شبكة النبأ: قضية اختطاف واحتجاز
الرهائن المدنيين التي تقوم بها بعض الجماعات الإرهابية المتشددة
وخصوصا تنظيم القاعدة في سبيل الضغط والابتزاز، لاتزال محط اهتمام دولي
خصوصا بعد اتساع رقعة هذه العمليات كما يقول بعض المراقبين، الذين
أكدوا ان تلك الجماعات قد سعت الى توسيع حربها واستخدام أساليب وخطط
جديدة، ومنها اختطاف واحتجاز رهائن غربيين من اجل الحصول على المال
مقابل إطلاقهم عن طريق الفدى او الاستفادة منهم كورقة ضغط على الحكومات
من اجل تغير بعض الوقائع الحالية او الحصول على تنازلات مهمة.
وبحسب بعض التقارير الخاصة التي نشرتها وسائل الاعلام، فان تنظيم
القاعدة قد مول عمليات إرهابية بشكل متزايد بواسطة 125 مليون دولار على
الأقل، حصل عليها من خلال خطف رهائن وهذه الأموال جاءت إلى حد كبير من
حكومات غربية سعت الى تحرير رعاياها. وبلغت قيمة هذه الأموال 66 مليون
دولار في العام 2013. ويذكر أن تنظيم القاعدة كان يمول في بادئ الأمر
من قبل مانحين أثرياء إلا أن "الخطف مقابل فدية أصبح اليوم يشكل مصدرا
مهما لتمويل الإرهاب".
ويرى بعض المحللين ان عملية الحصول على الأموال ربما أصبحت أسهل
وأسرع خصوصا مع وجود أطراف و دول وسيطة، لها علاقات مشتركة مع تلك
الجماعات ومنها قطر والسعودية وتركيا ودول أخرى سعت الى دعم التنظيم و
باقي الجماعات المسلحة، حيث أصبحت أعمال الخطف المسلحة الوسيلة الانسب
-من عدة أوجه- لهذه الجماعات المسلحة من اجل تحقيق اهداف وأجندات معنية
كالانتقام من بعض الدول العدو لها كفرنسا وامريكا او ضد ما يسمى بالحرب
على الارهاب. في الاونة الأخيرة استخدمت التنظيمات الإرهابية المسلحة
وأبرزها تنظيم القاعدة إستراتجية قتال من نوع جديد بديلة عن المواجهات
العسكرية تسمى بحرب الرهائن.
فيما يرى محللون آخرون ان مسلسل الجدلية والازدواجية بين أجندة دول
القوى المتخاصمة بشأن الملف الرهائن، اصبح محرك رئيسي لتصاعد التوترات
والاتهامات بين بعض القوى الدولية الصاعدة وحلفاؤها، فلا يزال هذا
الملف مصدر أساسي لهواجس القلق في نفوس الدولة الغربية وإقليمية.
132 مليون دولار
وفي هذا الشأن قال مدير المؤسسة الصحفية التي كان يعمل لديها الصحفي
الامريكي جيمس فولي الذي ذبحه تنظيم "الدولة الاسلامية" إن خاطفيه
طلبوا في العام الماضي فدية يبلغ حجمها 132 مليون دولار لقاء اطلاق
سراحه. وقال فيليب بالبوني رئيس مجلس ادارة مؤسسة غلوبال بوست التي كان
يعمل لديها فولي إن مسلحي "الدولة الاسلامية" طالبوا بهذه الفدية للمرة
الاولى في العام الماضي. وكان فولي قد اختطف في نوفمبر / تشرين الثاني
2012، ونشر تنظيم "الدولة الإسلامية" شريطا لاعدامه.
وفتحت الولايات المتحدة تحقيقا جنائيا رسميا في مقتل فولي، فيما حذر
وزير العدل اريك هولدر بأن "ذاكرة امريكا طويلة" اي انها لن تنسى ما
حدث قبل الاقتصاص من الجناة. وفي بريطانيا، تحاول اجهزة الشرطة
والاستخبارات التعرف على هوية الجهادي الذي ظهر في شريط اعدام فولي.
وتشير تقارير غير مؤكدة الى ان الشخص المذكور الذي كان يتحدث بلكنة
انجليزية محلية ينحدر من مدينة لندن او الجزء الجنوبي الشرقي من
انجلترا.
وهدد مسلحو "الدولة الاسلامية" في شريط اعدام فولي بقتل صحفي امريكي
آخر يحتجزونه ما لم توقف الولايات المتحدة غاراتها الجوية التي تستهدف
التنظيم في شمال العراق. ولكن الغارات الامريكية تواصلت رغم تهديد "الدولة
الاسلامية." وكان وزير العدل الامريكي اريك هولدر قد قال إن مطاردة
قتلة فولي ستتصف بالتصميم. وقال "لقد فتحنا تحقيقا جنائيا، وعلى اولئك
الذين يقترفون افعالا كهذه ان يعوا شيئا مهما: وزارة العدل ووزارة
الدفاع وهذه الامة باسرها لديها ذاكرة طويلة وذراع تصل الى كل مكان."
واضاف "لن ننسى ما حصل، وسوف يساءل الفاعلون بطريقة او اخرى." بحسب بي
بي سي.
وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد ادان في وقت سابق اعدام فولي،
بمقاضاة الجناة. وقال الرئيس اوباما "سنكون متأهبين ومتوثبين. فعندما
يعتدي احدهم على امريكيين في اي مكان سنفعل ما بوسعنا لتحقيق العدالة."
ويعتقد ان عدد المسلحين الغربيين الذين يقاتلون تحت لواء "الدولة
الاسلامية" في العراق وسوريا يبلغ حوالي 3000، وذلك حسب معهد Royal
United Services Institute البريطاني. وحسب المعهد، فأن غالبية هؤلاء
من مواطني بريطانيا وبلجيكا وهولندا والمانيا وفرنسا والدول
الاسكندنافية. وتقول الحكومة البريطانية إن نحو 400 من مواطنيها
يحاربون الى جانب التنظيمات المتشددة في سوريا والعراق. ولكن اعداد
المقاتلين من الدول العربية تفوق ذلك بكثير.
الدور القطري
على صعيد متصل قال مصدر خليجي مطلع إن قطر تبذل مساعي للمساعدة في
الإفراج عن أربعة أمريكيين تحتجزهم رهائن في سوريا فصائل مسلحة مختلفة
وذلك بعد يوم من نجاح جهودها في اطلاق سراح صحفي محتجز منذ عام 2012.
وامتنع المصدر عن ذكر أسماء الرهائن الاربعة أو أي تفاصيل عنهم.
وتتزامن هذه المبادرة القطرية مع سعي الدوحة لتفنيد اتهامات من جانب
بعض الدول العربية المجاورة والساسة الغربيين أنها تدعم أشد الجماعات
المتشددة المسلحة معاداة للغرب في العراق وسوريا. وجاءت هذه الاتهامات
في أعقاب انتقادات على مدى أشهر من جانب جماعات حقوق الانسان بشأن
معاملتها للعمال الوافدين من اسيا وكذلك اتهامات بالفساد في نجاح مسعى
استضافة نهائيات كأس العالم في كرة القدم لعام 2022.
وقد توسطت قطر - التي تؤيد بالفعل بعض الفصائل التي تقاتل للإطاحة
بالرئيس السوري بشار الاسد - لإطلاق سراح أسرى أجانب وسوريين في
مناسبات مختلفة خلال الحرب الأهلية السورية الدائرة منذ ثلاث سنوات.
وأدت أحدث مساعيها في دبلوماسية الرهائن إلى إطلاق سراح الأمريكي بيتر
ثيو كيرتس المحتجز منذ عامين لدى جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة.
وقال المصدر الخليجي مشترطا عدم الكشف عن هويته "تم تحديد مواقع
وجود أربعة أمريكيين آخرين اختفوا في سوريا وتعمل قطر على الإفراج عنهم."
وأضاف المصدر أن الرهائن محتجزون لدى جماعات مختلفة لكنه امتنع عن ذكر
تفاصيل. وامتنعت وزارة الخارجية القطرية عن التعقيب.
وقال مصدر في الدوحة على صلة وثيقة بالحكومة القطرية دون الخوض في
التفاصيل إن واشنطن تعمل مع قطر لمحاولة الافراج عن عدد من الرهائن
الأمريكيين في سوريا. وقال قائد مجموعة مسلحة في سوريا تم الاتصال به
عن طريق سكايب من بيروت إن قطر تحاول باستمرار تأمين اطلاق سراح الأسرى
من مختلف الجنسيات. وأضاف "قطر لها صلات طيبة هنا على الارض مع مجموعات
مختلفة. وأولويتهم هي الافراج عن الرهائن وهم يقدمون المساعدة كلما
سنحت الفرصة. ويستخدمون علاقاتهم للإفراج عن الرهائن. وفي الوقت الحالي
يعملون على عدة قضايا فيما يتعلق بالرهائن."
وقال مسؤول من المعارضة السورية في الدوحة إن قطر تحاول تأمين
الافراج عن عدد من الرهائن في مختلف أنحاء سوريا لكنه لم يذكر العدد.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "قطر لها علاقات طيبة جدا مع
الألوية داخل سوريا. ولهذا السبب تنجح محاولاتهم وتبذل جهود أكبر
لإطلاق سراح عدد من الرهائن داخل البلاد."
وفي واشنطن قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن الحكومة الأمريكية
تواصلت على مدى العامين الأخيرين مع أكثر من 20 دولة لطلب المساعدة من
أي طرف يمكنه أن يضمن الافراج عن المواطنين الأمريكيين المحتجزين في
سوريا. وظهرت أنباء اطلاق سراح كيرتس بعد أيام فحسب من نشر تنظيم
الدولة الاسلامية مقطع فيديو على الانترنت يظهر قيام أحد مقاتليه بذبح
الصحفي الامريكي جيمس فولي الذي اختطف في سوريا عام 2012.
وربما يساعد الدور الذي لعبته قطر في الافراج عن كيرتس في اصلاح ما
شاب سمعتها من اتهامات من بعض منتقديها من العرب والغربيين أنها تدعم
تنظيم الدولة الاسلامية وبعض الجماعات المتشددة الأخرى في العراق
وسوريا. وتنفي قطر أنها تدعم جماعات مسلحة على صلة بتنظيم القاعدة
لكنها على خلاف منذ أشهر مع بعض جيرانها من دول الخليج بسبب تأييدها
القديم لجماعة الإخوان المسلمين واتهامات من السعودية والامارات أن
الدوحة تتدخل في شؤونها الداخلية.
وفي ظل سياسة تقوم على تسليط الضوء على دورها على المستوى العالمي
لعبت قطر منذ سنوات دور وسيط السلام في دول من الصومال إلى لبنان كما
أثارت استياء جيرانها من الدول المحافظة بتأييد انتفاضات الربيع العربي
وتمويل حركات اسلامية. وأعلنت قطر أن أهدافها في المنطقة سلمية
وانسانية وأصدرت بيانا أدانت فيه ما وصفته بالجريمة الوحشية التي راح
ضحيتها الصحفي فولي.
وقال وزير الخارجية القطري خالد العطية هذا العام إن وساطة بلاده
أمنت اطلاق سراح راهبات من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية بعد احتجازهن
ثلاثة أشهر لدى مقاتلين اسلاميين. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن
خاطفي الراهبات من جبهة النصرة. وقبل ذلك ساعدت قطر في الفوز باطلاق
سراح 11 شيعيا لبنانيا في أكتوبر تشرين الاول عام 2013 وذلك بعد أن
ظلوا في الأسر في سوريا على مدى 17 شهرا.
ولم تتضح بعد تفاصيل الكيفية التي تمكنت بها قطر من تحقيق الافراج
عن كيرتس لكن المصدر الخليجي قال إن المخابرات القطرية وبناء على طلب
من الولايات المتحدة حصلت على دليل مصور بالفيديو يؤكد أن كيرتس على
قيد الحياة الأمر الذي سمح ببدء المفاوضات على اطلاق سراحه. وقال
المصدر دون ذكر تفاصيل "طلب الخاطفون فدية لكن هذا ليس بالامر الذي
تشارك فيه قطر."
وقال المصدر إن قطر كانت على استعداد لمحاولة السعي للافراج عن
رهائن محتجزين لدى جماعات اسلامية مختلفة لكنها وجدت صعوبة في التعامل
مع الدولة الاسلامية التي أعلن مقاتلوها المسؤولية عن قتل فولي. ورحبت
لجنة حماية الصحفيين الأمريكية بالافراج عن كيرتس "بعد عامين من الأسر
المؤلم في سوريا." وتقدر اللجنة أن حوالي 20 صحفيا مفقودون في سوريا
ويعتقد أن كثيرين منهم تحتجزهم الدولية الاسلامية.
وعاد الرهينة الأمريكي بيتر ثيو كورتيس الذي أطلق سراحه إلى
الولايات المتحدة على ما أعلنت عائلته لوسائل الإعلام الأمريكية، وقال
كورتيس "إنني ممتن للغاية للمسؤولين الأمريكيين الذين عملوا على قضيتي.
وأود أن أخص بالشكر حكومة قطر لتدخلها من أجلي". وقالت عائلة كورتيس إن
الحكومة القطرية أكدت لها مرارا إنها لم تدفع فدية لقاء إطلاق سراحه،
وسط جدل متصاعد حول سياسة الولايات المتحدة القاضية بعدم دفع فديات إلى
مجموعات متطرفة.
في حين أعلن البيت الأبيض أن أمريكيا يشتبه في أنه جهادي تابع
للدولة الإسلامية قتل في معارك بسوريا مؤكدا بذلك معلومات نشرتها محطات
تلفزة أمريكية. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي كاثلين هايدن في
بيان مقتضب "كنا على علم بوجود المواطن الأمريكي دوغلاس ماك آرثر ماكين
في سوريا ويمكن أن نؤكد وفاته".
وكانت هايدن ترد على معلومات ذكرتها محطتي "أن بي سي" وسي أن أن"
اللتان ذكرتا أن ماكين قتل خلال مواجهات بين مجموعات سورية متنافسة.
ونسبت محطة "أن بي سي" معلوماتها إلى الجيش السوري الحر، بالإضافة إلى
صور للجثة وجواز سفر أمريكي.. ورفضت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية
جنيفر بساكي خلال مؤتمرها الصحافي اليومي تأكيد "تفاصيل هوية" ماكين،
لكنها أعلنت في الوقت ذاته أن الحكومة على "اتصال مع العائلة وقدمت لها
مساعدات قنصلية". وقالت المتحدثة "احتراما للعائلة، لن ندلي بتعليقات
إضافية في الوقت الراهن". وأوضحت شبكة "أن بي سي" أن ماكين كان ضمن
مجموعة من ثلاثة جهاديين أجانب في الدولة الإسلامية قتلوا خلال
المواجهات. بحسب فرانس برس.
من جانب اخر أظهر استطلاع أمريكي للرأي ان نحو ثلثي الامريكيين
لايوافقون على دفع فدى "للارهابيين" مقابل اطلاق سراح مواطنين امريكيين
محتجزين لديهم. ويأتي ذلك بعد بث شريط مصور لقتل احد الصحفيين
الامريكيين على يد مسلحين في العراق. واوضحت الدراسة ان 62 في المائة
من العينة يتفقون مع واشنطن ولندن في ضرورة عدم دفع فدية "للارهابيين".
واجريت الدراسة على شبكة الانترنت وشملت استطلاع آراء اكثر من 4600
شخص تبلغ اعمارهم اكثر من 18 عاما من الامريكيين. واظهر الاستطلاع ايضا
ان اغلب الامريكيين يؤيدون تدخلا امريكيا ضد تنظيم الدولة الاسلامية في
العراق رغم ان هناك شبه اتفاق على رفض ارسال قوات برية لدعم الحكومة
العراقية.
وطالب 29 في المائة من عينة الاستطلاع عدم تورط الولايات المتحدة في
الصراع باي شكل من الاشكال سواء بارسال معونات انسانية او اسلحة. وساند
12 بالمئة من العينة قيام واشنطن بتشكيل ودعم وتمويل حملة دولية للتدخل
العسكري ضد "الدولة الاسلامية" بينما ايد 21 في المائة شن غارات جوية
فقط ضد مواقعهم.
ألمانيا تؤكد
في السياق ذاته اكدت الحكومة الالمانية انها لم تدفع المال مقابل
تحرير رهينة الماني في السابعة والعشرين من العمر خطفه جهاديون في
سوريا. ففي اعقاب تقرير عن ان عائلة الرجل سددت فدية مقابل الافراج عنه،
رفض المتحدث باسم الخارجية الالمانية مارتن شيفر التعليق على تفاصيل
القضية. لكنه رد على تكهنات بان برلين دفعت مبلغا كبيرا من اجل عودته.
وصرح شيفر للصحافيين ان "الحكومة الالمانية لا ترضخ للابتزاز". واضاف "ما
يمكن ان افصح عنه بخصوص هذه القضية بالذات هو انه لم يتم تسديد اي مال
عام لضمان الافراج عن الشخص المعني".
واعتبر ان الخطف جزء من "الاستراتيجية المنحرفة والغادرة" للجماعة
الجهادية التي تطلق على نفسها حاليا تسمية "الدولة الاسلامية" وتسيطر
على مساحات واسعة من العراق وسوريا. وذكرت صحيفة فيلت ام زونتاغ انه تم
الافراج عن الالماني الذي اختطفه جهاديو "الدولة الاسلامية" قبل عام.
وعرف الاعلام الالماني عن الرجل بانه توني ن. فحسب، مشيرا الى انه فقد
بعد سفره الى سوريا في حزيران/يونيو 2013 من اجل تقديم "مساعدة انسانية".
بحسب فرانس برس.
وفي وقت سابق من العام الجاري تلقت عائلته شريط فيديو يشمل طلب
فدرية ويعرض اعدام رهينة اخر، بحسب التقرير الصحافي. وبالتالي بدأت
السلطات الالمانية بما فيها الشرطة الفدرالية والاستخبارات والخارجية
مفاوضات مع الخاطفين بحسب التقرير. واشارت صحيفة بيلد الى ان عائلة
الرجل دفعت فدية لم تحدد فيمتها. وتابعت ان توني ن. ورهينة اخر هو
المصور الدنماركي المستقل دانيال راي اوتوسن نقلا الى الحدود السورية
وسلما الى الشرطة التركية.
مجلس الأمن
من جهة أخرى حث مجلس الأمن التابع للامم المتحدة الدول على التوقف
عن دفع فدى في جرائم الخطف لجماعات متطرفة مثل القاعدة والتي جنت مئات
الملايين من الدولارات من مثل هذه الجرائم. ولا تترتب على القرار الذي
صاغته بريطانيا ووافق عليه المجلس الذي يضم 15 دولة بالاجماع التزامات
قانونية جديدة إذ أن الدول ملزمة بالفعل الا تدفع فدى عن الخطف بموجب
قانون لمكافحة الارهاب جرى تبنيه في 2001.
وقال السفير البريطاني في الامم المتحدة مارك ليال جرانت للصحفيين "نقدر
أن الجماعات المرتبطة بالقاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة جمعت في
اخر ثلاثة أعوام ونصف العام ما لا يقل عن 105 ملايين دولار. "لذلك فمن
الملح أن نتخذ خطوات لضمان الا ينظر بعد الان للخطف للحصول على فدية
على انه نموذج لعمل مربح وان نقضي عليه كمصدر لتمويل الارهابيين. ينبغي
لنا كسر هذه الدائرة."
وقدرت الولايات المتحدة ان الجماعات المتشددة حصلت على 120 مليون
دولار في السنوات العشر الماضية منها مبالغ دفعت للقاعدة ببلاد المغرب
الاسلامي. ولم تدفع الولايات المتحدة وبريطانيا فدى لكن بعض الحكومات
الاوروبية فعلت ذلك. وقالت سامانتا باور السفيرة الامريكية لدى الامم
المتحدة في بيان "محتجزو الرهائن الذين يطلبون فدي يميزون بين الحكومات
التي تدفع وتلك التي لا تدفع.. وهم يحرصون على عدم احتجاز رهائن من تلك
الدول التي ترفض تقديم تنازلات." واضافت قائلة "كل فدية تدفع إلي منظمة
ارهابية تشجع على عمليات خطف في المستقبل."
ونص القرار على أن الدول الأعضاء يجب أن "تمنع الارهابيين من
الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من أموال الفدية أو من التنازلات
السياسية وأن تضمن تحريرا آمنا للرهائن." كما حث الدول على تشجيع
القطاع الخاص على اتباع الارشادات ذات الصلة والممارسات الجيدة الخاصة
بمنع عمليات الخطف والاستجابة لجماعات متطرفة. واشار المجلس إلى أن دفع
الأموال "يحفز على القيام بعمليات خطف في المستقبل من أجل الحصول على
فدية."
وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند قال إن باريس انهت سياسة دفع
الفدى للافراج عن الرهائن لكن الشك في انها لا تزال تفعل ذلك برغم
النفي الرسمي يعد مصدرا للتوتر مع الولايات المتحدة. ونفت فرنسا العام
الماضي مزاعم دبلوماسية امريكية سابقة قالت ان باريس دفعت دون طائل
فدية قدرها 17 مليون دولار للافراج عن ثلاث رهائن خطفوا في 2010 من
النيجر.
واظهر تقرير سري للحكومة النيجيرية أن جماعة بوكو حرام الاسلامية
النيجيرية حصلت على ما يعادل نحو 3.15 مليون دولار من مفاوضين فرنسيين
وكاميرونيين قبل الافراج عن سبعة رهائن فرنسيين في ابريل نيسان الماضي.
ويأتي قرار مجلس الامن تكرارا لالتزام قطعته دول مجموعة الثماني القوية
وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وكندا والمانيا وفرنسا وايطاليا
واليابان في بيان ختامي في يونيو حزيران.
ويعد تنظيم القاعدة في اليمن الأكثر استفادة مع عمليات الاختطاف،
فخلال الصيف الماضي حصل على 22 مليون دولار أمريكي عبر وسطاء من دولة
خليجية، مقابل الإفراج عن رهائن من سويسرا والنمسا وفنلندا. ويقول إيمن
دين خبير شؤون الإرهاب في مؤسسة "فايف دايمنشن" للاستشارات الأمنية إن
الأموال التي يحصل عليها المختطفون يتم توزيعها ضمن فئات وأفرع عدة
داخل تنظيماتهم. ويوضح الخبير أن "هناك فرع الأسلحة، وكذلك معسكرات
التدريب التي تحتاج إلى الطعام والكهرباء. إنهم يحتاجون المال من أجل
شراء الأسلحة للتدريب، ويحتاجون الحصول على المواد الكيميائية التي
تستخدم في إعداد المتفجرات، بالإضافة إلى دفع تكاليف الرحلات التي
يقومون بها، وقيمة إيجار الشقق والمباني والمخازن داخل وخارج اليمن."
ويشير المسؤولون إلى أن عدد عمليات الخطف يرتفع بشدة في سوريا
واليمن ونيجيريا وشمال غرب افريقيا. وارتفعت قيمة الفدى التي يطلبها
الخاطفون من نحو 4 ملايين دولار مقابل الرهينة الواحدة بمنطقة الصحراء
عام 2010 إلى أكثر من 5 ملايين دولار في الوقت الحالي. وما يحدث في
مالي أكبر مثال على هذا.
وفي مالي حقق تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ثروة كبيرة العام
الحالي، بعد الحصول على قد كبير من الأموال مقابل إطلاق سراح ثلاث
رهائن، هم سويسري وإيطالي وإسباني. وعندما اقتحمت القوات الفرنسية
الكهوف التي كان يختبئ فيها أعضاء القاعدة في مالي، عثرت على رسالة من
القائد الإقليمي للتنظيم، عبد المالك دروكدال، إلى أتباعه في اليمن،
يوضح فيها أن غالبية تكاليف الحرب كانت تغطى من خلال أموال الفدى التي
حصلوا عليها من عمليات اختطاف الرهائن.
ويأتي هذا في الوقت الذي لم تعترف الحكومات الغربية أبدا بدفع فدية
للإرهابيين، حيث ترتب غالبا هذه الأمور من خلال وسطاء. لذلك فالسؤال
هو: كيف يمكن إثبات دفع فدى؟ ويجيب إيمن دين، الخبير في شؤون الإرهاب،
قائلا "قابلت من قبل طيارا يقود طائرة صغيرة من طراز (سيسنا)، واعترف
لي أن الحكومة الإسبانية سلمته أكثر من 12 مليون يورو في حقيبة سوداء."
وأضاف "تلقى الطيار أمرا بالتوجه إلى واحة بعينها في مالي مع شخص ينظم
العملية، وقام بإلقاء حقيبة الأموال في الواحة. كما أن دبلوماسي نمساوي
أكد لي ما حدث بعد أن حصل على معلومات مؤكدة من زملائه عن دفع فدية."
بحسب بي بي سي.
بدوره لم يتردد ألكسندر هيتشين، المحاضر المتخصص في دراسات الحرب
بجامعة كينغز كوليدج في لندن، في التصريح بهوية الحكومات الأوروبية
التي يعتقد أنها دفعت فدية لتحرير رهائنها بصورة سرية. وقال هيتشين إن
"الحكومة الألمانية تعرضت لانتقادات كثيرة لأنها كانت أول دولة تقوم
بعمل هذا في مطلع الألفية، وبعد ذلك تبعتها حكومات فرنسا وإسبانيا
وإيطاليا، وفي أكتوبر الماضي تم تحرير أربع رهائن فرنسيين من النيجر،
ويعتقد أن باريس دفعت 20 مليون دولار فدية." وتصر الحكومة الفرنسية على
أنها لم تدفع شيئا من الأموال العامة للإفراج عن الرهائن. ومنذ
سبعينيات القرن الماضي تنتهج الحكومة البريطانية سياسة عدم تقديم
تنازلات لمن يختطف رهائن، مبررة ذلك بأن تقديم التنازلات يساعد على
التشجيع على اختطاف المزيد من الرهائن. |