الاكتئاب.. اضطراب نفسي تفاقمه الحياة العصرية

 

شبكة النبأ: الاكتئاب وكما تشير بعض المصادر، هو أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً. وهو يصنف ضمن الاضطرابات النفسية التي تتسم بخلل في المزاج. وأهم ما يميز الاكتئاب هو الانخفاض التدريجي -أو الحاد والمتسارع أحياناً- في المزاج والنفور من الأنشطة. يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على أفكار الشخص، وسلوكه، ومشاعره، ونظرته إلى العالم والرفاهية المادية.

وقد يشعر المعانون من الكآبة بالحزن، والقلق، والفراغ، وانعدام الأمل والقيمة، وقلة الحيلة، والشعور بالذنب، وتعكر المزاج، والألم المعنوي، والاضطراب. فقد يفقدون الاهتمام بنشاطات كانت محببة لهم. قد يعانون أيضا من فقدان الشهية والإفراط في الأكل. لديهم مشاكل في التركيز و تذكر التفاصيل واتخاذ القرارات. قد يقدموا على محاولة الانتحار أو التفكير فيه. وموضوع الانتحار يجب أن يؤخذ مأخذ الجد عند وجود أى دلالات أو أعراض اكتئاب لأن الثابت أن 15% من مرضى الاكتئاب ينتحرون، وان مريض الاكتئاب إذا صرح أو ألمح بالرغبة في الموت فانه ينفذها وينتحر بالفعل.

وأعراض الاكتئاب الظاهرية: الأرق والنوم المفرط، والتعب، وقلة الطاقة، والآلام والأوجاع، ومشاكل الهضم وغيرها من الأعراض التي لا تستجيب للعلاج التقليدي قد تظهر لدى المصابين. الكآبة ليست بالضرورة اضطراب نفسي، بل رد فعل طبيعي لأحداث حياتية محددة، كأن تكون عرض من أعراض بعض الحالات الطبية، أواحد الآثار الجانبية لبعض العلاجات الطبية.

والكآبة أيضا سمة اساسية مرتبطة بمتلازمات نفسية مثل الاكتئاب السريري، إن أعراض الاكتئاب تنتشر في المجتمع بمعدل يتراوح ما بين13-20% من السكان، ومن هؤلاء هناك 7% يعانون من حالات اكتئاب شديدة وهذه الدراسات شملت العديد من الدول في العالم، ومع أن الاكتئاب يصيب كل الأعمار لكنة أكثر ظهوراً في العقد الثالث والرابع من العمر، وهي قمة سنوات العطاء عند الفرد.

ومعروف أن الاكتئاب أكثر انتشاراً بين النساء منها بين الرجال بثلاثة أضعاف على الأقل، كما أن غير المتزوجين والأرامل والمطلقين أكثر عرضة من المتزوجين خصوصاً من الرجال أما بين النساء فيبدو الزواج يزيد من فرص الاكتئاب، كما أن هنالك ميلاً لفئات معينة من الناس لاكتئاب أكثر من غيرها، مثل الأشخاص ذوي الشخصيات المتطرفة، ومن يعانون أمراض مزمنة أو أمراض خطيرة، ومن يتعاطون الكحول والمخدرات، كما ترفع معدلات الاكتئاب في نزلاء السجون أما بالنسبة للطبقات الاجتماعية والثقافية فمن الواضح أن جميع الطبقات تصاب بالاكتئاب، مع أن هناك بعض المؤشرات تفيد أن الطبقات المتوسطة أقل تعرضاً للاكتئاب والانتحار من الطبقات الأقل حظاً والعالية، أي الطبقات الواقعة على طرف السلم الاجتماعي والاقتصادي.

في رحم الأم

وفي هذا الشأن توصلت دراسة أجريت في المملكة المتحدة إلى إن الأطفال الذين تعاني أمهاتهم من الاكتئاب خلال فترة الحمل قد يتعرضوا لمخاطر الإصابة بالاكتئاب في سن البلوغ، ولكنها مخاطر صغيرة ومتزايدة. ويقول باحثون بجامعة بريستول إن العلاج الطبي خلال فترة الحمل قد يقلل من مخاطر التعرض لمشكلات الصحة النفسية في المستقبل لدى الطفل. وتابعت الدراسة مواليد أكثر من 8000 من الأمهات اللاتي يعانين من اكتئاب ما بعد أو ما قبل الولادة.

ووجدت الدراسة أن خطر الإصابة بالاكتئاب في سن البلوغ بلغ نحو 1.3 مرة أعلى من المعدل الطبيعي في سن 18 عاما. ونشرت الدراسة في دورية JAMA للطب النفسي. وقالت كبيرة الباحثين ريبيكا بيرسون: "الاكتئاب في فترة الحمل ينبغي أن يؤخذ بجدية، وأن يعالج خلال فترة الحمل، حيث يبدو أن هناك مخاطر طويلة الأجل بالنسبة للأطفال، بالرغم من كونها صغيرة."

وقالت إن هناك ارتباط بين إصابة الأم بالاكتئاب وبين إصابة أطفالها به في سن البلوغ ولكنها ليست علاقة سببية، وأضافت أن هناك حاجة لمزيد من البحث في هذا الأمر. وقالت كارمين باريانت من معهد الطب النفسي بجامعة كينجز كوليدج لندن إن تطور الصحة النفسية للشخص لا يبدأ عند الولادة، ولكن داخل الرحم. وأضافت: "الرسالة واضحة، فمساعدة النساء المصابات بالاكتئاب في فترة الحمل لن يخفف من معاناتهن فقط، ولكن سيخفف أيضا من معاناة الجيل القادم."

وقال سيلسو أرانغو الأستاذ بمستشفى جامعة جريجوريو مارانون العامة في مدريد إن هرمونات التوتر قد تؤثر على نمو الطفل في الرحم. وأضاف: "من الأمثل أن تعالج المرأة التي تعاني من الاكتئاب قبل أن يحدث الحمل، لكن إذا أصبحت المرأة حاملا بالفعل عند تشخيص الاكتئاب، سيكون الأمر أكثر أهمية أن تخضع للعلاج، لأن ذلك سيؤثر على الأم وعلى الطفل." بحسب بي بي سي.

ويعتقد الباحثون أن عوامل أخرى قد تكون ذات صلة باكتئاب ما قبل الولادة واكتئاب ما بعد الولادة، فهناك عوامل بيئية، مثل الدعم الاجتماعي للأطفال، والتي لها تأثير أكبر على اكتئاب ما بعد الولادة. وتأتي هذه البيانات من دراسة يطلق عليها اسم "دراسة آفون طويلة الأجل للآباء والأطفال"، والتي تأتي ضمن مشروع بحثي طويل المدى حول الصحة، والذي يعرف أيضا باسم "أطفال التسعينيات". وهناك أكثر من 14 ألف من الأمهات سُجلن خلال حملهن في الفترة ما بين عامي 1991 و1992، وتوبعت حالالتهن الصحية، ونمو أطفالهن بالتفصيل منذ ذلك الحين.

الشلل الرعاش

الى جانب ذلك أفادت دراسة حديثة بأن الاكتئاب والقلق أكثر شيوعا بمقدار المثلين بين مرضى الشلل الرعاش - الذين تم تشخيص إصابتهم حديثا - وذلك مقارنة بعامة الناس. وفي دورية الأعصاب، قال الباحثون من الولايات المتحدة إن معدل الإصابة بالاكتئاب تزيد لدى مرضى الشلل الرعاش، وأنه غالبا ما يترك دون علاج. وتشير دراسة سابقة إلى أن تأثير المرض على المخ قد يكون مسببا للاكتئاب.

وتقول جمعية "باركنسون" البريطانية، وهي مؤسسة خيرية لمكافحة الشلل الرعاش وتقديم الدعم لمصابيه، إن هناك عددا من الأسباب للاكتئاب. وفحص باحثون في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا 423 شخصا شخصوا حديثا بمرض الشلل الرعاش، وتابعوا صحتهم العقلية على مدار عامين. وفي البداية، أظهرت النتائج أن 14 في المئة من المرضى المصابين بالمرض يعانون من الاكتئاب مقارنة بـ6.6 في المئة من مجموعة من المتطوعين الأصحاء.

وعلى مدار فترة المتابعة، كانت هناك زيادة ضئيلة في معدل الإصابة بالاكتئاب وشدته لدى المجموعة التي تعاني من الشلل الرعاش، في حين لوحظ تراجعا في المجموعة الأخرى. وفي بداية الدراسة، كان 16 في المئة من المرضى المصابين بالشلل الرعاش يتناولون مضادات الاكتئاب، وسجلت هذه النسبة ارتفاعا كبيرا لتصل إلى 25 في المئة بعد عامين.

وأفادت الدراسة بأنه على الرغم من ذلك فإن 65 إلى 72 في المئة من المرضى الذين كانت نتيجة فحصهم إيجابية للاكتئاب كانوا لا يزالون لا يعالجون بالأدوية. وقال دانيال وانتروب، الأستاذ الجامعي المشارك في مجال طب النفس والأعصاب بكلية طب بيريلمان في جامعة بنسلفانيا، إن الاكتئاب لم يكن منتبه له لدى مرضى الشلل الرعاش. وأضاف وانتروب أن "هناك أسبابا نفسية تفسر لماذا يمكن أن يصاب المرضى الذين يشخصون بأمراض الانتكاس العصبي، مثل باركنسون، بالاكتئاب. لكن مسارات المخ لديهم تصاب كذلك بالمرض، وهو ما يرتبط ارتباطا وثيقا بالحالة المزاجية."

وقال دافيد بيرن، الأستاذ بجامعة نيوكاسل، والذي يتلقى تمويلا من جمعية "باركنسون" البريطانية، إن الاكتئاب قد يكون مؤشرا للإصابة بداء الشلل الرعاش. وأشار بيرن إلى أن "من المعروف جيدا أن الأشخاص يصابون بالاكتئاب والقلق قبل إصابتهم بداء باركنسون بفترة تصل إلى عشر سنوات." وأوضح الأستاذ الجامعي أن "الناس يدركون المشاكل المتعلقة بالشلل الرعاش من الحركة والرعشة غير الإرادية، لكن المرض يبدأ فعليا في المخ، مؤثرا على مواد كيميائية بعينها." واستطرد قائلا إن "هذا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في النوم في البداية، كما يمكن أن يؤدي إلى حالات بسيطة من الاكتئاب." بحسب بي بي سي.

وقد يكون الاكتئاب كذلك أحد الأعراض الجانبية لأدوية الشلل الرعاش. وبسبب مجموعة من الأسباب المحتملة، تقول جمعية "باركنسون" البريطانية إن من المهم للمرضى التحدث إلى أطبائهم المختصين إذا ما شعروا بالقلق بشأن أعراضهم. وعقب وفاة روبين وليامز في ما يبدو انتحارا، اتضح أن الممثل الأمريكي، الذي كان يعاني من الاكتئاب، كان في المراحل المبكرة من داء الشلل الرعاش.

ادوية الاكتئاب والسكري

حذر باحثون بريطانيون من أن المرضى الذين يصف لهم الأطباء أدوية مضادة للاكتئاب أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وحلل فريق البحث في جامعة ساوثهامتون نحو 22 بحثا تضمنت دراسة لآلاف الحالات لمرضى يتعاطون هذه الأدوية. لكن في الوقت الذي وجد الباحثون فيه دراستين تشيران إلى هذا الارتباط، إلا أنه ليس هناك دليل على وجود ارتباط مباشر بين تعاطي العقار والإصابة بالمرض.

وقال البروفيسور ريتشارد هولت إنه يتعين القيام بالمزيد من الأبحاث للتحقق من مدى وجود ارتباط فعلي. والنوع الثاني من مرض السكري يتسم بمقاومة مضادة لمفعول الأنسولين بالإضافة إلى أن مستقبلات الأنسولين الموجودة في الأغلفة الخلوية لمختلف أنسجة الجسم لا تستجيب بصورة صحيحة له. وطرح الفريق البحثي لدورية (ديابيتيز كير) احتمالا آخر، وهو أن الاكتئاب قد يؤدي إلى زيادة الوزن، وبالتالي تزيد مخاطر الإصابة بمرض السكري أو أن العقارات المضادة للاكتئاب تغير مستوى السكر في الدم.

وقال القائمون على البحث إنه على الأطباء مراقبة العلامات المبكرة لمرض السكري لدى مرضاهم الذين يتعاطون تلك الأدوية. وأعربوا عن قلقهم من أن هذا الاحتمال يثير القلق مع ارتفاع عدد الوصفات الطبية التي تتضمن تلك الأدوية التي يصل عددها في المملكة المتحدة إلى نحو 46 مليون سنويا. بحسب بي بي سي.

وأضاف هولت "النتائج قد تكون مجرد مصادفة لكن ثمة مؤشرات على أن من يعالجون بمضادات الاكتئاب أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالسكري". وأضاف "نحن بحاجة لمزيد من الفحوص والعمل على تقليل مخاطر الإصابة بالمرض التي تتمثل أهمها في تبني تغييرات في أسلوب الحياة اليومية". لكن ماثيو هوبس في مركز أبحاث مرض السكري في المملكة المتحدة يرى أنه لا يوجد دليل على الارتباط المباشر بين العقار والمرض، مضيفا أن حدوث ذلك قد يكون بمحض الصدفة أو بسبب مضادات الاكتئاب في زيادة الوزن.

مخدر الكيتامين

على صعيد متصل قال علماء بريطانيون حقنوا مرضى بمخدر الكيتامين إن العقار الذي يعرف باسم (سبيشال كيه) يمكن في يوم ما أن يساعد المصابين بالاكتئاب الحاد. وتوصل باحثون اختبروا المخدر على 28 شخصا يعانون من الاكتئاب الشديد إلى أن الكيتامين ساعد بسرعة على تخفيف الحالة عند بعض المرضى وجعل عددا منهم أصحاء تماما مرة أخرى لمدة عدة أسابيع.

وقال روبرت ماكشين وهو استشاري نفسي وباحث في جامعة أوكسفورد قاد الدراسة للصحفيين "إنه أمر مثير ويبعث على الحماس.. إنها آلية جديدة. لكنها لن تصبح علاجا روتينيا." وأضاف أن اكتشاف نجاح الكيتامين حتى ولو على المدى القصير كان كافيا لمنح بعض المرضى المشاركين في الدراسة أملا جديدا بعدما كان كثيرون منهم قد فكروا في الانتحار. وقال "شهدنا تغيرات ملحوظة لم يقترب منها أي علاج آخر في الأشخاص الذين عانوا من الاكتئاب الحاد لسنوات كثيرة."

والكيتامين عقار طبي مرخص يستخدم على نطاق واسع كمخدر طبي ومسكن للآلام لكنه يستخدم أيضا كمادة مخدرة ويمكن أن يدفع البعض إلى إدمانه. وتدرس عدة فرق بحثية حول العالم امكانية استخدام الكيتامين في علاج الاكتئاب لأن الكثير من المرضى لم يستجيبوا لمضادات الاكتئاب المتوفرة حاليا مثلا بروزاك وسيروكسات. بحسب رويترز.

وأظهرت نتائج الدراسة التي وردت في دورية علم النفس الدوائي أن أعراض الاكتئاب انخفضت إلى النصف في 29 في المئة من الحالات بعد ثلاثة أيام من اخر مرة جرى حقنهم بالمخدر. وقال بعض المرضى إنهم شعروا بالقدرة على التفكير بحرية للمرة الأولى منذ سنوات وقال أحدهم "بالنسبة للبعض فإن أي استجابة حتى ولو بسيطة تبعث في نفوسهم الأمل في أن بوسعهم التحسن.

الشاي الاخضر

من جانب اخر قال باحثون يابانيون ان كبار السن الذين يحتسون عدة اكواب من الشاي الاخضر يوميا يحتمل ان تقل لديهم نسبة الاصابة بالاكتئاب ويرجع هذا على الارجح الى المادة الكيميائية التي تبعث على "الشعور بحالة جيدة" التي عثر عليها في هذا النوع من الشاي. وربطت دراسات عديدة بين احتساء الشاي الاخضر وتقليل المشاكل النفسية وتوصل الطبيب كاريجون نيو من كلية الدراسات العليا بجامعة توهوكو وزملاؤه الى ان الرجال والنساء الذين تبلغ اعمارهم 70 عاما واكثر ويحتسون اربعة اكواب من الشاي الاخضر او اكثر يوميا انخفضت لديهم احتمالات الاصابة باعراض الاكتئاب بنسبة 44 بالمئة.

ويستهلك الشاي الاخضر على نطاق واسع في العديد من الدول الاسيوية بما فيها الصين واليابان. واجرى نيو والفريق الدراسة على 1058 مسن ومسنة من الاصحاء نسبيا. وطبقا للدراسة التي نشرت في عدد ديسمبر كانون الاول من دورية أمريكان جورنال أوف كلينيكال نيوتريشن American Journal of Clinical Nutrition فان 34 بالمئة من الرجال و39 بالمئة من النساء ظهرت لديهم اعراض اكتئاب.

وقال اجمالي 488 من المشاركين الذين اجريت عليهم الدراسة انهم يحتسون اربعة اكواب من الشاي الاخضر او اكثر يوميا فيما قال 284 انهم يحتسون ما بين كوبين الى ثلاثة اكواب من الشاي الاخضر فيما قال الباقون ان انهم يحتسون كوبا او اقل يوميا. وطبقا للباحثين فان الاثر الواضح لاحتساء المزيد من الشاي الاخضر على تخفيف اعراض الاكتئاب لم يخب بعدما اخذوا في الاعتبار الوضع الاجتماعي والاقتصادي والنوع والحمية الغذائية وتاريخ المشاكل الصحية واستخدام مضادات الاكتئاب. بحسب رويترز.

وعلى النقيض من ذلك لم يكن هناك ارتباط بين استهلاك الشاي الاسود او شاي اولونج او القهوة وانخفاض اعراض الاكتئاب. وقال نيو ان ثيانين الحمض الاميني الموجود في الشاي الاخضر الذي يعتقد ان له تأثير مهدىء على المخ ربما يفسر "الاثار المفيدة" التي أوضحتها الدراسة. وأضاف الباحثون ان بالرغم من ذلك فهناك حاجة لمزيد من الدراسات لتأكيد ما اذا كان للمزيد من احتساء الشاي الاخضر تأثيرات مضادة للاكتئاب فعلا.

خوذة للعلاج

في السياق ذاته أظهرت خوذة تقوم بإرسال نبضات كهرومغناطيسية إلى المخ بوادر مبشرة على إمكانية علاج الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، حسبما أفاد باحثون دنماركيون. وخلال تجارب سريريه، قال ثلثا الأشخاص الذين استخدموا الخوذة إن أعراضهم قد اختفت، وحدث تحسن محلوظ في الحالة المزاجية في غضون أسبوع. وارتدى 65 مريضا يعانون من اكتئاب يتعذر علاجه الخوذة خلال هذه التجارب. وقام بإجراء هذه التجارب قسم الطب الخلايا والجزيئات في جامعة كوبنهاغن والمركز النفسي في هيليرود في منطقة نورث زيلاند.

وقال بريجيت ستراسو كبير الأطباء في هيليرود إن المرضى شعروا بتحسن، وكان مردودهم جيدا، يمكنهم البدء في العمل. وأوضح انيميت اوفليسن وهو مصمم غرافيك يعاني من اكتئاب متكرر منذ 16 عاما وخضع للتجارب التي أجريت في هيليرود إن الخوذة مذهلة. وأضاف بأن ما فعلته هذه الخوذة أشبه بشخص قام بالضغط على زر إعادة الضبط، في إشارة إلى التغيير الشامل الذي أحدثته هذه الخوذة.

وتحتوي الخوذة على سبع لفائف سلكية تقوم بتوصيل جرعة من من المجالات الكهرومغناطيسية النابضة عبر الجمجمة (T-PEMF) إلى أنسجة المخ. وهذه النبضات تكون دقيقة للغاية لدرجة أن المريض لا يمكن أن يشعر بأي شيء، والأثر الجانبي الوحيد حتى الآن هو غثيان بسيط من حين لآخر يختفي على الفور بعد العلاج. وقال البروفيسور ستين ديسنغ من كلية كوبنهاغن لعلوم الصحة والباحث الرئيسي الذي صمم هذه الخوذة العلاجية إن هذه الأداة تحاكي المجالات الكهربية في المخ، وتحفز آلية العلاج الذاتي للجسم. وتنشط هذه النبضات من الشعيرات الدموية في المخ، التي تقوم بتشكيل أوعية دموية جديدة وهرمونات نمو غير ظاهرة.

وقال البروفيسور ديسينغ نعتقد بأنها تعمل بفاعلية، لأننا قمنا بمحاكاة الإشارات الكهربائية التي تجري في المخ، واكتشفنا بأن هذه الإشارات تتصل بالأوعية الدموية. وأضاف بالفعل تتصل الأوعية الدموية بأنسجة الدم، وقد توصلنا إلى معرفة مسار الاتصال هذا. وخلال التجربة، التي نشرت نتائجها في مجلة اكتا نيوروبسيكياتريكا ، خضع 34 مريضا لنصف ساعة من المجالات الكهرومغناطيسية النابضة عبر الجمجمة مرة واحدة في اليوم، وحصل 31 مريضا على جرعتين لمدة 30 دقيقة.

ووجد الباحثون فائدة إضافية للعلاج تتمثل في تمكين المرضى من تحمل الأدوية المضادة للاكتئاب. ويسعى الباحثون للحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي لتسويق الخوذة في غضون فترة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة. ورأى الباحثون أن الطلب المتوقع على الخوذة سيكون هائلا.

وقال راج بيرسود، استشاري الطب النفسي في المملكة المتحدة: إن الاكتشاف يمثل تطورا مثيرا وهاما، إذ أن هذا العلاج يعمل على مستوى مقبول من الكفاءة وله آثار جانبية منخفضة. وتبين أن علاجا مماثلا، وهو التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، يتسم بالفاعلية في علاج الاكتئاب، لكن تأثيره لا يفوق كثيرا تأثير تناول العقاقير المضادة للاكتئاب. وقال بيرسود: قد يكون هذا العلاج أكثر ملائمة لدى الحوامل والأمهات المرضعات اللاتي لا يرغبن في تناول مضادات الاكتئاب. وأضاف: هذا الجهاز يستخدم ويدير طاقة كهربائية أقل من التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، وهذا سبب آخر يجعل هذا الجهاز مثيرا للاهتمام من الناحية النظرية، كما أنه يدار ذاتيا، خلافا للتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة. وأردف: ومع ذلك، سيكون هناك تردد نم معظم الهيئات الصحية إزاء تجربة هذا العلاج الجديد، لأنها لا تريد تحمل تكاليف إضافية وتفضل الاستمرار في الاعتماد على مضادات الاكتئاب.

ويعتقد البروفيسور ديسينغ أن الخوذة يمكن أن تحل محل العلاج بالصدمة الكهربائية المثير للجدل، والذي يستخدم في علاج أكثر أشكال الاكتئاب حدة منذ الأربعينيات من القرن الماضي. ويتم تخدير المرضى الذي يحصلون على العلاج بالصدمات الكهربائية قبل أن يتم ربطهم في أحد الأسرة وتعريضهم لجرعة من الكهرباء تؤدي إلى نوبة صرع تستمر لفترة تتراوح بين 20 إلى 50 ثانية. بحسب بي بي سي.

ويرى بعض الأطباء النفسيين أن العلاج بالصدمات الكهربائية يساعد على إنقاذ الحياة، في حين يرى منتقدون أن له آثارا جانبية مثل فقدان الذاكرة، وفي بعض الحالات القصوى، إحداث تغيرات في الشخصية. ويقول ديسينغ إن الخوذة الدنماركية تعتمد على تكنولوجيا مختلفة تماما عن العلاج بالصدمات الكهربائية، وليس هنا مجال للمقارنة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/آب/2014 - 21/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م