدود مع تركيا وان الاشتباكات المتقطعة في حين سمع دوي أسلحة ثقيلة، وأضاف الشاهد ان المتشددين لازالوا يتحصنون بمواقعهم على بعد عشرة كيلومترات غربي كوباني داخل سوريا موضحا أن المواقع الكردية هي آخر خط دفاع بين المقاتلين والبلدة، وتقع كوباني على طريق يربط بين شمال وشمال غرب سوريا وحالت سيطرة الاكراد على البلدة دون ان يعزز مقاتلو الدولة الإسلامية مكاسبهم غير ان تقدمهم دفع أكثر من 150 ألف كردي للفرار إلى تركيا.

تبادل معلومات استخباراتية

من جانب اخر أصبحت خطوط الهاتف الساخنة للابلاغ عن المشتبه بانتمائهم للجماعات المتشددة بهم والحيل التي تهدف للايقاع بهم وسحب جوازات السفر منهم من بين الوسائل اللافتة لمنع الاوروبيين الراغبين في الانضمام إلى صفوف مقاتلي الدولة الاسلامية في سوريا والعراق، غير أن مسؤولين ودبلوماسيين في تركيا يقولون إن معلومات الاستخبارات من الوسائل الأكثر فعالية وإن كانت غير مستغلة بدرجة كافية، وتعتبر تركيا البوابة الرئيسية التي تربط بين أوروبا ودولة الخلافة التي أعلنها مقاتلو الدولة الإسلامية، ويقول المسؤولون إن معلومات الاستخبارات عن شبكات التجنيد ناقصة وإن وكالات التجسس ترفض في بعض الأحيان تبادل المعلومات.

وقد انضم آلاف الأجانب من أكثر من 80 دولة من بينها تركيا وبريطانيا وبعض مناطق أوروبا والصين والولايات المتحدة إلى صفوف التنظيم وجماعات متشددة أخرى في سوريا والعراق، وعبر كثير من هؤلاء إلى سوريا عن طريق تركيا فسافروا جوا إلى اسطنبول أو أحد المنتجعات التركية المطلة على البحر المتوسط بجوازات سفر غربية متخفين بين ملايين السياح الوافدين كل شهر، ومازال آخرون يحاولون السفر رغم تشديد القيود على الحدود، وقد وضعت السلطات التركية قائمة بالممنوعين من الدخول تضم ستة آلاف شخص بعضهم في سن الرابعة عشرة على أساس معلومات الاستخبارات من وكالات غربية وقامت هذا العام وحده بترحيل أكثر من 500 مشتبه بهم كانوا يسعون للانضمام للمتطرفين. بحسب رويترز.

لكن هذه القائمة ليست جامعة وبها ثغرات من بعض الدول التي تعتبر من المصادر الرئيسية لتجنيد المقاتلين في شمال افريقيا ومنطقة الخليج كما أن بعض المعلومات التي تتلقاها السلطات التركية قديمة لم يتم تحديثها، وقال مسؤول تركي كبير طلب عدم نشر اسمه "شركاؤنا يقولون لا نعرف من سيذهب حتى يذهب، لذلك فالمسألة تتعلق أيضا بالتشدد وبما يحدث قبل ان يغادر هؤلاء أوطانهم"، وأضاف "فأنت لا تستطيع أن تمسك بالفئران فرادى، ثمة شبكات ضالعة في الأمر، وعلينا أن نسحق تلك الشبكات"، ويقول خبراء أمنيون إن بعض وكالات الاستخبارات تمانع في تبادل المعلومات بالكامل مع نظيراتها التركية لأسباب منها أن تركيا لا تطبق نفس معايير الحماية للمعلومات وللخوف من أن تعرض للخطر عمل ضباط سريين يسعون للتسلل بين صفوف الشبكات الجهادية.

وقال دبلوماسي أوروبي "حماية البيانات تمثل عقبة، وهذه القضية سلطت الضوء على الأمر، لكني أعتقد أننا نتبادل معلومات أكثر مما اعتدنا، قوائم الاسماء وبيانات أخرى"، وأصبح التعاون أكثر تعقيدا مع دول أخرى مثل مصر التي لم تعد تربطها بتركيا علاقات دبلوماسية كاملة أو ليبيا التي اضطرت حكومتها للفرار من العاصمة طرابلس بعد استيلاء المتشددين عليها، وقال مسؤول استخبارات مصري عندما سئل عن التعاون مع تركيا "طلبت الاستخبارات التركية منا هذه المعلومات لكننا لا نتعامل معها مباشرة هذه الأيام"، وأضاف "لكننا نعطي هذه المعلومات لدول أخرى مثل أمريكا ونحن واثقون أن تركيا يمكنها الحصول عليها منهم"، ومع ذلك فقد تحققت بعض النجاحات الملموسة.

فقد تسلمت السلطات القضائية في باريس رجلا يعتقد أنه من العاملين الرئيسيين في مجال تجنيد الجهاديين الفرنسيين لحساب الدولة الاسلامية في أعقاب القبض عليه في تركيا خلال أغسطس اب الماضي بعد تعاون وصفه وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف بأنه "تعاون ممتاز"، كما قال مسؤولون إن كلا من أسبانيا والمغرب وبلجيكا وألمانيا أحرز تقدما في كسر شبكات التجنيد، لكن المسؤولين الاتراك يرفضون إشارات إلى أنهم فشلوا في فرض رقابة كافية على حدودهم ويشيرون إلى أمثلة على فشل أجهزة استخبارات غربية في ابراز التحديات التي تواجههم، وقال المسؤول التركي الكبير إن مسافرا وصل في إحدى المرات من مطار أوروبي يحمل طلقات وخزنة بندقية كلاشنيكوف في حقيبته، كما عاود مسافر آخر تم ترحيله من قبل محاولة المرور من ضباط الهجرة الاتراك بجواز سفر مختلف.

وفي فبراير شباط سقط مواطنان ألمانيان كانت السلطات الألمانية تحقق في صلاتهما بالمتطرفين في أيدي السلطات التركية بمدينة غازي عنتاب الجنوبية لمحاولتهما السفر إلى ميونيخ وبحوزتهما متفجرات، ولم تعلق السلطات الالمانية على هذه القضية، من ناحية أخرى قال دبلوماسي أوروبي إن حملة التطهير الاخيرة في صفوف الشرطة التركية بما في ذلك ضباط يعملون في مجال مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة اعتبرت انتكاسة لتلك الجهود، ويخوض الرئيس التركي رجب طيب اردوغان معركة مع الداعية الاسلامي فتح الله كولن الذي كان حليفا له قبل ان يتحول إلى خصم والذي يتهم الرئيس اتباعه باستخدام نفوذهم في الشرطة والقضاء للتآمر عليه، وتم عزل الالاف من ضباط الشرطة أو أعيد توزيعهم لأداء مهام أخرى.

وقال الدبلوماسي "ثمة مشكلة بسبب حملات التطهير في صفوف الشرطة، فالناس الذين عملت معهم ووثقت بهم يستبدلون أو يختفون ببساطة، من الصعب الحصول على المعلومات، ومن يحلون محلهم يكونون في الغالب في غاية الحذر"، وأضاف "أشعر أحيانا بشيء من الارتياب (داخل المؤسسات التركية)، ودائما لا تصل المعلومات المهمة إلى المكان المناسب في الوقت المناسب"، وينفي المسؤولون الاتراك عدم التنسيق ويقولون إن وزارة الداخلية أصدرت تعليمات لكل الوكالات المعنية في ابريل نيسان عن الاجراءات الواجب تنفيذها، وتعمل الولايات المتحدة على رسم خطط لعمل عسكري في سوريا يستهدف مقاتلي الدولة الاسلامية لكن تركيا أحد أوثق الحلفاء في المنطقة وعضو حلف شمال الاطلسي ترفض أن يكون لها دور على الخط الأمامي. وسيتمثل دورها الرئيسي في منع زيادة عدد المقاتلين الاجانب في صفوف المتشددين وكذلك اعتراض من يحاول العودة إلى بلاده عن طريق أراضيها، ويتراوح عدد المقاتلين الاجانب في صفوف الاسلاميين حسب تقديرات المسؤولين الاتراك بين 8000 و11000، وتخشى الحكومات الغربية أن يسعى مواطنوها الذين شاركوا في القتال في العراق وسوريا إلى شن هجمات في بلادهم، وحذرت استراليا من هجمات على ساسة ومبان حكومية وقالت إنها أحبطت مؤامرة لذبح شخص عادي، وقال دبلوماسي أوروبي عن تشديد الأمن على الحدود التركية "ثمة إدراك متنام لهذه المشكلة، أكثر كثيرا من عام مضى، حسن النية على المستوى السياسي ليس غائبا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/تشرين الأول/2014 - 5/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م