شبكة النبأ: تعرض الاقتصاد العراق هذا
العام لمخاطر كبرى هددت بقطع شريانه الاقتصادي الممتثل بثروته الهائلة
من الذهب الاسود، وتحديدا بعد احتلال مدينة الموصل واجزاء من شمالي
البلاد من لدن مسلحي تنظيم داعش الارهابي والذي شكل خطرا على بنيته
الأساسية النفطية الواسعة، خصوصا بعدما سحبت بعض شركات النفط العاملة
في إقليم والمركز موظفيها، في الوقت الذي تزاد فيه حدة الخلاف بين
سلطات كردستان والحكم المركزي العراقي على تقاسم عائدات النفط، حيث
تخوض الحكومة العراقية المركزية معركة قانونية ضد كردستان بشأن من يملك
حق تصدير الخام.
في حين يرى بعض المراقبين الاقتصاديين أن الخلاف حول يونايتد
كالافرفتا وهي إحدى ناقلات مارين مانجمنت سيرفيسيز التي لا تزال ترسو
قبالة ساحل تكساس بالولايات المتحدة منذ يوليو تموز وعلى متنها كميات
من النفط تقدر بنحو 100 مليون دولار، يشكل احدث حلقة في نزاع طويل
الأمد بين الحكومة المركزية والإقليم الكردي، حيث هددت بغداد بمقاضاة
أي جهة تشتري هذا النفط وطلبت من محكمة أمريكية مصادرة محتويات الناقلة.
وقالت محكمة في تكساس إنها لا تملك الصلاحية لأن الناقلة ترسو بعيدا
قبالة الساحل.
إذ يرى الكثير من المحللين أن الخلافات السياسية بشأن الصراع على
الذهب الأسود وضعت الكثير من العقبات أمام تطور صناعة النفط العراقية
خاصةً في الآونة الأخيرة، فقد تسبب هذه الخلافات والاضطراب بشأن أزمة
النفط الحالية، نذير خطر محتدم يشير بعواقب وخيمة على صعيد الاقتصاد
العراقي الى جانب ازمة الامن المستدامة، فضلا وجود ثغرات في الدستور
وغياب قانون النفط والغاز، ومن الجدير بالذكر بأن النفط يعد المورد
الرئيسي للميزانية العراقية، مما يعني ان الصراع على النفط مأزق متأرجح
في المستقبل.
إذ تشكل صادرات النفط الكردية جزءا بسيطا من إجمالي صادرات العراق
لكن النزاع بشأن مدفوعات يغذي صراعا واسع النطاق بين العرب والأكراد في
العراق بشأن الحكم الذاتي وحقوق النفط والأراضي، وعليه فان صراع
الإرادات العراقية حول الذهب الأسود يضع الشعب العراقي بعربه وكرده في
مأزق الازمات المستدامة، مما سيؤدى بالتبعية إلى الحد غليان الازمات
وتكاثرها، لذا أصبحت مخاوف الشعب التي نتجت عن تصاعد الخلافات السياسية
المتجددة بين جميع الاطراف السياسية، التي تشترك في تمزيق الجسد
العراقي، وتجذر المخاوف في قلوب العراقيين، ليصبح عدم الاستقرار عنوان
مستقبلهم المجهول.
وعلى نحو آخر فعلى الرغم من أن العراق يقع ضمن واحدة من أغنى مناطق
العالم بمصادر الطاقة المتجددة، فإن اعتماد الحكومات المتعاقبة على
النفط كمصدر رئيسي للطاقة في هذه الدولة، حال دون الاستفادة من المصادر
الأخرى غير التقليدية، التي بدأت الكثير من الدول، سواء النفطية أو
غيرها، في التوجه نحوها.
لذا يرى العديد من المختصين بأنه ينبغي على العراق بذل الجهد الاكبر
في العقد الحالي من خلال الاستثمارات الاقتصادية العالمية في هذا
المجال، لكي يواصل الذهب الاسود العراقي مسيرته نحو مستقبل اكثر
ازهارا.
ومن الجدير بالذكر أن العراق حدد إجمالي الطاقة الإنتاجية المستهدفة
عند 12 مليون برميل يوميا بحلول 2020 وهو ما من شأنه أن يتيح له منافسة
السعودية أكبر مصدر للخام في العالم والتي تبلغ طاقتها 12.5 مليون
برميل يوميا بعدما وقع عقود خدمات في 2009 و2010 لتطوير حقوله الجنوبية،
وتمتع الجنوب الذي تقطنه أغلبية شيعية وبه معظم حقول النفط التي تطورها
الشركات الأجنبية بهدوء واستقرار نسبيين في العامين الأخيرين.
ومن بين شركات النفط الأجنبية العاملة في العراق بي.بي التي تدير
الرميلة وإكسون موبيل المسؤولة عن حقل غرب القرنة 1 ورويال دتش شل التي
تدير حقل مجنون ولوك أويل التي تدير غرب القرنة 2وخفضت بغداد الطاقة
الإنتاجية المستهدفة الاجمالية إلى 8.5-9 ملايين برميل يوميا وعادت إلى
طاولة المفاوضات لمناقشة تعديل مستويات الإنتاج مع الشركات النفطية.
حقل الرميلة
من جهته قال مسؤول عراقي كبير في قطاع النفط إن عقدا معدلا وقعته
بي.بي البريطانية وسي.ان.بي.سي الصينية يتضمن زيادة حصة كل منهما في
مشروع مشترك لتطوير حقل الرميلة النفطي، كان مسؤولون عراقيون قالوا إنه
بموجب العقد المعدل خفضت بي.بي مستوى الإنتاج المستهدف للحقل العملاق
إلى 2.1 مليون برميل يوميا من 2.85 مليون مع تمديد أجل الصفقة، كانت
بي.بي تحوز في العقد الأصلي 38 بالمئة في مشروع الرميلة بينما كانت
تبلغ حصة سي.ان.بي.سي 37 بالمئة وتسيطر شركة تسويق النفط العراقية على
النسبة الباقية، وقال ثامر الغضبان كبير مستشاري الطاقة لرئيس الوزراء
العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي لرويترز إنه بموجب الإتفاق
المعدل زادت حصة بي.بي إلى 47.6 بالمئة وحصة سي.ان.بي.سي إلى 46.4
بالمئة بينما تقلصت حصة العراق إلى ستة بالمئة، ولم يتسن الحصول على
تعليق فوري من بي.بي وسي.ان.بي.سي. بحسب رويترز.
وقال الغضبان على تويتر إنه يعتقد أن إنتاج العراق قد يصل إلى تسعة
ملايين برميل يوميا من النفط أو نحو ذلك بحلول عام 2020 مع خفض مستويات
الإنتاج المستهدفة في العقود الرئيسية، ويحوي حقل الرميلة الرئيسي الذي
تديره بي.بي مع سي.ان.بي.سي احتياطيات تقدر بنحو 17 مليار برميل. وينتج
الحقل حاليا حوالي 1.3 إلى 1.4 مليون برميل يوميا وهو تقريبا نصف
إجمالي إنتاج العراق البالغ نحو 3.2 مليون برميل يوميا.
الى ذلك قالت وزارة النفط العراقية في بيان إن إيرادات صادرات
العراق النفطية في اغسطس آب بلغت 7.1 مليار دولار انخفاضا من 7.8 مليار
في يوليو تموز، وقالت الوزارة نقلا عن شركة تسويق النفط العراقية (سومو)
إن صادرات الخام بلغت 73.7 مليون برميل في أغسطس آب، ونزل سعر بيع
الخام العراقي إلى 97.4 دولار للبرميل من 102.8 دولار في يوليو تموز،
كان مسؤولون بشركة نفط الجنوب الحكومية قالوا في وقت سابق من الشهر
الحالي إن انتاج النفط انخفض في أغسطس آب إلى 2.375 مليون برميل يوميا
في المتوسط من 2.442 مليون برميل يوميا في الشهر السابق. بحسب رويترز.
حقل بدرة
فقد بدأ الانتاج التجاري في حقل بدرة النفطي في شرق العراق، كما
اعلنت الاثنين الشركة الروسية المشغلة غازبروم نفط التي انتقدتها بغداد
بسبب انشطتها في كردستان العراق، واوضح الفرع النفطي لمجموعة غازبروم
الروسية العامة في بيان ان عمليات تسليم النفط الخام الى منظومة خطوط
انابيب النفط العراقية، تبلغ حتى الان 15 الف برميل يوميا، لكنها ستبلغ
في نهاية المطاف 170 الف برميل يوميا. بحسب فرانس برس.
ولم تذكر المجموعة الروسية المعارك الدائرة بين الجيش العراقي
وعناصر تنظيم الدولة الاسلامية في شمال البلاد، وكانت غازبروم نفط (30%
من المشروع) فازت في 2009 باستثمار هذا الحقل لكنها وقعت منذ ذلك الحين
عقودا مع منطقة كردستان العراق للحكم الذاتي، مما اثار غضب بغداد.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2012، انذرت الحكومة العراقية غازبروم
والشركات الاجنبية الاخرى بأن تختار بين انشطتها في كردستان العراق
وبقية انحاء البلاد، وهذا ما لم يمنع المجموعة الروسية من توقيع عقود
جديدة مع هذه المنطقة.
الصراع على يونايتد كالافرفتا
على الصعيد نفسه قالت وزارة النفط العراقية في بيان إن بغداد رفعت
دعوى قضائية على شركة الشحن البحري اليونانية مارين مانجمنت سيرفيسز
لدورها في التصدير "غير القانوني" للخام من إقليم كردستان شبه المستقل،
وتعد الدعوى أحدث تحرك تقوم به بغداد لردع العملاء ومنع صادرات الخام
المستقلة من كردستان. وتقول الحكومة الإتحادية إنها السلطة الوحيدة
المسؤولة عن مبيعات النفط العراقي.
وذكر البيان أن الشركة تدير خمس سفن نقلت الخام لصالح حكومة كردستان
العراق من ميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط متجاهلة تحذيرات
بغداد، وقال البيان إن مارين مانجمنت سيرفيسز مسؤولة عن خسائر لا تقل
عن 318 مليون دولار وقد تزيد على ذلك بكثير نتيجة لقبولها ومشاركتها
الفعالة في "مخطط التصدير غير القانوني" لنفط حكومة إقليم كردستان
العراق، وقالت الشركة اليونانية إنه لا علم لها بأي دعوى رفعتها
الحكومة العراقية ضدها وأضافت أنها لا تفعل أكثر من ممارسة نشاطها
المتمثل في نقل السلع، وقالت الشركة في بيان "لسنا طرفا في هذا النزاع
وأي دعوى قانونية ترفعها الحكومة العراقية ضدنا ... ستواجه دفاعا قويا
لأنها لا تستند إلى أي أساس"، وأضافت "السلع في هذه الحالة هي النفط
الخام وحكومة إقليم كردستان تزعم أنه ملكها بشكل سليم". بحسب رويترز.
وبدأ إقليم كردستان تصدير الخام في مايو أيار عبر خط أنابيب مستقل
يتصل بخط أنابيب عراقي عند الحدود التركية قبل أن يكمل مساره إلى ميناء
جيهان التركي. وتم شحن ما يزيد عن عشرة ملايين برميل من النفط من
الميناء منذ ذلك الحين بحسب ما قاله وزير الطاقة التركي، وقالت وزارة
النفط إن مارين مانجمنت سيرفيسز أعلنت وجهات غير صحيحة وأغلقت سفنها
أنظمة تتبع السفن لتفادي كشفها ونفذت عمليات نقل للخام من سفينة إلى
أخرى أثناء الليل في أعالي البحار.
دعوى أمام محكمة أمريكية بشأن شحنة نفط كردي
أعاد العراق تقديم دعوى أمام محكمة أمريكية في محاولة للسيطرة على
حوالي مليون برميل من النفط الكردي الخام المتنازع عليه والذي تحمله
ناقلة قرب تكساس وذلك بعد أيام من قول المحكمة إنها لا تملك السلطة
للتحفظ على الشحنة لكن يمكنها أن تستمع إلى المرافعات من المالك الشرعي
للنفط.
ووسع العراق في الوثائق القضائية التي تم الاطلاع عليها الدعوى
لتشمل المشترين المحتملين للشحنة وقال إن حكومة اقليم كردستان لم تصرح
ما إذا كانت تمتلك الشحنة حاليا، كانت بغداد قد طلبت من المحكمة التدخل
بالسيطرة مؤقتا على الشحنة إلى أن يتم حل النزاع وقالت إن المحكمة
الأمريكية تمتلك في الواقع السلطة لفعل ذلك لأن الدعوى تشمل معاملة
تجارية أبرمت في الولايات المتحدة، والناقلة يونايتد كالافرفتا متوقفة
على بعد حوالي 60 ميلا قبالة تكساس منذ أواخر يوليو تموز وتحمل نفطا
كرديا تبلغ قيمته حوالي 100 مليون دولار.
مزيد من الاستثمار
الى ذلك قالت سارة أكبر الرئيس التنفيذي لشركة كويت انرجي إن أعمال
العنف التي اشتعلت بالعراق في الآونة الأخيرة تجاوزت أسوأ مراحلها وإن
الشركة تتطلع لضخ المزيد من الاستثمارات في البلاد نظرا لما تتمتع به
من إمكانات.
وقالت أكبر لرويترز على هامش مؤتمر للنفط في النرويج "أعتقد أننا
تجاوزنا المرحلة الأسوأ وأن الأمور ستستقر"، وأضافت "معظم عمليات
التطوير في العراق تسير وفق الخطة الموضوعة لها خاصة في الجنوب الذي ما
زالت تعمل فيه أغلب الشركات العالمية وتسير فيه أعمال تطوير الحقول
والصادرات بشكل طبيعي"، وتعمل كويت انرجي في جنوب العراق ولم تتأثر إلى
حد كبير بأعمال العنف. بحسب رويترز.
ودحرت القوات الكردية المدعومة بضربات جوية أمريكية مسلحي تنظيم
الدولة الإسلامية في الأسابيع الأخيرة لكن بعض الشركات لم تعد إلى
البلاد، وكانت شركة دي.إن.أو لإنتاج النفط التي تعمل في حقل طاوكي قرب
الحدود التركية قالت إن بعض المتعاقدين معها غادروا البلاد وستضطر إلى
الاعتماد على الموردين المحليين في المستقبل وهو ما قد يؤدي إلى إبطاء
عمليات التطوير، وأشارت أكبر إلى أن أعمال العنف هناك مؤقتة ولا يمكن
أن تطغي على الإمكانات الكبيرة للعراق في إنتاج النفط بسهولة نسبية،
وقالت ردا على سؤال عما إذا كانت تنوي ضخ المزيد من الاستثمارات في
العراق "نعم أود ذلك إذا استطعنا الدخول في مزيد من المشروعات". |