المجتمع الدولي يستعد لمجابهة المقاتلين الأجانب

 

شبكة النبأ: يحاول المجتمع الدولي تعزيز جهوده الرامية الى تحجيم خطر الجماعات الإرهابية، عبر تشكيل تحالف دولي للقضاء على تنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية/ داعش) الذي تحول الى التنظيم المتطرف الأكثر استقطابا للمتشددين الإسلاميين حول العالم، وبات اليوم الالاف من المقاتلين الأجانب من أكثر من خمسين بلد (بينهم العديد من المقاتلين من بلدان اوربية وغربية كبريطانيا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا والنمسا والولايات المتحدة الامريكية وأستراليا...الخ)، يخدمون تحت لواء وفكر هذا التنظيم، مهددا القيم والنظم الاجتماعية التي بنيت عليها تلك الدول، بعد ان جنح المئات من مواطنيها نحو الفكر المتطرف، سيما وان هؤلاء المقاتلين قد ينفذون هجمات انتحارية داخل بلدانهم في حال عودتهم، كما انهم تمكنوا من تجنيد العديد الشبان والشابات عبر شبكات خاصة للتجنيد، وارسالهم الى جبهات القتال في سوريا والعراق، او اعدادهم ليكونوا خلايا نائمة تمارس نشاطها وقت الحاجة. 

ويعتزم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مطالبة الدول "بمنع وكبح" تجنيد وسفر المقاتلين الأجانب للانضمام إلى الجماعات المسلحة المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية من خلال تجريم القوانين المحلية لذلك واعتبارها جريمة جنائية خطيرة، ووزعت الولايات المتحدة على مجلس الأمن الذي يضم 15 عضوا مشروع قرار، وتأمل أن يتم اعتماده بالإجماع في اجتماع رفيع المستوى برئاسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم 24 سبتمبر أيلول.

وقال دبلوماسيون بالأمم المتحدة، إن من المرجح أن يتوصل المجلس إلى اتفاق بشأن القرار، وقال مسؤول أمريكي إن هناك توافقا في الآراء فيما يبدو بين أعضاء المجلس بشأن كيفية التعامل مع المقاتلين المتطرفين الأجانب، ويندرج مشروع القرار تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة مما يجعله ملزما من الناحية القانونية للدول الأعضاء في المنظمة الدولية البالغ عددها 193 دولة ويعطي مجلس الأمن سلطة تنفيذ القرارات من خلال العقوبات الاقتصادية أو استخدام القوة، ومع ذلك لا يفوض مشروع القرار باستخدام القوة العسكرية لمعالجة قضية المقاتلين الأجانب.

ويقول مشروع القرار إنه "ينبغي على جميع الدول ضمان أن قوانينهم ولوائحهم المحلية تؤسس لجرائم جنائية خطيرة كافية لتوفير القدرة على الملاحقة والمعاقبة بطريقة تعكس على النحو الواجب خطورة الجرم"، ويجبر مشروع القرار الدول على تجريم سفر مواطنيها للخارج وجمع الاموال او تسهيل سفر أفراد آخرين الى الخارج "بغرض تنفيذ او التخطيط او الاستعداد او المشاركة في أعمال ارهابية او توفير تدريب ارهابي او تلقي التدريب"، ويستهدف مشروع القرار في الاغلب مقاتلين متطرفين أجانب يسافرون الى مناطق الصراع في أنحاء العالم لكن عجل منه صعود تنظيم الدولة الاسلامية المنشق عن القاعدة والذي سيطر على اجزاء من العراق وسوريا واعلن قيام الخلافة الاسلامية وأيضا صعود جبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا. بحسب رويترز.

وفي الشهر الماضي وافق مجلس الامن بالإجماع على مشروع قرار بريطاني يستهدف الدولة الاسلامية وجبهة النصرة أدان تجنيد المقاتلين الاجانب وهدد بفرض عقوبات على من يمول او يسهل سفر المقاتلين الأجانب، ويدعو مشروع القرار الامريكي الدول الى "ان تطلب من شركات الطيران الخاضعة لولايتها تقديم معلومات مسبقة عن الركاب الى السلطات الوطنية المختصة حتى تتعقب وترصد مغادرتهم من أراضيهم او محاولة الدخول او العبور في أراضيهم" فيما يتعلق بالأفراد الخاضعين لعقوبات الامم المتحدة.

فرنسا

فقد نفت السلطات الفرنسية بشدة المعلومات التي تحدثت عن مخطط لتنفيذ اعتداء في باريس من جانب مهدي نموش، المتهم بقتل اربعة اشخاص في هجوم على المتحف اليهودي في بروكسل والذي نشرت معلومات اخيرا افادت انه كان احتجز رهائن في سوريا، وقال وزير الداخلية برنار كازنوف ان "اجهزة الداخلية لم تعلم ابدا بهذا المخطط، وتأكيدات صحيفة ليبيراسيون خاطئة"، وقبله نفت النيابة العامة في باريس معلومات اوردتها الصحيفة مؤكدة ان اي تحقيق لم يكشف مخططا وضعه مهدي نموش لتنفيذ اعتداء في فرنسا.

وكتبت "ليبيراسيون" ان الفرنسي الذي اوقف نهاية ايار/مايو في فرنسا والمعتقل حاليا في بلجيكا كان يخطط لارتكاب اعتداء في باريس بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني في 14 تموز/يوليو مستندة الى "مصادر عدة" اطلعت على محضر جلسات الاستماع لاربعة صحافيين قالوا ان نموش كان احد خاطفيهم في سوريا عندما احتجزوا رهائن بين تموز/يوليو وكانون الاول/ديسمبر 2013، وعلى موقعها على الانترنت ابقت الصحيفة "معلوماتها حول تصريحات السجان مهدي نموش"، واكدت الصحيفة ان احد الرهائن السابقين كشف هذه المعلومات "خلال محضر مع اجهزة الاستخبارات".

وذكر كازنوف بان حرية الصحافة "لا يمكن التشكيك فيها" معربا عن الامل في "فرض بعض المبادئ البسيطة والواضحة"، واضاف "مكافحة الارهاب تعني مكافحة الهمجية وايضا مكافحة الخوف"، وقال ان "نشر معلومات خاطئة ونشر عناوين صحافية تجسد هذا الخوف هي طريقة للوقوع في الفخ الذي ينصبه الارهابيون لنا"، داعيا "كل شخص الى تحمل مسؤولياته في الاطار الخاص والخطير للتهديد الارهابي"، واضاف "مع وجود رعايا اوروبيين وفرنسيين في صفوف الارهابيين في سوريا والعراق فان التهديد كبير"، ونموش اوقف عند حاجز تفتيش في مرسيليا بجنوب فرنسا في 30 ايار/مايو وسلم في نهاية تموز/يوليو لبلجيكا حيث اتهم بقتل اربعة اشخاص في 24 ايار/مايو في المتحف اليهودي في بروكسل، وبحسب الرهائن الفرنسيين السابقين لدى تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا فان مهدي نموش كان احد الخاطفين. بحسب فرانس برس.

من جانب اخر قال وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازنوف إن فتاة في السادسة عشرة من عمرها يشتبه أنها كانت تحاول السفر الى سوريا للانضمام للمقاتلين الإسلاميين احتجزت في مدينة نيس بجنوب شرق فرنسا، وقال كازنوف في بيان إن شرطة الحدود في مطار نيس اعتقلت الفتاة قبل سفرها "للجهاد"، واضاف ان اسرة الفتاة التي احتجزت لا تعرف شيئا عن نواياها، واعتقل شاب يبلغ من العمر نحو عشرين عاما في وقت لاحق للاشتباه في أنه هو الذي جندها واشترى لها تذكرة السفر إلى تركيا كي تصل الى سوريا، وتشير تقديرات المخابرات الأمريكية والأوروبية إلى أن آلاف المقاتلين الأجانب بعضهم من غرب أوروبا انضموا إلى جماعات إسلامية متطرفة تقاتل في سوريا والعراق، ووضعت فرنسا الحملة ضد الخلايا الاسلامية المتطرفة على رأس أولوياتها لكنها لم تستطع أن تحد من موجة سفر مواطنيها وآخرين بعضهم يبلغ من العمر 14 عاما للانضمام إلى الحرب الأهلية السورية.

بريطانيا

الى ذلك ذكر مصدر حكومي إن بريطانيا قد تحظر مؤقتا عودة الاسلاميين البريطانيين الذين يذهبون للقتال مع المتشددين في العراق وسوريا إلى البلاد، وقال إن البريطانيين الذين يشتبه بمشاركتهم في الإرهاب سيسمح لهم بالاحتفاظ بجنسياتهم ولكن سيمنعون من دخول البلاد مرة اخرى لفترة من الوقت، وقال المصدر الحكومي إن هذا الاقتراح واحد من بين عدة اقتراحات قيد الدراسة وإنه "يجري وضع اللمسات الأخيرة على حزمة (الاجراءات)" وسيعلنها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وقال المصدر "سابقا كان نطاق سلطاتنا لمنع العودة إلى المملكة المتحدة لا يسرى إلا على الأجانب ومزدوجي الجنسية أو المتجنسين فقط".

وتبحث الحكومة أيضا سبل جعل سفر المقاتلين المحتملين إلى الخارج أصعب من خلال التيسير على الحكومة مصادرة جوازات سفرهم من خلال إضافة سلطات مصادرة مؤقتة على الحدود، وقال كاميرون إنه سيكشف النقاب عن قوانين جديدة لجعل سفر البريطانيين إلى سوريا والعراق للقتال أصعب ولمعالجة التطرف بين مسلمي بريطانيا البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة.

وتأتي هذه المقترحات بعد ايام من قرار كاميرون رفع التحذير من خطر الارهاب في بريطانيا الى ثاني أعلى مستوى قائلا إن تنظيم الدولة الإسلامية يمثل أكبر خطر على الاطلاق، وكانت لقطات فيديو بثت الشهر الماضي (تظهر على ما يبدو رجلا يتحدث بلكنة لندنية وهو يذبح صحفيا أمريكيا) قد أثارت مخاوف من عودة بريطانيين كانوا يحاربون في الخارج ليشنوا هجمات على اراضي بريطانيا، وقال كاميرون أمام البرلمان "راعنا وصدمنا جميعا الاسلوب الهمجي الذي شهدناه في العراق هذا الصيف"، وأضاف "هناك منطقتان رئيسيتان يتعين ان نعزز فيهما سلطاتنا لسد فجوات معينة في دفاعنا، تتعلق الأولى بمنع المشتبه بهم من السفر والتعامل بحزم مع أولئك الذين يشكلون خطرا فعليا هنا".

وقال إنه سيسن تشريعا معينا جديدا لمنح الشرطة صلاحيات كي تصادر بصفة مؤقتة جوازات المشتبه بهم على الحدود لإتاحة الوقت للسلطات للتحري عنهم، أما الآن فان صلاحية سحب جواز السفر ممنوحة لوزير الداخلية فقط، ومضى يقول إن الحكومة ستجري مشاورات بشأن منح السلطة التقديرية الخاصة بمنع البريطانيين من العودة الى البلاد إن هم ادانوا بالولاء لقضايا متطرفة، وسيتيح ذلك تمديد الصلاحيات الحالية التي لا تسري إلا على الرعايا الأجانب والمواطنين المتجنسين ومن يحملون الجنسية المزدوجة.

ووجه نائب بحزب العمال المعارض سؤالا لكاميرون عما اذا كان يؤيد فكرة الانضمام الى الولايات المتحدة في القيام بعمل عسكري فرد بقوله إنه "لا يستبعد شيئا"، ومضى يقول "يجب ان تعمل أي حكومة بريطانية وفقا للمصلحة القومية، من أجل الحفاظ على سلامة شعبنا ويجب ان نفكر في أي شيء في ضوء ذلك"، واضاف انه اذا تطلب الأمر العمل بسرعة فانه سيفعل ذلك دون ان يلجأ الى تفويض من البرلمان، وقال مسؤولون بإدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما إن واشنطن تريد تجنيد شركاء لاحتمال القيام بعمل عسكري مشترك الا ان المتحدث باسم كاميرون قال إنه لا علم له بطرح مثل هذه المقترحات على بريطانيا. بحسب رويترز.

وقامت بريطانيا حتى الآن بإسقاط جوي للمعونات ومهام مراقبة ونقل امدادات عسكرية الى قوات كردية اقليمية متحالفة مع الحكومة المركزية في بغداد ضد اسلاميين متشددين، وتخضع خطة الاجراءات الأمنية التي أعلنها كاميرون لمفاوضات مطولة داخل الحكومة الائتلافية فيما يشعر حزب الديمقراطيين الاحرار بقلق من سن قوانين من شأنها ان تحد من الحريات المدنية، وبادر نواب برلمانيون بتقديم طلبات تستفسر عن مدى مشروعية بعض هذه المقترحات، وقال المدعي العام البريطاني السابق دومينيك جريف إن قلقا يساوره من احتمال منع مواطنين بريطانيين من العودة الى البلاد، وقال "هذا لا يخالف مبادئ القانون الدولي فحسب بل انه يخالف المبادئ الاساسية لقانوننا العام أيضا"، وقال كاميرون ردا على ذلك إن النظام المتبع حاليا لمقاضاة المتطرفين العائدين يصلح الا ان من الاهمية بمكان معالجة أي نقاط ضعف تعتريه.

البوسنة  

بدورها احتجزت شرطة البوسنة 16 شخصا بتهمة تمويل أنشطة ارهابية وتجنيد متطوعين والقتال الى جانب جماعات متشددة في سوريا والعراق، وقالت وكالة التحقيقات وحماية الدولة في بيان ان الاعتقالات جرت خلال 17 عملية مداهمة نفذتها الشرطة، وهذه أول حملة أمنية في الدولة الواقعة في منطقة البلقان منذ ابريل نيسان حين سنت البوسنة قانونا جديدا يقضي بالسجن لمدد تصل الى عشر سنوات لمواطنيها الذين يقاتلون في صراعات في الخارج او يجندون لها أفرادا، وقالت شرطة البوسنة في بيان "المشتبه بهم لهم صلة بتمويل وتنظيم وتجنيد مواطنين من البوسنة للسفر الى سوريا والعراق والاشتراك في صراعات مسلحة في سوريا والعراق والقتال الى جانب جماعات ومنظمات ارهابية راديكالية".

ويقدر الخبراء ان بضع مئات سافروا من البوسنة الى سوريا، ووردت تقارير عن دخول بعضهم العراق هذا العام للقتال في صفوف الدولة الإسلامية، ويشكل المسلمون في البوسنة 45 في المئة من السكان، وذكرت وسائل اعلام محلية انه وردت تقارير عن مقتل عشرات تحدث آخرها عن مقتل شاب بوسني في هجوم انتحاري في العراق في اغسطس اب، وخلال السنوات القليلة الماضية انخرط عدد كبير من شبان منطقة البلقان من صربيا وكوسوفو ومقدونيا في التطرف والقتال في الخارج.

الولايات المتحدة الامريكية

في سياق ذي صلة قال عضو بمجلس الشيوخ الامريكي ان الامريكيين الذين ينضمون إلى الدولة الاسلامية أو يساندونها أو يقاتلون في صفوفها يجب تجريدهم من الجنسية الامريكية وأضاف انه سيقدم تشريعا يحظر على أي شخص يفعل ذلك العودة الى البلاد، وقال السناتور تيد كروز الجمهوري عن ولاية تكساس وهو زعيم محافظ ينظر اليه على انه متسابق محتمل في انتخابات الرئاسة الامريكية عام 2016 انه سيقدم "قانون الارهابي المغترب" في اليوم الاول لعودة الكونجرس الى الانعقاد بعد عطلة أغسطس التي استمرت خمسة أسابيع، ورغم ان مصير اقتراح كروز غير مؤكد في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي فان التقدم الذي أحرزته الدولة الاسلامية والتقارير عن الاعمال الوحشية التي تضمنت تسجيلا مصورا لذبح صحفيين أمريكيين زادت من الضغوط على الكونجرس لدعم الجهود لمحاربة هذه الجماعة السنية المتشددة.

وأيد السناتور راند بول من كنتاكي (وينظر اليه أيضا على انه أحد المتسابقين لخوض انتخابات الرئاسة في عام 2016) الغاء جوازات سفر المقاتلين في عمود نشر في مجلة تايم، ويعتقد أن نحو 100 أمريكي يقاتلون مع الجماعة السنية المتشددة بالإضافة الى نحو 500 بريطاني وكثيرين من دول اخرى من اوروبا والشرق الاوسط.

اختراقات جديدة في جنوب آسيا

فيما ظهرت بعض منشورات تنظيم الدولة الاسلامية وأعلامها في بعض مناطق باكستان والهند إلى جانب علامات على أن هذه الجماعة المتشددة تمثل مصدر إلهام للمتشددين حتى في معاقل حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وأعلنت جماعة الأحرار وهي جماعة منشقة على حركة طالبان الباكستانية تأييدها بالفعل لمقاتلي الدولة الاسلامية الذين استولوا على مساحات كبيرة من أراضي العراق وسوريا وأعلنوا قيام دولة الخلافة الإسلامية، وقال احسان الله احسان زعيم جماعة الاحرار وهو من الشخصيات البارزة في طالبان "الدولة الاسلامية منظمة جهادية اسلامية تعمل لتنفيذ النظام الاسلامي وإقامة الخلافة، ونحن نحترمها وإذا طلبوا منا المساعدة فسننظر في الطلب ونبت فيه".

وللمتشددين الاسلاميين من مختلف الأطياف نفوذ في مختلف المناطق الفقيرة المضطربة في جنوب اسيا لكن الدولة الاسلامية بدأت تعمل على جذب قدر من التأييد بين المقاتلين الشبان في المنطقة بما حققته من استيلاء سريع على مساحات من الارض وعمليات قطع الرقاب والإعدامات الجماعية، وعلى نحو متزايد يرى كثيرون في المنتديات الجهادية على الانترنت وحسابات تويتر التي يتم من خلالها جذب المجندين الجدد أن قادة تنظيم القاعدة من كبار السن وأغلبهم متحصن في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان جامدون ومرهقون وضعفاء، ويقول خبراء أمنيون إن الإغراء المتزايد الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية ربما يكون قد دفع زعيم القاعدة أيمن الظواهري للإعلان عن تأسيس فرع هندي لرفع راية الجهاد في مختلف أنحاء جنوب اسيا حيث يعيش أكثر من 400 مليون مسلم.

وقال سكان إن خلية محلية تدين بالولاء للدولة الاسلامية بدأت توزع منشورات في مدينة بيشاور الباكستانية وشرق أفغانستان مؤخرا سعيا لتدعيم نفوذها في المنطقة الافغانية الباكستانية، ويوزع الكتيب (الذي يقع في 12 صفحة بعنوان "فتح" ونشر باللغتين الافغانيتين الباشتو والداري) في مخيمات اللاجئين الافغان على هامش بيشاور، ويصور شعار الكتيب بندقية كلاشنيكوف ويدعو المنشور السكان المحليين لدعم المجموعة المتشددة، كما شوهدت سيارات عليها ملصقات للدولة الاسلامية في بيشاور، وقال سميح الله حنيفي الذي يعمل إمام مسجد في حي ببيشاور يمثل الأفغان أغلب سكانه إن المنشورات توزعها جماعة محلية غير معروفة تسمى الخلافة الاسلامية تدعم الدولة الاسلامية. بحسب رويترز.

وقال "أعرف بعض الناس الذي تسلموا نسخا من هذه المادة إما من أصدقاء أو وزعها عليهم مجهولون يعملون لحساب الدولة الاسلامية في المساجد"، وقال مسؤول أمني باكستاني إن المنشورات جاءت من إقليم كونار المجاور في أفغانستان حيث شوهدت مجموعة من مقاتلي طالبان وهي تقوم بتوزيعها، وقال المسؤول "صادفناهم قبل 22 يوما ونحن على علم بوجودهم هنا، وتعمل الوكالات الأمنية الباكستانية على الحدود الباكستانية الافغانية وقد ألقت القبض على عدد من مقاتلي طالبان وضبطت أقراصا مدمجة وخرائط ومنشورات بالفارسية ولغتي الباشتو والداري"، وأضاف "لن نسمح لهم بالعمل في بلادنا وأي شخص يتورط في ذلك ستسحقه الحكومة".

كما ظهرت علامات على نفوذ الدولة الاسلامية في إقليم كشمير الذي تطالب به كل من الهند وباكستان ويشهد معركة منذ عشرات السنين يخوضها متشددون ضد الهند، ويقول مسؤولون أمنيون في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير إنهم يحاولون سبر غور التأييد الذي يحظى به تنظيم الدولة الاسلامية بعد ظهور أعلامه ولافتاته خلال فصل الصيف، وقالت مصادر بأجهزة الاستخبارات والشرطة في نيودلهي وكشمير إن الاعلام شوهدت لأول مرة في 27 يونيو حزيران في جزء من سريناجار عاصمة الولاية ثم في يوليو تموز خلال عيد الفطر، وظهرت أيضا بعض رسوم الجرافيتي على جدران مبان في سريناجار، وقال ضابط شرطة إنه تم تحديد هويات بعض الصغار الذين يرفعون أعلام الدولة الاسلامية في مظاهرات مناهضة للهند لكن لم يعتقل أحد.

وقال ضابط آخر يستجوب المعتقلين في الاحتجاجات على الحكم الهندي وكثيرون منهم ممن هم دون سن العشرين إن معظمهم يركزون فقط على الاستقلال عن الهند، واضاف "أغلبيتهم ليس له أي ميول دينية، بالطبع بعضهم أي أقل من واحد في المئة متدينون ومتشددون وينتهي بهم الحال للانضمام لصفوف المتشددين، وهم يتأثرون بالقاعدة وطالبان والدولة الاسلامية"، كما تحاول الدولة الاسلامية إغراء المسلمين من مناطق أخرى في الهند والذين يمثلون ثالث أكبر تجمع سكاني للمسلمين في العالم وإن ظلوا بعيدين إلى حد كبير عن ساحات القتال في دول أخرى رغم نداءات متكررة من القاعدة.

وفي منتصف يوليو تموز ظهر على الانترنت مقطع فيديو عن التجنيد لحساب القاعدة مع ترجمة على الشاشة باللغات الهندية والتاميلية والاوردية يحث فيها مقاتل كندي يرتدي ملابس عسكرية مموهة ويقف بين بندقية وعلم أسود المسلمين على الانضمام للجهاد العالمي، وجاء ذلك بعد أسابيع فحسب من ابلاغ أربع أسر من ضاحية في مومباي الشرطة أن أبناءها اختفوا وأن أحدهم ترك رسالة عن القتال للدفاع عن الإسلام، وسرعان ما اتضح أن الاربعة انضموا إلى مجموعة مسافرة في رحلة دينية إلى بغداد، وانفصل الأربعة فيما بعد عن المجموعة ولم يعد أي منهم إليها، وتعتقد المخابرات الهندية أن الاربعة انتهى بهم المطاف في الموصل التي استولى عليها مقاتلو الدولة الاسلامية في يونيو حزيران وأن أحدهم ربما يكون قد قتل في انفجار قنبلة.

وقالت صحيفة تايمز أوف انديا إن الشرطة اعتقلت أربعة شبان من بينهم طالبان يدرسان الهندسة في الجامعة بمدينة كولكاتا الشرقية وهم يحاولون الوصول إلى بنجلادش للوصول إلى شخص يتولى جلب مجندين للدولة الإسلامية، ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير قوله "الأمر لا يتوقف على هؤلاء الأربعة لكن تحقيقاتنا توصلت إلى أن المزيد من الشبان الذين هم على اتصال بمتعاملين مع الدولة الاسلامية وهي نسبة مفزعة إلى حد ما"، وقال مسؤول كبير بمكتب المخابرات الهندي في نيودلهي "المشكلة هي أننا نعرف القليل جدا عن هذه الشبكة أو من يتصرف بالنيابة عنها هنا"، وأضاف "نحن نعرف بالتقريب أين جماعات الدعم لعسكر طيبة والمجاهدين الهنود (وهما منظمتان تدعمهما باكستان) وكيف يجرون الاتصالات، لكن هذا تحد مختلف، أما الشباب الذي يتحولون للتشدد في بيوتهم على الانترنت وفي غرف الدردشة وعن طريق الفيسبوك فليس من السهل متابعتهم".

المانيا

الى ذلك وأمام تنامي مظاهر الإسلام المتشدد وبعد قيام مجموعة سلفية تطلق على نفسها اسم "شرطة الشريعة" بدوريات في شوارع مدينة فوبيرتال غربي ألمانيا، دعا سياسيون ووسائل إعلام ألمانية إلى تشديد القوانين لمكافحة هذه الظاهرة، وكتبت صحيفة محافظة "لا تساهل مع السلفيين"، فيما قال وزير العدل هيكو ماس: "لن نتساهل مع أية ممارسات غير قانونية موازية للنظام القضائي"، وصرح وزير الداخلية توماس دي ميزير لصحيفة "بيلد" إن "أحكام الشريعة غير مسموح بها على الأراضي الألمانية". بحسب فرانس برس.

أما شتيفن مايير من حزب "الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري" المتحالف مع "حزب المحافظين" بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل، فدعا إلى "تجريم" تطبيق أحكام الشريعة المتشددة، وقامت المجموعة التي تسعى إلى تطبيق متشدد لأحكام الشريعة بالطلب من مرتادي النوادي الليلة عدم شرب الكحول أو الاستماع إلى الموسيقى، كما طلبت من مرتادي أماكن اللعب عدم اللعب مقابل المال، وظهرت المجموعة في شريط فيديو انتشر على الإنترنت ومن أفرادها سفين لاو وهو ألماني اعتنق المذهب السلفي يقول إنه أحد الذين كانوا وراء فكرة الدوريات، وبموجب القانون الألماني الحالي فقد تواجه "شرطة الشريعة" تهمة الإخلال بالنظام العام.

من جهته، دان رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا تصرفات السلفيين في فوبيرتال، وأعربت أجهزة الاستخبارات الألمانية العام الماضي عن قلقها لتزايد عدد السلفيين المنادين بتطبيق متشدد لأحكام الشريعة وقالت إن عددهم في ألمانيا يبلغ نحو 4500 شخص، وذكرت صحيفة داي فيلت "يجب عدم السماح للسلفيين والمتعصبين بالتستر بالحرية الدينية، وحتى الجماعات الإسلامية القلقة على صورة الإسلام وسمعة المسلمين تعتقد ذلك أيضا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/آيلول/2014 - 14/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م