النفط الكردي...

مصدر الخلاف مع بغداد قد يصبح شوكة في حلق الإقليم

 

شبكة النبأ: ما زالت القضية الخلافية حول تصدير نفط الشمال بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان العراق على حالها، من دون ان يجد أي طرف الجرأة في طرحها وإيجاد الحلول المناسبة لها، كما عبر بذلك مطلعون في الشأن السياسي العراقي، وقد أكدوا ان تغاضي المركز عن تصدير النفط العراقي بإشراف حكومة الإقليم، دون الرجوع الى الحكومة المركزية، نتيجة الأوضاع المضطربة التي تشهدها الأوضاع السياسية والأمنية في العراق بصورة عامة، وفي الشمال والغرب بصورة خاصة، حيث يواجه حرس الإقليم (البيشمركة) مدعوما بقوات النخبة  وسلاح الجو العراقي، إضافة الى سلاح الجو الأمريكي، معارك عنيفة لاسترداد المناطق التي تمكن تنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية/ داعش) السيطرة عليها، مقتربا من حدود إقليم كردستان، وبالأخص أربيل.

فيما اكتفت الحكومة المركزية بنداء عالمي، محذرة جميع الشركات النفطية بالتعامل مع النفط الكردي (بيع او شراء) باعتباره نفط تم استخراجه وتصديره بطرق غير قانونية، ومن دون علم وموافقة الحكومة المركزية في العراق، وردت حكومة الإقليم، بان الدستور العراقي يكفل للإقليم بيع النفط بصورة قانونية.

ويذكر ان هناك العديد من القوانين التي لم يتم التطرق اليها دستوريا، ولم تقر حتى اللحظة من قبل مجلس النواب بجميع دوراته، وهي قوانين لها علاقة مباشرة بحل الخلافات الدستورية في قضايا تصدير النفط، وحق المحافظات المصدرة من النفط بصورة قانونية، منها قانون النفط والغاز، إضافة الى المادة (140) التي تحل المناطق التنازع عليها ومنها محافظة كركوك الغنية بالنفط، والتي اثارت الكثير من الخلافات السياسية، سيما وانها باتت تحت سيطرة الإقليم وقواته العسكرية بعد الهجوم الكاسح لتنظيم الدولة الإسلامية في التاسع من حزيران الماضي. 

بيع النفط

في سياق متصل أظهرت بيانات لتتبع حركة السفن أن ناقلة للنفط الخام المنتج في إقليم كردستان العراق عاودت الظهور في 19 أغسطس آب على مسافة نحو 30 كيلومترا من سواحل إسرائيل لكن وهي فارغة، وهذه هي المرة الثانية التي تظهر فيها الناقلة كاماري في المنطقة خلال نحو أسبوعين وهي محملة بالنفط الكردي، وكانت بيانات الرصد أظهرت الناقلة كاماري محملة جزئيا شمالي سيناء المصرية في 17 أغسطس آب قبل أن تغلق جهاز الاتصال بالأقمار الصناعية حتى وقت مبكر من 19 أغسطس آب.

ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من متحدث باسم وزارة الموارد الطبيعية بحكومة إقليم كردستان العراق، وكانت حكومة الإقليم نفت من قبل بيع نفط إلى إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر، وتم تحميل الناقلة بالخام الكردي في ميناء جيهان التركي في حوالي الثامن من أغسطس آب وسلمت جزءا من شحنتها إلى كرواتيا عن طريق النقل إلى سفينة أخرى، وكانت مجموعة إم.أو.إل المجرية قالت إنها اشترت 80 ألف طن أو ما يقل قليلا عن 600 ألف برميل من الخام الكردي الذي جرى تفريغه في ميناء أوميسالي الكرواتي، وتملك الشركة أصول تنقيب وإنتاج في كردستان.

وجرى تحميل نفس الناقلة التي تبلغ حمولتها مليون برميل بالنفط الكردي في ميناء جيهان ثم أبحرت إلى نقطة تبعد مسافة تقل قليلا عن 200 كيلومتر قبالة السواحل الإسرائيلية والمصرية، وأظهرت بيانات ايه.آي.اس لايف لتتبع السفن أن السفينة محملة بالكامل بناء على غاطس السفينة، وبعد أن أغلقت الناقلة جهاز التتبع بالأقمار الصناعية في أول أغسطس آب ظهرت مجددا بعد أربعة أيام وقد قل غاطسها كثيرا بما يشير إلى أنها أفرغت حمولة النفط المتنازع عليه، ولم يتسن تحديد الميناء الذي تم فيه تفريغ الشحنة النفطية التي كانت تحملها كاماري أو مشتريها، وفي يونيو حزيران تسلمت إسرائيل شحنة من النفط الكردي أبحرت من ميناء جيهان على متن الناقلة يونايتد إمبلم الضخمة بعد نقلها في عرض البحر إلى سفينة أخرى. بحسب رويترز.

وقال مسؤولون ومصادر من قطاع النفط إن طاقة خط أنابيب النفط المستقل الخاص بإقليم كردستان العراق سترتفع إلى المثلين تقريبا لتصل إلى ما لا يقل عن 200 ألف برميل يوميا فور الانتهاء من أعمال تطوير بما سيمكن الإقليم شبه المستقل من تعزيز صادراته بشكل كبير، وإيرادات النفط شريان حياة لحكومة إقليم كردستان في شمال العراق والتي تحظى قواتها البشمركة بدعم من ضربات جوية أمريكية في معركتها مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، وقال مسؤول تركي "من المرجح استكمال أعمال زيادة الطاقة، وفور استكمالها يمكن زيادة الضخ لما يصل إلى 220 ألف برميل يوميا".

وقالت مصادر في القطاع إن طاقة خط الأنابيب سترتفع إلى نحو 200-220 ألف برميل يوميا من 100-120 ألف برميل يوميا قبل وقف الضخ لإجراء أعمال التطوير، وبدأت حكومة إقليم كردستان تصدير الخام بشكل مستقل عن طريق ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط في خطوة أثارت غضب بغداد التي تقول إنها الوحيدة صاحبة حق إدارة النفط العراقي، وحاولت بغداد منع بيع النفط الكردي وحالت دون تفريغ بعض الشحنات عن طريق اللجوء إلى القضاء لكن حكومة الإقليم استطاعت بحسب وزير الطاقة التركي تانر يلدز تحميل سبع شحنات تصدير من جيهان، وحتى الآن ضخت حكومة الإقليم 7.8 مليون برميل عن طريق خط الأنابيب المستقل منها 6.5 مليون تم تحميلها على متن الناقلات للتصدير.

المسلحين في كردستان العراق

فيما انخفضت أسهم شركة دي.إن.أو المنتجة للنفط بنسبة 24 بالمئة مع تقدم مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية في شمال العراق وهو ما يبرز مخاوف المستثمرين في الشركات التي تملك استثمارات في إقليم كردستان العراق شبه المستقل، وقلص السهم خسائره بعد أن أعلنت الشركة النرويجية أن عملياتها في كردستان العراق لم تتأثر رغم التقدم الذي يحرزه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في نفس المنطقة التي توجد فيها الأنشطة الرئيسية للشركة، وقال متحدث باسم الشركة في تعليق بالبريد الإلكتروني "نواصل العمل في كل مواقع دي.إن.أو بأنحاء كردستان وفقنا لترتيباتنا الأمنية المتبعة"، وأضاف "غني عن القول إننا على اتصال منتظم بالسلطات ونراقب التطورات عن كثب".

وتهاوى سهم دي.إن.أو بعد أنباء عن تقدم المسلحين ليهبط 24 بالمئة إلى 14.03 كرونة نرويجية، ووصل السهم إلى 16.52 كرونة منخفضا عشرة بالمئة، وعزز تنظيم الدولة الاسلامية مكاسبه في شمال العراق واستولى على المزيد من البلدات وشدد قبضته قرب المنطقة الكردية في هجوم أثار قلق حكومة بغداد والقوى الإقليمية، وتدير دي.إن.أو حقل طاوكي الكردي القريب من حدود العراق مع تركيا وتعتزم زيادة إنتاجها من الحقل (أكبر أصول الشركة) بواقع 200 ألف برميل يوميا بحلول نهاية العام، وتدير الشركة النرويجية أيضا حقل باستورا الصغير في أربيل وهو من بين الأصول الأقرب إلى ساحة القتال، وقال أويفند هاجن المحلل لدى إيه.بي.جي سندال كولير "يأخذ المستثمرون في الحسبان حاليا احتمال أن تواجه دي.ان.أو مشاكل في إنتاج طاوكي" مضيفا أنه لا يزال من الصعب تقدير المدى المحتمل لتقدم المتشددين في إقليم كردستان. بحسب رويترز.

وطلبت حكومة إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق من محكمة أمريكية إلغاء أمر باحتجاز نحو مليون برميل من النفط الخام المتنازع عليه والسماح بتسليمه في تكساس، وترسو الناقلة يونايتد كالافرفتا التي تحمل نفطا كرديا بقيمة نحو 100 مليون دولار بالقرب من تكساس منذ تسعة أيام حيث يخوض إقليم كردستان معركة قانونية حول ملكية النفط مع الحكومة المركزية العراقية، وبناء على طلب من بغداد أصدرت محكمة في تكساس أمرا باحتجاز الشحنة لكنها قالت حينئذ إن الناقلة موجودة خارج نطاق صلاحياتها القضائية وخارج الأراضي الأمريكية في خليج المكسيك.

وقالت حكومة كردستان إنه لا سلطة للمحكمة لإصدار الأمر في المقام الأول وزعمت أن لها الحق في تصدير النفط بمقتضى الدستور العراقي وأضافت أنها تخطط لتسليم الشحنة قريبا، وأضافت في طلبها أن الشحنة لم تنقل بعد من السفينة ولم تدخل أراضي الولايات المتحدة لكن حكومة إقليم كردستان تتوقع أن تدخل ضمن نطاق السلطات القانونية لمنطقة جنوب تكساس قريبا، والناقلة كبيرة جدا بحيث لا تستطيع دخول ميناء جالفستون بالقرب من هيوستون وتنأى الشركات التي تقدم خدمات تفريغ الشحنات ونقلها إلى البر بنفسها عن النزاع، ورفعت حكومة بغداد (التي تقول إن أي مبيعات من النفط العراقي خارج سيطرتها غير قانونية) دعوى قانونية للسيطرة على الشحنة على متن الناقلة يونايتد كالافرفتا.

وكانت شركة ليوندلبازل الأمريكية لتكرير النفط قالت إنها اشترت مؤخرا شحنات من نفط كردستان لكنها ستوقف أي مشتريات في المستقبل ولن تقبل أي تسليمات حتى تتم تسوية النزاع، ولم تذكر الشركة صراحة ما إذا كانت اتفقت على شراء الشحنة التي تحملها يونايتد كالافرفتا.

المشتري المجهول

الى ذلك جرى تفريغ جزء من شحنة النفط الكردي من ناقلة إلى أخرى في بحر الصين الجنوبي لكن الغموض لا يزال يحيط بهوية المشتري وبوجهة الناقلتين، والناقلة يونايتد إمبلم التي تحمل أكثر من مليون برميل من النفط واحدة من ثلاث ناقلات محملة بنفط اقليم كردستان العراق شبه المستقل والذي يحاول بيع النفط بمعزل عن الحكومة المركزية في بغداد، ويخوض اقليم كردستان العراق صراعا قانونيا ودبلوماسيا ضاريا مع بغداد بشأن مبيعات النفط العالمية، وتدير الناقلات الثلاث شركة مارين مانجمنت سيرفيسز ومقرها مدينة بيريوس اليونانية، وأكد مدير تنفيذي كبير في مارين مانجمنت سيرفيسز أن نقل الشحنة من ناقلة لأخرى والتي شاركت فيها يونايتد إمبلم تم في إطار "عملية مشروعة"، وقال كوستاس جورجوبولوس مدير التأجير في مارين مانجمنت سيرفيسز هذه الناقلة "تابعة لشركة قانونية لتأجير السفن وتقوم بعمليات مشروعة"، وأضاف "الناقلة لا تزال في المياه الدولية".

ورفض جورجوبولوس تحديد اسم شركة تأجير السفن أو الخوض في تفاصيل نقل النفط لكنه يعرف أن النفط الذي تحمله الناقلة من كردستان العراق، ووفقا لبيانات خدمة ايه.آي.اس لتعقب حركة الشحن من المحتمل أن يكون قد تم تفريغ نصف شحنة السفينة تقريبا، وأظهرت بيانات يوم 28 يوليو تموز أن السفينة ترسو وغاطسها بالكامل تحت المياه ما يشير إلى أنها محملة بكامل طاقتها، وأظهرت بيانات أن السفينة راسية في بحر الصين الجنوبي على بعد نحو 20 كيلومترا قبالة الساحل الشرقي لماليزيا وعلى مبعدة 50 كيلومترا تقريبا شمال شرقي سنغافورة.

ولا يعرف جورجوبولوس وجهة الناقلة القادمة وقال إن شركات التأجير هي التي تدير الناقلة، وأضاف "ليست لنا سيطرة على الناقلة، نحن نتوقع صدور الأوامر"، وقال ربان السفينة عند الاتصال به تليفونيا "لا يمكنك الحديث معي، أرجوك لا تعاود الاتصال، أي معلومات تحتاجها احصل عليها من ملاك السفينة، شكرا جزيلا، وداعا وداعا"، ورفضت شركة لندن بي آند أي كلوب للتأمين ومقرها لندن وهي الشركة المؤمنة على الناقلة التعقيب على الناقلة أو شحنتها لكن المدير ستيف روبرتس قال "كانت لدينا بعض الاتصالات" مع مارين مانجمنت سيرفيسز.

وجرى تحميل يونايتد إمبلم بالنفط في ميناء جيهان التركي في منتصف يونيو حزيران وفقا لبيانات لكن الصادرات توقفت الآن لأن طاقة التخزين في الميناء بلغت الحد الأقصى ما دفع حكومة كردستان العراق إلى اغلاق خط أنابيب النفط التابع لها، وتعارض الولايات المتحدة علنا مبيعات النفط الكردية المباشرة خشية أن تسهم في تفكيك العراق وتعتقد أنه على بغداد وحكومة كردستان التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية تقاسم العائدات النفطية.

من جهتها قالت شركة ليوندلبازل للكيماويات المملوكة للملياردير الأوكراني المولد ليونارد بلافاتنيك إنها ستتوقف عن شراء النفط "المتنازع عليه" من العراق وذلك بعد يوم من نشر تقرير حددها بأنها المستورد الأمريكي الغامض للخام الكردي، وبعد أن نشرت تقريرا قالت فيه للمرة الأولى إن هيوستون ريفايننج المملوكة لشركة ليوندلبازل استوردت شحنتين صغيرتين من الخام الكردي الثقيل الذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت في مايو أيار أكدت شركة الكيماويات أنها اشترت في الآونة الأخيرة "كميات محدودة" مما وصفتها بأنها "خامات عراقية". بحسب رويترز.

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الشركة وافقت أيضا على شراء شحنة يبلغ حجمها نحو مليون برميل وقيمتها 100 مليون دولار تحملها حاليا الناقلة يونايتد كالافرفتا قبالة سواحل تكساس، وصارت هذه الشحنة محل نزاع قانوني على ملكيتها بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان، ولم يشر بيان ليوندلبازل وهو أول تعليق علني لها على الواردات إلى شحنات بعينها ولم يتضمن أي إشارة مباشرة إلى كردستان، وقالت الشركة "هذا الخام العراقي يبدو حاليا محل نزاع على ملكيته." ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من متحدث باسم الشركة لتوضيح ما يشير إليه البيان أو ما إذا كانت الشحنتان السابقتان الأصغر حجما محل خلاف، وأضافت الشركة "توقفنا عن شراء المزيد ولن نوافق على تسلم أي من (شحنات) الخام المعني (بالخلاف) لحين حل المسألة بشكل مناسب".

ويعد قرار التوقف عن شراء المزيد من الواردات انتصارا لبغداد التي كثفت جهودها لإثناء شركات التكرير في العالم عن شراء الخام الذي يضخه إقليم كردستان، وحذر مسؤولو تسويق النفط العراقيون والحكومة الأمريكية كل من يريد إجراء معاملات تجارية مع حكومة كردستان بما في ذلك مبيعات النفط من أنهم سيواجهون إجراء قانونيا من بغداد، وقالت ليوندلبازل إن مشترياتها من النفط العراقي جاءت "من تاجر دولي ذي سمعة طيبة، وبما يتماشى مع القانون الأمريكي"، وذكرت الشركة أن بلافاتنيك الذي تمتلك شركته اكسيس اندستريز أكثر من 17 بالمئة في ليوندلبازل وفقا لبيانات تومسون لا يعلم شيئا عن عملياتها اليومية، وبلافاتنيك مواطن أمريكي ولد في أوديسا لأبوين ناطقين بالروسية وترتيبه الآن الثالث والثلاثون بين أغنى أغنياء العالم بعد بيع حصته في تي.إن.كيه-بي.بي لعملاق النفط الروسي روسنفت وذلك وفقا لمعلومات فوربس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آب/2014 - 27/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م