مجزرة سبايكر بين اللغز والفوضى

د. ابراهيم بحر العلوم

 

منذ ثلاثة عقود والدم العراقي يهدر بحروب وحصار وارهاب، وفي السنوات العشرة الماضية بعد سقوط النظام الصدامي استمر هدر الدم العراقي على يد الإرهابيين وآخر حلقاته المرعبة كان على يد عصابات داعش الإرهابية، وما مجزرة سبايكر الا مثال حي لمسلسل إبادة جماعية راح ضحيته اكثر من ١٧٠٠ من الشباب الجنوبي الذي اختار الانتماء الى المؤسسة العسكرية دفاعا عن وطنه وبحثا عن لقمة عيشه.

وما حدث بعد العاشر من حزيران استهدف المواطن العراقي بغض النظر عن انتمائه، الا ان مجزرة المئات من الجنود في القاعدة الجوية بقيت ومنذ منتصف حزيران وحتى هذه اللحظة لغزا مبهما لم تحل طلاسمه ولولا اصرار اهالي الضحايا لمعرفة مصير ابنائهم لغلق الملف كالمعتاد.

غير ان تصدي ثلة من النواب لطرح مشكلة مجزرة سبايكر في محافظة صلاح الدين علنيا فتحت المجال لمناقشته من قبل مجلس النواب في جلسة استثنائية فاستضاف المجلس القيادات الأمنية لتسليط الضوء على الحادث ومعرفة ملابساته ونظرا لحساسية الموضوع وخطورته ارتأت رئاسة البرلمان تحويل الجلسة الى جلسة السرية، وليتها لم تفعل ذلك لان ما طرح من معلومات حول الموضوع لا يرقى الى تحويلها جلسة سرية.

فعلى مدار ثلاثة ساعات من النقاشات بين النواب والقيادات الأمنية تبين : ان حجم المعلومات التي تمتلكها القيادات الأمنية عن الموضوع غير كافية وان لجان التحقيق المكلفة بالمهمة لم تنجز أعمالها ولعل الانطباع الذي خرج به النواب بعد هذه الجلسة ان المجزرة لم تأخذ بعد الاهتمام الكافي من لدن المسؤولين الأمنيين، مما دفع برئاسة البرلمان الى دفع الملف الى لجنة الامن والدفاع البرلمانية لمتابعة الموضوع ودفع ذلك فيما بعد الى تظاهر بعض ذوي الضحايا يوم امس في المنطقة الخضراء وحسنا ما فعلوا بعض النواب من ترك الجلسة لاستقبال اهالي الضحايا والاستماع الى مطاليبهم.

الواقع كنا نتطلع من القيادات الأمنية ان تكشف لممثلي الشعب عن مفاصل الخلل في المنظومة العسكرية التي ادت الى هذا الارباك والهزيمة بشكل شفاف وصريح ومقارب للواقع فهذه فرصة ثمينة لان نتعرف على المعالجات المطلوبة لإعادة الامور الى نصابها لكن ذلك لم يتم بشكل واضح رغم ما تضمنته بعض اجابات القيادات الامنية من حقائق مؤلمة.

ان عدم التمكن من معرفة خيوط الجريمة ومرتكبيها ومصير المفقودين منهم والشهداء بعد قرابة شهرين من الحادث يشير الى الفوضى في اهم مفصل من مفاصل الدولة الذي يأخذ على عاتقه مهمة حماية الوطن والمواطن من الأعداء.

ليطمئن اهالي الشهداء والمفقودين سوف لن تقف المطالبات عند هذا الحد بل سيستمر البرلمان في الضغط للكشف عن مصير المئات من العراقيين وما آل اليه مصيرهم، انها فاجعة مؤلمة تحتاج الى بذل كل الجهود للكشف عن الجريمة المروعة.. وأمام التحالف الوطني والسيد رئيس الوزراء المكلف مهمة اعادة هيكلية الجيش وقطع يد الفاسدين وأبعاد المتخاذلين وإعادة الهيبة لجيشنا العراقي الباسل وتعويض عوائل الشهداء والمفقودين فتلك من مهمات التغيير المطلوب..

 ...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/آب/2014 - 1/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م