أمريكا في مواجهة داعش... حرب الخيارات المفتوحة

 

شبكة النبأ: يتفق الكونغرس الأمريكي والبيت الأبيض على خطورة التنظيمات الإرهابية (وبالأخص تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية/ داعش) التي توسعت كثير في سوريا والعراق، وباتت تهدد دول أخرى كلبنان والأردن، لكن المشرعين الأمريكيين يختلفون مع الرئيس الأمريكي حول كيفية إدارة الازمة، ومدى التوسع الأمريكي في حال شارك بحرب مفتوحة قد تستهدف هذه الجماعات المتطرفة في العراق وربما سوريا.

 ففي الوقت الذي يخشى فيه الديمقراطيين والجمهورين انتشار خطر هذه الجماعات، بسيطرتها على المزيد من المساحات الجغرافية، ما زالت حرب أفغانستان والعراق التي استمرت لأكثر من عقد من الزمن ما ثلة امام أعضاء الكونغرس الأمريكي وأصحاب القرار، سيما وان ارتفاع وتيرة دخول الولايات المتحدة الامريكية في حرب الإرهاب يعني ارتفاع فاتورة هذه الحرب (اكدت وزارة الدفاع الامريكية إن العمليات الحالية في العراق تتكلف 7.5 مليون دولار يوميا، بعد ان وصلت لأكثر من نصف مليار دولار إلى الآن، وسوف تتضاعف هذه التكلفة في حال زيادة التدخل العسكري).

وتعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمعاقبة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية قتلة الصحفي الأمريكي جيمس فولي فيما تسعى الولايات المتحدة لتحديد أهداف لغارات جوية محتملة في سوريا، وبينما كان أوباما يتحدث كانت الولايات المتحدة تحرك طلعات استطلاعية فوق سوريا للتعرف على أهداف تحسبا لصدور قرار رئاسي بشن ضربات جوية على أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في إطار ما سيكون تدخلا عسكريا مباشرا من جانب الولايات المتحدة في بلاد تشهد حربا أهلية منذ ثلاثة أعوام، وقال أوباما في مؤتمر للرابطة الأمريكية لقدامى المحاربين في تشارلوت في نورث كارولاينا "أمريكا لا تنسى، باعنا طويل، ونحن نتحلى بالصبر، والعدالة ستطبق".

وقال أوباما الذي أمر بتوجيه ضربات جوية ضد الجماعة المتشددة في العراق وقد يوسعها لتشمل سوريا إنه سيفعل كل ما هو ضروري لملاحقة من يؤذون الأمريكيين، وأضاف "استئصال سرطان مثل الدولة الإسلامية، لن يكون سهلا ولن يكون سريعا"، وعاد أوباما إلى البيت الأبيض في وقت لاحق واجتمع مع وزير الخارجية جون كيري ونائب الرئيس جو بايدن، وكان تنظيم الدولة الإسلامية على جدول أعمال محادثاتهم، وأوضح مسؤولون أمريكيون لماذا يشكل تنظيم الدولة الإسلامية تهديدا للأمن القومي إذ قالوا إن الأجانب الذين يقاتلون من الدول الغربية مع الدولة الإسلامية ربما يرجعون لاحقا إلى بلادهم ويشنون هجمات على المدنيين.

في سياق متصل قال نائب المتحدث باسم البيت الأبيض شون تيرنر "إذا تركت دون رادع فقد تشكل الجماعة في يوم من الأيام تهديدا أكثر مباشرة داخل الولايات المتحدة وعلى دول أخرى خارج المنطقة"، وإذا ما جرى شن ضربات جوية في سوريا فسيضيف ذلك عنصرا غير متوقع للحرب الأهلية التي تجشم أوباما كثيرا من العناء كي يبقى بعيدا عنها بعد عام من عدوله عن قرار بمهاجمة حكومة الرئيس بشار الأسد بسبب استخدامها أسلحة كيماوية ضد شعبها، وسيكون إيجاد أهداف للدولة الإسلامية داخل سوريا مهمة شاقة نظرا لصعوبة جمع المعلومات عن مواقع المسلحين، ويعتقد أن منطقة التركيز الرئيسية ستكون مدينة الرقة معقل التنظيم في شمال سوريا، وأشار محللون إلى أن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لجمع المعلومات.

وقال توم ساندرسون خبير مكافحة الإرهاب بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن إن الطلعات الجوية الاستطلاعية لا تكفي، وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين بحاجة إلى أشخاص على الأرض وأن قوات المعارضة السورية المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة قد لا تكون كافية أيضا، وقال ساندرسون "ضربهم في مناطق مفتوحة أفضل، وجودهم في مناطق مدنية يحتاج إلى معلومات جيدة بشكل استثنائي، نحن بحاجة إلى معلومات جيدة ولا يمكنك الحصول على معلومات جيدة من مصادر غير جديرة بالثقة"، وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض إنه لا توجد نية للتنسيق مع الحكومة السورية بشأن كيفية التصدي لخطر الدولة الإسلامية، ووجهت سوريا مناشدة من أجل التنسيق، وأضاف "اتساقا مع السياسة الأمريكية لم نعترف بنظام الأسد قائدا لسوريا، ولا توجد لدينا خطط لتغيير تلك السياسة ولا خطط للتنسيق مع نظام الأسد ونحن ندرس هذا التهديد الإرهابي". بحسب رويترز.

وجرى استفزاز الإدارة الأمريكية جراء إذاعة فيديو يظهر ذبح فولي على يد متشددي الدولة الإسلامية، ولا يبدو أن أوباما سيصدر قرارا وشيكا بشن ضربات جوية في سوريا، وتابع إيرنست أن الأزمة في المنطقة الناتجة عن التقدم العسكري السريع للدولة الإسلامية لا يمكن حلها بالقوة العسكرية الأمريكية وحدها وان ذلك سيستلزم مشاركة دول أخرى، وقال "إن حسم الموقف المتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق ليس شيئا يمكن فعله باستخدام القوة العسكرية الأمريكية وحدها، سيستلزم الأمر مشاركة حكومات أخرى في المنطقة لديها مصلحة واضحة في نتيجة ذلك"، وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي إنه لا بد في نهاية المطاف من التعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية "على جانبي الحدود غير الموجودة في واقع الأمر حاليا" بين العراق وسوريا.

وأكد المتحدث باسم ديمبسي الكولونيل إد توماس أن الخيارات ضد الدولة الإسلامية ما زالت قيد الدراسة وشدد على الحاجة إلى تشكيل "تحالف من الشركاء الإقليميين والأوروبيين القادرين"، وأضاف أن ديمبسي يعمل مع القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن القوات الأمريكية في الشرق الأوسط لتجهيز الخيارات للتعامل مع الدولة الإسلامية في العراق وفي سوريا "من خلال أدوات عسكرية متنوعة بما في ذلك الضربات الجوية".

تحدي استخباري صعب

الى ذلك تواجه وكالات الاستخبارات الاميركية مهمة صعبة لتعقب الجهاديين في سوريا حيث تفتقر الولايات المتحدة الى شبكة قوية من المخبرين فيما يواجه اسطولها من الطائرات بدون طيار مخاطر المضادات الارضية السورية، بحسب ما اوضح خبراء، وقال مسؤولون سابقون في البيت الابيض ومحللون انه في حال قرر الرئيس باراك اوباما توسيع نطاق الغارات الجوية التي يشنها على ناشطي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق الى سوريا المجاورة، فان الثغرات في عمل اجهزة الاستخبارات قد يؤخر هذا المجهود او يعيقه.

وعلى خلاف عملها في المناطق القبلية في باكستان، فان الولايات المتحدة كانت غائبة الى حد بعيد عن سوريا لسنوات ولم تبن شبكة من العلاقات يمكنها الاعتماد عليها لرصد تحركات كبار قادة الدولة الإسلامية، وقال النائب الديموقراطي ادام شيف من كاليفورنيا "لا نملك الموارد ذاتها في سوريا، ليس لدينا موارد الاستخبارات ذاتها كما في العراق"، واضاف "ليس لدينا الحكومة ذاتها التي يمكننا العمل معها في سوريا وبالتالي فان هامش (تحركنا) اضيق بكثير في سوريا". بحسب فرانس برس.

وقال مسؤولون سابقون ان الولايات المتحدة تعتمد في غاراتها في العراق وافغانستان وباكستان واليمن على عدد كبير من المخبرين وسرب من الطائرات بدون طيار يمكنها التحليق في الجو لساعات بانتظار ظهور قيادي جهادي في مرمى نيرانها، وبالمقارنة، لفت مسؤول الى ان الولايات المتحدة محرومة من الرؤية بشكل شبه كامل في سوريا، وقال مايكل روبن من معهد اميريكان انتربرايز انستيتيوت للدراسات "انه تحد هائل، الكلام عن المسالة اسهل من تحقيقها"، ومع سحب القوات الاميركية القتالية من العراق والسياسة الحذرة حيال النزاع في سوريا، فان الولايات المتحدة تفتقر الى صورة واضحة لمواقع الدولة الاسلامية وعديدها في هذا البلد، بحسب روبن.

واوضح انه في بلدان مثل باكستان حين تشير تقارير استخباراتية الى احتمال قدوم قيادي في القاعدة الى منطقة محددة، يكون بوسع المخبرين الاميركيين تحديد موقعه، لكن في سوريا "ليس لدينا هذا النوع من الشبكات" بحسبه، وافادت معلومات ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) جندت مخبرين بين عناصر مجموعات المعارضة المعتدلة لكن يبدو ان الشبكة صغيرة نسبيا بالمقارنة مع ما نشره الاميركيون في باكستان خلال العقد المنصرم، كما ان على واشنطن ان تتعامل مع حلفاء مثل تركيا وقطر لديهم اجندات مختلفة وقد لا يتقاسمون معها المعلومات المتوافرة لديها حول الدولة الاسلامية.

ولفت روبن الى ان الحكومتين التركية والقطرية قدمتا الدعم لعناصر متطرفين في سوريا وتلعبان "لعبة مزدوجة" ولو ان تركيا وقطر تنفيان اقامة اي روابط مع التنظيم المتطرف، واعطى اوباما الضوء الاخضر للقيام بطلعات استكشافية فوق سوريا لكن لم يتضح ما اذا كانت طائرات الاستطلاع الاميركية او غيرها من الطائرات تواجه خطرا فعليا من الدفاعات الجوية للنظام السوري، وفقدت دمشق السيطرة على مناطق في شرق البلاد وقال محللون ان دفاعاتها الجوية لا تعمل في هذه المناطق، والى الدفاعات الجوية السورية، قال هوو وليامز المحلل في مكتب جاينز للدراسات ان بوسع طائرات بدون طيار اميركية مثل طائرة ريبرز وبريداتور الآلية ان تطير على ارتفاع عال ما يخفض "الى ادنى حد" مخاطر اصابتها بصواريخ محمولة على الكتف يطلقها عناصر الدولة الاسلامية.

وقال وليامز انه "بشكل جوهري ان لم تستهدف الدفاعات الجوية السورية الطائرات الاميركية بدون طيار، فلا يفترض في هذه الحالة ان تواجه الكثير من المشكلات في التحرك ضد الدولة الاسلامية واستخدام برامج واسلحة المراقبة ذاتها المطبقة في اماكن اخرى"، وقال غاري سامور المستشار السابق الكبير لاوباما في مسائل الاسلحة انه من غير المتوقع ان تطلق دمشق صواريخ ارض جو على مقاتلات اميركية وتجازف بان ترد عليها اذا ما استهدفت الولايات المتحدة احد اكبر اعداء نظام الأسد، وقال سامور الذي يعمل حاليا في مركز بيلفير للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد "لا ارى اي اسباب قد تدفع السوريين الى التدخل"، وتابع "ارجح ان ترحب الحكومة السورية بهذه الضربات الجوية، ولو انها قد تحتج عليها على غرار الحكومة الباكستانية".

وراى سامور ان المشكلة الكبرى هي عدم توافر قوات على الارض في سوريا يمكنها السيطرة على مناطق من الجهاديين بعد اي عمليات قصف، وقال "السؤال يكمن فيما اذا كان هناك قوات برية في شرق سوريا يمكنها التحرك بعد ضربات جوية اميركية والسيطرة على الارض عمليا، والجواب قد يكون لا"، وأعلن مسؤول أمريكي كبير فضل عدم كشف إسمه أن الولايات المتحدة على وشك إرسال طائرات تجسس وطائرات بدون طيار فوق سوريا لرصد مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" والتمهيد لشن ضربات جوية محتملة ضدهم، وقال إن الطائرات ستستخدم لتكوين صورة شاملة أوضح لتنظيم "الدولة الإسلامية" الذي سيطر مؤخرا على مناطق واسعة في سوريا والعراق.

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من كشف عن هذه المعلومات موضحة أن هذه الطلعات الجوية المقررة سوف تبدأ "قريبا"، وتشن الولايات المتحدة منذ الثامن من آب/أغسطس حملة ضربات جوية محددة الأهداف على مواقع لـ "الدولة الإسلامية" في العراق، مركزة القصف على محيط سد الموصل في شمال البلاد، بهدف وقف تقدم المقاتلين المتطرفين، ومع إعدام "الدولة الإسلامية" الصحافي الأمريكي جيمس فولي وتصاعد المخاوف في الغرب حيال خطر التنظيم المتطرف، سرت تكهنات بأن واشنطن ستوسع نطاق ضرباتها الجوية إلى سوريا حيث يقاتل تنظيم "الدولة الاسلامية" قوات الرئيس بشار الأسد وغيره من المجموعات الإسلامية المعارضة أيضا للنظام.

التنسيق مع دمشق

بدوره نفذ الطيران الحربي السوري غارات مكثفة على مواقع لتنظيم "الدولة الاسلامية" في شرق سوريا، في وقت اعلنت واشنطن رفضها لاي تنسيق عسكري مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد في اطار مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست "ليس هناك اي مشروع لإقامة تنسيق مع نظام الاسد في الوقت الذي نواجه فيه هذا التهديد الارهابي" في اشارة الى تنظيم الدولة الاسلامية، واكد في الوقت نفسه ان اي قرار لم يتخذ في شأن شن غارات على سوريا، ولو ان مسؤولا اميركيا تحدث عن قرار بإرسال طائرات استطلاع فوق الاراضي السورية.

وكان البيت الابيض يعلق على الموقف السوري الذي عبر عنه عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم داعيا الى انشاء "ائتلاف دولي" لمكافحة الارهاب "تكون دمشق مركزه"، ميدانيا، نفذت طائرات النظام السوري غارات "هي الاولى بهذا التركيز وهذه الكثافة في استهداف مواقع الدولة الاسلامية" منذ تفرد التنظيم الجهادي المتطرف بالسيطرة على اجزاء واسعة من المحافظة في تموز/يوليو، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" ان "وحدات من الجيش والقوات المسلحة استهدفت مقرات واوكارا ومستودعات للأسلحة والذخيرة تابعة" لتنظيم "الدولة الاسلامية" و"دمرتها بالكامل"، بالإضافة الى "تجمعات لإرهابيي" التنظيم و"قضت على أعداد كبيرة منهم".

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان بين الاهداف "معسكر تدريب للتنظيم في قرية الشميطية في ريف دير الزور الغربي"، وتسببت الغارات بمقتل سبعة مدنيين، بالإضافة الى عدد لم يحدد من مقاتلي "الدولة الاسلامية"، وقال عبد الرحمن ان "طائرات استطلاع غير سورية حلقت فوق دير الزور وسجلت معلومات حول مواقع الدولة الاسلامية نقلت الى الحكومة السورية عبر الحكومتين الروسية والعراقية"، وفي الاطار نفسه قال مصدر سوري مطلع على الملف رافضا الكشف عن هويته ان "تنسيقا بدأ بين الولايات المتحدة ودمشق، وقد زودت الاولى الثانية بمعلومات عن الدولة الاسلامية عن طريق بغداد وموسكو"، حليفي النظام.

وكان مسؤول اميركي كبير افاد ان بلاده على وشك ارسال طائرات تجسس وطائرات من دون طيار فوق سوريا لرصد الجهاديين المتطرفين واعداد الارض لاحتمال شن ضربات جوية، واعلنت دمشق على لسان وزير خارجيتها استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولي بما فيه واشنطن في مجال مكافحة الارهاب، الا انها اعتبرت ان اي ضربة عسكرية لتنظيمات متطرفة على ارضها ستعتبر "عدوانا" اذا حصلت من دون تنسيق مسبق مع الحكومة السورية، وينتهج النظام السوري خطابا اكثر ثقة منذ استنفار المجتمع الدولي ازاء الخطر الذي يشكله تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يزرع الرعب في مناطق سيطرته في العراق وسوريا بسبب عمليات القتل والذبح والصلب والتنكيل العشوائية التي يقوم بها، ويذكر باستمرار بانه كان اول من حذر من خطر المجموعات الارهابية الموجودة في سوريا.

في سيدني، أعلن انشاء وحدة للتحقيق والتدخل متخصصة بالتصدي للمرشحين للقتال الى جانب المنظمات الاسلامية المتطرفة في سوريا والعراق، وهذه الوحدة مخولة مراقبة واعتقال وملاحقة المرشحين للذهاب الى ساحات حرب في الشرق الاوسط، وخصص لها مبلغ 64 مليون دولار استرالي (45 مليون يورو)، ويقاتل مئات الاجانب الغربيين من اوروبا خصوصا في صفوف تنظيم "الدولة الاسلامية"، ويشتبه بان أحدهم هو الذي نفذ عملية قطع رأس الصحافي الاميركي جيمس فولي اخيرا، بحسب ما ظهر في شريط الفيديو الذي تم تناقله على مواقع التواصل الاجتماعي عن العملية، وزادت هذه الجريمة من عزم المجتمع الدولي على مواجهة التنظيم المعروف باسم "داعش". بحسب فرانس برس.

ضغط متزايد على اوباما

فيما دعا الجمهوريون إلى تصعيد الهجمات الأمريكية لهزيمة متشددي الدولة الاسلامية في سوريا والعراق واتهموا الرئيس باراك أوباما بانتهاج سياسات عاجزة عن إجهاض تهديدات جديدة محتملة على الأراضي الأمريكية، وحث النائب الجمهوري مايك روجرز رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب الإدارة على العمل مع الشركاء العرب لاتخاذ خطوات قوية لعرقلة عمليات الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، وقال إن التنظيم يجتذب تأييدا من أوروبيين وأمريكيين يمكن أن يسافروا دون أن يرصدهم أحد الى دول غربية لتنفيذ هجمات، وأضاف روجرز "إنهم على بعد تذكرة طيران واحدة من سواحل الولايات المتحدة"، ومضى يقول "نملك القدرة على هزيمة الدولة الاسلامية، يتعين علينا الآن أن يكون لدينا الارادة السياسية ويتعين أن يكون لدينا سياسة لتنفيذ ذلك، نحن لدينا الأولى لكن ليس لدينا الثانية".

ويعد روجرز إضافة إلى جمهوريين آخرين مثل السناتور جون مكين من أشد منتقدي السياسة الأمنية لأوباما واتهموه بالافتقار لسمات القيادة ضد الارهاب منذ أن أعطى أوامره بالعملية العسكرية التي قتل فيها زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن عام 2011، لكن السناتور الديمقراطي الكبير جاك ريد حذر من المبالغة في المخاطر التي يمكن أن يمثلها تنظيم الدولة الاسلامية على الولايات المتحدة، وقال السناتور ريد وهو من رود ايلاند "لا أعتقد أن بمقدورنا ببساطة تجاهلهم، لكن أن نقفز مما فعلوه وهو مروع، إلى افتراض انهم بصدد أن يشكلوا فورا وفي غضون ايام تهديدا لنا هنا على أراضينا، أعتقد أنكم لا تقفزون إلى هذا (الاستنتاج)"، وأضاف "الاستراتيجية المناسبة يجب أن تكون استراتيجية شاملة واساسها سياسي، لا عسكري فقط". بحسب رويترز.

وكان مسؤولون أمريكيون قد اعتبروا تنظيم الدولة الأسلامية تهديدا رئيسيا منذ بروزه من ركام الحرب الأهلية في سوريا وتمدده إلى العراق هذا الصيف، وأمر أوباما بشن ضربات جوية محدودة ضد التنظيم في شمال العراق، لكن اجراس الخطر التي علا رنينها بعد قطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي أعقبها دعوات للتحرك لهزيمة الدولة الاسلامية بما في ذلك شن هجمات على قواعدها في سوريا، ولم يستبعد مسؤولون تصعيد العمل العسكري، وقال مكين "قلبي يتمزق لما يحدث للشعب السوري ويعود الكثير من ذلك إلى عجزنا بوجه عام والأمور في طريقها لأن تصبح واحدة من أكثر الصفحات المخزية في التاريخ الأمريكي"، ووجه روجرز اللوم إلى أوباما لإدخاله تغييرا على السياسة قال إنه قلص قدرة الوكالات الدفاعية وأجهزة المخابرات على "عرقلة" عمليات تنظيم الدولة الاسلامية وجماعات متطرفة أخرى في الخارج، وأضاف "لقد ضيعنا عشرات وعشرات الفرص لإخراج اناس سيئين فعلا من ميدان المعركة، أمام الرئيس فرصة للرجوع خطوة إلى الوراء وتغيير نهجه الرئاسي بشأن كيفية عرقلة الارهاب حول العالم".

وقال مساعد في مجلس الشيوخ الأمريكي إن الرئيس باراك أوباما قد يطلب من الكونجرس في الأسابيع القليلة القادمة الموافقة على أموال جديدة لشن ضربات جوية ضد أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق بعد أن قطع المتشددون رأس صحفي أمريكي، وقال مساعد لعضو مجلس شيوخ من الحزب الديمقراطي إن إدارة أوباما قد توضح في الفترة بين أوائل ومنتصف سبتمبر أيلول القادم تفاصيل المبلغ الإضافي الذي تريده للعمليات العسكرية لكن المساعد لم يحدد حجم التمويل المحتمل المطلوب، وسيأتي الطلب في الوقت الذي يطالب فيه أعضاء بارزون في الكونجرس أوباما بتكثيف الضغط العسكري ضد مقاتلي الدولة الإسلامية، ودعا السناتور الجمهوري من ولاية أريزونا جون مكين إلى زيادة كبيرة في الضربات الجوية بما في ذلك قصف مواقع في سوريا.

وقال مكين "كان يتعين عليك زيادة الهجمات الجوية إلى حد كبير مع تخصيص مهام لقصف أهداف في سوريا"، وقال السناتور الديمقراطي بل نلسون من فلوريدا وهو عضو كبير في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في وقت سابق "يتعين علينا الاستمرار في الحرب ضد الدولة الإسلامية ليس فقط في العراق وإنما أيضا في سوريا"، وقال المساعد في مجلس الشيوخ الذي طلب عدم الكشف عن شخصيته إن من المرجح أن تكون الأموال الإضافية للعمليات العسكرية في العراق وسوريا واحدة من مسائل التمويل القليلة والمنفصلة التي قد يناقشها الكونجرس في سبتمبر بعد عودته من عطلة صيفية مدتها خمسة أسابيع.

وقال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة خلال مؤتمر صحفي بوزارة الدفاع (البنتاجون) إن البنتاجون سيدرس ما إذا كانت هناك حاجة لأموال إضافية للعمليات في العراق في السنة المالية الجديدة التي تبدأ في أول أكتوبر تشرين الأول، وقال دون ستيوارت المتحدث باسم ميتش مكونيل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ إن "الإدارة لم تتقدم بعد بخطة للتعامل مع التهديد الأوسع الذي تشكله" الدولة الإسلامية، ومع وجود أعضاء الكونجرس في أماكن متفرقة في الولايات المتحدة خلال عطلة الصيف الطويلة يصعب تقدير مواقفهم إزاء توسيع الحملة العسكرية ضد الدولة الإسلامية، وسيستأنف الكونجرس نشاطه في واشنطن في الثامن من سبتمبر أيلول.

وقال قادة عسكريون امريكيون ان متشددي تنظيم الدولة الاسلامية لديهم وسائل متطورة وموارد مالية وقوة عسكرية تجعلهم يمثلون تهديدا كبيرا للولايات المتحدة ربما يفوق التهديد الذي شكلته القاعدة في وقت ما، وقال وزير الدفاع الامريكي تشاك هاجل للصحفيين في البنتاجون "هم يمثلون تهديدا وشيكا لكل مصالحنا سواء كانت في العراق او اي مكان اخر"، وتقييم هاجل للجماعة المتشددة التي اكتسبت قوة اثناء الحرب الاهلية في سوريا، وسئل هاجل عما إذا كان التنظيم السني المتطرف يشكل تهديدا للولايات المتحدة مماثلا للهجمات التي شنت في 11 سبتمبر ايلول 2001 فقال انها "اكثر جماعة شاهدناها من حيث القدرات المتطورة والتمويل الجيد"، واضاف قائلا "انها ليست مجرد جماعة إرهابية، هم يجمعون بين العقيدة والقوة العسكرية المتطورة، لديهم تمويل جيد بشكل هائل، هذا يفوق اي شيء شاهدناه"، وتحدث هاجل بينما تواصل الولايات المتحدة مهاجمة اهداف لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق.

وحتى الان فان الرئيس باراك اوباما سعى الي قصر حملته العسكرية الجديدة في العراق على حماية الدبلوماسيين والمدنيين الامريكيين الذين يتعرضون لتهديد مباشر بعد ان أنهى الحرب في العراق التي قتل فيها الاف من الجنود الامريكيين واستحوذت على السياسة الخارجية الامريكية لحوالي عقد، وحتى بعد إعدام الصحفي الامريكي جيمس فولي فان من غير المرجح ان يوسع اوباما عمليته العسكرية القصيرة الاجل سواء في العراق او سوريا مع سعيه لتفادي الانغماس في صراع محرج اخر في الشرق الأوسط، لكن مسؤولين امريكيين لم يستبعدوا تصعيد العمل العسكري ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي زاد من تهديداته العلنية ضد الولايات المتحدة منذ بدأت حملتها الجوية في العراق، وقال بن رودس وهو مساعد بارز لاوباما مستخدما الاسم السابق لتنظيم الدولة الاسلامية "لم نتخذ قرارا للقيام بإجراءات اضافية في هذه المرحلة لكننا فعلا لا نستبعد عملا اضافيا ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام إذا اصبح مبررا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 31/آب/2014 - 4/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م