دائماً ما نشمّ رائحة المؤامرة في قرارات الجامعية العربية، فهي لم
تُجمِع أمرها على قرار ما الا اذا كان ضد إرادة الشعوب العربية ولصالح
الحكام الظالمين.
وبمتابعة سريعة لقراراتها (التاريخية) سيتّضح لنا هذا المعنى بما
لا يقبل الجدال.
كان هذا يوم ان كانت لكلّ دولة عربية رأيها، فما بالك اليوم وقد
أمم نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية قراراتها بلا منازع؟.
وعندما تحزم الجامعة اليوم أمرها لإعلان الحرب الشاملة، العسكرية
والسياسية، على الارهاب وتقرر مساعدة العراق في حربه الشعواء على
العصابات الإرهابية، من خلال سعيها لتفعيل معاهدات الدفاع العربي
المشترك، فهذا يعني ان وراء الأكَمة ما وراءها.
ان القرار كلمةُ حقٍ لا جدال فيها، ولكنّ الذي يُراد منها هو
الباطل.
صحيح ان قرار الجامعة إملاء من حلف الناتو، لان الولايات المتحدة
الأميركية وحليفاتها الغربيّات لا تريد ان تتورط بوحل حرب جديدة لا في
العراق ولا في غير العراق، فالإدارة الأميركية لا تريد ان تكرر تجربة
حربها في العراق وقبله أفغانستان، ولذلك فهي تخطط لتغطّي (القوة)
والمال العربي ساحة المعركة فيما تغطي طائراتها المسيّرة سماءها، بمعنى
ان يُمسك العرب بالأرض وتُمسك هي بالسماء، هذا صحيح، ولكن:
عندما تحاول الجامعة احياء مبدأ الدفاع العربي المشترك، يعني انها،
وربما بمشورة من الناتو، تفكّر في ارسال قوات (عربية) الى العراق مثلا،
وهذا أمرٌ خطير يجب ان ينتبه اليه العراقيون بشكل جيد.
يجب ان نرفض اي قرار من هذا القبيل، لان مثل هذه القوات ستكون سببا
في زيادة الفتن والاحتقان الطائفي، الا يكفي نظام القبيلة الفاسد
الحاكم في دول الخليج، وخاصة الجزيرة العربية وقطر، ما صدّره لنا، وعلى
مدى اكثر من عقد من الزمن، من حشود ضخمة من الدّوابّ التي تفجّر نفسها
وسط الحشود المدنيّة البريئة بذريعة الدفاع عن (السنّة) ليبعثَ لنا
اليوم قواته بمسميات قانونية برّاقة وجذابة؟.
اننا نرفض رفضا قاطعا ان يدنّس ايّ (جندي) عربي ارض العراق
الطاهرة، كما رفضتا تدنيس الارهابيين لها من قبل وفي كلّ آن.
انّ (القوة) العربية غير مرحّب بها في العراق فهي عدوّة وليست
صديقة بالمطلق، فقلبُها وسيفُها مع الارهابيين ضد العراقيين الذين لم
يسمعوا لحد الان من أحدٍ منهم اي كلمة تعير عن تعاطفهم معهم ومع
ضحاياهم.
لو ان الجامعة العربية جادّة بالفعل في مساعدة العراق في حربه على
الارهاب، فانّ عليها ان تحيي مبدأ الدفاع العربي المشترك من خلال اتخاذ
القرارات الملزمة التالية:
اولا؛ الطلب من المملكة العربية السعودية وقطر تحديدا لتحمّل نفقات
الحرب على الارهاب في العراق، من خلال دفع فواتير السلاح الذي سيشتريه
العراق، وكذلك دفع فواتير كل انواع المساعدة العسكرية واللوجستية التي
تقدمها واشنطن وبقية دول حلف الناتو الى العراق.
ثانيا: تعويض أسر ضحايا الارهاب، وعلى رأسهم أسر ضحايا مجزرة قاعدة
سبايكر، الذين استشهدوا بأموال البترودولار وبسبب التحريض الطائفي الذي
تُنتجه فتاوى التكفير وقنوات الفتنة المدعومة من نظام القبيلة الفاسد.
ثالثا: التعاون مع العراق أمنيا واستخباراتياً، من خلال تسليمه
خرائط وأسماء العصابات الإرهابية الناشطة في العراق لمساعدته على
القضاء عليها بأسرع وقت ممكن، فنظام القبيلة ادرى بشعاب هذه العصابات
التي أنتجها في مدارسه، ففيها عشعشت وبيّضت وفقّست وفرّخت.
رابعا: لجم فقهاء التكفير ومنعهم من إصدار أيّة فتاوى طائفية جديدة
تحرّض على العنف والقتل والإرهاب.
وبهذا الصدد، فانا استنكر وبشّدة فتوى كبيرهم التي صدرت بالأمس
والتي دعا فيها للتعبئة الى قتال الارهابيين اذا أعلنوا الحرب على
المسلمين! فماذا يفعل الارهابيون اذن في العراق؟ أليست هي إشارة مبطنة
على ان العراقيين، والمقصود بهم الشيعة والمسيحيين والايزدييّن والشبك
وغيرهم، الذين اعلن الارهابيون الحرب الشعواء عليهم وضدّهم، غير معنيين
بالفتوى، لان المسلم فيهم خارج عن الملّة والدين بحسب مفاهيمهم
الطائفية!.
ثم يدعي نظام القبيلة انه يريد مساعدة العراق في حربه ضد
الارهاب!!!.
بمثل هذه القرارات ستُثبت الجامعة العربية انها جادة وصادقة في
مواقفها ازاء الارهاب، وانها تقول كلمة حق لا يراد بها باطل، فمثل هذه
القرارات كفيلة بتفعيل مبدأ التضامن والدفاع العربي المشترك، اما اي
شيء آخر فمرفوض جملة وتفصيلا.
[email protected]
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |