مملكة الحشرات.. إكسير الحياة

 

شبكة النبأ: مملكة الحشرات وعلى الرغم من الدراسات والاكتشافات المهمة التي توصل اليها العلماء والباحثين، لا تزال تحتوي الكثير من العجائب والاسرار التي أودعها الله تعالى في هذه المخلوقات العجيبة التي تمتلك العديد من القدرات الخاصة.

حيث يوصل علماء الحشرات أعمالهم وأبحاثهم ودراساتهم من اجل الوصول الى نتائج جديدة تخص وظائف، والتطور، وتاريخ الحياة، والسلوك، وعلم البنية وتصنيف الحشرات والحيوانات المفصلية. وهناك مليون ونصف المليون نوع معروف من الحشرات، لكن العدد المقدَّر هو عشرة ملايين، ويرى بعض المراقبين ان لهذه المخلوقات العديد من الفوائد البيئية والصحية كما ان لها ايضا اضرار كثيرة اثبتتها العديد من الدراسات العلمية حيث تعتبر الحشرات منافسا رئيسيا للإنسان في الطعام والنسيج، فحشرات مثل الجنادب والجراد تسبب بمفردها الفساد لكثير من المحاصيل الزراعية كل عام.

ومعظم علماء الحشرات وكما تشير المصادر يعملون في مجال علم الحشرات الاقتصادي، ويسمى أيضًا بعلم الحشرات التطبيقي، حيث يدرسون الآفات الحشرية التي تسبب فساد المحاصيل وأشجار الزينة، والمنتجات المخزونة والأبنية أو فساد كل شيء يتصل بصحة الإنسان والحيوان. كما يسعى علماء الحشرات الطبية وعلماء حشرات الطب البيطري للتقليل من خطر الحشرات التي تسبب المرض للإنسان والحيوان، حيث خفَّض العلماء من أعداد الآفات الحشرية من خلال ضوابط مختلفة.

ويعتبر العديد من الحشرات مفيدًا للإنسان: فمثلا دودة الحرير تعطي خيوطا ثمينة، كذلك النحل، فهو لا يعطينا العسل والشمع فقط بل يلِّقح أنواعًا عديدة من النباتات. وتتغذى بعض الحشرات مثل حشرة السرعوف والدعسوقة وحشرات أخرى بالآفات الحشرية. ويسعى علماء الحشرات أيضًا إلى حماية تلك الأنواع المساعدة وزيادة أعدادها.

النحل

وفي هذا الشأن وبخلاف معظم الحشرات التي تعيش مع الانسان، يتمتع النحل بتنوع مذهل على مستوى الجينات اتاح له ان يتكيف مع التغيرات المتعاقبة منذ ظهوره قبل 300 الف عام، بحسب ما بينت دراسة اميركية. ويؤدي النحل دورا هاما جدا في المجتمعات البشرية، اذ ان ثلث الغذاء من فاكهة وخضار يعتمد على التلقيح الذي تقوم به هذه الحشرات. ولذا يبدي العلماء قلقهم من التراجع في عدد النحل المسجل في السنوات الماضية ويعكفون على دراسة نقاط القوة والضعف لدة انواعه المختلفة.

وحلل علماء الحمض الريبي النووي "دي ان آي" لاربعة عشر نوعا من النحل في اوروبا وافريقيا والشرق الاوسط والولايات المتحدة والبرازيل، وقارنوا بينها. وتبين لهم وجود ثلاثة الاف نوع من الجينات الناتجة عن تكيف النحل مع البيئات المختلفة على مر الازمان، ولا سيما في ما يتصل بالمناعة او القدرة على تحمل الشتاء. وقال ماتيو ويبستر المشرف على الدراسة في بيان "لقد استخدمنا تقنيات متقدمة وتوصلنا الى ان النحل يتمتع بتنوع جيني كبير عززه الاختلاط بين انواع مختلفة منه ولا سيما في المزارع". بحسب فرانس برس.

وتظهر الدراسة ان ايضا اصول النحل لا تعود الى افريقيا كما كان معروفا، بل يبدو ان اصولها تعود الى حشرة تعيش في التجاويف اتت من آسيا قبل 300 الف عام وانتشرت سريعا في اوروبا وافريقيا. ويكشف تحليل الحمض الريبي النووي ان التغير المناخي كان كبير التأثير على النحل، اذ كانت تزداد اعداده في المناطق الدافئة كأفريقيا وتنحسر في المراحل الباردة في اوروبا. ونشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة نيتشر جينيتيكس البريطانية، وهي تفتح الباب لتحديد الوسائل الممكنة لحماية النحل.

الفراشات

على صعيد متصل كشف علماء أن الفراشات الملكية تستخدم بوصلة مغاطيسية في تحديد اتجاهها خلال هجرتها المذهلة التي تقطع خلالها آلاف الكيلومترات عبر أمريكا الشمالية. ومن المعروف أن الفراشات الملكية تستخدم الشمس كبوصلة لتحديد اتجاهها، لكن حتى في الأيام الملبدة بالغيوم فإنها تحلق جنوبا باتجاه المكسيك. وفي تجربة مختبرية، غيرت هذه الفراشات من اتجاهها حينما جرى تغيير المجال المغناطيسي من حولها.

وبحسب دراسة نشرت في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، تظهر هذه التجربة أن الفراشات لديها بوصلة مغناطيسية أرضية مثل السلاحف والطيور. وتثير هذه النتائج مخاوف من احتمال شعور الفراشات بالانزعاج بسبب "الضوضاء" المغناطيسية التي تصدر عن البشر، والتي على الأرجح قد تزعج أيضا طائر أبو الحناء الأوروبي.

وتشتهر الفراشة الملكية التي تحمل اسم "دانوس بلكسيبوس" في أمريكا الشمالية برحلتها الملحمية من كندا إلى المكسيك. وفي كل خريف، وبالرغم من أنها لم تحلق مطلقا لأكثر من بضع مئات من الأمتار، تتجه الملايين من هذه الحشرات في رحلة عبر بحيرة "ايري" جنوبا باتجاه الغابات الأكثر دفئا في جبال "ميتشواكان". وهناك تقضي الفراشات فترة الشتاء، وتفترش الأشجار في مشهد مذهل، يجذب آلاف السائحين.

وكانت شعوب المايا القديمة تعتقد أن الفراشات تجسد أرواح الموتى، وأصبحت رمزا للتجارة والتعاون في أمريكا الشمالية. وقال البروفيسور ستيفن ريبرت من الكلية الطبية بجامعة ماساتشوستس: "إنها دراسة بيولوجية مذهلة تشبه الأعمال الفنية، كما أنها مثيرة للاهتمام وملهمة، ويمكن أن تعلمنا أشياء مهمة عن الحيوانات المهاجرة". ويحاول فريق ريبرت منذ سنوات حل اللغز المتمثل في كيفية حفاظ الفراشات على اتجاهها نحو خط الإستواء.

وتوصل الفريق في وقت سابق إلى أن الفراشات يمكنها تقدير اتجاه الشمس عبر جزئيات حساسة للضوء موجودة في جهاز الاستشعار الخاص بها. ومن خلال الجمع بين هذا وبين الساعة البيولوجية الداخلية في هذه الحشرات، فإنها تشكل بوصلة شمسية يتم ضبطها ذاتيا. لكن وحتى في وسط السحاب الكثيف، فإن الفراشات لا تضل طريقها، وهو ما يشير إلى وجود بوصلة إضافية مغناطيسية لديها.

ولاختبار هذا الأمر، ربط العلماء الفراشات بجهاز محاكاة للتحليق، وهو ما سمح لهم بتحديد أي اتجاه أثناء التحليق "على الفور". وأحاط العلماء الغرفة بنظام لفائف مغناطيسية وقاموا بتغيير زاوية الميل للمجال، وهو ما يعني فعليا تغيير اتجاه خط الإستواء والقطبين. البروفيسور ريبرت: "هذا هو أول دليل على استخدام الحشرات المهاجرة لمسافات طويلة بوصلة ميل مغناطيسي". وفي المقابل، غيرت الفراشات الاتجاه الذي شعرت بأنه ناحية الجنوب.

وبشكل حاسم، فإن البوصلة المغناطيسية عملت فقط حينما تعرضت الفراشات للضوء في نطاق الضوء الأزرق للأشعة فوق البنفسجية. ولم تظهر هذه النتئاج في تجارب مغناطيسية سابقة مع فراشات الملكة، وهو ما يفسر السبب في عدم التوصل لأدلة على وجود هذه البوصلة، وفقا للباحثين. وقال البروفيسور ريبرت "بحسب معلوماتنا، فإن هذا هو أول دليل على استخدام حشرة مهاجرة لمسافات طويلة لبوصلة ميل مغناطيسي". وأضاف بأن "هذه قد تكون بمثابة آلية توجيه مهمة، في حال عدم توفر أدلة على الاتجاهات أثناء اليوم". بحسب بي بي سي.

ويدرس الباحثون آلية عمل هذه البوصلة الحيوية، التي يعتقدون أنها تدار من جزيئات تعرف باسم "كربتوكرومس"، وهي حساسة لكل من الضوء والمجالات المغناطيسية. ويذكر أن هناك بوصلة مشابهة قد تكون موجودة في الطيور وسلاحف البحر، لكن دراستها في الفراشة أسهل كثيرا، ويمكن أن تكشف النقاب عن أدلة أخرى تفيد في معرفة سلوكها.

النمل الأبيض

في السياق ذاته أظهرت دراسة حديثة لعلماء ألمان، أن حشرة الأًرض أو النمل الأبيض تستشعر الخطر المحدق بها عبر سيقانها التي تلتقط إشارات اهتزاز الأرض. وذلك وفق آلية تشبه بشكل كبير طريقة عمل نظام الملاحة GPS. ويعتمد نظام الملاحة GPSفي طريقة عمله على فكرة في غاية البساطة لدرجة العبقرية، حيث تتم المقارنة بين إشارات ثلاثة أقمار صناعية في وقت واحد، وعبر مسار الإشارات يتعرف المتلقي، سواء تعلق الأمر بجهاز نظام الملاحة أو الهاتف الذكي أو ساعة الجري، على المكان الذي نتواجد فيه.

إذا استغرقت إشارة قمر صناعي ما زمنا أطول نسبيا، فإننا نكون قد ابتعدنا عن الهدف، وإذا جاءت الإشارة بشكل أسرع نكون قد اقتربنا منه. ووفق نموذج هذا النظام بالذات، تحمي حشرات النمل الأبيض نفسها. فبدلا عن إشارات الأقمار الصناعية، تلتقط الحشرات إشارات اهتزاز الأرض. هذا الأمر المذهل اكتشفه علماء وباحثو جامعة الرور بمدينة بوخوم الألمانية.

فقد أثبت البروفيسور المختص بعلم الأحياء فولفغانغ كيرشنير مع أحد طلابه فيليكس هاغير علميا أن حشرات النمل الأبيض "ماركوتيرميس ناتالينسيس"، التي تعيش في جنوب إفريقيا لها مجسات حساسة للغاية تتواجد على سيقانها مختصة في تحديد اتجاه الاهتزازات التي تحدث في جوف الأرض، وفق ما جاء في تقرير نشره الباحثان في مجلة "Journal of Experimental Biology".

ويقول البروفيسور كيرشنير. أما بالنسبة للنمل الأبيض، فإن الفوارق الزمنية بين الإشارات تبلغ جزءا من عشرة آلاف جزء من الثانية الواحدة، لكنها أيضا مدة كافية لكي تتمكن هذه الحشرات من حماية نفسها من المخاطر المحدقة، ليتوجه الجنود في صفوفها صوب مصدر الخطر، في ما يهرع العمال إلى الاتجاه المعاكس. ومن أجل اكتشاف هذه الحقيقة عمد الباحثان الألمانيان إلى وضع جنود حشرات النمل الأبيض على فراغ بطول ملم واحد فقط، يفصل بين مسطحين، بحيث كانت سيقان الحشرات اليسرى تسير على مسطح واليمنى على المسطح الموازي.

وبعد ذلك، تمّ خلق نوع من الاهتزاز عبر مكبرات الصوت على المسطحين، لكن بفارق زمني لم يتجاوز واحدا من عشرة آلاف جزء من أجزاء الثانية. وكانت النتيجة: جنود حشرات النمل الأبيض توجهوا فورا ودون تلكأ إلى المسطح الذي اهتز أولا. ويذكر أن الباحثين نشرا تقريرا العام الماضي حول قنوات التواصل بين أفراد هذا النوع من النمل الأبيض. بحسب فرانس برس.

وجاء فيه أن هذه الحشرات، عادة ما تبني ممرات تمتد لأمتار طويلة تربط بين تلال الحشرات ومواقع الغذاء في محيطها. وإذا ما شعر جنود النمل بالخطر، يضربون الأرض برؤوسهم لإحداث اهتزازات تنذر باقي النمل. ويمكّن هذا الاكتشاف من فك اللغز الذي حيّر العلماء طويلا، حول كيفية معرفة الحشرات للاتجاه الصحيح للهروب عند الخطر.

ذبابة تسي تسي

الى جانب ذلك نجح فريق دولي من العلماء في فك شفرة الخريطة الجينية (الجينوم) لذبابة تسي تسي التي تمص دماء البشر وتتسبب في مرض النوم في أرجاء القارة الافريقية مما يفتح الباب على مصراعيه أمام استغلال الأسرار البيولوجية لهذه الحشرة في استئصال شأفة هذا الداء الفتاك. وتتوج النتائج جهودا استمرت عشر سنوات وتكلفت ملايين الدولارات وشارك فيها أكثر من 140 عالما من 78 مؤسسة بحثية في 18 دولة. ونشرت نتائج الدراسة في دورية (ساينس) وفي دوريات أخرى.

ولسعة واحدة من ذبابة تسي تسي كفيلة بانتقال كائن حي متطفل يسبب مرض النوم بين سكان منطقة جنوب الصحراء الكبرى علاوة على نوع من المرض يصيب الحيوانات يسمى ناجانا ويهدد بهلاك الثروة الحيوانية فضلا عن الخسائر الاقتصادية. ومن بين الأسرار البيولوجية الغريبة التي باحت بها دراسة التسلسل الجيني والجزيئي لذبابة التسي تسي انها تضع صغارا بدلا من وضع البيض مثلها مثل بقية الحشرات وانها تغذي اليرقات داخل الرحم بنوع من اللبن وانها تنجذب بصورة غير مألوفة نحو اللونين الأزرق والأسود وانها لا تتغذى إلا على الدم. وعبر العلماء عن تفاؤلهم بان اكتشاف المحتوى الجيني الكامل للذبابة قد يفضي الى ابتكار سبل جديدة لمكافحة الحشرة مثل استخدام مادة كيماوية توقف دورة حياة وتكاثر الذبابة تسي تسي أو تحسين المصايد الحالية المستخدمة في اصطياد الحشرة وقتلها.

وقال دانييل ماسيجا أحد المشاركين في الدراسة وهو أستاذ في البيولوجيا الجزيئية بالمركز الدولي لفسيولوجيا الحشرات والبيئة في كينيا "مثلها مثل بقية الإكتشافات الأخرى ستكون هناك دروب جديدة ربما لا نراها الآن. إلا انني متفائل بان جوانب فريدة من بيولوجيا ذبابة تسي تسي ستقودنا الى سبل جديدة لمكافحة المرض." وقال جيفري أتاردو وهو باحث آخر في علوم الأحياء يعمل في كلية الصحة العامة في ييل "اذا تمكنت من انتاج مثبط خاص لدورة تكاثر تسي تسي لا يصيب الثدييات بأي سمية فسيكون هذا نموذجيا."

ويصل حجم جينوم ذبابة تسي تسي الى ضعف حجم جينوم ذبابة الفاكهة إلا انه يمثل نسبة عشرة في المئة فقط من جينوم الإنسان. ويحتوي جينوم تسي تسي على 12 ألف جين وشفرة جينية مكونة من 366 مليون وحدة وراثية. وتسبب ذبابة تسي تسي البؤس للانسان والحيوان على حد سواء وقد وجدت قبل وقت طويل من ظهور الإنسان إذ عثر على حفرية لهذه الذبابة في كولورادو يرجع عهدها الى نحو 34 مليون عام. بحسب رويترز.

وداء النوم من الأمراض المعروفة التي تنتشر في المناطق الحارة وفي منطقة جنوب الصحراء الكبرى والتي تفتك بالبشر اذا لم تعالج في حينها. ولا تولد ذبابة تسي تسي بالطفيل في داخلها بل يصل اليها عندما تلسع شخصا او حيوانا يحمل الطفيل. وتنقل الذبابة الطفيل من خلال لعابها عندما تلسع شخصا لآخر. وفي المراحل المتقدمة من مرض النوم -الذي يهدد الملايين في 36 دولة في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى- فانه يستهدف الجهاز العصبي المركزي مما يتسبب في إصابة الساعة البيولوجية بالخلل وما يستتبعه من اضطراب في الشخصية والوظائف الفسيولوجية والتلعثم وصعوبة المشي والكلام وغيره من الأعراض الأخرى.

تزاوج الخنافس

على صعيد متصل كشف علماء في تايوان كيفية تعلق أنثى الخنافس بالذكر أثناء الغوص تحت الماء. وكشفت الدراسة، التي استخدمت فيها أجهزة دقيقة للغاية، عن كيفية تعلق الإناث بشعيرات موجودة على ساق الذكور. وتمسك مصاصات صغيرة موجودة على هذه الشعيرات بأجسام الإناث. وفضلا عن تسليط الضوء على تطور هذا الكائنات على نطاق صغير للغاية، فإن فهم هذا يمكن أن يكون مصدر إلهام لتصميم أجهزة للتعلق والربط تحت الماء في مجال الهندسة. ونشرت نتائج الدراسة في دورية الجمعية الملكية "انترفيس".

وأجرى فريق الدراسة، بقيادة الدكتور كاي يونغ تشي من جامعة تشونغ شينغ الوطنية بتايوان، قياسا لقوة إمساك "أجهزة الارتباط" الموجودة على شعيرات الساق لنوعين من الخنافس تحت الماء. وكشفت الصور المجهرية أن أحد الأنواع التي شملتها الدراسة – حشرة أكثر بدائية – لديها جهاز تعلق يشبه الملعقة. أما النوع الثاني فلديه مصاصات دائرية متطورة في نهاية كل شعيرة على الساق، وهو ما يبدو وكأنه غطاسات مجهرية.

وفي حين تعمل هذه الغطاسات الصغيرة على الارتباط بصورة أقوى بأجسام الإناث، فإن الشعيرات الأكثر بدائية لديها بعض الأجزاء المائية اللزجة غير الظاهرة، إذ تبين أن القنوات الصغيرة بين شعر الخنفساء الأكثر بدائية تنتج مادة غروية. وتشكل هذه الشعيرات التصاقا أضعف ويمكنها التحرك على جسد الأنثى بحرية أكبر، مما يعني أن ذكر الخنفساء يكون قادرا على "مقاومة حركات السباحة غير المنتظمة التي تقوم بها الأنثى"، والتي قد تستخدمها لطرد أي ذكر غير مرغوب فيه. بحسب بي بي سي.

وخلص الباحثون إلى أن تجاربهم الميكانيكية تبين أن الشعيرات "الدائرية التي تطورت في وقت لاحق على شكل كوب امتصاص" تعطي ذكر الخنفساء ميزة التزاوج. ويمكن لهذه النظرة الثاقبة على الجماع المائي أن تكون مصدر إلهام لاختراع جهاز يعمل كخطاف تحت الماء.

سوسة النخيل

في السياق ذاته تتميز قارة أفريقيا بتنوع حقيقي، وعمق متميز في الثقافات، في ظل ما تشهده من أزمات سياسية، وإنسانية، واقتصادية. وبالنظر إلى كنوزها الطبيعية وتنوعها البيئي، توفر القارة الأفريقية علاجات للكثير من الآفات والأمراض، فضلاً عن اكتشاف حلول جذرية للقضاء على الفقر، والمجاعة، وسوء التغذية.

ومن المتوقع، أن تساهم دودة "سوسة النخيل" وهي من الحشرات الزاحفة الصغيرة جداً، في علاج الكثير من الأمراض التي يواجهها العالم النامي، فضلاً عن دورها في القضاء على مشكلة المجاعة وسوء التغذية، وخفض مستويات غاز ثاني أوكسيد الكربون في العالم. وأطلق محمد عاشور برنامج "أسباير" بالتعاون مع أربعة طلاب في كلية إدارة الأعمال، في جامعة ماكغيل، بهدف تحفيز زراعة الحشرات في البلدان التي يعاني سكانها من المجاعة، والتي تستهلك شعوبها الحشرات في نظامها الغذائي.

وحاز "أسباير" الذي يعتبر برنامجاً رائداً في غانا على جائزة "هولت" في العام 2013، فضلاً عن ما قيمته مليون دولار من التمويل. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن 75 في المائة من الأطفال ما قبل مرحلة المدرسة، وحوالي نسبة ثلثي النساء الحوامل في غانا، تعانين من مشكلة فقر الدم.

وقال الباحث الزراعي في مركز أبحاث المحاصيل الزراعية والغابات التابع لجامعة غانا، الدكتور كليمنت أكوتسن- مينساه، إن "الغذاء الأساسي في المجتمع الريفي يتكون من مواد نشوية، نظرا لعدم توفر المأكولات الغنية بالبروتين، فضلاً عن افتقار النظام الغذائي إلى الأسماك واللحوم، ما يسبب نقصاً حاداً في التغذية،" مضيفا أن "سوسة النخيل يمكن أن تكون بمثابة مكمل غذائي جيد."

وأصدرت منظمة الأمم المتحدة للزراعة والغذاء "الفاو" في العام 2013 تقريراً يؤيد استهلاك الحشرات في جميع أنحاء العالم. وأظهر التقرير أن مادة البروتين في دودة "سوسة النخيل" تساوي النسبة ذاتها الموجودة في اللحم البقري، فيما ترتفع مستويات عناصر غذائية أخرى ومن بينها الحديد والبوتاسيوم والزنك والأحماض الأمينية في "سوسة النخيل،" بالمقارنة مع العناصر الغذائية ذاتها الموجودة في اللحم البقري.

وأوضح عاشور أن النساء ترفضن تناول الفيتامينات والمكملات الغذائية اللتي تقدمها الحكومة، لافتاً إلى أن المشروع يهدف إلى "تقديم الغذاء الذي تحتاجه النساء والأطفال بطريقة مقبولة اجتماعياً وثقافياً." وتجدر الإشارة، إلى أن بعض السكان في المنطقتين الشمالية والشرقية في غانا، باتوا يعتمدون على "سوسة النخيل" في نظامهم الغذائي.

وفي هذا السياق، قال عاشور إن "سوسة النخيل لم يتم الاعتماد عليها بعد كمصدر غذائي أساسي في جميع أنحاء غانا، ولكن في المقابل، يتم الاعتماد عليها بشكل كبير في بعض المناطق المعينة." ورأى مؤسس "أسباير" أن هناك زيادة في حجم الطلب يرافقه انخفاض في حجم العرض، بسبب الاعتماد على حصاد الحشرات يدوياً. ويقدم "أسباير" أساليب محددة في زراعة الحشرات لزيادة فرصة الحصول على مصدر غذائي رخيص يحتوي على مادة البروتين، فضلا عن توفير مصدر دخل جيد للسكان الذين يعانون من حالة فقر مدقع في غانا. بحسب CNN.

وعمد "أسباير" إلى تنفيذ المشروع واستهداف المزارعين في المناطق الريفية وشبه الحضرية بسبب وفرة الأراضي وقلة فرص العمل. ويقدم البرنامج المواد اللازمة والتدريب المجاني إلى المزارعين، فضلاً عن تسويق دودة "سوسة النخيل" في جميع أنحاء البلاد، والسعي إلى إنتاج مواد غذائية مثل الطحين تحتوي على "سوسة النخيل." من جانبه، قال أكوتسن-منساه إن "الاستخدام المتعدد لدودة سوسة النخيل بمثابة مصدر للغذاء والدخل معاً، يؤدي إلى زيادة تأثيرها الاقتصادي والإيجابي."

الحشرات اللادغة

على صعيد متصل توصلت دراسة جديدة إلى أن معظم البالغين يجدون صعوبة في التمييز بين حشرات الدبور والنحل والنمل وغيرها من الحشرات اللادغة الأمر الذي قد يسبب المشاكل في حالات فرط الحساسية. وأسفرت لدغات النحل والدبور والدبور الاصفر والنمل وغيرها من رتبة غشائيات الأجنحة عن 25360 زيارة للمستشفيات بين عامي 2001 و2004.

وقال الدكتور تروي بيكر من مركز مالكوم جرو للعيادات الطبية والجراحة في ولاية ماريلاند الأمريكية وزملاؤه إن التمييز بين الحشرات مفيد في تشخيص الاصابة بحساسية سم الحشرات غشائية الأجنحة وتحديد نوع العلاج وإسداء المشورة حول سبل الوقاية. وكتب بيكر وزملاؤه عن الدراسة في مجلة الحساسية والربو وعلم المناعة. وأضاف الباحثون أن الحشرات يمكن أن تلدغ خلسة وحجمها صغير نسبيا وأشكالها متشابهة لذا فانه يصعب تحديد الحشرة اللادغة في كثير من الأحوال.

ولمعرفة إلى أي مدى يمكن للناس تحديد نوع الحشرة اللادغة بشكل صحيح أجرى بيكر وزملاؤه دراستهم على 640 بالغا من أربع قواعد جوية في ماريلاند وفلوريدا وأوهايو ونيفادا. وفي المتوسط أجاب المشاركون على ثلاثة من بين ستة أسئلة بشكل صحيح. ونال 20 شخصا فقط درجة ممتازة بينما أخطأ 10 في كل الأسئلة. وتمكن المشاركون من تمييز نحل العسل بنسبة 90 في المئة. بحسب رويترز.

وقال الباحثون "تؤيد الدراسة في المجمل الاعتقاد العام بأن البالغين ليسوا أكفاء في تمييز الحشرات اللادغة باستثناء نحل العسل." لهذا السبب نصح الباحثون كل من أظهروا رد فعل سيئا على لدغة حشرة باجراء اختبار لسموم كل الحشرات اللادغة الطائرة.

ملوثات الهواء

من جهة اخرى فهل تظن ان أنفك يعشق الزهور؟ حسنا.. قطعا لن يكون ذلك بقدر ما تتهافت عليها حشرة عثة التبغ (أبو دقيق) التي تعتمد حياتها في واقع الأمر على هذه الحاسة.. فبوسع حشرة عثة التبغ -التي تماثل حاسة الشم لديها الكلاب البوليسية المدربة والتي تفوق مثيلتها عند الإنسان- الطيران مسافة تصل الى 130 كيلومترا في الليلة الواحدة بحثا عن زهورها المفضلة مثل الداتورة المقدسة.

ورحيق هذه الزهور البيضاء العطرية الفواحة القمعية الشكل التي تتفتح ليلا مصدر مهم لغذاء هذه الحشرة التي تتولى تلقيح هذه الازهار. وتبحث إناث هذه الحشرة عن زهور الداتورة لوضع البيض. وبعد فقس البيض تأكل اليرقات أوراق الزهرة. وإندهش العلماء كيف يتسنى لهذه الحشرات رصد زهور الداتورة بالذات دون غيرها وتساءلوا إن كانت روائح أخرى سواء كانت طبيعية او صناعية يمكن ان تخلط الأمور لدى الحشرة.

وخلال الدراسة التي نشرتها دورة (ساينس) وضع الباحثون الحشرة في معمل داخل نفق وسط منظومة يتحكم فيها الكمبيوتر وعرضوها لمجموعة متباينة من الروائح منها مثلا عوادم السيارات والشاحنات الى جانب روائح ذكية من النباتات. وأفسدت المصادر البشرية للتلوث قدرة الحشرة على رصد زهور الداتورة وغيرت الطريقة التي تتفاعل بها رائحة الزهور مع الخلايا العصبية الشمية في مخ الحشرة.

وقال جيفري ريفيل أستاذ البيولوجيا بجامعة واشنطن "تستعين حشرات التلقيح ومنها النحل والفراشات والعثة بحاسة الشم لديها لرصد الزهور من مسافات بعيدة الا اننا وجدنا ان الروائح الآتية من الزراعات القريبة وحتى الملوثات المنبعثة من عوادم المركبات يمكن ان تفسد سلوك العثة." واضاف "والآن بالنسبة للعثة التي تطير لمسافات طويلة فانها لم تعد قادرة بكفاءة على الاحساس برائحة الزهور بل لم تعد تدرك في احيان كثيرة بوجود الزهور اصلا. نحتاج الى اجراء مزيد من التجارب لمعرفة ما اذا كانت هذه الملوثات او حتى نباتات بعينها تفسد قدرات حشرات التلقيح مثل نحل العسل المهم من الناحية الزراعية." بحسب رويترز.

وتعيش عثة التبغ -وهي حشرات ليلية كبيرة الحجم تصل المسافة بين جناحيها الى عشرة سنتيمترات- في مناطق تمتد من كندا الى امريكا الوسطى بما في ذلك الولايات المتحدة. ورصد الباحثون المسارات العصبية من خلال وضع قطب كهربي دقيق في الفص الشمي لحشرة عثة التبغ المرتبط بالمخ.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/آب/2014 - 3/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م