المرأة المثقفة

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: الثقافة تنهض بالانسان، تجعله يرى الاشياء على حقيقتها، ويزن الامور بميزان الحكمة والعقل، الرجل يحتاج الثقافة مثل الغذاء والمرأة كذلك، البداية من سن الطفولة، من البيت والعائلة كحاضنة اولى، الانسان عندما يفتقر للثقافة لأي سبب كان، سيبقى جاهلا بامور كثيرة، فالأعمى لا يستطيع ان يرى الامور والاشياء كما يراها المبصِر، والرؤية لها درجات ايضا، هناك من يستطيع أن يرى المديات البعيدة، وهناك من هو اقل منه، وهناك من اعتاد على رؤية الآفاق القصيرة والقريبة، كذلك الثقافة، يمكن ان تجعلك بعيد المدى في رؤيتك للحياة، ويمكن ان يحدث العكس عندما يفتقر الانسان للثقافة الصحيحة.

ما ورد في أعلاه، ينطبق على الانسان عموما، ومن باب أولى ينطبق على المرأة، كونها تشكل نسبة عالية من النسيج المجتمعي لأي شعب، وعندما تكون المرأة ذات رؤية بعيدة متوازنة للحياة، هذا يعني ان نصف الشعب سليم الرؤية، وكلنا نتفق على التأثير الذي تتركه المرأة في الاخر الرجل، بمراحله العمرية كاقة، طفلا ومراهقا وشابا وكهلا وطاعنا في السن، فعندما تكون المرأة مثقفة تنقل ثقافتها ورؤيتها الى الاخر الرجل، وهكذا نكون قد حصلنا – عن طريق المرأة المثقفة- على مجتمع مثقف!.

هنا تحديدا تكمن اهمية المرأة، بمعنى اوضح من المحال ان تحصل على شعب مثقف، من دون إمرأة مثقفة، ومهما سعى الرجل وحث نفسه ووظف قدراته وامكانيه لتحصيل الثقافة من مواردها الصحيحة، فإنه لا يستطيع ان يصنع مجتمعا مثقفا ذا رؤية واضحة وجيدة لشؤون الحياة والتعامل معها بصورة جيدة، الرجل سيبقى وحيدا في سعيه الى الثقافة، تماما كمن يعمل بيد واحدة، اذا ما بقيت المرأة مقصية ومهمشة ومعزولة عن الثقافة.

هل هناك من يرغب ان تبقى المرأة بعيدة عن الثقافة والوعي؟، الاجابة الدقيقة هي نعم، هناك رجال ومؤسسات معينة ومعروفة، تعمل على عزل المرأة، وتجهيلها على نحو دائم، والاسباب معروفة ايضا، فهناك رجال ومؤسسات (فاشلة متخلفة)، تسعى بكل من تمتلك من حيل وخداع وجهود مالية وفكرية ومادية، كي تبقي على عقل المرأة محدودا، ومحصورا في زاوية الجنس لا اكثر، بمعنى اوضح هؤلاء يريدون من المرأة أن لا تفكر ولا تعمل ولا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، باستثناء وجودها الجنسي، والسبب حتى تسهل السيطرة عليها من لدن الرجل، وحتى تكون منفذة ومطيعة لكل ما يرغب ويريد، خاصة ما يتعلق بجانب الشهوة والرغائب المحصورة في هذا الجانب.

لكن المرأة كائن حيوي، له حضوره الفاعل في الحياة، ومخطئ كثيرا من يظن انه سوف يعيش حياة هانئة مستقرة، اذا عزل المرأة واقصاها عن دورها المهم في بناء المجتمع، بل هناك من يرى ان المرأة المثقفة تضر بالمجتمع، لانها انسان له حقوق كاملة لا تنقص بشيء عن الرجل، هذه المساواة المعنوية، التي تتعلق في القيمة الانسانية والفكرية، لا تروق لكثير من الرجال، وكثير منهم يعملون في مركز صنع القرار، او في مؤسسات لها تأثريها في المجتمع، لذلك غالبا ما يسعى هؤلاء الى تحجيم دور المرأة في المجتمع، بل في الحياة برمتها، والسبب اولا واخيرا، حتى تبقى المرأة اسيرة الجنس الذي يحقق رغبات الرجل لا اكثر.

ولكن يغيب عن هؤلاء الذين يقفون بالضد من دور المرأة، يغب عنهم أن المرأة المثقفة يمكن ان تؤدي ما يُناط بها أفضل من المرأة الجاهلة، وبوضوح العبارة، نقول ان المرأة المثقفة افضل جنسيا من المرأة الجاهلة، إذن لماذا نضع المعوقات امام تحصيل المرأة للثقافة، اذا كانت تؤدي كل ادوارها بصورة افضل وهي مثقفة وواعية؟؟، هذا الامر يحتاج الى تمحيص ودراسة اكثر من لدن الرجال، لاسيما اصحاب القرار، واصحاب المؤسسات التي تمنع الوعي عن المرأة، ولابد ان يؤمن هؤلاء بالمرأة المثقفة وبدورها الفاعل في الحياة.

وخلاصة القول، المرأة المثقفة ستعرف حدودها ولن تتجاوزها، لانها حصلت على الوعي اللازم، الي سيجعل الامور كافة اكثر وضوحا لها، كما انها سوف تتعامل وفقا لحالة التوازن بسبب ثقافتها، فتؤدي دورها على افضل وجه ممكن مع مستحقات الرجل، ومتطلبات المجتمع عموما، لذلك سيكون المجتمع هو الرابح في جميع الحالات، اذا ساعد المرأة كي تكون واعية ومثقفة، لأنها سوف تكون اكثر قدرة على العطاء من غيرها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/آيلول/2014 - 6/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م