قضايا نفسية..

من مرض الفصام  والتنفيس عن الغضب الى قراءة الافكار

 

شبكة النبأ: لايزال علماء النفس وغيرهم من الباحثين يواصلون دراساتهم وابحاثهم العلمية الخاصة بحياة البشر وعلاقته الاجتماعية، خصوصا وان الجميع يخضع اليوم لجملة من الضغوط والمشاكل والازمات المتزايدة، التي اسهمت بارتفاع معدلات الاصابة ببعض الامراض النفسية كما يقول بعض الخبراء في هذا المجال.

حيث تشير التقارير الصادرة من منظمة الصحة العالمية إلى تزايد هائل في انتشار الاضطرابات والامراض النفسية بين البشر في مختلف دول العالم ولأسباب مختلفة، والتي قد تكون سببا مهما في حدوث مشاكل وامراض اكثر خطورة هذا بالإضافة الى تأثيراتها الاخرى وهو ما دفع الكثير من العلماء والباحثين الى تكثيف جهودهم ودراساتهم من اجل تقليل بعض الاضرار الحالة وبتالي تحسين واقع الصحة النفسية.

حيث بينت الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن حوالي 450 مليون إنسان في العالم يعانون من الاضطرابات النفسية بنوعيها الشديدة والخفيفة وان هناك شخصا من كل أربعة أشخاص في العالم يصاب لمرة واحدة في عمره بأحد هذه الاضطرابات.

مرض الفصام

وفي هذا الشأن اكتشف علماء 80 جينا لم تكن معروفة من قبل، قد تتسبب في إصابة الإنسان بمرض الفصام (انفصام الشخصية أو الشيزوفرينيا). وقال فريق العلماء، في بحث نشر بدورية نيتشر، إن أكبر دراسة للجينات في العالم حول الفصام أظهرت احتمال وجود أسباب بيولوجية، مما يجعلها مؤثرة مثل الأسباب الطبية الأخرى للمرض. ويعتقد فريق الباحثين الدولي، الذي تقوده جامعة كارديف، أن هذا الاكتشاف ربما يكون نقطة انطلاق لعلاجات جديدة للمرض. وطالبت مؤسسات خيرية بضرورة مواصلة التعامل الشامل مع هذا المرض.

وكان العلماء قد ناقشوا على مدى أعوام عديدة، الدور النسبي للجينات في الإصابة بالفصام، وهي الظروف التي تؤثر على أكثر من 24 مليون شخص حول العالم. واختبر اتحاد عالمي يضم علماء من 35 دولة، الخريطة الجينية لأكثر من 37 ألف مريض بالفصام، وقارنوها مع الخريطة الجينية لحوالي 110 ألف شخص لا يعانون من المرض. واكتشف العلماء أكثر من 100 جين من بينها حوالي 83 جينا لم تكن معروفة من قبل، تجعل البشر أكثر قابلية للإصابة بالفصام. والعديد من هذه الجينات تساهم في نقل الرسائل الكيميائية حول المخ.

وهناك جينات أخرى لها دور في النظام المناعي، تؤثر على مستودع الأسلحة الطبيعية التي تقاوم الأمراض في جسم الإنسان. وقال البروفيسور مايكل أودونفان، من جامعة كارديف الذي يقود البحث :"لسنوات عديدة كان من الصعب تطوير خطوط علاج جديدة للفصام، بسبب عدم القدرة على فهم بيولوجية هذا المرض." وأضاف :"ايجاد مجموعة جديدة كاملة من الترابطات الجينية يفتح نافذة أمام تجارب جيدة لاكتشاف العوامل البيولوجية لهذه الحالة، ونأمل في الوصول إلى علاجات جديدة في نهاية المطاف."

وقال ديفيد كورتيس، من جامعة لندن وأحد كتاب البحث :"هذه الدراسة تضع الطب النفسي في نفس التصنيف مع أقسام الطب الأخرى." وتابع :"في الماضي كنا نقاوم فكرة أن حالات الأمراض النفسية ليست مرض حقيقي، وحققت الدراسات الجينية المبكرة نجاحا محدودا، والآن نكشف بكل ثقة أن هناك اخفاقا لعمليات حيوية في جسم الإنسان." بحسب بي بي سي.

ووصف جيروم برين، من كينجس كوليدج لندن والذي لا يشارك في هذه الدراسة لكن سيعمل على دراسات مستقبلية، ما حدث بأنه عمل ثوري. وقال "لدينا الآن معدل هائل من العلوم الحيوية الجديدة لبحثها، والأفكار الجديدة يمكن أن تقدم طرقا محتملة للوصول لعلاج، خاصة أن عقاقير علاج الفصام لم تتغير إلى حد كبير منذ فترة السبعينيات."

وأوضحت بيث مارفي، من مؤسسة مايند الخيرية، أن بحث اليوم يمثل خطوة هامة وواعدة على طريق البحث عن خيارات علاجية مناسبة أكثر من تلك المتاحة حاليا. وقالت :"من الجيد إدراك خبراء الصحة الحاجة إلى نهج شامل لعلاج مرضى الفصام والإضطراب الوجداني ثنائي القطب في الوقت الحالي."

التنفيس عن الغضب

الى جانب ذلك هل تشعر بالغضب؟ نفِّس عن غضبك كله، وسدد لكمة إلى وسادة، لكن لا تدعه داخلك، فإن الآثار المترتبة على ذلك بالغة التعقيد، كما تقول كلوديا هاموند، المحاضرة في علم النفس، كم مرة نُصحت فيها بالتنفيس عن غضبك من أجل صحتك؟ هناك فكرة رائجة وهي أن كبتك للغضب سيضر حتما بصحتك، أو على الأقل سيسبب لك قرحة في المعدة.

قد تقرأ بعض التقارير من وقت لآخر تُبين أن ذلك يمكن أن يضر بقلبك، وعندما تنظر إلى الأدلة التي تراكمت عبر السنين، فما الذي تكشفه عن إدارة الغضب؟ في ما يتعلق بالقرح، فسواء ثُرت في أنحاء غرفتك، أو شعرت بالغليان في صمت، لا يزال من الممكن أن تصاب بها. وفي حين كان يُعتقد أن التوتر عامل رئيسي يساهم في الإصابة بالقرح، لا يوجد دليل قاطع على أن ذلك يتوقف على ما إذا كنت تعبر عن غضبك أم لا، إذ من المعلوم أن معظم حالات القرحة تسببها بكتيريا تعرف باسم "هيليوباكتر بيلوري"، أو تنتج عن تناول العقاقير التي تعرف باسم "العقاقير غير الستيرويدية" المضادة للالتهابات لفترة طويلة.

أما في ما يتعلق بأمراض القلب، فإن الأدلة أكثر تفاوتا. ففي دراسة أجريت في جامعة ولاية نورث كارولاينا عام 2000، أعطي 13000 مريض استبيانا تضمن أسئلة عن تقديرهم لدرجة ميولهم الذاتية المتعلقة بالغضب، واستمرت متابعتهم بعد ذلك عدة سنوات. ورغم أن ضغط الدم لديهم كان طبيعيا على ما يبدو، كان أولئك الذين قالوا إنهم كثيرا ما يفقدون أعصابهم عند الغضب أكثر عرضة للإصابة بأزمات قلبية ثلاث مرات مقارنة بغيرهم خلال سنوات المتابعة، حتى مع الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى مثل التدخين، وداء السكري، والوزن الزائد.

وبالإضافة إلى ذلك، وجد مارك مكديرموت، من جامعة "إيست لندن" أن الأشخاص الذين عبروا عن غضبهم عانوا من الإصابة بأمراض القلب أكثر من الأشخاص الذين امتنعوا عن الصراخ للتعبير عن غضبهم. وكل هذا يبدو معقولا، خاصة أن هناك آليات فسيولوجية معروفة يمثل التعبير عن الغضب من خلالها إحدى الإشكاليات. فعندما تفقد أعصابك يحمر وجهك، وتطبق على فكيك، ويبدأ نبض قلبك في التسارع استعدادا للشجار أو الفرار. ويبدأ الجسم في الاستعداد من خلال سحب الدهون من بعض العضلات إذا احتجت إلى مزيد من الطاقة.

وإذا لم تستخدم تلك الدهون فسوف تذهب حتما إلى مكان ما، وقد ينتهي بها المطاف إلى الالتصاق بجدران الشرايين، وقد تساهم هذه الرواسب في الإصابة بأمراض القلب. فكل مرة يرتفع فيها ضغط الدم لديك، قد يترك ذلك ندوبا في الأنسجة بسبب الإصابات الصغيرة التي تلحق بجدار الشرايين التاجية، والتي يمكن بدورها أن تساهم في الإصابة بأمراض القلب.

ولا تشكل الندوب العرضية مشكلة، ولكن إذا تكرر الأمر يوما بعد يوم من الناحية النظرية فإن الأضرار تبدأ في التراكم. ويستطيع القلب المعافى التعامل مع هذا الوضع، ولكن بالنسبة لشخص يعاني بالفعل من مرض الشريان التاجي فإن الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم يمكن في بعض الحالات النادرة أن يتسبب في تفكك تلك الرواسب الدهنية داخل جدران الشرايين مما يؤدي إلى انسداد تلك الشرايين.

وإذا أدى ذلك إلى منع الدم من الوصول إلى القلب، سيصاب الشخص بنوبة قلبية، أما إذا أدى إلى منع الدم من الوصول إلى الدماغ فسيصاب الشخص بسكتة دماغية. لكن دراسات أخرى لم تظهر وجود أي علاقة بين الغضب وأمراض القلب، ولم تظهر أيضا أن الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم يكونون أكثر ميلا لكبح غضبهم. والمشكلة هي أن الدراسات تقيس كلا من أمراض القلب والتعبير عن الغضب بطرق مختلفة، مما يجعل المقارنة بينها أمرا صعبا.

وفي محاولة لكشف الغموض، أجرى غيورا كينان من إسرائيل دراسة ليس فقط حول عدد المرات التي يغضب فيها الناس ولكن أيضا حول درجة غضبهم. ووجد أنه من الناحية الصحية، فإن أفضل شيء تفعله هو أن تغضب بشدة وتفصح عن قضيتك "بوضوح وحزم"، ولكن لا تفعل ذلك إلا نادرا.

ويقول كينان إن الأشخاص الذين يفعلون ذلك من المرجح أن يكونوا نفس الأشخاص الذين يعرفون جيدا كيفية إيجاد سبل أخرى للتعامل مع المواقف الصعبة. وهذا يقلل من كم التوتر الذي يواجهونه، وذلك بدوره يؤدي إلى تحسن وظائف جهاز المناعة لديهم، و بالتالي يؤدي إلى تمتعهم بصحة أفضل. وهناك رأي آخر يشير إلى أن الأمر بأكمله يعتمد على كيفية تعبيرك عن غضبك.

إحدى الدراسات التي أجريت في كندا اختارت بطريقة عشوائية 785من البالغين، وتابعتهم لمدة عشرة أعوام. ووجدت الدراسة أن الرجال الذين عبروا عن غضبهم بطريقة إيجابية، بهدف إنجاز أمر ما، كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب. وفي حالة النساء، فلم يكن هناك فرق. ولكن في ما يتعلق بالرجال والنساء معا، وجدت الدراسة أن التعبير عن الغضب من خلال إلقاء اللوم على الآخرين لتبرير أفعالهم يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض القلب.

حتى إن كانت الدراسات غير حاسمة بشأن ما إذا كان الغضب مفيدا لنا دوما من الناحية الجسدية، فمن المؤكد أن مجرد التنفيس عن الغضب يوفر لنا قدرا من الراحة، أليس كذلك؟ ربما لا. بعض المعالجين يعطي الناس وسائد ليسددوا إليها اللكمات، ولكن ذلك لا يشفي غليلهم دوما كما يبدو. في الواقع، فإن ذلك يمكن أن يزيد من مشاعر الغضب.

ففي واحدة من الدراسات، تلقى المتطوعون انتقادات لاذعة بشأن مقال طلب منهم أن يكتبوه. وتضمنت الانتقادات ردود فعل من قبيل "هذا أسوأ مقال قرأته في حياتي". ثم أعطي نصف الخاضعين للدراسة فرصة للتنفيس عن غضبهم من خلال ضرب كيس الملاكمة الرياضي. وقالوا إنهم استمتعوا بذلك، لكن عندما أعطيت لهم الفرصة لإخضاع منافس لهم لضوضاء صاخبة، ظهر أن تنفيسهم عن الغضب من خلال توجيه الضربات لكيس الملاكمة جعلتهم أكثر عدوانية في التعامل مع ذلك المنافس بدلا من تهدئتهم، وذلك مقارنة بغيرهم. بحسب بي بي سي.

وعمل نفس الباحثين أيضا على إقناع هؤلاء الخاضعين للدراسة بأنهم قد أعطوا عقارا يجمد مزاجهم لمدة ساعة (ورغم أن ذلك لا يبدو منطقيا، إلا أنه لم يعرب أي من المشاركين عن شكه في الأمر). وبعدما استثير غضبهم، كان عدد الذين عبروا عن ذلك بضرب كيس الملاكمة أقل بكثير، مما يشير إلى أننا نفعل تلك الأشياء لاعتقادنا بأنها ستجعلنا نشعر بارتياح، رغم أن الواقع قد لا يكون كذلك. إذا، ما الذي نستنتجه من ذلك؟ يعني هذا أن كبح غيظك لا يؤذيك كثيرا، وأن ثورة الغضب قد تكون جيدة أحيانا وأن الأمر المهم لا يعود كثيرا إلى شعورك بالغضب من عدمه، ولكنه يعود إلى كيفية التعامل معه ومدى تكرار ذلك.

عدوى التثاؤب

من جانب اخر كشفت دراسة طبية عن أن الإصابة بعدوى التثاؤب تقل مع التقدم في العمر. وأشارت الدراسة، التي أجراها علماء بالولايات المتحدة، إلى أن لعدوى التثاؤب علاقة وثيقة بتقدم العمر، فاقت إمكانية الإصابة بها تأثرا بالآخرين، وهو ما كان يعتقده العلماء سابقًا. كما كشفت الدراسة أن علاقة التثاؤب بالتقدم في العمر أقوى من علاقته بالإرهاق ومستويات الطاقة لدى الإنسان.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يعكف فيه الباحثون على دراسة إذا ما كانت عدوى التثاؤب لها جذور وراثية، على أمل المساعدة في علاج اضطرابات الصحة النفسية. وتشير التقارير إلى أن المصابين بانفصام الشخصية والتوحد أقل عرضة للإصابة بعدوى التثاؤب، مما يعني أن فك شفرة الجينات الحاملة للعدوى قد تمهد طرقا جديدة للعلاج. وشارك في الدراسة، التي نشرت في مجلة "بلوس وان" الأمريكية، 328 شخصًا. وشاهد المشاركون مقطع فيديو مدته ثلاث دقائق لأشخاص يتثاءبون، وضغطوا على زر كلما تثاءبوا.

وخلصت الدراسة إلى أن 68 في المئة من إجمالي المشاركين تثاءبوا. فتثاءب 82 في المئة من الفئة العمرية تحت سن 25، و60 في المئة من الفئة العمرية ما بين 25 و49 عاما، و41 في المئة من المشاركين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما. وقالت إليزابيث سيروللي، الأستاذة المساعدة في قسم الطب بجامعة ديوك في ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية: "هذه أول دراسة تشمل هذا الكم من عناصر البحث. كما أنها أكبر دراسة من حيث عدد المشاركين حتى يومنا هذا".

وأضافت سيروللي أنها لم تصل إلى الأسباب التي تقف وراء تراجع عدوى التثاؤب مع تقدم العمر. ورغم أن السن كان أهم العوامل في عدوى التثاؤب، إلا أنه يفسر ثمانية في المئة فقط من أسباب تثاؤب المشارك من عدمه. وشملت الدراسة استبيانات لاختبار استجابة المشاركين للتثاؤب ومستويات الإرهاق وأنماط النوم. بالإضافة إلى بعض الاختبارات الإدراكية لقياس درجات الذكاء. بحسب بي بي سي.

وقال روبرت بروفين، أستاذ الطب النفسي في جامعة ميريلاند بمقاطعة بالتيمور، إن "الدراسة فريدة من نوعها"، لأنها أشارت لأول مرة إلى وجود علاقة بين تقدم العمر وعدوى التثاؤب. وأضاف أن الدراسة "تساعد على بحث كل التفاصيل العصبية الخاصة بالعدوى السلوكية"، وكذلك اضطربات الصحة النفسية مثل التوحد وانفصام الشخصية. وقال بروفين إن نتائج الدراسة ربما تساعد أيضا في معرفة الأسباب التي تقف وراء عدويان الضحك والسعال.

تحقيق الأهداف

من جانب اخر لخصت دراسة أمريكية إلى أن إحساس الإنسان بوجود هدف في حياته يسعى لتحقيقه قد "يطيل" من عمره بغض النظر عن طبيعة ذلك الهدف. وأضافت الدراسة، التي شملت سبعة آلاف أمريكي، أن وجود هدف في الحياة لا يقتصر ميزته على الإسهام في إطالة العمر وتحسين الصحة فحسب ، بل يجنب الموت مبكرا. ويقول فريق الباحثين، الذي يضم أمريكيين وكنديين، إن نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة "سايكولوجيكال ساينس"، المعنية بالعلوم النفسية، تعنى بحياة الأشخاص البالغين.

ويرجح الباحثون أن سبب ذلك قد يرجع إلى أن الأشخاص ذوي الأهداف يعتنون بصحتهم بشكل أفضل ويكونون أكثر لياقة بدنية. وتتبعت الدراسة الصحة العقلية والبدنية لأكثر من سبعة آلاف أمريكي من البالغين ممن تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 75 عاما. وقيمت الدراسة أهدافهم بناء على موافقتهم أو عدم موافقتهم على ثلاث مقولات:

- بعض الأشخاص يعيشون بلا هدف في الحياة، لكني لست واحدا من بين هؤلاء.

- أعيش حياتي يوما بيوم ولا أفكر في المستقبل.

- أشعر في بعض الأحيان وكأني فعلت كل ما يجب أن أفعله في الحياة.

وبمتابعة الأشخاص محل الدراسة، وجد الباحثون أن أعمار أصحاب الأهداف في الحياة أطول مقارنة بنظرائهم الآخرين، حتى حينما تم تحييد العوامل الأخرى مثل المزاج السلبي. إضافة لذلك فإن السنوات "المضافة" لم تبد معتمدة على المراحل العمرية للأشخاص، أو على تقاعدهم عن العمل من عدمه. وبعبارة أخرى، يقول الباحثون إن وجود هدف في حياتك سيفيدك بعد سن البلوغ.

ويقول باتريك هيل، من قسم علم النفس بجامعة كارلتون الكندية، إن فكرة الحياة من أجل هدف - ووضع مجموعة أهداف عريضة توجه نشاطاتك اليومية – تبدو وقائية من عدة نواح. وأضاف: "هناك فائدة واضحة من الشعور بالتوجيه، أو الإحساس بأنك لديك الأهداف التي توجهك في حياتك اليومية". الإحساس بأن الحياة تستحق أن يعيشها الإنسان ارتبط منذ زمن بعيد بطول عمر الشخص المفعم بالصحة، وذلك في العديد من الثقافات من اليابان وحتى الولايات المتحدة. بحسب بي بي سي.

لكن حتى الآن، فإنه من المعتقد أن وجود أهداف في الحياة ربما يقي الأشخاص كبار السن أكثر من غيرهم من الشباب. ويقول نيكولاس توريانو، باحث مشارك في الدراسة من المركز الطبي لجامعة روتشستر في نيويورك: "إثبات وجود هدف يبشر بحياة أطول للشباب وكبار السن على حد سواء سيكون رائعا للغاية، كما سيلقي الضوء على أهمية العزيمة". وقال هيل: "نتائجنا تشير إلى حقيقة أن وجود توجيه للحياة، ووضع أهداف رئيسية لما تريد أن تحققه يمكن أن يساعدك على الحياة لفترة أطول، بغض النظر عن الوقت الذي ستصل فيه إلى هدفك".

الجلوس والتفكير

في السياق ذاته أظهرت دراسة أمريكية أن معظم الناس ربما لا يحبون الجلوس وحدهم وقضاء وقت في التأمل دون ازعاج حتى وإن كان البعض يعتبر ذلك احيانا أقصى أمانيه. ووجد معظم المتطوعين في الدراسة الأمر صعبا حين طلب منهم قضاء نحو 15 دقيقة وحدهم في غرفة دون القيام بشيء سوى الجلوس والتفكير.

بل ووصل الأمر ببعض المتطوعين خاصة من الرجال في واحدة من 11 تجربة قادها باحثون من جامعة فيرجينيا أن فضلوا التعرض لصدمة كهربائية متوسطة الشدة على الجلوس دون عمل شيء. وقال تيموثي ويلسون أستاذ علم النفس في جامعة فيرجينيا الذي قاد الدراسة التي نشرت في دورية ساينس "يرى كثير من الناس أن من الصعب استخدام عقولهم في إمتاع أنفسهم خاصة حين يطلب منهم القيام بذلك بشكل فوري." واضاف "في العصر الحديث ومع كل الأجهزة التي نملكها يبدو أن الناس يشغلون كل لحظة ببعض النشاط الخارجي."

وشارك نحو 800 فرد في الدراسة وشملت بعض التجارب طلابا جامعيين فقط ثم قام الباحثون بتوسعة مجالها لضم أشخاص بالغين يعيشون في نفس المنطقة. ثم ذهب الباحثون الى كنيسة وسوق للمزارعين للاستعانة بأشخاص من خلفيات مختلفة وأعمار متباينة تصل الى 77 عاما. وجاءت النتائج متطابقة إذ لم يرغب معظم المشاركين بغض النظر عن العمر أو الجنس في الجلوس مع أفكارهم فحسب دون عمل شيء.

وفي بعض التجارب طلب من متطوعين جامعيين الجلوس بمفردهم في قاعة معمل بلا أدوات وقضاء من ست دقائق الى 15 دقيقة دون القيام بأي شيء سوى التفكير أو أحلام اليقظة. ولم يسمح لهم باصطحاب هاتف محمول أو مشغل موسيقى أو مادة للقراءة أو أدوات للكتابة وطلب منهم لزوم مقاعدهم والبقاء متيقظين. وأكد معظمهم انهم لم يستمتعوا بالأمر وكان من الصعب عليهم التركيز.

وطلب الباحثون حينئذ من بالغين وطلاب القيام بنفس الشيء في منازلهم وحصلوا على نفس النتائج. وعلاوة على ذلك لجأ ثلث المتطوعين الى الغش بالقيام بأمور مثل استخدام هاتف محمول أو الاستماع الى موسيقى. وأجرى الباحثون تجربة لمعرفة ما إن كان المتطوعون من الطلاب يفضلون خوض تجربة مزعجة على مجرد الجلوس ساكنين متأملين. وعرضوهم لشحنة متوسطة من الكهرباء الساكنة. بحسب رويترز.

وسئل المتطوعون عما إن أعطوا خمسة دولارات فهل سينفقون بعضا منها لتفادي التعرض للصدمة الكهربائية مرة أخرى. ومن قالوا إنهم على استعداد للدفع لتجنب صدمة ثانية طلب منهم الجلوس بمفردهم والتفكير لمدة 15 دقيقة لكن منحوا خيار تعريض أنفسهم لنفس الصدمة بمجرد الضغط على زر. ولجأ كثيرون لهذا الخيار خاصة الرجال إذ تعرض نحو الثلثين (12 من بين 18 مشاركا) لصدمة واحدة على الاقل. وعرض أحدهم نفسه للصدمة 190 مرة بينما ربع النساء (6 من 24) عرضن انفسهن لصدمة واحدة على الاقل. وقال ويلسون "أعتقد انهم أرادوا مجرد صعق أنفسهم بسبب الملل... أحيانا يكون التحفيز السلبي أفضل من لا شيء."

قراءة الافكار

من جانب اخر قد نظن بأن أفكارنا في هذه العصر هي ملك لنا، لكن تخيلوا بأن يأتي اليوم الذي يمكن فيه لمن حولكم قراءة ما يدور في أذهانكم، دراسة جديدة اقتربت لهذا الهدف. ورغم أن هذه الدراسة لا تزال في مراحلها البدائية الأولى وكونها عملية صعبة إلا أن عالم الأعصاب الرائد جاك غالانت من جامعة كاليفورنيا الأمريكية في بيركلي يقول إنها ليست معقدة بالنسبة لدرجة العلم الذي توصل إليه الإنسان. وأضاف غالانت بقوله: "يمكننا أن نبدأ بقراءة الأفكار منذ الآن إن توفرت الطرق ومعايير القياس الأنسب للنشاط الدماغي"، مشيراً إلى أن قراءة الأفكار ستصبح أمراً شائعاً خلال 50 عاماً.

لكن طبيب الأعصاب من جامعة ستانفورد جوزيف بارفيزي الذي درس أيضاً العلاقة بين الدماغ والأفكار يرى بأنه "ليس من المنطقي، بل من الخطأ أن نوحي للعامة باقترابنا من قراءة الأفكار"، وذلك لأنه يرى بأن المعايير الموسعة المستخدمة حالياً لا تتلاءم مع دراسة الأفكار البشرية." ويشير غالانت إلى إمكانية قراءة الدماغ من خلال قياس النبضات الكهربائية الصادرة عنه بالإضافة إلى قياس تغير معدلات الأكسجين في الدم، وهذا كله يعطي فكرة بسيطة مقارنة للعمليات المعقدة التي تتولد من الدماغ البشري، بالإضافة إلى ضرورة توفر نماذج حسابية ملائمة لقياس ما يصدر عن الدماغ، وأضاف بأن التحدي الأكبر يكمن في كيفية قياس النشاط الدماغي. بحسب CNN.

لكن بعض التجارب أحرزت نتائج مذهلة إذ قام طالب من جامعة يال، آلين كوين بتقديم دراسة قام فيها بتكوين صور مرئية عن وجوه ناس من خلال قياس النشاط الدماغي. كما يقوم العلماء بدارسة إمكانية تحكم شخص بدماغ آخر، إذ تمكن العلماء من إرسال إشارة دماغية عبر الإنترنت لعالم حاول تحريك يد عالم في مكان آخر، لكن دماغ الشخص الثاني لم يتمكن من تحليل الإشارة، ورغم أن هذه الطريقة نجحت مع الفئران، إلا أنها لم تنجح لغاية الآن مع البشر.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/آيلول/2014 - 10/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م