في العراق... هل سيسهم الانفراج السياسي بردع الإرهاب؟

 

شبكة النبأ: ربما شهدت الأيام الماضية انفراج نسبي للازمة السياسية التي مر بها حسم منصب رئيس الوزراء والانتقال السلمي للسلطة في العراق، فبعد اختيار العبادي (لمنصب شغل العراقيين كثيرا)، خلفا للمالكي، تستعد الكتل السياسية وقادتها، لعقد الصفقات واجراء المفاوضات، من اجل طرح ممثليهم في الوزارات من اجل تشكيل الحكومة القادمة، والتي تخضع، أيضا، لمحاصصة (حسب المكونات والاطياف الدينية) سياسية، من المفترض ان تشارك فيها اغلب المكونات العراقية، حتى يم تحقيق الوحدة الوطنية التي نادى بها الجميع، على حد قول معظم المتابعين للشأن العراقي.

وقد أكد الاكراد، إضافة الى السنة، موافقتهم المبدئية في المشاركة في الحكومة المقبلة، الا انهم اشترطوا بعض الضمانات والشروط التي يجب تنفيذها، في حال أراد العبادي تمييز نهج الحكومة المقبلة عن السابقة، على حد قولهم، ورشح من بين هذه الشروط، المشاركة في صنع القرار، وإخراج المعتقلين، وانهاء المادة 140، وعملية تصدير النفط...الخ، ويذكر ان العبادي اعطى مؤشرات إيجابية، مؤكدا انه سيستجيب للمطالب التي تتفق مع الدستور.

وحصل رئيس الوزراء العراقي المكلف على دعم سريع من الولايات المتحدة وإيران في حين دعا الساسة العراقيين لإنهاء خلافاتهم التي سمحت لمسلحين بالسيطرة على ثلث البلاد، ولكن حيدر العبادي لا يزال مهددا من الداخل حيث رفض نوري المالكي التخلي عن منصب رئيس الوزراء الذي شغله على مدى ثمانية اعوام شهدت تهميشا للأقلية السنية واغضب خلالها واشنطن وطهران، غير ان قادة في الجيش ظلوا لفترة طويلة موالين للمالكي عبروا عن دعمهم للتغيير كما عبر عن ذلك كثير من الناس في شوارع بغداد وسط رغبة قوية في إنهاء المخاوف من انزلاق جديد إلى اقتتال طائفي وعرقي، ورحبت الجارتان السنيتان تركيا والسعودية أيضا بتعيين العبادي، وقال بيان من مكتب المالكي إنه اجتمع مع مسؤولين امنيين كبار وقادة الجيش والشرطة لحثهم على عدم التدخل في الأزمة السياسية.

في سياق متصل قالت وسائل الإعلام المحلية ومصدران بالشرطة إن انتحاريا هاجم نقطة تفتيش قرب منزل رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي في بغداد، ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات، وقتل 17 شخصا على الأقل في انفجار سيارتين ملغومتين في منطقتين شيعيتين في بغداد وهي هجمات من النوع الذي اصبح معتادا بصورة متزايدة في الشهور القليلة الماضية.

وفي حين تدرس قوى غربية ووكالات إغاثة دولية تقديم المزيد من المساعدات لعشرات الآلاف من المواطنين الذين فروا من ديارهم جراء تهديد تنظيم الدولة الإسلامية قرب الحدود السورية قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن بلاده ستدرس تقديم مساعدات عسكرية وغيرها حين يشكل العبادي حكومة توحد الصفوف في البلاد، وقال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل إن إدارة الرئيس باراك أوباما ارسلت حوالي 130 جنديا إضافيا إلى العراق، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في بيان إن الجنود الذين أرسلوا إلى شمال العراق سيطورون خيارات لمساعدة المدنيين العراقيين الذين يحاصرهم تنظيم الدولة الإسلامية على جبل سنجار، ومنذ يونيو حزيران ارسلت الولايات المتحدة حوالي 700 جندي إلى العراق لحماية الدبلوماسيين الأمريكيين هناك ولتقييم قدرات الجيش العراقي.

وفيما يعكس التقاء مصالح واشنطن وطهران في العراق رغم عدائهما هنأ مسؤولون إيرانيون كبار العبادي على تعيينه بعد ثلاثة شهور من انتخابات برلمانية خرجت منها كتلة المالكي كأكبر كتلة في البرلمان، ونقل عن ممثل الزعيم الإيراني الاعلى آية الله علي خامنئي في مجلس الأمن القومي الأعلى قوله "جمهورية إيران الإسلامية تدعم العملية القانونية التي مضت في طريقها فيما يتعلق باختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد"، وأضاف "إيران تدعم عراقا آمنا متكاملا متماسكا"، وينظر للعبادي الذي قضى عقودا في المنفى في بريطانيا على أنه شخصية أقل استقطابا وميلا للطائفية مقارنة بالمالكي الذي ينتمي مثله لحزب الدعوة الإسلامية الشيعي، ويبدو ان العبادي يحظى بدعم من رجال الدين الشيعة وهم قوة كبيرة في البلاد منذ اطاحت القوات الأمريكية بصدام حسين في 2003، وقال التلفزيون العراقي الحكومي إن العبادي دعا جميع القوى السياسية التي تؤمن بالدستور والديمقراطية لتوحيد جهودها وصفوفها للتصدي التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق. بحسب رويترز.

وقال سياسي مقرب من العبادي إن رئيس الوزراء المكلف بدأ الاتصال بقادة جماعات رئيسية لاستطلاع رأيهم بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم أعرب عن أمله في ان ينجح العبادي في تشكيل الحكومة في غضون شهر، ودعا بيان لعصائب الحق الشيعية المهمة التي أيدت المالكي وعززت الجيش العراقي حين انسحب من الشمال في يونيو حزيران الى وضع حد للجدل القانوني من النوع الذي يستخدمه المالكي لتبرير بقائه في السلطة وحث كل الأطراف على ضبط النفس، وقال إن الزعماء يجب ان يعطوا اولوية للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة وان يحترموا ارشادات الزعماء الدينيين في اشارة ما أوضحه آية الله العظمى علي السيستاني من أنه يؤيد ابعاد المالكي لعلاج الأزمة الوطنية.

وفي حين حرص المسؤولون الأمريكيون على ألا يبدوا كمن يفرض قيادة جديدة على العراق بعد ثلاثة اعوام من رحيل القوات الأمريكية سارع الرئيس الأمريكي بالترحيب بترشيح العبادي، واستغل تنظيم الدولة الإسلامية التشاحن بشأن الحكومة الجديدة منذ انتخب العراقيون برلمانا جديدا في أبريل نيسان ليستولي على مساحات شاسعة في الشمال والغرب، وأمر أوباما بشن غارات جوية بعد ان حقق المسلحون انتصارات مهمة أمام قوات البشمركة التابعة لمنطقة كردستان شبه المستقلة الحليفة لسلطات بغداد، وقال البيت الأبيض إن رئيس منطقة كردستان مسعود البرزاني أبلغ نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه سيعمل مع العبادي، وقال مسؤولون أمريكيون إن الأكراد يتلقون مساعدات عسكرية مباشرة وإن الطائرات الأمريكية والبريطانية اسقطت المواد الغذائية وإمدادات أخرى على مدنيين فارين بما في ذلك اليزيديون الذين لجأوا لجبال نائية.

عمليات عسكرية واسعة

على صعيد اخر تمكنت القوات الكردية مدعومة بالطيران الحربي الأمريكي، سيطرتها على سد الموصل، الأكبر في العراق والذي كان استولى عليه تنظيم الدولة الإسلامية قبل عشرة أيام، في حين يشن مقاتلون عشائريون من العرب السنة في الأنبار هجوما على مواقع تابعة لمقاتلي التنظيم المتطرف، وأكد مسؤول من القوات الكردية أن المعارك انتهت، موضحا أن بعض المناطق لا يزال يمنع الدخول إليها بسبب زرع التكفيريين قنابل فيها، وشنت القوات الكردية هجوما لاستعادة السد الذي يزود معظم المنطقة بالماء والكهرباء.

واسند سلاح الجو الأمريكي الهجوم الكردي ب23 غارة خلال يومين دمرت أو ألحقت أضرارا بعربات عسكرية وموقع مراقبة لمسلحي التنظيم المتطرف، وكان مسلحو الدولة الاسلامية شنوا هجوما كاسحا على الموصل في التاسع من حزيران/يونيو الماضي استولوا خلاله على المدينة واجزاء واسعة من مناطق العرب السنة في العراق، وواصلت الدولة الإسلامية تقدمها في شمال العراق مطلع الشهر الحالي أمام انسحاب القوات الكردية لكنها بدأت بالتراجع والانحسار تحت وطأة القصف الأمريكي، ويقع السد الأكبر في العراق والذي شيد في 1983 وكان يطلق عليه "سد صدام"، على نهر دجلة، وكان كاوة ختاري المسؤول في الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي قال في وقت سابق "تمكنا من السيطرة على نصف المنطقة الشرقية التي تقع في محيط السد".

في غضون ذلك، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن طائراتها العسكرية وطائرات بدون طيار قصفت مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" بالقرب من سد الموصل، وكان الجيش الأمريكي أعلن أن طائراته نفذت تسع غارات قرب أربيل وسد الموصل في محاولة لمساعدة القوات الكردية في استعادة هذا السد من أيدي مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف، وفي محافظة الأنبار يتواصل انضمام العشائر السنية إلى القوات الأمنية للقتال ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، وتمكنت هذه العشائر التي زاد عددها عن 25 عشيرة من استعادة عدد من المناطق التي كانت خارج سلطة الدولة، بحسب مسؤول في الشرطة.

وقال قائد شرطة الأنبار اللواء الركن أحمد صداك الدليمي "تتواصل عملية مساندة العشائر للقوات الأمنية في القرية العصرية وزنكورة إلى الغرب من الرمادي"، وأضاف "احتشد مئات من مقاتلي العشائر إلى جانب قوات الجيش والشرطة، وانقسموا إلى مجموعات وتوزعوا للتمركز في مناطق محددة"، وتمكن مقاتلو العشائر الذين تساندهم قوات الأمن من قتل ثمانية مسلحين في قرية البوكنعان (الواقعة في زنكورة) والاستيلاء على عربات رباعية الدفع مع أسلحة ثقيلة، وفقا للدليمي، كما استطاع مقاتلو العشائر بمساندة قوات الأمن استعادة السيطرة وفرض الأمن في مناطق متفرقة في الأنبار مثل ناحية بروانة التابعة لحديثة وعلى امتداد الطريق السريع المؤدي إلى النخيب، وفقا للمصدر.

إلى ذلك، أعلن الفريق قاسم عطا المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية أن "القوات الأمنية أحبطت محاولة إرهابية للتقرب من قضاء حديثة وتدمير ست عربات محملة بالدواعش"، وفشل عناصر تنظيم الدولة الاسلامية عشرات المرات في اقتحام مدينة حديثة على الرغم من الهجمات التي تشن من عدة محاور على هذا القضاء الذي يقع فيه أكبر سدود المياه في البلاد، وكان مسلحو تنظيم "الدولة الاسلامية" الذين يسيطرون على مناطق واسعة شمال العراق ارتكبوا "مجزرة" جديدة في قرية كوجو ذات الغالبية الإيزيدية فيما باشر المجتمع الدولي بفرض إجراءات لقطع مصادر التمويل عن "المتشددين" والعمل على تسليح الأكراد لمواجهتهم، وقتل عشرات المدنيين وأغلبيتهم من اتباع الديانة الإيزيدية بحسب مسؤولين، في الوقت الذي يصعد مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية هجماتهم ضد الأقليات الدينية. بحسب رويترز.

وأجبر تنظيم الدولة الإسلامية عشرات الآلاف من الأقليات في محافظة نينوى إلى الفرار بعد استهدافهم ومطالبتهم باعتناق الإسلام بالقوة، وتعد مدينة سنجار المعقل الرئيس لهم في العراق، لكن هذه المدينة التي يقطن فيها نحو 300 ألف نسمة سقطت بيد تنظيم الدولة الإسلامية بعد سيطرته على مدينة الموصل في العاشر من حزيران/يونيو، إضافة إلى أراض شاسعة في شمال البلاد.

وقالت القيادة الوسطى الأمريكية إن الضربات التي شنت، دمرت ثلاث مركبات مسلحة وسبع مركبات همفي وناقلتي أفراد مدرعتين للدولة الإسلامية بالإضافة إلى نقطة تفتيش للمسلحين، وأعقبت هذه الهجمات تسع هجمات جوية شنتها الولايات المتحدة قرب مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، وقال البيت الابيض إن الرئيس باراك اوباما أبلغ الكونجرس أنه أجاز ضربات جوية امريكية في العراق للمساعدة في استعادة السيطرة على سد الموصل الذي قال البيان انه امر يتفق مع هدف أوباما الخاص بحماية المواطنين الأمريكيين في العراق، وقال البيت الابيض في بيان "تعطل سد الموصل يمكن أن يهدد أرواح عدد كبير من المدنيين ويهدد الافراد الأمريكيين والمنشآت (بما في ذلك السفارة الأمريكية في بغداد) ويمنع الحكومة العراقية من توفير خدمات حيوية للسكان العراقيين".

وقال مهندس يعمل في الموقع وعلى اتصال بالمسلحين إن المسلحين طلبوا من السكان في منطقة السد مغادرة المكان، وقال مسؤولون أمريكيون إن الحكومة الأمريكية تزود مقاتلي البشمركة الأكراد مباشرة بالسلاح، وقال شهود إن القوات الكردية استعادت بلدتي بطمايا وتل اسكاف اللتين تقطنهما أغلبية مسيحية على بعد 30 كيلومترا من الموصل وهي أقرب نقطة تصل إليها البشمركة منذ أن طرد مقاتلو الدولة الاسلامية القوات الحكومية من المدينة في يونيو حزيران، وقال شهود إن المقاتلين السنة احكموا النقاط الأمنية في الموصل وقاموا بعمليات تفتيش مكثفة للعربات وتدقيق في بطاقات هوية الأفراد.

ولطالما حلم الأكراد الذين يعيشون في إقليم شبه مستقل في شمال العراق بالاستقلال عن الحكومات المركزية في بغداد التي قمعت الأقليات غير العربية على مدى عقود تحت حكم صدام، وتصاعدت حدة التوتر أيضا بين الأكراد ورئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الذي خاض نزاعا معهم بشأن الميزانية والنفط، وانتهز الأكراد فرصة الفوضى التي اجتاحت شمال العراق منذ يونيو حزيران واستولوا على حقول نفط في كركوك المتنازع عليها، ويواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي مهمة تخفيف حدة التوتر بين الشيعة والسنة التي أذكت الاقتتال الطائفي وأيقظت طموحات الاستقلال لدى الأكراد مدفوعين بأموال صادرات النفط، وحذر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير من إقامة دولة كردية مستقلة قائلا إن هذا سيزيد من زعزعة استقرار المنطقة.

وقال شتاينماير "إقامة دولة كردية مستقلة سيزيد من زعزعة استقرار المنطقة ويسبب توترات جديدة ربما أيضا مع الدول المجاورة للعراق"، ومضى يقول "لهذا أتمنى أن يجري الحفاظ على وحدة العراق"، وكان تنظيم الدولة الإسلامية السني أعلن الخلافة الإسلامية في أجزاء من العراق وسوريا وسيطر على أراض في شمال العراق وهزم القوات الكردية في إقليم كردستان وطرد عشرات الآلاف من المسيحيين واليزيديين من منازلهم، وقال شتاينماير إنه مقتنع بأن العراق سيتمكن من وقف تقدم المتشددين إذا قام السياسيون في بغداد واربيل عاصمة كردستان العراق بتعبئة كل قواتهم وحصلوا على دعم المجتمع الدولي، والتقى شتاينماير برئيس الوزراء العراقي الشيعي الجديد حيدر العبادي في بغداد وقال إن تشكيل حكومة جديدة "ربما هو الفرصة الأخيرة لتماسك العراق".

وسمح الاتحاد الأوروبي لحكومات الدول الأعضاء بالاتحاد بشكل فردي بتزويد أكراد العراق بالأسلحة والذخيرة بشرط موافقة الحكومة المركزية في بغداد، وتقدم واشنطن بالفعل السلاح، وقالت قيادة الجيش العراقي في بيان نقله التلفزيون ردا فيما يبدو على هذه الخطوة إنها تحذر كل الأطراف من استغلال الوضع الأمني الحالي في شمال العراق وتدعو إلى عدم انتهاك المجال الجوي لنقل اسلحة إلى أطراف محلية دون موافقة الحكومة المركزية، وردا على سؤال عن شحنات ألمانية محتملة قال شتاينماير "لا نستبعد أي شيء، نبحث ما يمكن أن يكون محتملا ونقدم ما هو ضروري بأسرع وقت ممكن"، وكرر مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق دعوته لألمانيا ودول أخرى بتزويدهم بالسلاح.

ودفع الخوف من متشددي الدولة الاسلامية الذي يقول مسؤولون عراقيون انهم ذبحوا مئات اليزيديين آلاف الأشخاص للهرب إلى الاقليم الكردي، وفي مدينة دهوك تظاهر نحو مئة يزيدي واشتكوا من أنهم سئموا العيش في العراق ويريدون السفر الى تركيا لكن قوات الأمن الكردية منعتهم، وقالت نادية (20 عاما) "هم لا يستطيعون حمايتنا، مسلحو الدولة الاسلامية جاؤوا الى قريتنا وقتلوا المئات، لا نريد البقاء في العراق سيقتلوننا إن عاجلا أو آجلا"، وأضافت "أريد من أمريكا أن تساعدني، البشمركة لا تدعنا نمر".

ردع الدولة الإسلامية

فيما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن على بريطانيا استخدام قوتها العسكرية للتصدي لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق مشددا على ضرورة ردعهم قبل أن يقيموا "دولة إرهابية على شواطئ البحر المتوسط"، وفي أشد تصريحات له ضد الدولة الإسلامية قال كاميرون إن بريطانيا بحاجة لتبني موقف أكثر صرامة ضد التنظيم لمنعه من شن هجوم على أراض بريطانية يوما ما، وكان كاميرون قد أطلق هذا التحذير للمرة الأولى في يونيو حزيران، وقصرت بريطانيا دورها في العراق حتى الآن على انزال المساعدات وعمليات الاستطلاع والموافقة على نقل امدادات عسكرية للقوات الكردية، كما قال مبعوث بريطانيا التجاري إلى العراق إن القوات الجوية البريطانية الخاصة تجمع معلومات هناك.

وكتب كاميرون في مقال نشرته صحيفة صنداي تلجراف البريطانية "إذا لم نتحرك للحد من هجوم هذه الحركة الإرهابية الخطيرة بشكل استثنائي فإنها ستزداد قوة حتى تستهدفنا في شوارع بريطانيا، نعلم بالفعل أن لديها هذه النية الإجرامية"، وذكر أنه في إطار دورها الموسع فانه يريد من بريطانيا أن تقود محادثات دبلوماسية تشمل قوى إقليمية ربما حتى إيران في مسعى للتصدي لخطر التنظيم، وفي الأسابيع الأخيرة سيطر التنظيم على مناطق واسعة في سوريا والعراق في تقدم خاطف نحو حدود إقليم كردستان شبه المستقل في العراق ونحو بغداد، ودفع هذا التقدم الولايات المتحدة لشن أول ضربات جوية لها في العراق منذ سحب قواتها في 2011.

وقال كاميرون إن على حكومته أن تبذل المزيد، وكتب قائلا "الأمن الحقيقي لن يتحقق إلا إذا استخدمنا كل مواردنا، المساعدات والدبلوماسية وقوتنا العسكرية"، وتابع "نحتاج لرد أمني صارم سواء كان ذلك تحركا عسكريا لملاحقة الإرهابيين أو التعاون الدولي لجمع المعلومات ومكافحة الإرهاب أو التعامل مع الإرهابيين في الداخل بلا هوادة"، وذكر أنه في أعقاب اتفاق مع شركاء في الاتحاد الأوروبي فستزود بريطانيا القوات الكردية بالمعدات مباشرة وأضاف أن هذه المعدات تشمل أي شيء من الدروع الواقية الى معدات خاصة مضادة للانفجارات، لكن كاميرون استبعد تدخلا عسكريا كاملا في المنطقة قائلا إنه لا يعتقد أن "إرسال الجيوش للقتال أو الاحتلال" هو المسار الصائب، وقال إنه يدرك أن مشاركة بريطانيا السابقة في حربي العراق وأفغانستان جعلت الناس يقلقون من التورط في القتال في الخارج بشكل كبير.

وتعرض كاميرون لضغوط في الداخل من بعض المشرعين والقادة العسكريين السابقين ليسير على نهج الولايات المتحدة ويتخذ اجراء أكثر حزما ضد المتشددين، وأدلى أسقف ليدز نيكولاس بينز بدلوه في الجدل قائلا إن الحكومة تفتقر "لنهج متسق أو شامل للتعامل مع التطرف الإسلامي"، وشكا مما وصفه بصمت الحكومة إزاء مصائر عشرات الالاف من المسيحيين في الشرق الأوسط الذي اجبروا على الرحيل عن منازلهم، وخسر كاميرون تصويتا في البرلمان في آخر مرة حاول فيها أن يشرك بريطانيا في تحرك عسكري محتمل بالشرق الأوسط في سوريا خلال أغسطس آب 2013، وأعلن كاميرون أيضا تحركات أشد ضد أي شخص يروج لأيديولوجية الدولة الإسلامية في بريطانيا. بحسب رويترز.

ورفع العلم الأسود للحركة لفترة قصيرة فوق منطقة سكنية بشرق لندن في الاسابيع الأخيرة كما وزعت منشورات تدعو البريطانيين للانضمام للجماعة في لندن، وقال كاميرون "إذا كان الناس يمشون حولنا بأعلام الدولة الإسلامية أو يحاولون تجنيد الناس لقضيتهم الإرهابية فسيتم اعتقالهم ومصادرة المواد التي بحوزتهم"، وأضاف أن الشرطة صادرت 28 ألف مادة "لها صلة بالإرهاب" من الانترنت بينها 46 مقطع فيديو مرتبط مباشرة بالدولة الإسلامية، وتوقع كاميرون أن الصراع ضد الدولة الإسلامية وفكرها سيستمر حتى آخر عمره السياسي، وقال "لا يخفي (التنظيم) أهدافه في التوسع، وحتى اليوم فانه يضع نصب عينيه مدينة حلب القديمة، كما يتفاخر بمخططاته للأردن ولبنان وحتى الحدود التركية، إذا نجح فسنجد أنفسنا أمام دولة إرهابية على شواطئ البحر المتوسط".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/آب/2014 - 23/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م