غزة .. تحت أنقاض الحرب والدمار

 

شبكة النبأ: دمار هائل وخراب كبير فاق كل التوقعات، هذا ما خلفه القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي كان سببا في انهيار وتدمير البنية التحتية في القطاع الذي يعاني اليوم أوضاع إنسانية صعبة تهدد حياة الآلاف من السكان بسبب نقص المساعدات وضعف الإمكانيات المقدمة، خصوصا تلك التي تتعلق بالقطاع الصحي والخدمي بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر الماء الصالح للشرب.

ويرى بعض المراقبين ان الخسائر المادية التي سببها العدوان الإسرائيلي تصل وبحسب بعض التقارير إلى ما يقارب 9 مليار دولار، وقد أكدت العديد من المنظمات أن الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة تستدعي تدخلا دوليا عاجلا،  خصوصا من الدول المانحة التي يجب ان تسرع في توفير الاحتياجات متطلبات الحياة الأساسية وإعادة أعمار غزة. وخلال اجتماع الجمعية العامة لـمنظمة الأمم المتحدة لبحث الأوضاع في قطاع غزة، قال بان كي مون الأمين العام للمنظمة إن الدمار الشامل الذي حل بقطاع غزة أصاب العالم بالصدمة والعار، داعيا الدول الأعضاء في المنظمة إلى التبرع بكل سخاء من أجل إعادة أعمار القطاع وتقديم الإغاثة لسكانه. وهو أمر استبعده الكثير من المراقبين بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي  تعيشها اغلب دول العالم، والتي قد تكون سببا في تأخير الكثير من القرارات والتعهدات الدولية بهذا الخصوص، يضاف الى ذلك  التشكيك والعناد الإسرائيلي المستمر.

دمار واسع

وفي هذا الشأن يقول نائب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن إعادة بناء قطاع غزة الذي شهد دمارا واسع النطاق وتشريد مليون شخص جراء القصف الإسرائيلي العنيف سيكلف ما لايقل عن ستة مليارات دولار. ويضيف أن الفلسطينيين يأملون هذه المرة أن يفي المانحون في المستقبل بتعهداتهم بتقديم المساعدة. وفي عام 2009 لم يصل لقطاع غزة فعليا سوى نذر يسير من نحو خمسة مليارات من الدولارات تعهد مانحون بتقديمها خلال مؤتمر دولي بعد حرب استمرت ثلاثة أسابيع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحكم غزة.

وقال مصطفى "نأمل بمجرد أن يكون هناك وقف اطلاق نار أن نستطيع أن ننتقل الى مرحلة أخرى لحل المشكلة المتمثلة في توفير مأوي لمئات الاف من المواطنين الذين فقدوا منازلهم والذين يصل عددهم في تقديرنا الى 400 الف مواطن." وذكر أن حكومة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومقرها الضفة الغربية تتواصل بالفعل مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية والبنك الدولي لعقد قمة للمانحين بعد أن تصمت الأسلحة.

وقد تساهم قطر -وهي حليف مهم لحماس- بسخاء في مساعي إعادة الإعمار. وفي العام الماضي بدأت الدولة الخليجية الغنية في تنفيذ مشاريع بناء في قطاع غزة بتكلفة أكثر من 400 مليون دولار. وقال مسؤول قطري إن بلاده ستكون على استعداد لتوفير الأموال لأغراض المساعدات الإنسانية لكن ليس لحماس نفسها بشكل مباشر.

والدمار في الصراع الحالي أوسع نطاقا مقارنة بعام 2009. وتناثرت الأنقاض في كل شارع تقريبا في البلدات والقرى ومخيمات اللاجئين في القطاع المزدحم الذي يسكنه 1.8 مليون نسمة ومن بينها أنقاض منازل ومصانع قصفت في الحرب السابقة قبل خمسة أعوام وأعيد بناؤها. وقال مصطفى "هناك حاجة لبناء ما لا يقل عن مئة الف وحدة سكنية في المرحلة القادمة" مضيفا أن لجنة حكومية فلسطينية بدأت تقييم الأضرار وأن المليارات الست هي مجرد تقدير مبدئي. كما يتعين أيضا إعادة بناء البنية التحتية الحيوية.

ولا يحصل 80 في المئة من سكان القطاع على الكهرباء سوى لأربع ساعات فقط منذ تعطيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بسبب صاروخين إسرائيليين ضربا خزانات الوقود. ووفقا لمنظمة أوكسفام الخيرية البريطانية فان ثلثي سكان القطاع تأثروا نتيجة الأضرار التي لحقت بنظام الصرف الصحي والمياه. وتتهم إسرائيل حماس بالمسؤولية عن هذه المعاناة لانها تطلق صواريخها على مدن إسرائيلية من مناطق ذات كثافة سكانية عالية كما تستغل المساجد والمدارس كمخابئ للأسلحة.

وفي أعقاب الحرب التي دارت رحاها بين ديسمبر كانون الأول 2008 ويناير كانون الثاني 2009 منع تصنيف الحكومات الغربية لحركة حماس بأنها منظمة إرهابية لرفضها الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف تبرعات المانحين. كما فرضت إسرائيل قيودا شديدة على استيراد الاسمنت والحديد إلى القطاع في إطار حصار أمني خوفا من أن حماس قد تستغل مواد إعادة الإعمار لإعادة بناء قدراتها العسكرية.

وتقول إسرائيل الآن إن هذه المخاوف مبررة مشيرة إلى شبكة الأنفاق التي يتسلل منها النشطاء والتي تم الكشف عنها خلال الصراع الحالي. وقد يعقد ذلك أي جهود دولية جديدة لإدخال مواد بناء إلى غزة. لكن تغير المشهد السياسي الفلسطيني مؤخرا بطريقة قد تسهل تدفق مساعدات إعادة الإعمار خاصة في ظل تعبير الدول الغربية عن قلقها المتزايد من حجم الدمار المادي والخسائر البشرية بين المدنيين.

وفي ابريل نيسان وقعت حماس التي سيطرت على قطاع غزة بعد اقتتال قصير عام 2007 على اتفاق للمصالحة مع حركة فتح بزعامة عباس. وأفضى الاتفاق لتشكيل حكومة وحدة من الخبراء. وقال ماهر الطباع من غرفة تجارة غزة إن جذب الأموال سيكون أسهل حاليا من خلال حكومة الوحدة. وأضاف أن الأعذار التي كان يطلقها المانحون الدوليون في السابق مثل الانقسام الداخلي لم تعد مقبولة.

وتعهد عباس ببذل الجهد لحشد الدعم لفترة ما بعد الحرب في غزة وقام أيضا بدور مهم في جهود وقف إطلاق النار التي تتوسط فيها الولايات المتحدة والأمم المتحدة ومصر. وتشترط حماس إنهاء الحصار المفروض على القطاع في المفاوضات الرامية للتوصل لهدنة طويلة. وقال ماهر العرعير (45 عاما) وهو يقف على أنقاض منزله في حي الشجاعية بمدينة غزة حيث قتل 72 شخصا ودمرت مئات المنازل "نطالب بإعادة بناء منزلنا. سنبنيه من جديد وسنجعله أجمل."

وتقول منظمات لحقوق الانسان إن ما لا يقل عن 520 ألف شخص نزحوا جراء القتال. ولجأ العديد منهم لمدارس تديرها الأمم المتحدة لكن تعرض بعضها للقصف الاسرائيلي فيما لجأ آخرون إلى منازل الأقارب أو يعيشون في الشوارع. وبعد انتهاء القتال ربما تكون هناك حاجة لايجاد مساكن مؤقتة لعشرات الآلاف من الأشخاص الى ان يعاد بناء منازلهم.

والتساؤل عن تأثر شعبية حماس بين أهل غزة بسبب اثار الدمار الناجم عن القتال لا يزال مطروحا. ولا يزال الناس يحتفلون في شوارع غزة بهجمات الصواريخ التي تشنها حماس على اسرائيل والتي يعترض نظام القبة الحديدية الدفاعي اغلبها. وكذلك بالاختراقات التي تجري عبر الانفاق وكبدت اسرائيل خسائر عسكرية. بحسب رويترز.

وقال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن أكثر من 1797 فلسطينيا أغلبهم من المدنيين قتلوا جراء الهجوم الاسرائيلي مقارنة بنحو 1400 في القتال الذي اندلع في اواخر 2008 واوائل 2009. وقالت اسرائيل التي فقدت 13 قتيلا آنذاك إن 64 من جنودها وثلاثة مدنيين قتلوا في المواجهات الحالية التي تطلق عليها اسم (الجرف الصامد).

مزارع غزة

من جانب اخر قالت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (الفاو) ان الصراع في غزة تسبب في أضرار خطيرة للمحاصيل والماشية والاسماك بالإضافة الى الصوبات الزراعية ونظم الري وأوقف انتاج الغذاء وأدى إلى ارتفاع حاد في الاسعار. وقالت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة في بيان ان السكان المحليين يعتمدون على المساعدات الغذائية وان هناك حاجة الى مساعدات كبيرة طويلة الاجل لكي تتعافى المزارع المحلية.

وقال تشيرو فيوريللو رئيس مكتب منظمة الاغذية والزراعة في الضفة الغربية وقطاع غزة انه أمكن لخبراء القيام بسلسلة زيارات ميدانية للقطاع الفلسطيني الساحلي لاجراء تقييم للاضرار اثناء أحدث وقف لاطلاق النار. وأضاف ان أضرار القصف ونقص المياه والكهرباء والمشاكل المالية بالاضافة الى الشكوك بشأن الاستئناف المحتمل للانشطة العسكرية تسببت في مشاكل كبيرة.

وقفزت اسعار الغذاء للعديد من المنتجات منذ بداية العمليات القتالية حيث ارتفعت أسعار البيض بنسبة 40 في المئة والبطاطا (البطاطس) 42 في المئة والبندورة (الطماطم) بنسبة 179 في المئة. وقالت المنظمة انه وقعت أضرار مباشرة كبيرة لنحو 17 الف هكتار من الاراضي الزراعية في غزة وان المنطقة فقدت نحو نصف ثروتها من الدواجن اما من خلال القصف المباشر للحظائر أو نقص العلف أو المياه.

وتحتاج نحو 64 ألف رأس غنم وماعز للغذاء والماء بينما فقد قطاع صيد الاسماك 234.6 طن من عمليات الصيد المحتملة في الفترة من التاسع من يوليو تموز الى العاشر من غسطس اب أي نحو 9.3 في المئة من حجم الصيد السنوي. ووفقا للمنظمة يعتمد نحو 19 ألف شخص في غزة على الزراعة كمصدر للرزق بينما يعمل ستة الاف شخص آخر في تربية الماشية ويعتمد 3600 على صيد الاسماك. وقالت المنظمة انها يمكنها ان تبدأ توزيع العلف للغنم والماعز بالإضافة الى 4000 خزان مياه بمجرد ان يسري وقف دائم لاطلاق النار.

خزاعة تحولت لأنقاض

في السياق ذاته كانت بلدة خزاعة التي تقع في جنوب غزة بفيلاتها الرحبة وشوارعها التي تتراص على جوانبها اشجار النخيل تمثل للفلسطينيين بقعة نادرة لتزجية وقت الفراغ قبل ان تقصفها اسرائيل وتحولها الى انقاض. وكانت الرقعة الخضراء في خزاعة -البلدة الخالية الى حد بعيد من التوترات المحلية والخصومات التي توجد في مناطق أخرى- من الاماكن القليلة النادرة لتمضية رحلات اليوم الواحد في قطاع غزة المزدحم.

وتبعد خزاعة نحو 500 متر عن الحدود الاسرائيلية ولا يمكن الوصول اليها الان الا من خلال طرق غير ممهدة تتناثر فيها الانقاض. وكل منازلها تقريبا سويت بالارض ودمرت مساجدها التسعة. وقال سامي قديح رئيس المجلس البلدي في خزاعة إن البلدة كانت أفضل المناطق في كل قطاع غزة وكانت منطقة سياحية آمنة لا تعاني من مشاكل وسكانها مثال للطيبة. وقال في مكتبه المؤقت في موقف للسيارات بجوار منزل العائلة المدمر إن خزاعة لم يعد لها وجود كما لو ان زلزالا ضربها. وقال انه لا توجد مياه ولا كهرباء وانه يرتدي نفس الملابس منذ عشرة ايام. وأضاف وهو يبين ملابسه الرثة انه لم يعد لديه منزل. وقال انه لم يعد لديه شيء.

وفي خزاعة يقول الناس ان 70 شخصا على الاقل قتلوا وانه ربما يعثر على مزيد من الجثث تحت الانقاض. وشهدت البلدة قتالا شرسا بين القوات الاسرائيلية وحماس وناشطين فلسطينيين آخرين قالوا انهم فجروا شحنات ناسفة وأطلقوا صواريخ مضادة للدبابات على القوات الاسرائيلية. وتقول اسرائيل انها حثت السكان على الرحيل والبحث عن ملاذ في خان يونس القريبة قبل بدء القتال في خزاعة. لكن السكان قالوا ان كثيرا منهم لم يتمكنوا من ترك منازلهم في الوقت المناسب وان البعض تعرضوا لإطلاق النار وهم يهربون بناء على تعليمات الجيش الاسرائيلي.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تعني بحقوق الانسان نقلا عن سكان إن القوات الاسرائيلية أطلقت النار على المدنيين وقتلتهم في البلدة في الفترة بين 23 و25 يوليو تموز وهي اجراءات قالت انه اذا ثبتت فانها تشكل جرائم حرب. وفي بلدة خزاعة التي كانت في وقت من الاوقات مزدهرة وبها اراض زراعية خصبة كان كثير من السكان يمتلكون اراضي وعقارات على عكس اجزاء اخرى في قطاع غزة حيث يستأجر الناس منازل أو يعيشون في مخيمات وملاجئ مؤقتة.

والآن يعيش آلاف الاشخاص من خزاعة في ملاجئ في المدارس ولا يعودون الا لتفقد منازلهم التي دمرت أو التقاط أي متعلقات يمكنهم الحصول عليها من تحت الانقاض. ولجأ نحو 260 ألف فلسطيني الى منشآت تديرها الامم المتحدة في غزة وقالت بعض المنظمات الحقوقية إن الرقم هو 520 ألف شخص. وبعد الفرار من العنف عاد أحمد عوض أبو صالح (39 عاما) مع زوجته ليجدا منزلهما سليما تقريبا لكنه نهب وتناثرت فيه علب الطعام التي تحمل بطاقات كتبت بالعبرية تركها الجنود الاسرائيليون.

ووجدوا ملابس اطفالهم وكتبهم مبعثرة على الارض وتجهيزات المطبخ وقد تدلت من الجدران ونسخة القرآن الخاصة بالعائلة في دورة المياه. وظهرت آثار الطلقات على جدران غرفة المعيشة التي كانت أنيقة في وقت من الاوقات. وقال محمد وهو يشير الى جزء من الحديقة التي كانت مغطاة بكتل خرسانية وقطع معدنية ملتوية "كانت هذه حديقة جميلة في وقت من الاوقات."

ولانه لا يوجد مكان يمكن الذهاب اليه في خزاعة تجلس مجموعات من الرجال والفتية على الانقاض أسفل الاشجار ويصنعون الشاي والقهوة على نار يشعلونها. وتتعثر امرأة في الانقاض وهي تمسك باناء شاي اخرجته من تحت انقاض منزلها. ويركض الاطفال حول القمامة المتعفنة.

وقال محمد خليل نجار البالغ من العمر 54 عاما بينما كان صوته يتهدج "كانت هذه أفضل بلدة في كل غزة .. منطقة ثرية .. كان الناس يعيشون فيها في بحبوحة من العيش. والان لا أجد كلمات لوصفها." بحسب رويترز.

وأشار الى منزله في الناحية الاخرى من الطريق بين سلسلة من الطوابق التي سويت بالارض. وكان قد أعاد بناء المنزل في عام 2009 بعد ان لحقت به اضرار بالغة اثناء الصراع في غزة. وقال "لا يمكنني ان ابنيه مرة اخرى. لقد قضي الامر." ويقضي قديح رئيس بلدية خزاعة وقته الان وهو يقود شاحنة بيك اب للتأكد من ان الطرق مفتوحة وان الناس لديهم ماء يشترونه من البلدة المجاورة. ويبتسم عندما يتذكر حال البلدة التي كان يديرها. وقال "لقد عملت في أماكن عديدة مختلفة في هذه المنطقة وكانت خزاعة مختلفة فهي جميلة وآمنة." لكنه استدرك مصححا ما قاله "لقد كانت آمنة."

حناء عروس في مدرسة

الى جانب ذلك لم تكن مدرسة تديرها الأمم المتحدة وتستقبل النازحين بمدينة غزة هي المكان الذي تمناه الفلسطيني رياض فياض للاحتفال بابنته العروس هبة لكن بعد تضرر منزله وتدمير منطقة سكنه فإنها أصبحت على ما يبدو الخيار الوحيد أمامه. وأصبح مركز استقبال النازحين في المدرسة مسكنا مؤقتا لآلاف الفلسطينيين المشردين بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة وبينهم الكثيرون من بلدة بيت حانون مسقط رأس فياض وتقع في شمال القطاع.

وينام النازحون على فرش في فصول دراسية بالمدرسة الكبيرة التي تتدلى أحبال الغسيل من نوافذها. ومن لا يجد غرفة له يلجأ إلى فناء المدرسة وينام على مكاتب خشبية. وقال فياض (47 عاما) أب العروس إنه أراد منح من يقيمون معه سببا للاحتفال واختار المدرسة لإقامة حفل الحناء لابنته. وقال رياض في الفناء قبل مجيء العروس "رغم قصف منازلنا ورغم الدمار نتطلع للحياة."

وبعد ذلك بدقائق هرع أطفال المخيم باتجاه بوابات المدرسة. ووصلت هبة مرتدية عباءة سوداء ونقابا إلى الحفل في سيارة تابعة للأمم المتحدة واستقبلها الحضور استقبال نجوم السينما. ويحاول أبناء بلدة بيت حانون على الحدود مع إسرائيل جمع شتات حياتهم بعد حرب على قطاع غزة قتل فيها قرابة ألفي شخص. والبعض عاد إلى أحياء لا توجد بها خدمة كهرباء منتظمة ويرفعون الأنقاض. ويحاول آخرون مثل أسرة فياض جعل مراكز النزوح منزلا لهم فينامون فيها ويترددون على البلدة لإحضار ممتلكات.

وتقول الأمم المتحدة إن 425 ألف شخص على الأقل تشردوا في قطاع غزة ويقيمون في ملاجئ طارئة أو عند أقارب لهم. وألحقت الهجمات الإسرائيلية الأضرار بنحو 12 ألف منزل أو دمرتها بالكامل. وقال محمد الكفارنة رئيس مجلس بلدية بيت حانون إن نحو 70 في المئة من المنازل لم تعد صالحة للسكن في البلدة التي قتل فيها 91 شخصا أثناء الصراع. وأضاف أن البلدة شهدت مقاومة متوسطة الشدة لكن رد الفعل الإسرائيلي كان غير متناسب. ويقدر المجلس الأضرار التي لحقت بالمباني البلدية فقط بمبلغ 500 ألف دولار.

وتقول إسرائيل إن النشطاء الفلسطينيين استغلوا بيت حانون حيث يعيش 30 ألف شخص ومناطق سكنية أخرى في قطاع غزة لإطلاق الصواريخ عبر الحدود باتجاهها. وأعلنت إسرائيل مقتل 64 من جنودها وثلاثة مدنيين في العملية التي أطلقتها في الثامن من يوليو تموز ردا على الصواريخ الفلسطينية.

وتتدلى كوابل الكهرباء المقطوعة في شوارع بيت حانون الرئيسية. فبين المبنى والمبنى هناك مبنى فيه أجزاء مدمرة أو عليه ثقوب نتجت عن أعيرة نارية. ولكن في المناطق الأكثر تضررا من المعارك كانت هناك صفوف مدمرة بالكامل من المباني. وتضررت آبار البلدة السبع خلال القصف. عادت أربع منها للعمل في الوقت الراهن. وتكمل جماعات المعونة النقص من خلال خزانات مياه تحضرها لسد الاحتياجات.

ويريد المجلس البلدي الآن حصر الإضرار وإزالة ما يعرقل مرور الشوارع من أنقاض بحيث يكون بالإمكان الوصول إلى كل أجزاء البلدة. ويعود بعض التجار ببطء إلى بيت حانون التي يعمل ثلاثة أرباع سكانها كحرفين وعمال. وعاد بكر جهاد الزعانين للعمل يوما واحدا في المخبز الوحيد في بيت حانون. وهو يعمل بنصف طاقة المخبز لأن وقود المولد الذي تم إصلاحه للتو باهظ الثمن. وليس من المتيسر تزويده بوقود يكفي ليوم كامل. بحسب رويترز.

وفي الجهة المقابلة من الشارع قضى خليل الزعيني (25 عاما) وهو خريج جامعي عاطل عن العمل ليلته الأولى في منزله بعد العودة. فنام في الطابق الأرضي من منزل أسرته الممتدة المؤلف من أربعة طوابق. ودمر جزء من المبنى ولا توجد كهرباء أو ماء أو حتى سقف. لكن الأسرة أصرت على العودة إلى المنزل. ويقول الزعيني "نحن أناس مسالمون.. ولا نعمل مع المقاومة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آب/2014 - 27/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م