شبكة النبأ: قال متحدث باسم (المؤسسة
الوطنية للنفط) في ليبيا إن إنتاج بلاده من النفط الخام ارتفع ليصل إلى
700 ألف برميل يوميا، وجاء هذا الارتفاع الإيجابي بعد الاتفاق الذي
عقدته الحكومة مع المسلحين اللذين كانوا يستولون على اهم موانئ تصدير
النفط الليبي، ويمنعون إطلاق أي شحنه تصديرية الى خارج البلاد، بسبب
الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة في البلاد والتي شجعت على انتشار
القوات غير النظامية والميليشيات الإسلامية، التي تطالب بحكم ذاتي
للمناطق الخاضعة لسيطرتها.
ومع مرور أسابيع من التفاؤل بالاتفاق الذي سيدر على الحكومة الليبية
عوائد مالية تمكنها من الوفاء بالتزاماتها المالية في الداخل والخارج،
وتجنب ازمة مالية قد تطيح بالحكومة المشكلة حديثا، مما يعني المزيد من
المشاكل والصراعات السياسية، لكن هناك من يعتقد من المحللين والخبراء
ان الازمة الليبية قد تطيح في أي لحظة بالاتفاق السابق، سيما وان
القتال الدائر بين الفصائل والميليشيات للسيطرة على الحكم او التمتع
بحكم ذاتي على الأقل، قد يحول النفط الى ورقة مهمة تتنازع عليها
الأطراف المتصارعة لتحقيق مكاسبها الخاصة.
فقد قال جيفري هوارد المحلل لدى كونترول ريسك ومقرها لندن والذي عاد
لتوه من رحلة إلى ليبيا "ستظل أصول الطاقة ورقة مساومة رئيسية في يد
المجموعات الراغبة في الضغط على الساسة على المستوى الوطني، فيما قال
حسني بي رئيس واحدة من أكبر الشركات الخاصة في ليبيا إن "فرصة الابتزاز
المحتملة تتمثل في زيادة مرتبات عمال النفط بنسبة 70 في المئة وهو ما
وافقت عليه الحكومة في الخريف الماضي في محاولة فاشلة للسيطرة على
الاحتجاجات"، كما حذر مصرف ليبيا المركزي من المضي قدما في رفع الأجور
نظرا لأنه قد يدمر المالية العامة التي تعاني بشدة بالفعل بعد عام من
الاحتجاجات التي عصفت بقطاع النفط.
انتعاش مؤقت
فقد قد لا يطول أمد انتعاش قطاع النفط الليبي في ظل مواجهة بين
جماعات مسلحة تنذر بتقطيع أوصال البلاد بعد ثلاث سنوات من سقوط معمر
القذافي، وزاد إنتاج النفط الليبي إلى 650 ألف برميل يوميا بما يعادل
خمسة أمثال مستواه قبل شهرين في نجاح نادر يحققه الاقتصاد في وقت تحارب
فيه الجماعات المسلحة وبرلمانان للسيطرة على البلاد، وقال القائم
بأعمال وزير النفط المستقيل عمر الشكماك إن الإنتاج قد يزيد إلى مليون
برميل يوميا في وقت لاحق هذا العام ليقترب من مستوى 1.4 مليون برميل
يوميا الذي سجلته ليبيا قبل اندلاع موجة من الاحتجاجات أصابت القطاع
بالشلل في يوليو تموز 2013.
هذا التطور سيعطي دفعة ضرورية للاقتصاد الليبي المتعثر خاصة بعد أن
اضطر البنك المركزي إلى السحب من احتياطات النقد الأجنبي لتلبية
احتياجات البلاد، لكن أي أهداف للدولة معرضة للفشل بسبب صراعات الفصائل
والقبائل المختلفة التي تنذر بالتحول إلى حرب أهلية، وجاءت الزيادة
الأخيرة في الإنتاج بعد أن نفذت مجموعة من المحتجين المطالبين بالحكم
الذاتي لمنطقتهم اتفاقا على إعادة فتح موانئ رئيسية في شرق ليبيا مثل
السدرة، غير أن ديرك فانديفال الخبير في شؤون ليبيا قال إن زعيم
المحتجين المطالبين بالحكم الذاتي إبراهيم الجضران قد يغلق هذه الموانئ
مجددا بعد أن سيطرت جماعة مسلحة أخرى من مدينة مصراتة في غرب البلاد
على العاصمة طرابلس.
وطالبت هذه الجماعة بعودة المؤتمر الوطني العام الليبي القديم ورفضت
الاعتراف بمجلس النواب الجديد، وتدعم جماعة الإخوان المسلمين بعض
مقاتلي مصراتة، وردا على ذلك فإن المطالبين بالحكم الذاتي المؤيدين
للفيدرالية قد يسعون إلى بسط نفوذهم على صادرات النفط والاقتصاد برمته،
وقال فانديفال مؤلف كتاب "تاريخ ليبيا الحديثة" إنه "يوجد دائما احتمال
بأن ينتهز أنصار الفيدرالية هذه الفرصة ليعيدوا ترسيخ أنفسهم"، وحتى
الآن تظل الأعمال القتالية الجديدة بعيدة عن حقول وموانئ النفط الليبية،
لكن العنف المتصاعد في مدينة بنغازي بشرق البلاد على سبيل المثال لا
يبعد سوى مئة كليومتر عن ميناء الزويتينة النفطي.
وقد تقوم بعض العناصر الساخطة الأخرى بإغلاق خطوط الأنابيب المؤدية
إلى الحقول الغربية لينقطع التمويل عن المؤتمر الوطني العام، ويقول بعض
المحللين إن حراس الأمن المكلفين بحماية المنشآت النفطية من نفس
المنطقة نظموا احتجاجات قبل انتخابات يونيو حزيران لإغلاق حقل الشرارة
أو حقل الفيل، وقال أحد تجار النفط إن وجود برلمانين قد يشكل مخاطر
قانونية إذا أصدر المؤتمر الوطني العام أوامر للبنك المركزي والمؤسسة
الوطنية للنفط، ولا يتمتع مجلس النواب وكبار المسؤولين بأي سلطة في
العاصمة بعد أن غادروا إلى طبرق في الشرق فرارا من القتال، وقال التاجر
"ستحدث المشكلة لو أن المؤتمر الوطني العام أعطى أوامر للبنك المركزي
بتحويل إيرادات النفط، لن يكون الوضع القانوني واضحا للمشترين
المحتملين للنفط الليبي". بحسب رويترز.
يقول حسني بي الذي يرأس واحدة من أكبر الشركات الخاصة في ليبيا إنه
حتى لو استمر تدفق صادرات النفط ستظل البلاد تسجل عجزا تاريخيا في
الميزانية يبلغ 70 بالمئة ما لم يرتفع الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل
يوميا بسعر 100 دولار للبرميل، وكان البرلمان صادق في يونيو حزيران على
ميزانية قيمتها 49 مليار دولار قامت على أساس أن الإنتاج السنوي يبلغ
600 ألف برميل يوميا، لكن الإنتاج اقترب من 100 ألف برميل يوميا، ولا
تصدر ليبيا أي بيانات بخصوص صادرات النفط لكنها تحتاج إلى 140 ألف
برميل يوميا من إنتاجها للمصافي المحلية، وقال بي إن أزمة الميزانية
تتفاقم بسبب مطالب بتغطية تكاليف الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية
والتي تتجاوز عشرة مليارات دينار بعد تدمير أسطول طائرات الركاب
وحاويات تخزين الوقود أثناء قتال استمر أكثر من شهر في طرابلس، وأضاف
أن الحكومة اضطرت إلى استهلاك المزيد من احتياطات النقد الأجنبي وبدأت
في إصدار سندات إسلامية (صكوك) للبنوك المحلية.
ولم يتسن الحصول على تعليق من البنك المركزي نظرا لأن معظم الموظفين
يمكثون في بيوتهم منذ أسابيع كغيرهم في معظم الوزارات، وفر محافظ البنك
المركزي إلى مالطا، ولم يصدر البنك سوى بيان مقتضب لوسائل الإعلام
المحلية يقول فيه إن الاحتياطات تحسنت بفضل زيادة إنتاج النفط، ولم
يكشف البنك عن تفاصيل بعد أن أشار في آخر بيانات للاحتياطيات الأجنبية
لوصولها إلى 109 مليارات دولار في نهاية يونيو حزيران انخفاضا من نحو
130 مليار دولار في أغسطس آب 2013، وقد يساهم ارتفاع فاتورة الواردات
أيضا في استنزاف الاحتياطات إذ تحتاج ليبيا إلى استيراد ما قيمته 30
مليار دولار من السلع الغذائية والاستهلاكية نظرا لأنها لا تملك صناعات
كبيرة بخلاف النفط.
وقال بي "معظم مستودعات المستوردين يتعذر الوصول إليها منذ ما يصل
إلى ستة أسابيع بسبب القتال وبعض المشكلات (الأخرى)"، وارتفعت الأسعار
مع تعرض المستودعات للنهب وهو ما أسفر عن نقص في البضائع ببعض المتاجر
الكبرى في طرابلس، وقال أحد السكان إن سعر علبة حليب الأطفال يصل حاليا
إلى نحو 8.57 دينار (7.03 دولار) ارتفاعا من سبعة دنانير في منتصف
يوليو تموز، ومع إغلاق معظم البنوك لأسباب أمنية صار من الصعب الحصول
على العملة الأجنبية، ووصل سعر الدولار إلى 1.60 دينار في السوق
السوداء في طرابلس بينما يبلغ السعر الرسمي له نحو 1.25 دينار، ويقدر
بي أن المشروعات الخاصة تكبدت خسائر بلغت نحو ملياري دينار مع تضرر
المصانع والمقاهي والمتاجر وهو ما دفع الشركات الأجنبية القليلة
العاملة في ليبيا إلى مغادرة البلاد في ضربة تعصف بآمال الحكومة بإقامة
مزيد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
الاحتجاجات وصناعة النفط الليبية
فيما تأمل صناعة النفط الليبية في عودة الأمور إلى طبيعتها الآن بعد
انحسار موجة احتجاجات لكن تعزيز الانتاج سيستغرق شهورا ومن المحتمل
تجدد الاضطرابات مع انتشار الفوضى السياسية في البلد العضو في أوبك،
ووافقت مجموعة من المسلحين في شرق البلاد على إعادة فتح ميناءين
رئيسيين سيطرت عليهما منذ عام تقريبا في محاولة للحصول على حكم ذاتي،
ومع انتهاء حصار حقل الشرارة الجنوبي قد يعزز استئناف العمل في الموانئ
صادرات النفط بنحو 650 ألف برميل يوميا خلال الأسابيع القليلة المقبلة
ما يساعد في استعادة معظم الانتاج الليبي الذي كان يبلغ 1.4 مليون
برميل يوميا قبل أن تصيب الاحتجاجات القطاع بالشلل.
ووافق المسلحون على إنهاء حصارهم بعد أن صوت الليبيون لانتخاب
برلمان جديد الشهر الماضي، وأظهرت النتائج الأولية أن المرشحين الذين
قامت حملاتهم الانتخابية على الدعوة إلى دولة اتحادية تتقاسم فيها كافة
المناطق الثروة النفطية حققوا نتائج طيبة في شرق البلاد الذي يعاني من
الإهمال، لكن احتجاجات جديد قد تتفجر في أي وقت مع عجز الحكومة عن
السيطرة على الميليشيات التي ساعدت في الاطاحة بمعمر القذافي عام 2011
والتي بوسعها السيطرة على المنشآت النفطية متى أرادت سعيا للحصول على
النفوذ السياسي والعائدات النفطية، وتضمن الاتفاق على إعادة فتح
الموانئ الشرقية حصول المسلحين على مرتبات من الحكومة الأمر الذي قد
يشجع ميليشيات أخرى للسيطرة على بنية تحتية نفطية لاغتنام مكاسب مماثلة.
لكن في مؤشر على أن الحكومة قد ترضخ للضغوط قالت حكومة رئيس الوزراء
المنتهية ولايته عبد الله الثني إن لديها "تحفظات" على تجميد الزيادات
في الرواتب، في الوقت نفسه قالت الحكومة إنها قد تضطر إلى بيع صكوك
اسلامية لتمويل الميزانية البالغ حجمها 47 مليار دولار في خطوة غير
معتادة بالنسبة للبلد المنتج للنفط الذي كان يفيض عادة بالسيولة
النقدية، ومن بين المشكلات الرئيسية أن الانتاج النفطي سيزيد تدريجيا
مما سيجبر البنك المركزي على استهلاك المزيد من الاحتياطيات الأجنبية
التي تراجعت إلى 109 مليارات دولار من نحو 130 مليار قبل عام. بحسب
رويترز.
وباستطاعة ليبيا أن تبيع سريعا 7.5 مليون برميل من النفط المخزن في
مرفأي راس لانوف والسدر اللذين أعيد فتحهما مؤخرا، لكن الأمر قد يستغرق
بعض الوقت لاستئناف ربط الحقول بخطوط الأنابيب التي توقفت عن العمل
لفترة أطول من الثمانية شهور التي توقفتها خلال الانتفاضة التي أطاحت
بالقذافي عام 2011، وذكرت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن حقل
الشرارة خسر 20 مضخة على الأقل بسبب الاغلاقات المتكررة ويحتاج اصلاحها
عدة شهور كي يتسنى استئناف طاقة الانتاج بالكامل البالغة 340 ألف برميل
يوميا، وبينما يبذل مهندسو النفط ما بوسعهم لاستعادة الانتاج تواجه
طرابلس مأزقا يتمثل في عدم قدرتها على خفض الميزانية التي تنفق نحو 70
في المئة منها على القطاع العام ودعم الوقود والغذاء وعلى الميليشيات
في محاول لابقاء الاحباط الشعبي تحت السيطرة.
ولم يجرؤ حكام ليبيا الجدد في ظل ضعف الجيش والشرطة على الاقتراب من
أي نظام ينتمي لعهد القذافي الذي كان يمنح المرتبات الحكومية أو
البدلات السخية كوسيلة لشراء الولاء، وقال الصديق عمر الكبير محافظ
مصرف ليبيا المركزي إن الدولة خسرت 40 مليار دولار من العائدات النفطية
بسبب الاحتجاجات، وذكر بي أنه حتى مع ارتفاع صادرات النفط إلى مليون
برميل يوميا بنهاية سبتمبر أيلول سيبقى العجز في الميزانية عند مستوى
50 في المئة، وانتهت الاحتجاجات في المنشآت النفطية بعد أن قدمت
السلطات موعد الانتخابات إلى 25 يونيو حزيران لتتخلص من المؤتمر الوطني
العام القديم (البرلمان) الذي يحمله كثيرون مسؤولية الصراع السياسي
الذي تعاني منه ليبيا منذ سقوط القذافي.
المخاطر مازالت قائمة
الى ذلك قد تكون ليبيا قد تحاشت انهيارا للدولة حينما أبرمت اتفاقا
مع المسلحين في الشرق على إعادة فتح موانئ نفطية بسطوا سيطرتهم عليها،
إلا أن التأخير الناجم عن أسباب فنية وظهور بوادر انشقاق لمؤيدي النظام
الفيدرالي يهددان بتعطيل الإنتاج مجددا، وكانت الحكومة الليبية الهشة
قد توصلت لاتفاق مع إبراهيم الجضران زعيم المسلحين في شرق البلاد على
إعادة فتح ميناءين نفطيين تحت سيطرتهم ورفع حصار مستمر منذ تسعة أشهر
عرقل صادرات النفط الخام، ويقضي الاتفاق بإعادة فتح ميناءي الحريقة
والزويتينة فورا على أن يعيد رجال الجضران فتح مرفأي راس لانوف والسدرة
الأكبر حجما خلال أقل من أربعة أسابيع بعد إجراء مزيد من المفاوضات.
ويعكس الصراع على الموانئ بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من سقوط معمر
القذافي الاضطرابات التي تجتاح البلاد مع هيمنة فصائل متناحرة من
مقاتلي المعارضة السابقين على الساحة في غياب جيش مدرب وتعطل اتخاذ
القرار بسبب التشاحن السياسي، ومع توقف تصدير 700 ألف برميل يوميا من
شحنات ليبيا من النفط (وهو ما يزيد عن نصف شحناتها المعتادة) أبرم
الاتفاق بعد أن هددت الحكومة باللجوء للقوة لكسر الحصار الذي فرضه
الجضران الذي يطالب بمزيد من الحكم الذاتي لمنطقة برقة بشرق البلاد،
وقال نشطاء بالشرق إن الكثير من زعماء القبائل سعدوا بالاتفاق الذي
يدعو لتشكيل جهة مراقبة مستقلة لمتابعة إيرادات النفط وبالأخص لأنه حال
دون إراقة الدماء.
لكن المرحلة الثانية المتعلقة بفك حصار ميناءي السدرة وراس لانوف قد
تتعثر إن لم تف الحكومة بالتزاماتها في إطار الاتفاق، وقال النشط زيد
الرقاص المطالب بالنظام الفيدرالي في الشرق "الاتفاق جيد جدا لأن
الحكومة تعترف (بشكل غير مباشر) بحركة برقة، في ظني سيتم فتح الموانئ
لنرى مصداقية الحكومة"، وأضاف "سينتظرون بضعة أشهر وإن تبين عدم
المصداقية فقد يغلقون الموانئ مرة أخرى"، ولايزال تقسيم الثروة النفطية
من أسباب الخلاف الرئيسية، ويتوقع دعاة الفيدرالية بالشرق نصيبا من
إيرادات البترول الليبية الضخمة يجري تخصيصه بشكل مباشر لمنطقة ترى
أنها تجيء في مرتبة ثانوية حين يتعلق الأمر بإنفاق الدولة. بحسب رويترز.
ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات عدة أسابيع لكن حتى في حال التوصل
لاتفاق نهائي لفتح الميناءين الأكبر فإن عودة حقول النفط المتصلة بهما
للإنتاج بشكل طبيعي قد تستغرق شهورا، وقال مسؤول نفط ليبي "إذا كان
الأمن على ما يرام سنبدأ في بيع الخام من المخزونات أولا وبمجرد أن
تتوافر مساحة كافية سيمكننا العودة للإنتاج الطبيعي، هذا قد يستغرق ما
يصل إلى شهرين من يوم رفعنا الحالة الطارئة"، ومن غير المرجح أن يعود
الإنتاج قبل حلول فصل الصيف إلى سالف عهده قبل فرض الحصار في يوليو
تموز الماضي وهو 1.4 مليون برميل يوميا، فهناك مجموعة أخرى من المحتجين
تحاصر حقولا غربية وهناك علامات على انقسامات في الشرق.
ويشعر البعض في الشرق بالاستياء لأن الجضران تفاوض على مرتبات
ومتأخرات تخص أنصاره الذين كانوا يعملون في حرس المنشآت النفطية قبل أن
ينشقوا في أغسطس آب للسيطرة على الموانئ، ويقدر عدد هؤلاء بما بين 3000
و4000 شخص، ولا يرى آخرون أن الجضران حقق ما يكفي مثل إنشاء إدارة حكم
ذاتي لبرقة، بل إن البعض قد يطالب باستفتاء على الحكم الذاتي في الشرق
قبل أن يوافق على رفع الحصار بالكامل، وقال متحدث باسم حرس المنشآت
النفطية "الناس قلقة من الاتفاق، من أن يأخذوا (رجال الجضران) أموالا
لا يستحقونها، كثيرون سيتظاهرون"، وقال قائد محلي آخر في حرس المنشآت
النفطية بشركة الواحة للنفط لوسائل إعلام إنهم غير سعداء بشروط الاتفاق
لأنها تعني أن المنشقين سيتقاضون أجورا، ووصف ذلك بأنه إهانة وإهدار
لموارد الدولة.
لم يحاصر المحليون حول ميناء الزويتينة المنشآت هناك للمطالبة
بتحقيق مطالب فيدرالية ولكن للمطالبة بفرص عمل في حين كان العاملون في
شركة الخليج العربي للنفط التي تدير ميناء الحريقة يعترضون على تغييرات
إدارية، وكل تلك المطالب المحلية يمكن أن تثور من جديد، وقال ريتشارد
مالينسون محلل شؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط بمؤسسة إنرجي أسبكتس
"وهكذا، إن رأى العمال في الحقل أن لديهم مظلمة فمن المرجح جدا أن
يغلقوه أو يخفضوا الإنتاج من الحقول حتى وإن ظلت الموانئ مفتوحة"، وقال
"إذا رأى الناس أن الجضران أفلت بأعجوبة فستتفجر حالات تعطيل أخرى،
المسألة هيكلية وتزداد سوءا كما هو ظاهر من الوضع في الغرب".
حتى وإن استأنف الشرق العمليات بشكل طبيعي يظل من الصعب التكهن إلى
أي مدى يمكن أن تؤجج الأزمة السياسية في البرلمان الاحتجاجات في الغرب،
وهناك تحالف فضفاض يضم الفصائل المتنافسة في البرلمان لمواجهة
الميليشيات التي رفضت القاء السلاح بعد سقوط القذافي، وكثيرا ما تسيطر
قبائل وميليشيات محلية على حقول النفط والأنابيب للضغط على الدولة،
وأغلقت الحقول الغربية التي تنتج حوالي 500 ألف برميل يوميا عدة مرات
خلال الأشهر التسعة الماضية واضطرت المؤسسة الوطنية للنفط لإغلاقها مرة
أخرى في مارس آذار، ولم ينضم حرس المنشآت النفطية في الغرب إلى الجضران
كما حدث في الشرق وإنما أظهروا ولاءهم لمنطقتهم الزنتان، ذلك المعقل
الجبلي الذي يوجد به مقر إحدى أقوى فصائل الثوار السابقة.
وقال مصدر بقطاع النفط على دراية بالأمور "ليس هناك شيء من هذا
القبيل، ولاؤهم للزنتان لا الحكومة"، وكان أبناء الزنتان (وهم من أقوى
المجموعات في الغرب) قد أغلقوا خطوط الأنابيب التي تصل حقلي الشرارة
ومليتة بالميناءين المرتبطين بهما مطالبين بتعديلات على قانون
الانتخاب، وبالإضافة إلى إغلاق خط أنابيب الزنتان لاتزال قبائل محلية
تغلق حقل الشرارة الذي يبلغ حجم إنتاجه 340 ألف برميل يوميا مطالبة
بمزيد من الحقوق مما أرغم الحكومة على تلبية مجموعات متداخلة من
المطالب لإنهاء ذلك الاحتجاج، وقال مصدر بقطاع النفط "تتابع القبائل في
الصحراء أي نار مشتعلة في الحقل، فإن رأتها علمت أنه أعيد فتحه وتعود
لتغلقه من جديد". |