كيف ندير الصراعات الفردية في المؤسسات

 

شبكة النبأ: هناك صراعات ونزاعات فردية، تحدث في المؤسسات الرسمية والاهلية على حد سواء، مصدرها، التنافس غير السليم، وعدم القدرة على احتواء النزاع او الصراع، وهي مشكلة تعاني منها المؤسسات، كونها تعيق عملها، وتقلل من انتاجيتها في مجالات عديدة، كلها تصب في صالح الدولة والمجتمع، لذلك من الغباء ان نجعل هذا النزاعات قائمة تحت اسباب نفسية او مادية يمكن التعامل بطريقة او اخرى، لأن الحلول متوافرة دائما، شرط توافر العقول السليمة والنفوس التي تساوي بين حقها وحقوق الآخرين.

وكما نتفق جميعا على أن المؤسسة، تمثل كيانا متكاملا ينحو الى الكليّة في التخطيط والعمل والانتاج، فإن ذلك مدعاة للتناغم بين مكوناتها والتقارب من بعضها حد الاندماج، كي تكون المؤسسة منسجمة كليّأ في الجانب الاداري أو التنفيذي، لتحقيق الانتاج الأفضل بغض النظر عن كونه ماديا أو فكريا، هذا هو التوصيف النموذجي للمؤسسة الناجحة، ولكن هناك نزاعات تنشأ داخل المؤسسات لأسباب عديدة، تؤدي في الغالب الى تراجع الانتاج المؤسساتي، بسبب تصاعد النزاعات، وغياب التخطيط المنهجي لاحتوائها –النزاعات- قبل استفحالها، ولعل من اخطر المشكلات التي تنشأ في العمل المؤسساتي، حين تتحول الصراعات الفردية الصغيرة، الى صراعات ذات عمق مؤثر وخطير على عمل المؤسسة، حيث تبدأ الأمزجة الشخصية، تطغي على مصلحة المؤسسة الأشمل والأكبر، فتغدو مصلحة الفرد - مدير عام/ رئيس قسم/ مراقب عمل/ عامل عادي، وما الى ذلك، وهو عضو صغير من الكل الشامل للمؤسسة- متقدمة على الجميع، الامر الذي يدفع باتجاه نزاعات فردية أو جماعية تطيح بالمؤسسة أو تعرقل تقدمها في أضعف الايمان، لذلك أخطر النزاعات، هي تلك التي تخضع للمزاج الشخصي، وتضرب مصالح المؤسسة عرض الحائط، فتغيب المهنية وتسود العشوائية والمصلحية الضيقة، وتتراجع المؤسسة وتضمحل كليا، بسبب النزعات الفردية أو سواها، وهناك توصيفات مختلفة لمفهوم النزاع الفردي، فهو كما يرى أحد المعنيين كل خلاف يقوم بين العامل و صاحب العمل بسبب وجود خلاف في تنفيذ التزامات العامل أو صاحب العمل، وقد جاء قانون العمل بكل ما من شاًنه أن يقي العلاقة من النزاع في حالة حدوثه، وذلك باتخاذ الإجراءات المطلوبة لحل هذا النزاع، أي على مستوى المؤسسة والافراد المنتمين لها والعاملين فيها.

وهكذا تكون النزعة الفردية متفوقة على سواها، بسبب فشل احتواء الميول الشخصية وتصحيحها، ناهيك عن التدمير المتواصل لروح العمل الجماعية، فالمؤسسة الناجحة لا يمكن أن ترتكز الى الجهد الفردي المبتسَر، بل هناك تعاضد جماعي متواصل، فكري ومادي متناغم، يؤدي بالنتيجة الى تطور العمل المؤسساتي وثباته ونجاحه المتواصل، ولكن تظهر في كثير من الاحيان خلافات بين الفرد العامل، وبين الكل المؤسسة، قد يكون مصدرها طبيعة العمل أو قيمة الاجر الذي يتقاضاه العامل وما الى ذلك من امور تدور في مدار (الاجر وساعات العمل)، ثم يتطور النزاع من فردي قليل التأثير الى جماعي مؤثر بدرجة عالية، لذلك أصبحت تسوية نزاعات العمل الفردية من أهم اهتمامات التشريعات الحديثة، وذلك للتوصل إلى إيجاد تسوية عقلانية، تهدف إلى الحفاظ على العلاقة بين العامل وصاحب العمل، بيد أن الامر يتطلب تأسيس وتطوير علاقات عمل مناسبة تحفظ للطرفين حقوقهما، على أن لا تطغي المصلحة الفردية والمزاج الشخصي على روحية العمل الجماعي للمؤسسة.

في عالمنا الحديث، وضعت المؤسسات الكبرى والناشئة، خططا عملية لمعالجة المنازعات بكل اشكالها وأحجامها، وقد وعت التأثير الخطير لهذه المنازعات في حالة اهمالها، وتركها رهن الافراد وامزجتهم، فأنشأت منظومة حلول على شكل تشريعات وعقود يطلع عليها الجميع ويوافق عليها ويعمل في ضوئها، درءاً لمخاطر المنازعات بكل أنواعها، لذا يستدعي هذا الجانب وقفة جدية من لدن مؤسساتنا الانتاجية بمختلف أنواعها، من اجل معالجة هذا الجانب الاشكالي او ذاك قبل تطوره واستفحاله، وهذا ما تسير وفقه مؤسسات عالمية، لها تأريخ متصاعد في طريق النجاح والنمو المضطرد، والسبب دائما، هو وجود المقدرة التخطيطية والعملية، لادارة المشكلات بأشكالها المتعددة، وفق منهج عملي متطور، يحتوي تلك المشكلات أو المنازعات الفردية وسواها، قبل وصولها الى درجة الاستعصاء، او الخطر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/آيلول/2014 - 14/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م