هل تشكل داعش النهاية الحتمية للقاعدة؟

 

شبكة النبأ: في بداية ظهور ما يسمى "الدولة الإسلامية/ داعش" مع بدايات الأزمة السورية عام 2011، اعتبرت كواحدة من الجماعات الإرهابية التي حملت السلاح بوجه النظام السوري حالها في ذلك حال جبهة النصرة والفصائل الإسلامية الأخرى، فعلى الرغم من المؤشرات الواضحة على تطرفها ولجوئها الى العنف، سيما وان وجودها السابق في مناطق معينة من العراق (بعد ان أسسها تلاميذ ابو مصعب الزرقاوي المقتول بغارة أمريكية ابان الاحتلال الأمريكي للعراق)، وممارستها لنفس النهج الأحق في سوريا عزز هذه المخاوف.

لكن سرعان ما صعد نجم داعش كمنظمة جهادية متطرفة ذات إبعاد عالمية بعد مقاتلتها للفصائل المتطرفة الأخرى، وتفجير المفخخات التي استهدفت الجماعات المسلحة المخالفة لها في التوجه، او التي لم تبايعها، بعد ان رفض التنظيم مبايعة زعيم القاعدة (أيمن الظواهري)، ورفضت تدخله في إنهاء الأزمة والقتال، كما اعتبرته قد خالف تعاليم وسيرة سابقة (أسامة بن لادن)، وانه انحرف عن فكر التنظيم الام (تنظيم القاعدة).

وسرعان ما استطاعت داعش كسب الأضواء، من خلال سيطرتها على مناطق واسعة من سوريا (الرقة ودير الزور وغيرها) والتي تعادل أضعاف مساحة لبنان والكويت وقطر، اضافة الى كسر الحدود الفاصلة بين سوريا والعراق، بعد ان واصلت هجومها لتسيطر على الموصل بالكامل (ثاني أكبر مدن العراق بتعداد 1.8 مليون نسمة)، اضافة الى اجزاء من صلاح الدين وديالى والانبار وبابل، والتي اشار اليها الخبراء الامنيون كنقلة نوعية في تحرك وتفكير قادة داعش، بعد ان استطاعت كسب الالاف المقاتلين والمتعاطفين مع توجهاتها في اعلان الخلافة الاسلامية على اراضي واسعة بين العراق وسوريا، اضافة الى الاموال الطائلة التي استحصلتها من البنوك العراقية (في الموصل وحدها كان هناك 500 مليون دولار مودعة في البنوك حسب تقارير رسمية) وتهريب النفط وعمليات الخطف والضرائب والتبرعات وغيرها.

وقد اثار محللون العديد من الأسئلة حول اختفاء صوت تنظيم القاعدة وسط الانتصارات العسكرية التي يحققها تنظيم داعش، سيما وان التعاطف من قبل التكفيريين من صغار السن بدء يرجح لصالح الاخير على حساب التنظيم الام، فيما اشار اخرون ان هناك ازمة حقيقية داخل القاعدة بعد ان تمكنت الدولة الإسلامية بكسب تأييد اغلب الطامحين للقتال تحت لواء التنظيمات المتطرفة، والامر يشمل، كذلك، بعض قاعدة القاعدة من اللذين أبدو تأييدهم لتوجهات داعش في الشرق الاوسط وطموحهم نحو الغرب.   

داعش يشق القاعدة

فقد أدى الخلاف بين تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة إلى هزة كبيرة في العالم الجهادي الذي ما لبث أن توالت فيه الانشقاقات عن التنظيم الأم باتجاه "الدولة الاسلامية" ومبايعة أبو بكر البغدادي الذي نصبه التنظيم خليفة للمسلمين، والاستيلاء على الموصل في التاسع من يوليو/تموز 2013 لم يكن فقط بمثابة البرهان العملي على جدارة التمرد على التنظيم الأم، لكنه كان أيضا ميلادا جديدا لتنظيم يناطح، بل يوازي القاعدة في المنطقة العربية، فالسقوط المفاجئ لثاني كبريات مدن العراق أحال الذاكرة إلى ضرب برجي التجارة العالميين في نيويورك عام 2001، فالحدث العراقي تجاوزت أصداؤه النطاق الإقليمي إلى العالمي كأحداث سبتمبر، ليست إذن مصادفة أن تعود الطائرات الأمريكية لتضرب في العراق كما حدث في أفغانستان مع القاعدة.

الخلاف بين "الدولة الاسلامية" والقاعدة تفجر في إبريل 2013 حين أعلن التنظيم تحوله إلى الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" وضم جبهة النصرة في سوريا وهو ما رفضته الجبهة وأميرها محمد الجولاني وأيدها زعيم القاعدة أيمن الظواهري ليبدأ صراع عنيف بين الجانبين، فقد اتهم البغدادي الظواهري بارتكاب مخالفات شرعية، وتفاقم الخلاف ليتحول إلى قطيعة حادة بين الطرفين كال فيها التنظيم الانتقادات الحادة للظواهري وبـ"الانحراف عن نهج الصواب" كما قال محمد العدناني الناطق باسم داعش، لكن لماذا اختار داعش أن ينشق وبقوة عن القاعدة؟

اجاب سعيد عبيد الخبير بالحركات الاسلامية "واضح أن قيادات هذه الجماعة منذ اختاروا التوسع والتمدد كان هناك نوع من الاعجاب بما حققوه على الأرض، لقد احرجوا كثيرا القاعدة بتطلعهم لتكوين دولة وكأنهم يشيرون إلى أن اولوية المبايعة والتبعية تكون لهم وليس لايمن الظواهري"، ويرى التنظيم أنه وصل بالجهاد إلى غايته بتكوين دولة الخلافة التي تسعى القاعدة وفروعها إلى الوصول إليها واحتفظ التنظيم باستقلالية عن القاعدة منذ البداية، الخلاف بين داعش والقاعدة يتجاوز الخلاف مع جبهة النصرة إلى اختلاف في النهج الفكري حول اولويات الجهاد وتحديد ماهية العدو، "فالقاعدة توصلت إلى أولوية قتال العدو البعيد مثل الولايات المتحدة وحلفائها من الانظمة واسرائيل، في حين تصر الدولة على أولوية قتال العدو القريب منذ أيام الزرقاوي"، كما يوضح حسن أبوهنية الباحث في شؤون الحركات الاسلامية.

ويضيف أبو هنية "تخوض القاعدة حربا جيوسياسية تسعى الى رفع الهيمنة بشكل اساسي وعبر مناهضة الدول التي تسعى لدعم الانظمة في الخارج، بينما يصر الدولة، على أن يخوض حربا ذات طبائع هوياتية بمعني أن يضع مشكلة الهوية النقية لأهل السنة كممثل لأهل السنة، في مواجهة الهويات الاخرى والفرق الأخرى وفي مقدمتها الشيعة"، ومن هنا يقف كلا التنظيمين على طرفي نقيض من العلاقة مع إيران.

المسميات العديدة التي اتخذها تنظيم "الدولة" خلال مراحل تطوره منذ بدايته قبل نحو عشر سنوات إلى الآن تشي بالقلق بحثا عن دور أكبر وطموح باعد بينه وبين الجماعات الاسلامية المنافسة، والصراع بين تنظيم الدولة الاسلامية والقاعدة هو بالأحرى صراع حول من يمثل القاعدة وسط اتهامات متبادلة بالخروج والانحراف عن نهج التنظيم العالمي للجهاد، وادى ذلك الى نوع من "الانشطار في القاعدة" إذ انحازت جماعات اسلامية مسلحة إلى تنظيم الدولة باعتباره يمثل القاعدة، بينما الفروع الاساسية للتنظيم تصر على الالتزام بالاطار الهيكلي للتنظيم بقيادة الظواهري.

وفي "جميع انحاء العالم تأثرت السلفية الجهادية وهي الاطار الاوسع والفضاء الواسع للتجنيد لتنظيمات القاعدة من هذا الانشطار في القاعدة" كما يشير الباحث الاردني حسن ابو هنية، ويضيف ابو هنية أن "انصار بيت المقدس في سيناء بايعت، أو أصبحت أكثر قربا للدولة، بعض فروع انصار الشريعة في اليمن في أبين وشبوة اصدروا بيانات تؤيد الدولة، وتنظيم القاعدة المركزي في خراسان باكستان وأفغانستان، عدد من التنظيمات او ما يعرف بالبيعة الخرسانية اصدرت بيانا يؤيد نهج الدولة، انصار الشريعة في تونس، وانصار الشريعة في كل من مدينتي درنة وبنغازي في ليبيا، وفي الاردن انقسمت السلفية الجهادية بين الدولة والقاعدة".

هذا بخلاف الانشقاقات الكبيرة التي حصلت في جبهة النصرة التابعة للقاعدة وانضمام اعضاء كثر بها إلى تنظيم الدولة الاسلامية، كما انضم للتنظيم العديد من الجماعات الاسلامية المحلية في سوريا مثل الكتائب الاسلامية وجيش محمد وغيرها من الجماعات التي يصعب على الباحثين تتبعها بسبب تشكلها المستمر، وحتى الان لم يحدث انضمام اي من الفروع الرئيسية للقاعدة مثل القاعدة في جزيرة العرب أو القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي أو ممثلي التنظيم في الصومال، وان كان هناك "نوع من الاعجاب" بالتنظيم، كما يوضح سعيد عبيد المتخصص في الحركات الاسلامية. بحسب بي بي سي.

فقد أعلن منظر تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ابراهيم الربيش، وأحد القيادات الكبرى في التنظيم ان تجربة داعش يجب ان تعمم، وبارك لهم ايضا الانتصارات التي حققتها "الدولة الاسلامية" في العراق، كما افادت تقارير بانشقاق المنطقة الوسطى في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، الذي يتكون من أربع مناطق، ومبايعتها لأبو بكر البغدادي، ويعزي محللون الاعجاب بالتنظيم إلى الانتصارات السريعة التي حققها في العراق وإلى عدم خوفه من الفشل وتمتعه بموارد مالية وتنظيمية كبيرة، إلا انه تعرض لانتقادات شديدة من جانب القاعدة نفسها لغلوه في تطبيق الشريعة والايغال في سفك الدماء وموقفه من قتال الشيعة في العراق، كما ان كبار علماء الاسلام وشيوخ السلفية في مصر وسوريا والعراق والسعودية رفضوا خطوة اعلان الخلافة واعتبروها غير شرعية.

تفضيل داعش على القاعدة

فيما اعتبر أن نفوذ تنظيم القاعدة بدأ يتراجع على المستوى العالمي أمام التقدم المثير الذى يحققه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في الآونة الأخيرة، مما ساعده على اجتذاب الكثير من المسلحين الشبان المقتنعين بأفكار هذا التنظيم الإرهابي، وهناك احتمال لتراجع النفوذ العالمي لزعماء تنظيم القاعدة أمام شباب "داعش"، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن هؤلاء يعتقدون بأنهم الخلفاء الشرعيون لأسامة بن لادن، كما أن تنظيم القاعدة الآن أصبح في مواجهة منظمة منافسة تتمتع بالموارد والنفوذ لتهدد مكانة القاعدة باعتبارها الحركة الرائدة في التطرف والعنف، حيث أن الشباب الذين عاصروا هجمات تنظيم القاعدة في ١١ سبتمبر ٢٠٠١ أصبحوا من أنصار داعش الآن ويشعرون بنشوة كبيرة بالانتصارات التي حققتها داعش في العراق وأصبحوا مبهورين بدولة الخلافة التي أعلنتها، بدلا من التفافهم حول أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة.

ويلوح زعماء داعش بإمكانية اللجوء لتكتيكات إرهابية ضد الحكومات الغربية والعربية على غرار تنظيم القاعدة لبناء قاعدة شعبية عريضة على الساحة الدولية ولكسب تأييد المسلمين، ورأى ماكلين أن هذا التنافس أربك المشهد "التكفيري" في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وحفز على ظهور مناقشات جديدة حول كيفية محاربة هذه الجماعات، وتحديد الشكل الذى يفترض أن تكون عليه الدولة الإسلامية بالضبط، وأشار إلى أن انتصار تنظيم داعش الأخير في العراق وسوريا ناجم بشكل كبير عن فشل الحركات الإسلامية الأخرى وقدرة الجماعة على استغلال الظروف المحلية ومن بينها غضب الطائفة السنية في العراق من سيطرة الشيعة على الحكومة. بحسب رويترز.

فيما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الأجهزة الاستخبارية الأميركية ترصد تدفق أعداد من مقاتلي "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" ومثيلاتها، على نحو متزايد من اليمن وبلدان أخرى إلى العراق، متخلين عن منظماتهم الأصلية للالتحاق بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي تمكن من فرض وجوده على مناطق شاسعة في العراق وسورية، وقالت الصحيفة إن محللي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) يحاولون حالياً دراسة التأثير العكسي المحتمل للضربات الجوية الأميركية، لجهة جذب المزيد من المقاتلين المنشقين عن تنظيماتهم في اليمن وليبيا وبلدان أخرى للالتحاق بتنظيم "داعش"، ووفقاً لما أوردته "واشنطن بوست"، نقلاً عن محللين أميركيين، فإنّ من العوامل  التي تجذب المقاتلين المتطرّفين إلى "داعش"، أنّه يمتاز بسرعة فائقة في الحركة ولا يخشى الفشل بالمقارنة مع تنظيمات أخرى مترددة وبطيئة، وتقضي مدداً طويلة في الإعداد لعمليات صغيرة.

داعش والقاعدة من الخوارج

بدوره شن مفتي السعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، هجوما قاسيا على تنظيمي "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا بـ"داعش" و"القاعدة" معتبرا أنهما الامتداد لجماعة "الخوارج" التي كانت "تستحل دماء المسلمين" مشددا على دعوة السعوديين إلى الوحدة وعدم استيراد الخلافات الخارجية إلى المملكة، وجاء في بيان المفتي وعنوانه "تبصرة وذكرى" والذي صدر دون تحديد السبب المباشر لتوقيته إن "الأمة" تعيش ي ظروف "اختلت فيها كثير من الأوطان، ومعها اختلت كثير من الأفهام" مضيفا أن أكثر الأفكار خطراً "أفكار تسوق باسم الأديان ذلك أنها تكسبها قداسة تُسترخص في سبيلها الأرواح" على حد تعبيره.

وتابع المفتي بالقول إن الله يحذر المسلمين من "تفريق دين الإسلام" وذلك عبر تبادل التكفير والتقاتل مضيفا: "ليس في الإسلام جناية أعظم عند الله تعالى بعد الكفر من تفريق الجماعة التي بها تأتلف القلوب وتجتمع الكلمة، إن المسلمين اليوم، والحال كما يعرف الجميع، في حاجة متأكدة إلى أن يتضلعوا علماً ومعرفة بهذا الدين القويم قبل أن يعرفوا به غيرهم"، ولفت المفتي إلى أن ما وصفه بـ"المقصد العام للشريعة الإسلامية" هو "عمارة الأرض وحفظ نظام التعايش فيها" مشددا على الإسلام يحض على التيسير على الناس وعدم التشديد عليهم مضيفا: "أفكار التطرف والتشدد والإرهاب الذي يفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل ليس من الإسلام في شيء، بل هو عدو الإسلام الأول، والمسلمون هم أول ضحاياه، كما هو مشاهد في جرائم ما يسمى بداعش والقاعدة وما تفرع عنها من جماعات. بحسب سي ان ان.

واعتبر المفتي أن عناصر تلك الجماعات قد ورد وصفهم في حديث للنبي محمد جاء فيه: "سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة" مضيفا: "وهذه الجماعات الخارجية لا تحسب على الإسلام، بل هي امتداد للخوارج الذين هم أول فرقة مرقت من الدين بسبب تكفيرها المسلمين بالذنوب، فاستحلت دماءهم وأموالهم"، وتطرق المفتي إلى الوضع في السعودية بالقول إن الله "أنعم" على المملكة بـ"اجتماع الكلمة ووحدة الصف، داعيا السعوديين إلى ألا يجعلوا من أسباب الشقاق والخلاف خارج الحدود "أسباباً للخلاف" فيما بينهم.

خطر حقيقي

من جانبه قال المحلل العسكري العميد المتقاعد بالجيش الأمريكي مارك هارتلنغ، إن خطورة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يفوق خطر تنظيم القاعدة، معتبرا أن الجماعة التي أعلنت قيام "خلافة إسلامية" بالعراق لديها ميزات لا تمتلكها القاعدة، وعلى رأسها التنظيم القوي والتمويل الجيد والنية لتأسيس دولة وتجنيد المقاتلين من حول العالم، وقال هارتلنغ، ردا على سؤال حول صحة التقديرات التي تشير إلى أن داعش أخطر من القاعدة بالقول: "أظن ذلك بالفعل، فلدى التنظيم الكثير من نقاط القوة التي كان تنظيم القاعدة يمتلكها، ولكن بمستويات أدنى، فهو يمتلك (على سبيل المثال) الكثير من الأموال النقدية التي سرقها من البنوك، كما بات يسيطر على الكثير من المنشآت النفطية التي تدر عليه المال أيضا، ولديه قيادة أفضل والقدرة على الإدارة المركزية بسوريا والعراق بشكل يفوق ما كانت تمتلكه القاعدة"، ولفت هارتلنغ  إلى أن التنظيم يركز على الساحة العراقية بشكل كبير، وهي ميزة افتقدتها القاعدة، وأوضح رؤيته بالقول: "كان العراق مجرد مسرح جانبي لتنظيم القاعدة الذي دخل ذلك البلد بهدف مقاتلة الأمريكيين، ولكن بعد انسحاب القوات الأمريكية برز هدف جديد وهو إقامة الخلافة، هذا هو الهدف الرئيسي لداعش، أي إقامة الخلافة وتأسيس دولة خاصة به، ولذلك يمكن القول أن قوتهم تفوق بكثير قوة القاعدة".

وحول ما يتردد في الأوساط الأمريكية عن مرارة يعيشها الجنود الذين خدموا بالعراق لدى رؤيتهم لتطورات الأحداث وشعورهم بأن "تضحياتهم ذهبت هباء" قال: "بالنسبة للأمريكيين الذين قاتلوا في العرق، سواء ضمن القوات البرية أو الجوية أو البحرية، فعليهم أن يفهموا أن ما قاموا به في ذلك البلد وفر فرصة للعراقيين من أجل التقدم، ولكن لسوء الحظ، فقد حصل ارتداد عن ذلك إلى حد معين، ولكن نرى مؤشرات تدل (إلى حد ما) على أن رئيس الوزراء الجديد، حيدر العبادي، يعتزم العودة بالبلاد إلى السكة الصحيحة وهو يحظى بدعم من الآخرين لتحقيق ذلك"، وتابع الضابط الأمريكي المتقاعد بالقول: "أرى أن ما يحصل هو مجرد حلقة في سلسلة التاريخ، وأن الجيش الأمريكي الذي قاتل في العراق قدم خدمة جليلة لذلك البلد وأظن أننا نحاول استكمال ذلك الآن، للأسف فإن تنظيم داعش (وهو جماعة جهادية معادية بشكل عنيف للإسلام الوسطي) ينظر إلى أراضي العراق على أنها المكان الذي سيؤسس عليه خلافته، ولذلك يجب محاربته". بحسب سي سي ان.

ولم يستبعد هارتلنغ أن يسعى تنظيم داعش إلى مهاجمة الأراضي الأمريكية قائلا: "قد يحاول التنظيم مهاجمة أمريكا، وهو بالتأكيد يعمل على تجنيد الجهاديين من حول العالم ومن جنسيات مختلفة، ولكنني أظن أن الحكومة العراقية ستحاول وقف ذلك خلال الأشهر والسنوات المقبلة، وهو أمر شديد الأهمية للأمن العالمي ككل".

من جهة أخرى اكد محلل الشؤون الأمنية وقضايا الإرهاب، بول كريكشانك، إن الغرب والولايات المتحدة يشعران بقلق عميق حيال قدرات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" نظرا لوجود ألف أوروبي على الأٌقل بصفوف التنظيم، مضيفا أن الاستخبارات الغربية لا تمتلك على الأرض ما يسمح لها بالتعرف على مخططاته لتحديد ما إذا كان يعتزم استهداف الغرب، وقال كريكشانك، ردا على سؤال حول الأسباب التي تجعل داعش تنظيما شديد الخطوة على أمريكا والغرب: "سبب الخطر هو عدد الأوروبيين المقاتلين في صفوف التنظيم، ما يعطي التنظيم الإمكانية لتقديم الخبرات العسكرية لأولئك المقاتلين وتدريبهم على الهجمات وصناعة المتفجرات"، وتابع بالقول: "التنظيمات الجهادية تعمل بزخم كبير بسبب ما يجري في العراق وسوريا، وبالتالي هناك قلق كبير من حصول عمليات ينفذها أشخاص لا ينتمون بالضرورة لداعش ولكنهم يتبعون أيديولوجيتها ضد الغرب انتقاما للضربات" في إشارة إلى الغارات الأمريكية التي تستهدف معاقل داعش بالعراق.

وحول ما إذا كان هناك تقصير لدى الحكومات الغربية بمعرفة هوية الجهاديين الغربيين رغم ما تطبقه من معايير أمنية عالية قال كريكشانك: "الحكومات تعرف هويات بعض الذين سافروا للقتال ولكنها لا تمتلك وسائل استخباراتية قوية على الأرض في سوريا والعراق ما يحول دون معرفة ما إذا كانت داعش تخطط بالفعل لهجمات ضد الغرب"، وأضاف: "لدى التنظيم عشرات الملايين من الدولارات والمعسكرات التدريبية والمتطوعين الأوروبيين لتنفيذ تلك العمليات، ولكنه لم يقدم على ذلك بعد، والسؤال هو: هل ستكون هذه الهجمات على جدول أعماله؟ وهذا أمر نراقبه عن كثب"، وحول ما ذكره رئيس الوزراء البريطاني لجهة احتمال أن يكون منفذ عملية إعدام الصحفي الأمريكي، جيمس فولي، من بريطانيا قال كريكشانك: "نحن لا نعرف هوية منفذ الإعدام ولكن هناك عمليات تحقيق لمعرفة مدى تطابق صوته مع سجلات الأصوات الموجودة لدى أجهزة الأمن ولكن لكنته بريطانية وتشبه لكنة سكان لندن".

وأردف كريكشانك بالقول: "بالتأكيد فإن الأجهزة الأمنية البريطانية تمتلك قائمة بأسماء الذين ذهبوا للقتال في سوريا، وهم قرابة 400 متشدد سافرا إلى سوريا والعراق للاشتراك بالقتال وعاد منهم 250 شخصا، وهذا يثير الكثير من القلق لأن بعضهم قد يعود لشن هجمات على الغرب"، وختم المحلل الأمني بالقول: "خطر شن داعش هجمات على أمريكا والغرب قائم ومرتفع للغاية فلدى التنظيم القدرة على ذلك لوجود قرابة ألف مقاتل من أوروبا في صفوفه، ما يوفر له الفرصة لتدريبهم وإعادة إرسالهم إلى الغرب لشن هجمات، المئات من المقاتلين عادوا بالفعل وليس لدى أجهزة الأمن القدرة على إبقائهم قيد المراقبة طوال الوقت، كما يمكن للمقاتلين الأوروبيين السفر إلى أمريكا دون الحاجة لتأشيرة".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/آب/2014 - 26/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م