خلف قضبان البيت.. من يحمي المرأة وأطفالها من العنف الأسري؟

 

شبكة النبأ: ظاهرة العنف الأسري ظاهرة عالمية تحدث في جميع أنحاء العالم دون استثناء، ولهذه الظاهرة الكثير من الاضرار والمشاكل الاجتماعية والصحية والاقتصادية، فهي تتسبب وبحسب بعض الخبراء في نشوء العقدة النفسية التي تتطور وتتفاقم إلى حالات مرضية أو سلوكيات عدائية إجرامية، وبحسب بعض الدراسات فان العنف الأسري الموجه أساسا إلى النساء والأطفال يقتل من البشر أكثر مما تقتل الحروب. ويكلف هذا النوع من العنف الاقتصاد العالمي ما يزيد عن ثمانية تريليونات دولار سنويا.

العنف الأسري او الإساءة الأسرية أو الإساءة الزوجية هو شكل من أشكال التصرفات المسيئة الصادرة من قبل أحد أو كلا الشريكين في العلاقة الزوجية أو الاسرية. ويعرف العنف الأسري بعدد من الأشكال منها الاعتداء الجسدي (كالضرب، والركل, والعض, والصفع. والرمي بالأشياء وغيرها). أو التهديد النفسي كالاعتداء الجنسي أو الاعتداء العاطفي, السيطرة أو الاستبداد أو التخويف, أو الملاحقة والمطاردة. أو الاعتداء السلبي الخفي كالإهمال, أو الحرمان الاقتصادي.

 وقد يصاحب العنف الأسري حالات مرضية كإدمان الكحول والأمراض العقلية, التوعية تعتبر من الأمور المساعدة في علاج العنف الأسري والحد منه. وتختلف معايير تعريف العنف الأسري اختلافاَ واسعاَ من بلد لبلد ومن عصر لآخر. لا يقتصر العنف الأسري على الإساءات الجسدية الظاهرة بل يتعداها ليشمل أموراَ أخرى كالتعريض للخطر أ والإكراه على الإجرام أو الاختطاف أو الحبس غير القانوني أو التسلل أو الملاحقة والمضايقة. وجميع أشكال العنف المنزلي لها هدف واحد وهو كسب السيطرة على الضحية والحفاظ عليها. يستخدم المعتدون أساليبًا كثيرةً لممارسة قوتهم على الزوج أو الشريك: كالسيطرة، والإذلال، والعزل، والتهديد، والتخويف، والحرمان، واللوم.

وقد أفاد البنك الدولي بأن أكثر من 700 مليون امرأة حول العالم هن ضحايا للعنف الزوجي، خصوصًا فى جنوب آسيا والقارة الأفريقية. وأكد تقرير المنظمة أن العنف الممارس على أساس الجنس يعتبر آفة عالمية تؤثر على النساء فى كل مناطق العالم، مشيرة فى الوقت ذاته إلى حصول "تقدم غير مسبوق" خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب التقرير فإن 43٪ من النساء فى جنوب آسيا تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من أزواجهن خلال حياتهن. والنسبة أقل بقليل في دول أفريقيا جنوب الصحراء وفى الشرق الأوسط، إذ سجلت 40٪، في حين تصل في أمريكا الجنوبية إلى 33٪، وفى منطقة شرق آسيا ـ المحيط الهادئ ـ إلى 30٪، على ما جاء في هذه الوثيقة التي لم تتضمن بيانات عن معدلات العنف الزوجي في أوروبا.

وبلغت نسبة النساء من ضحايا العنف الزوجي في أمريكا الشمالية 21٪. وأشار البنك الدولي في تقريره إلى أن الكثير من النساء لديهن "تحكم محدود" بأجسادهن فيما يتعلق بالحياة الجنسية ووسائل منع الحمل حول العالم. وحذرت المنظمة من أن استمرار الاتجاه الحالي على حاله، فإن أكثر من 142 مليون امرأة سيكن متزوجات قبل سن الـ18 خلال العقد المقبل.

 من جانب اخر يصعب قياس الحجم الفعلي للعنف المرتكب ضد الأطفال في أنحاء العالم. فهناك افتقار إلى البيانات عن العدد الدقيق للضحايا الأطفال لكثرة ما يحدث سراً ولا يتم الإبلاغ عنه. غير أن التقديرات تشير إلى تعرض ما بين 500 مليون و1.5 بليون طفل للعنف سنوياً. ويقدر عدد الأطفال الذين يشهدون العنف المنزلي في كل عام بما يصل إلى 275 مليون طفل على نطاق العالم.

كارثة حقيقية

وفي هذا الشأن قال خبيران إن العنف المنزلي الموجه أساسا إلى النساء والأطفال يقتل من البشر أكثر مما تقتل الحروب وغالبا ما يكون بلاء يغض الناس الطرف عنه بينما يكلف الاقتصاد العالمي ما يزيد على ثمانية تريليونات دولار سنويا. وحثت الدراسة -التي قال مؤلفاها إنها محاولة أولى لتقدير التكاليف العالمية للعنف - الأمم المتحدة على أن تولي اهتماما أكبر بالانتهاكات المنزلية التي تلقى اهتماما أقل من الصراعات المسلحة.

وكتبت أنكيه هوفلر من جامعة أكسفورد وجيمس فيرون من جامعة ستانفورد في الدراسة أنه "في مقابل كل قتيل في ميدان الحرب الأهلية يلقى تسعة أشخاص تقريبا... حتفهم في نزاعات بين اشخاص." وقدرا تكلفة اشكال العنف على مستوى العالم من الخلافات الأسرية الى الحروب بمبلغ 9.5 تريليون دولار سنويا تتمثل أساسا في ناتج اقتصادي مفقود وبما يعادل 11.2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على مستوى العالم.

وفي السنوات القليلة الماضية عانت ما بين 20 و25 دولة من حروب أهلية دمرت كثيرا من الاقتصادات المحلية وبلغت تكاليفها حوالي 170 مليار دولار سنويا. وتكلفت جرائم قتل 650 مليار دولار وكانت أساسا لرجال ولا صلة لها بالنزاعات المنزلية. لكن هذه الارقام تضاءلت بالمقارنة مع ثمانية تريليونات دولار هي التكلفة السنوية للعنف المنزلي واغلبه ضد النساء والاطفال.

وقالت الدراسة إن حوالي 290 مليون طفل يعانون من استخدام العنف في التأديب في البيوت طبقا لبيانات صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). وتقدر الدراسة أن الانتهاكات غير الفتاكة ضد الأطفال تهدر 1.9 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في الدول ذات الدخل المرتفع وما يصل إلى 19 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا جنوبي الصحراء حيث يشيع التأديب العنيف. بحسب رويترز.

وقال بيورن لومبورج رئيس مركز كوبنهاجن كونسينساس سنتر الذي أجريت الدراسة لحسابه إن العنف المنزلي لا يلقى الاهتمام الكافي غالبا مثلما أن الاهتمام بحوادث السيارات أقل من الاهتمام بحوادث الطائرات رغم أن عددا أكبر من الناس يموتون في حوادث الطرق. وقال "ليس هذا (البحث) عن مجرد أن نقول هذه مشكلة كبيرة." واضاف "إنها طريقة للبدء في إيجاد حلول ذكية." ويعتمد المركز على عمل ما يزيد على 50 اقتصاديا بينهم ثلاثة من الحائزين على جوائز نوبل ويبحث في وسائل فعالة لمكافحة نطاق واسع من المشاكل تمتد من التغير المناخي إلى الملاريا.

جرائم مستمرة

في السياق ذاته قالت السلطات في ولاية فلوريدا الامريكية ان رجلا يبلغ من العمر 51 عاما أطلق النار على ابنته وأحفاده الستة فأرداهم قتلى داخل منزله ثم قتل نفسه. وقال روبرت شولتز رئيس شرطة مقاطعة جيلكرايست إن دون سبيريت -الذي عرفته السلطات بأنه المشتبه به- اتصل بهاتف الطواريء 911 وقتل نفسه بعد ان وصل مسؤول من الشرطة الي الموقع.

واضاف ان جميع من كانوا في المنزل قتلوا وان اصغر الاحفاد عمره اقل من ثلاثة اشهر واكبر الاحفاد عمره 11 عاما. ووقع الحادث بالقرب من بيل وهي بلدة يقطنها نحو 500 شخص تقع على بعد نحو 56 كيلومترا غرب جينزفيل. وتعرف المرأة القتيلة باسم سارا سبيريت (28 عاما) وهي أم لكل الأطفال الستة وهم ثلاثة أولاد وثلاث بنات.

وقال شولتز "ليس لدينا مؤشر عن السبب الذي دفع هذا الرجل الى الاقدام على ما فعله. ربما لا نعرف ابدا". وقال شولتز ان ضباطا استدعوا في السابق الى هذا المنزل لكن لم يكن هناك "أي دلائل او مؤشرات لنا في السابق على أن شيئا مثل هذا يمكن ان يحدث أو سيحدث". ودون سبيريت الذي ولد في نيوجيرسي لديه تاريخ جنائي طويل من بينه ادانات بحيازة اسلحة غير قانونية وحيازة مخدرات وضرب وحرمان طفل من الغذاء والمأوى.

على صعيد متصل قالت الشرطة إن عائلة فتاة تزوجت دون موافقتها قتلتها وزوجها بعد استدراجهما لمنزل الاسرة بدعوى مباركة الزيجة. وقال رانا زاشيد مسؤول بالشرطة المحلية ان الفتاة وتدعى موافية حسين (17 عاما) وزوجها (31 عاما) عقدا قرانهما دون موافقة اسرتيهما في قرية سترة باقليم البنجاب في شرق البلاد. وأضاف زاشيد أن والد والدة الفتاة استدرجا الزوجين وحين وصلا قيد الاب الإثنين وذبحهما.

والقت الشرطة القبض على الوالدين اللذين قالا إنهما ارتكبا الجريمة بسبب ما شعرا به من احراج نتيجة زواج الابنة من رجل ينتمي لقبيلة اقل شأنا. وذكرت لجنة حقوق الانسان أن وسائل الاعلام في باكستان اوردت 869 جريمة شرف في العام الماضي اي اكثر من جريمة واحدة في اليوم ولكن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى كثيرا إذ لا يتم الابلاغ عن عدد كبير من الجرائم.

من جهة اخرى أنقذت الشرطة الأرجنتينية فتاة تبلغ من العمر 15 عاما، احتجزها والداها بالتبني تسع سنوات. وأعلنت الشرطة أن الفتاة تعرضت للتجويع والضرب، وأن وزنها يبلغ 20 كيلوغراما فقط، حيث لم تكن تقتات إلا على الخبز والماء وهي قيد الاحتجاز. ولم يرافق الفتاة طوال هذه الفترة سوى كلب وقرد.

وقالت إنها كانت تتعرض للضرب بالحزام إذا حاولت أن تأكل مخلفات الطعام الذي كان يلقى إلى الحيوانين الأليفين. وألقت الشرطة القبض على الوالدين بالتبني، ووجهت لهما الاتهام بالاستعباد والانتهاك الجسدي. وكانت شقيقة الفتاة من والديها الحقيقيين قد اكتشفت مكانها في العاصمة بوينس ايريس بعد أن فقدت كل أثر لها.

وقالت الفتاة التي أدخلت المستشفى إنها لم تتمكن من الخروج من المرآب سوى مرتين فقط. وبحسب مسؤولين، فإن الوالدين بالتبني عرضا رعاية الفتاة لفترة مؤقتة عام 2001 بعد أن توصلت محكمة إلى أن والديها الحقيقيين، اللذين لديهما سبعة أبناء آخرين، غير قادرين ماديا على رعايتها. وفي بادئ الأمر كانت هناك اتصالات بين العائلتين، لكن من غير الواضح ماذا حدث بعد عام 2005، ولماذا فقدت عائلة الفتاة الأصلية أي أثر لها.

من جانب اخر حكم على باكستاني يبلغ الخامسة والسبعين قتل زوجته لانها حضرت له طبق عدس بينما كان يريد اكل اللحم، بالسجن 18 عاما في نيويورك. وبعد سنوات طويلة من سوء المعاملة، انهال نور حسين الذي كان يعتبر ان من حقه "تأديب" زوجته، بالضرب بعصا على زوجته نازار (66 عاما) بعدما اكتشف انها طبخت العدس بينما كان يتوقع منها اعداد طبق بلحم الماعز.

وقال الرجل السبعيني خلال المحاكمة ان نازار التي كانت زوجته الثالثة "قللت من احترامه". وهو كان يضربها منذ ما لا يقل عن 15 عاما في شقتهما في بروكلين. وقد ادين بتهمة القتل في بروكلين. ويرجح ان يتوفى الرجل في السجن اذ انه يعاني من وضع صحي سيء. وقد اشاد المدعي العام في بروكلين كينيث تومسون بالحكم الصادر مؤكدا ان المتهم "هاجم زوجته بينما كانت في السرير عاجزة عن الدفاع عن نفسها".

وافاد الطبيب الشرعي انها ضربت ما لا يقل عن عشرين مرة. وقد تسبب الضرب باصابتها بنزيف في الدماغ على ما قالت السلطات. وتخلل المحاكمة شهادات مؤلمة وصور صادمة بينها صور وجه الضحية المتورم و جثمانها الممدد على سرير مضرج بالدماء. بحسب رويترز.

على صعيد متصل حكم القضاء الفرنسي بالسجن عشرين عاما على رجل ادين بقتل زوجته بسبع واربعين طعنة على مرأى ومسمع من المارة في احد شوارع ارجنتوي بمنطقة فال-دواز. ونفذ هذا الرجل البالغ من العمر 47 عاما جريمته اثر شجار حاد مع زوجته البالغة 42 عاما، فانهال عليها طعنا بالسكين، ولم ينجح أي من المارة برده عنها. وطلبت النيابة العامة سجنه 30 عاما.

وقال الرجل في المحكمة انه نادم على فعلته، وانها نتجت عن اصابته باكتئاب شديد، وخوف من ان تفارقه زوجته التي هددته بالانفصال، بعد اشهر قليلة فقط على زواجهما. وعبر في كلمته الاخيرة عن حبه لزوجته قائلا "لقد احببتها كما لم احب احدا". وأظهر تقرير نشرته وزارتا الداخلية وحقوق المرأة في فرنسا ان العنف الزوجي الذي شهد انخفاضا في العام 2013 عما قبله، اودى بحياة 146 شخصا في البلاد، 121 امرأة و25 رجلا. ويعكس هذا الرقم تراجعا في العنف الزوجي في فرنسا مقارنة بالعام 2012 الذي سجل فيه مقتل 174 شخصا، منهم 148 امرأة و26 رجلا.

المراهقات الأردنيات

من جانب اخر أكد تقرير صادر عن اليونيسف تحت عنوان "محجوب عن الأنظار: تحليل إحصائي عن العنف ضد الأطفال"، على أن الأردن إحتل المركز الرابع بين الدول العربية لأعلى معدل جرائم قتل ضد الأطفال والمراهقين، وأن عام 2012 شهد 95 ألف جريمة قتل أودت بحياة أطفال ومراهقين من الجنسين تحت عمر 20 عاماً على مستوى العالم.

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن البيانات عن عدد ضحايا جرائم القتل للأطفال والمراهقين من الجنسين والذين أعمارهم ما بين 0-19 عاماً لكل 100 ألف نسمة من السكان لعام 2012 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تؤكد على أن الأردن إحتل المركز الرابع بمعدل ثلاث جرائم لكل 100 ألف نسمة، بعد كل من السودان (6 جرائم) وجيبوتي (5 جرائم) والعراق (4 جرائم)، وتلى الأردن كل من اليمن والإمارات والجزائر (جريمتان لكل واحدة منها)، ومن ثم المغرب وسوريا ومصر وتونس ولبنان والسعودية والبحرين وليبيا (جريمة لكل واحدة منها)، ولم تسجل أية جريمة في كل من عُمان والكويت وقطر.

أما أعلى نسبة جرائم قتل بحق الطفلات والمراهقات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كانت للفئة العمرية 0-4 أعوام، تلتها الفئة العمرية 15-19 عاماً، ومن ثم من 10-14، واخيراً الفئة العمرية من 5-9 أعوام. وتضيف "تضامن" بأن الأردن جاء بعد مصر في نسبة الفتيات اللاتي أعمارهن ما بين 15-19 عاماً وتعرضن لأي شكل من أشكال العنف الجسدي منذ أن كان عمرهن 15 عاماً وخلال آخر 12 شهراً.

حيث أشار التقرير الى أن حوالي 14% من المراهقات الأردنيات ما بين 15-19 عاماً تعرضن لعنف جسدي خلال 12 شهراً الماضية مقابل حوالي 22% من المراهقات المصريات، وأن حوالي 31% من المراهقات الأردنيات تعرضن لعنف جسدي منذ عمر 15 عاماً مقابل حوالي 40% من المراهقات المصريات. وأكدت الفتيات الأردنيات المتزوجات عندما كان عمرهن ما بين 15-19 سنة واللاتي تعرضن لعنف جسدي ، أكدت 28% منهن بأن الزوج هو المعنف، وأشارت 5% منهن الى أن مرتكب العنف هو الزوج السابق، فيما أجابت 43% منهن بأن الأم أو زوجه الأب هي من ترتكب العنف، و42% أكدن بأن الأب أو زوج الأم هو المعنف، في حين كانت نسبة من أشرن الى الأخ أو الأخت كمرتكب للعنف 23% منهن، ولم يشكل المعلم/المعلمة سوى 1% من إجاباتهن.

وتضيف "تضامن" بأن حوالي 8% من الحوامل الأردنيات واللاتي أعمارهن ما بين 15-19 عاماً تعرضن لعنف جسدي بمقابل حوالي 7% من الحوامل الأردنيات من الفئة العمرية ما بين 20-49 عاماً. وتتوافق هذه النسب التي أشار اليها التقرير الأممي مع ما جاء بمسح السكان والصحة الأسرية لعام 2012 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة بأن 7% من 6654 إمرأة متزوجة أو سبق لهن الزواج واللاتي كن حوامل قد تعرضن للعنف الجسدي مرة واحدة على الأقل أثناء الحمل ، كالصفع أو الضرب أو الركل أو تعرضن لبعض أشكال العنف الجسدي الأخرى.

وتشير "تضامن" الى أن العنف الجسدي ضد النساء الحوامل يشكل جريمة مزدوجة بحق كل من المرأة الحامل والجنين، ويرتب آثاراً نفسية وصحية وجسدية سلبية على المرأة، ويعرض الجنين لمخاطر عديدة كالإجهاض أو الولادة المبكرة أو تشوهات، وقد تؤدي في بعض الأحيان الى تهديد جدي لحياة كل من المرأة والجنين على حد سواء خاصة إذا كان العنف الجسدي أو الإيذاء البدني شديدين ونتج عنهما إصابات متوسطة أو بليغة.

إن ثقافة الصمت التي تسيطر على العديد من المتزوجات خاصة المراهقات تعرضهن الى المزيد من أعمال العنف المرتكب من أقرب الأشخاص اليهن وتماديهم في إرتكابه ، وتعود هذه الثقافة لأسباب متعددة منها إعتقادهن بأن مصير مجهول قد يواجهنه في حال قيامهن بتقديم شكوى للجهات المختصة، وضعف معرفتهن القانونية و / أو الخطوات الواجب إتباعها عند تعرضهن للعنف خاصة إذا نتج عنه إصابات وجروح جسدية قد تعرض حياتهن للخطر، بالإضافة الى الأضرار النفسية والمعنوية.

وتدعو "تضامن" الجهات المعنية، الحكومية وغير الحكومية الى زيادة الإهتمام ببرامج التوعية والإرشاد النفسي والإجتماعي والقانوني للأسر وللمتزوجات الأردنيات وحمايتهن من العنف بكافة أشكاله ومن التمييز والتهميش، والى الإستماع الى آرائهن وإشراكهن في صياغة أية برامج أو سياسات تتعلق بهن من النواحي التعليمية والصحية والإجتماعية والإقتصادية، كما تدعو الى حشد الطاقات والجهود للقضاء على العادات المسيئة كالزواج المبكر، وإلغاء النصوص القانونية التمييزية. كما تدعو الأسر الى إعطاء المزيد من العناية لهن وتوجيههن صحياً ونفسياً وتعليمياً ومعاملتهن كباقي أفراد الأسرة من الذكور بجو من عدم التمييز والحرمان والعنف.

للمرة الأولى في لبنان

في السياق ذاته أصدر القضاء اللبناني حكما بالسجن تسعة أشهر على رجل تعرض لزوجته بالضرب المبرح في سابقة تأتي بعد أن أقر مجلس النواب اللبناني قانونا لحماية النساء من العنف الأسري، بحسب جمعية غير حكومية. وهو مطلب أساسي للمجتمع المدني منذ سنوات، ويشكل خطوة متقدمة في مجتمع محافظ ومتجذر في الطائفية. ووصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان إقرار القانون بـ"التاريخي" بالنسبة إلى لبنان، و"خطوة إيجابية إلى الأمام"، مع الإشارة إلى ضرورة تطويره في المستقبل.

فقد أعلنت جمعية "كفى" الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة أن القضاء أصدر حكما على حسين فتوني (30 عاما) وذلك بسجنه تسعة أشهر، وتغريمه دفع تعويض قيمته 20 مليون ليرة لبنانية (نحو 14 ألف دولار أمريكي) لاقترافه "جرم الضرب والإيذاء" بحق زوجته تمارا حريصي (22 عاما) ، ما أدى إلى دخولها المستشفى. ورحبت الجمعية بالحكم إلا أنها انتقدت العقوبة "غير الكافية".

وقالت المسؤولة الإعلامية في الجمعية مايا عمار "بحسب اطلاعنا، هذه هي الحالة الأولى التي يصدر فيها حكم ضد المعتدي بموجب القانون الجديد" الذي أقره البرلمان في الأول من نيسان/أبريل. وأضافت "لكننا لا نرى أن هذه العقوبة كافية. بالطبع هي أفضل من إخلاء سبيله كما كان محاميه يطلب، لكنه دين بتهمة ضربها لا محاولة قتلها"، مشيرة إلى أن "الأدلة بحوزتنا تظهر بوضوح وجود محاولة للقتل، ونعتقد أن الحكم عليه كان يجب أن يتم وفق ذلك".

وقالت حريصي إن فتوني الذي تزوجته سرا في 31 كانون الثاني/يناير 2012، عمد إلى ضربها بعنف لنحو ثلاث ساعات وهي مكبلة القدمين، قبل أن يرمي عليها الكحول ويحاول إحراقها. وبدت الشابة النحيلة ذات الشعر البني الداكن متماسكة ، إلا أن آثار الاعتداء بدت واضحة على وجهها، لا سيما لجهة البقع السوداء في محيط عينيها، وآثار الدمار في عينها اليسرى. وقالت حريصي إن زوجها توعدها قبل خروجه من المنزل بعد ضربها قائلا "سأعود وأقبرك هنا". إلا أنها تمكنت من الهرب والاتصال بشقيقتها.

وبحسب عمار، لم تقرر حريصي بعد ما إذا كانت ستستأنف الحكم. ونقلت صحيفة "ديلي ستار" الناطقة بالإنكليزية عن حريصي قولها إن "الحكم جيد نظرا لكوننا في لبنان". وأقر مجلس النواب القانون بعنوان "حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري"، بعد سنوات من حملات قام بها ناشطون ومنظمات غير حكومية، للمطالبة بقانون يحمي النساء من العنف الأسري الذي تسبب خلال الأشهر الماضية بوفاة نساء عديدات نتيجة تعرضهن للضرب أو القتل عمدا على أيدي أزواجهن. بحسب فرانس برس.

ونوهت مايا عمار بالسرعة التي أوقف فيها فتوني والحكم الصادر بحقه، وإصدار أمر بابتعاده عن حريصي. إلا أن الزوجة الشابة تواجه حاليا تحديا جديدا يتمثل بطلبها الطلاق من زوجها، وهو ما يجب أن يتم عن طريق محكمة دينية، نظرا لعدم وجود قانون مدني للأحوال الشخصية في لبنان. وقالت عمار "ما زالت أمامها معركة طويلة لتخوضها، لكن نأمل في أن تمنحها السلطات الدينية الطلاق". ويخضع الزواج والطلاق في لبنان لقانون الأحوال الشخصية الخاص بكل طائفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/آيلول/2014 - 2/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م