بداوة دين مال يعني جنون

هادي جلو مرعي

 

هذا بالضبط مايمكن أن نصف به مجموعات من المسلمين نهجوا طريق التطرف والتعصب المقيت في معالجة قضايا الحياة فصار المجتمع عدوا لهم، النظرية الصهيونية تمارس عند أتباع كل الديانات بنسب متفاوتة، أذكر إني في مرة كتبت عن التسامح الديني، وعن الإسلام ونظرته الى أتباع الديانات الأخرى، وكيف كان الرسول محمد المصطفى يتعامل مع غير المسلمين، ويرأف بهم، ويوصي خيرا مالم يمارسوا فعلا يسئ للإسلام، أو أن يعتدوا على المسلمين كما كان يفعل اليهود في المدينة حين تآمروا على النبي وصحبه مع مشركي قريش، رد علي أحد المسيحيين بطريقة مفجعة، فأشار الى عقيدته في الإسلام، وإنه دين الإرهاب، وإن محمدا هو قائد لمجموعة إرهابيين قتلة، ويجب مواجهة المسلمين بالقوة دون تمييز ماداموا أتباعا لدين متطرف في تعاليمه، متجاهلا إن أغلب المتطرفين سواء كانوا مسلمين، أم مسيحيين، أو يهودا فإنهم أتباع دين واحد هو دين التطرف والجنون والعصبية.

 وأرى إن أي متدين مالم يكن مستجمعا لظروف نشأة وثقافة واعية ومنفتحة فإنه يتحول الى مخبول بغض النظر عن دينه ومذهبه، فتراه منعزلا عن الناس يخشاهم، يرغب بالتسلط عليهم، بإيذائهم، بسلبهم حريتهم، وماينفك ينتقدهم بقسوة، ويرى فيهم منحرفين ضالين عن الدين القويم، وفي الغالب يلجأ الى العنف ويترك التوجيه والإرشاد، وكانت مصر والجزائر في فترة من الفترات تركت العلماء والمتنورين، وتوجهت الى الدعاة الشبان الذين لايفقهون من الدين سوى السطوح فصاروا يفتون على هواهم، وترى إن القتل والتعنيف والعزلة صارت سمة المجتمعين المصري والجزائري حتى صلحا لأن يكونا محل دراسة وبحث من البلدان التي بدأت تدخل في التطرف والهمجية كتونس والعراق واليمن وسوريا والأردن، عدا عن دول الخليج آفة الدنيا.

الجزيرة العربية مهد البداوة والتخلف حيث كان الناس يقتلون بناتهم ويدفنوهن وهن يتنفسن عبير الحياة بلارحمة، ووصف القرآن تلك المأساة ( وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت) وكان الرجل يرث من أبيه حتى الزوجات فيتزوجهن، وكانت القبائل في الجزيرة مجموعة من قطاع الطرق والمرتزقة والصعاليك يقتلون بلارحمة ويسرقون بعضهم البعض وينهبون من أعدائهم ما إستطاعوا، وكانوا في عزلة مريعة، وورث العرب في الجزيرة ودول الخليج ذلك من أسلافهم الذين جاءهم الإسلام لينقلهم من البداوة والتخلف الى الحضارة العظيمة، لكنهم أبوا إلا أن يكونوا بدوا في تفكيرهم، فترى الدول التي فتحها المسلمون الأوائل وقد تحولت الى حواضر للإسلام والتطور والحداثة كماليزيا وإيران وأندونيسيا وتركيا، بينما تمسك بدو الخليج بوحشيتهم، وصار الدين مصدرا للنفوذ والسلطة، وتحولوا من دفن البنات الى دفن الحياة وتصدير الإرهاب الى أصقاع الدنيا حتى إن السعودية لوحدها صدرت خلال خمس سنوات خمسة آلاف إرهابي يقود معظمهم حرب الجهاد القذرة لقتل الشعب العراقي وذبح أبنائه العزل، وأسست لتنظيمات القاعدة والنصرة وداعش التي تقتل وتنهب وتهتك الأعراض بلارقيب ولاحسيب، حتى تحولت تلك التنظيمات الى الرغبة في تدمير كل شيء حتى الدول الراعية لها، وعلى وفق المثل القائل ( طباخ السم، لابد ان يتذوقه).

البدو إمتلكوا الدين كوسيلة جبارة لإخضاع الناس وترهيبهم، إمتلكوا المال فيما بعد ليتحول الى وسيلة للتخريب، فالسعودية وقطر لوحدهما مولتا الإرهاب في العراق وسوريا واليمن بمئات ملايين الدولارات خلال السنوات الأربع الماضية، وأرسلتا منه الكثير الى مختلف بلدان العالم. الرياض تدفع لداعش الملايين لتؤجل هجومها، أو لتوقفه على جزيرة العرب، بإعتراف الحليف الأمريكي.

بداوة دين مال يعني جنون.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/آيلول/2014 - 19/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م