محاور التحالف الدولي ضد الارهاب

نزار حيدر

 

 لقد دخلت الحرب العالمية ضد الارهاب في العراق مرحلة حاسمة بالإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة.

 ان التحالف الدولي ضد الارهاب هذا يستهدف الأنظمة والجماعات التي تدعم الارهاب بمختلف الطرق، كما يستهدف الارهاب بشكل مباشر من خلال العمل العسكري المركز.

 انه يستهدف نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية تحديدا، الذي ظل يتجاهل او يتحايل على تحذيرات المجتمع الدولي، وخاصة واشنطن، التي سعت الى إقناعه، وبالطرق الدبلوماسية، بوجوب إيقاف كل انواع الدعم للارهابيين وتجفيف منابع الارهاب ومصادر تمويله.

 برأيي فإن هذه الحرب تعتمد على أربعة محاور:

 الاول؛ هو المجتمع الدولي الذي عليه ان يلبي حاجات العراق في هذه الحرب، من سلاح وعتاد ينسجم وحاجة ساحة المعركة، وكذلك من تعاون أمني واستخباراتي يساعده على كشف تفاصيل خارطة الارهابيين، الى جانب تقديم الخبرة والمشورة.

 الثاني: هو دول الجوار التي ظلت تحتضن الارهاب وتدعم الارهابيين بكل ما يحتاجون حتى تضخّم خطرهم بعد ان تمدّدوا في مساحات شاسعة من العراق.

 ان على هذا المحور، وخاصة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية وقطر، الذي يشكّل القاعدة الفكرية والمذهبية للإرهاب، وضْعُ كل إمكانياته المالية والإعلامية والسياسية والدبلوماسية في خدمة العراق في حربه على الارهاب، فلولا الثقافة التي ظل هذا المحور يروّجها على لسان فقهاء التكفير عبر فضائيات الفتنة التي مجّدت الذبّاحين والقَتَلَة كأبطال ورموز (إسلامية) نادرة، لما تعبّأ الشباب المغرّر بهم في صفوف الارهابيين ليتحوّلوا الى حمير وبِغال تفجّر نفسها وسط الحشود البريئة.

 المحور الثالث: هو الجارة الجمهورية الاسلامية في ايران، التي ترى في الارهاب خطرا ماثلا يقف على حدودها الطويلة مع العراق.

 ان عليها ان تستنفر كل طاقاتها وامكانياتها لدعم العراق في حربه على الارهاب، وانا أدعوها للانضمام الى التحالف الدولي والاقليمي بهذا الخصوص للإسراع في عملية القضاء على الارهاب، فانضمامها له كبير الأثر في تسيير الحرب على الارهاب لما لها من خبرة في هذا المجال، ولكونها الطرف الإقليمي الوحيد المتضرر من الارهاب والذي ظل يقاتل الارهاب في العراق على العكس من بقية دول الإقليم المتورطة بالإرهاب بشكل او بآخر، مثل تركيا والأردن بالاضافة الى نظام القبيلة الفاسد.

 المحور الرابع: هو العراق الذي يعد الضحيّة في هذه الحرب.

 ان على الحكومة العراقية ان تسمّي الوزراء الأمنيين فورا وتعيد النظر بالقيادات والخطط الأمنية لتكتمل صورة المنظومة الأمنية بما يساعد العراق على تعاون افضل مع المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي في حربه على الارهاب.

 كما يجب على كل السياسيين، وكلهم باتوا اليوم في مؤسسات الدولة بعد ان تقاسموا الكعكة بلا تهميش لاحد، ان يدعوا خلافاتهم السياسية والشخصية والحزبية جانباً، والتعاون من اجل الانتقال بالعراق الى برّ الأمان، فالارهاب لا يميّز بينهم ابدا، ولقد رأينا ماذا فعل المجرمون في الموصل الحدباء؟ وكيف انهم دمّروا كل ما يرمز الى التاريخ والتراث والحضارة والمدنية والدين؟ وكذلك كيف انهم تعاملوا بخسّة ونذالة مع الأقليات الأصيلة في المحافظة وكذلك في مدن وبلدات وقرى سهل نينوى؟.

 إنّ على العراقيّين الإسراع في وضع الخطط الكفيلة باستيعاب الدعم الدولي والاقليمي في حربه على الارهاب، والتعاون بشكل مباشر وفعال مع المؤتمر الدولي الذي أعلنت فرنسا عن استضافته منتصف هذا الشهر.

 (ثقافة) الارهابيّين

 لا ينتمي الارهابيّون الى الحاضر، والمستقبل عندهم مفقود، فهم يوغِلون في الانتماء للماضي السحيق، الى الجاهليّة، ولذلك تراهم يحاربون كل ما هو جديد بذريعة الانتماء للسلف، كما انّهم يكرهون الحضارة والمدنية.

 إنّ ثقافتهم تعتمد الأسس المتخلّفة التالية:

 اولا: انهم يحبّون الموت ويكرهون الحياة، ولذلك تراهم يفجّرون انفسهم بالأبرياء كالبهائم، وينشرون الخوف والرّعب في كل مكان، ويعلّمون الأطفال ثقافة القتل والتدمير والكراهية التي ورثوها كمنهج من أسلافهم، وكلّنا نعلم كيف سيطر الحزب الوهابي وبالتحالف مع ابن سعود، على بلاد الحرمين الشريفين، اذ كانت أدواته الغارات والقتل والتدمير التي ظلّ يشنّها على القبائل العربية وقتها حتى تمكّن من بسط نفوذه.

 ثانيا: يتلذّذون بمنظر الدّم ويرقصون على أشلاء الضحايا ويفرحون لمعاناة الأبرياء، لان أرخص الأشياء ثمنا عندهم هو الانسان، فنراهم يكبّرون وهم يذبحون ضحاياهم، فيما يُخبرنا القران الكريم عن رحمة البعثة النبوية بقوله {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} وهل في الذّبح العلني المتوحّش أيّة رحمة؟.

 ثالثا: احتكار الحقيقة فكل الناس على ضلال الا هم، وكل تفسير للإسلام خطأ الا تفسيرهم، وكل انتماء للدين خطأ الا انتماءهم، ولذلك تراهم يكفّرون الناس ويحكمون عليهم بالخروج من الملة، ولم يكتفوا بالأحكام النظرية فقط، وإنما رأيناهم يقيمون الحدود والتعزيرات بلا وجه حق ابدا.

 رابعا: الانتقائية في تفسير القران الكريم، فيتبنّون الآيات التي يحققون بها رغباتهم المريضة ويغضّون النظر عن الآيات التي لا تصبُّ في مصالحهم الضيّقة، فهم بذلك مصداق واضح لقول الله عز وجل {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.

 خامسا: ولو قُدّر لهم استمرار السيطرة على المدن التي عاثوا فيها الفساد، كالموصل مثلا، لعادوا بها الى عهد القرون الوسطى، كما فعلوا بالمجتمع الأفغاني من قبل، فيحرّمون دراسة العلوم المعاصرة على الطلاب ويفرضوا على المجتمع علاقات بائسة أساسها التمييز والعزل على اساس الدين وغير ذلك، ولقضوا نهائيا على كل معاني الانتماء الوطني، لانهم يكفرون بمثل هذه القيم بالكامل.

 كما انّهم يتعمدون إهانة المرأة فيفرضون عليها العزل والإقامة الجبريّة في المنزل والحيلولة دون المشاركة في الشأن العام بأية صورة من الصور، ويحرّمون عليها التعليم، فضلا عن انهم يدمرون الفن والأدب وكل ما يتعلّق بتراث الأمة.

 انهم مخلوقات انطلقت من الجاهلية لتستقرّ في القرن الواحد والعشرين، لا يهدأ لهم بال قبل ان يعيدوا عقارب الزمن أكثر من (١٤) قرنا الى الوراء، واذا كانت الجاهلية تئد المرأة فقط، فانّ هؤلاء يئدون كل شيء، الحياة والعلم والحضارة والمدنيّة والتراث والمواطنة وكل شيء، ولذلك فانّ على العالم ان يتّحد من اجل القضاء عليهم، لانّ خطرهم ليس له حدود جغرافية ابداً، فهو قابل للتوسع والانتشار اذا تهاون معه العالم ولم يبال بما يحصل في العراق على يد هؤلاء المتخلّفين.

[email protected]

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/آيلول/2014 - 17/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م