تبرز قضية البحث عن جواب سؤال" من يمثل سنة العراق؟ في كل مرحلة
زمنية تسبق مارثون تشكيل اي حكومة عراقية جديدة، اذ في اتون انشغال
رئيس الوزراء المكلف في تشكيل الحكومة القادمة، وفي خصم المماحكات
والمجادلات المتعلقة بهذا الموضوع، تقدم الكثير من الكتل السياسية ذات
التوجه السني نفسها على انها الممثل الوحيد لمكونهم الاجتماعي
ولطائفتهم.
السجال الذي حدث بين قائمة متحدون والقائمة العربية قبل الانتخابات
الماضية نموذج على ادعاءات مختلفة لإحتكار تمثيل السنة في البرلمان، اذ
اتهم عضو ائتلاف العربية الذي يتزعمه الدكتور صالح المطلق، السيد محمد
السامرائي، خلال برنامج حديث الوطن الذي تبثه قناة السومرية، ائتلاف
متحدون بالطائفية وانهم لا يمثلون السنة اطلاقا..... وهو الامر الذي رد
عليه متحدون بسرعة من خلال القيادي طلال خضير الزوبعي، حيث رفض تصريح
السامرائي واتهمه بانه مريض مضيفا بأن "ائتلاف متحدون بزعامة اسامة
النجيفي يعد الممثل الرئيسي المكون السني".
وقد حدث هذا السجال ومايرافقه من مماحكات ايضا قبل اربع سنوات اثناء
تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب....اذ نفى، آنذاك، القيادي في الحزب
الإسلامي المنضوي تحت تحالف الوسط في البرلمان الدكتور وليد عبود
المحمدي، في تعليقه على من يتولى منصب الوقف السني بعد رئيسه آنذاك
احمد عبد الغفور السامرائي،" أي علاقة للقائمة العراقية بديوان الوقف
السني لا من قريب ولا من بعيد" معللا ذلك بأنه من " مسؤولية المكون
السني" في اشارة إلى تحالف الوسط الذي هو احد قياديه.
السجالات التي ترافق هذا الموضوع المتعلق بعدد من يدعي انه يمثل
المكون السني في العراق تجبرنا شخصيا على أن نتساءل لعلنا نكشف قليلا
من ابعاد هذه القضية...
من يمثل سنة العراق؟
وماهو المعيار الحقيقي لهذا التمثيل؟
وهل هذا التمثيل حقيقي ومؤثر وواقعي ام أسمي ليس له وجود على الارض؟
ماهو موقع داعش ومن يسمي نفسه بــ"ثوار العشائر" وبقية التنظيمات
المسلحة في خريطة اهل السنة في العراق؟
وهل لدينا في العراق اكثر من كتلة جماهيرية تمثل السنة؟
هل سنة العراق هم من خرج وتظاهر ضد الحكومة؟
ام ان سنة العراق هم الفئة التي تعاطفت ووقفت مع داعش؟
ام انهم تلك العينة التي تعمل تحت مطلح الصحوات ومندمجة مع المشروع
السياسي؟
ام انهم هذا الجمهور الذي انتخب المطلك والنجيفي والجبوري وغيرهم من
الاقطاب السياسية السنية؟
تحديد من يُمثل المكون السني أمر مهم جدا لانه الممثل الحقيقي
للسنة، ولذا هو يُدرك تماما مطالب من يمثله، وبالتالي يمكن التفاوض معه
ومناقشة ما يطرحه من نقاط تفاوضية في مرحلة تشكيل الحكومة لان الممثل
الحقيقي للسنة هو نبض الشارع السني وهو القادر على ان يتحدث باسمه
ويتكلم عن مطالبه باعتباره ممثلهم في البرلمان.
لكن مانراه في مفاوضات الحكومة العراقية أمر مغاير ومختلف تماما
لهذه الحقيقة، فالكثير من ادعياء التمثيل السني في مفاوضات تشكيل
الحكومة لايمثلون السنة وغير قادرين اصلا على الدخول الى مناطقهم او
المشي في شوراعها او حتى اقامة ندوة او مؤتمر سياسي فيها بوجود
حماياتهم!، فهم يتحدثون عن اهل السنة وعن مطالبهم في حين ان السنة
نفسهم لايعترفون بهم ويلعنونهم ليل ونهار ويصفونهم بانهم يبحثون عن
منافع شخصية اولا واخيرا.
كيف يمكن حل هذه المشكلة؟
وانى لرئيس وزراء مكلف ان يقف على مطالب السنة في العراق وممثليهم
غير معترف بهم من قبلهم؟
لاحل يوجد في الأفق الحالي لهذه المشكلة مادام اهل السنة لايعترفون
بهؤلاء الذين دخلوا البرلمان ممثلين عنهم، الا اذا:
اولا: اعتبرنا ان كل صوت ينطلق من اي شخصية سنية خارجة عن البرلمان
تزعم انها تمثل السنة هو صوت لاقيمة له ومطلبه ساقط اصلا ولاينبغي
النظر في محتواه ومضمونه.
ثانيا: محاولة سماع الصوت السني "الاخر" غير المسموع برلمانيا ممن
له وجود على سطح الارض الا انه لسبب ما، لانخوض الان في تفاصيله
واسبابه، لم ينتخب ممثل له في البرلمان العراقي.
مع هذا الحل يمكن فقط بناء دولة حديثة يشارك فيها كل مكوناتها
الطائفية والدينية والقومية وحينها نستطيع ان نتخذ موقفا موحدا
وبرنامجا سياسيا واضحا ازاء كل القضايا التي تواجهنا والتحديات التي
تنتظر عمل الحكومة والمشكلات التي مازالت الحكومات منذ عام 2003 ولحد
الان غير قادرة على حلها من اجل الانتقال لمرحلة بناء العراق وتعويض
شعبه ما اصابه من ويلات الحروب والارهاب والفساد.
[email protected]
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |